أرشيف

المستشفى اليمني السويدي بتعز بين شرعية الاحتجاجات وتواطؤ السلطة المحلية

 أنس القباطي  

ما يزال منتسبي المستشفى اليمني السويدي للأطفال بمدينة تعز يواصلون إعتصامهم الإحتجاجي للمطالبة بإقالة مدير المستشفى الدكتور عبد اللطيف مجلي على خلفية قضايا فساد.

ومنذ أكثر من أربعة أشهر والإعتصام ما يزال مستمرا، فيما يصر مدير المستشفى الذي يديره منذ “18” عاما على البقاء على كرسي الإدارة بمباركة السلطة المحلية، التي لم تحرك ساكن تجاه التدهور الذي شهده ويشهده مستشفى الأطفال الوحيد في المحافظة التي يتجاوز عدد سكانها مليونان ونصف المليون نسمة.

 

 

في منتصف فبرائر من العام الحالي حاولت إدارة المستشفى توجيه ضربة قاسمة للمعتصمين بتسريب مذكرة ممهورة بتوقيع المدير وختم المستشفى تتحدث عن وفاة قرابة مائة طفل خلال الفترة من بداية يناير وحتى منتصف فبرائر، وأعتبرت أن سبب ما حصل يعود للإضراب الذي ينفذه أطباء المستشفى.

هدفت إدارة المستشفى من خلال تسريب هذه المذكرة ضرب المعتصمين في أوساط المجتمع، بتحميلهم مسؤلية وفايات الأطفال التي تحصل في المستشفى، متناسية أن الفساد الذي ينخر المستشفى منذ “18” عاما تسبب في أزهاق أرواح ألاف الأطفال.

 

 

اللجنة المشكلة للتحقيق في القضية والتي باشرت عملها يوم 18 فبرائر المنصرم، أفادت في تقريرها الموجه للمحافظ  والمؤرخ في 29 فبرائر 2012م، بأن أسباب وفيات الاطفال في المستشفى طبية وليس لها علاقة بالإضراب، الذي ينفذه منتسبي المستشفى.

اللجنة من خلال تقريرها المرفوع للمحافظ أفادت أنها قارنت عدد الوفيات في المستشفى خلال نفس الفترة من العام 2011م، مع حالات الوفيات خلال العام 2011م، وأتضح أن أعداد الوفيات تتقارب مع أعداد الوفيات خلال الفترة من بداية العام 2012م وحتى 14 فبرائر من نفس العام.

 

 

وأشار التقرير إلى أن الأقسام الحساسة في المستشفى مارست عملها الطبيعي، ولم يحدث فيها أي إنقطاع عن أداء الخدمات، سوى حصول بعض العجز في عدد العاملين، الذي يغطى من قبل الآخرين, حسب ما أشار إليه التقرير.

وطالبت اللجنة في تقريرها بتشكيل لجنة طبية فنية خاصة لدراسة ومعرفة أسباب الوفيات الحاصلة بين نزلاء المستشفى، يخول لها التصرف بشأن ما يثبت لها من أسباب وفقا لأحكام القانون.

 

 

وأوصت اللجنة بالإسراع في البت في الخلافات الحاصلة في المستشفى بين الإدارة والموظفينن والتي سبق أن شكلت لجنة من قبل المجلس المحلي للبت فيها.

 

 

ومن خلال تقرير اللجنة يتضح أن هناك أخطاء وتجاوزات في المستشفى تحصد أرواح الأطفال، دون أن تحرك الجهات المختصة في المجلس المحلي ومكتب الصحة العامة والسكان ساكنا تجاهها، وان إضراب منتسبي المستشفى لم يأتي بسبب مماحكات حزبية أو تصفية حسابات معينة، وإنما بسبب فساد مستشري في المستشفى.

 

 

وأن بقاء إدارة المستشفى الحالية ينم عن تواطؤ بين السلطة المحلية ومكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة مع مدير المستشفى، بدليل عدم ممارسة اللجنة المشكلة من المجلس المحلي لمهامهما ورفع تقرير بما يحصل.

 

 

ويتضح من التقرير أيضا أن أرقام وفيات الأطفال مهولة في المستشفى بدليل أن “95” حالة وفاة وقعت خلال “45” يوما بمعدل حالتين على الأقل في اليوم، وهو ما يعني أن عدد حالات الوفيات خلال العام يمكن أن تصل إلى حوالي “700” حالة على الاقل، إذا ما أخذنا بتقرير اللجنة كمعيار للمقارنة.

 

 

وعليه فإن بقاء الوضع في المستشفى دون وضع حلول لما يدور يعني حصول كارثة طبية، واستمرار تدهور المستشفى وصولا إلى إغلاقه.

فهل ستعي السلطة المحلية ما سيحصل مستقبلا في مستشفى الأطفال الوحيد بمحافظة تعز.. وهل بقاء مدير المستشفى الذي يجلس على كرسي الإدارة منذ “18”عاما أهون من وفاة المئات من الأطفال..؟ أم أن السلطة المحلية تريد تحويل المستشفى إلى مسلخ لقتل الأطفال.

زر الذهاب إلى الأعلى