حوارات

خرجنا إلى الساحات بهدف إحداث تغيير جذري وشامل

يمنات – خاص

حاوره غمدان السامعي

 الكاتب والمفكر عبد الباري طاهر :

التكفير والتخوين أصبحا العملة المتداولة في سوق نخاسة القوى المتصارعة

ممارسات المشترك حالت دون تحقيق أهداف الثورة

 غني عن التعريف حتى أقدمه.. تعرفه الكلمة ويسجد في حضرته القلم وتتعسل بين شفتيه اللغة كأنما يتناثر الدر من فمه.. إنه الكاتب والمفكر عبدالباري طاهر التقينا به ليكشف لنا الخيانة التي تحيط بالثورة والعراقيل التي تحيط بالإعلام.. لنغوص في عميق رؤيته ونرتشف من غزير ثقافته ونتفيأ في واسع معرفته ونرحل في بعد نظرته ونرتشف من صفاء سريرته ونتعلم من طول خبرته في حوار خاص أجرته صحيفة يمنات إلى نص الحوار

 لنبدأ من البداية :بعد انطلاقة الثورة قدم عبد الباري طاهر استقالته من اللجنة التنظيمية…ترى لماذا؟

 شهدت الأيام الأولى للثورة الشعبية في صنعاء سباقاً بين بعض الداعين والمبادرين للنزول الى الميدان وبين بعض قيادات حزب الإصلاح الذين أسرعوا في تشكيل اللجان:اللجنة الأمنية والتنظيمية والإعلامية ، شكلت اللجان من الإصلاح بالأساس وبالأخص الأمنية بمشاركة محدودة  من المشترك في اللجان الأخرى.

في البدء دار حوار ساخن بين من سمو بالرواد: توكل كرمان.أحمد سيف حاشد.وخالد الآنسي وأنا طالب المستقلون بالرجوع إلى الساحات في تشكيل اللجان ، فرفض الاقتراح ، فانسحب سيف وطاهر وبقيت توكل والآنسي مطالبين بالتوازن في تشكيل اللجان بين المشترك والمستقلين وممثلي الساحات.ولكن توجهاً للانفراد بالعمل في الساحة والهيمنة على اللجان هو الذي انتصر في الآخر فأقصي المستقلون والداعون والمبادرون بالنزول إلى الميدان.وحدثت تجاوزات مصدر جلها الحرص على التهميش والاقصاء.والانفراد بالساحة. واستبعاد الآخر وبالأخص المرأة.//الناقصة طبعاً .

إقصاء المبادرين والمستقلين كان مصدره الإصلاح الاكثر عدة وعدداً.والاقوى تنظيماً هو المهيأ لخلق المكونات الكبيرة.واحتكار المنصة.والهيمنة على المسيرات وإقصاء الجميع بما في ذلك توكل كرمان وخالد الآنسي وقد ظلا في اللجنة التنظيمية كمحاولة لخلق توازن.

وقد أشارات الإستاذة توكل كرمان في لقاء ( فيسبوكي ) مع نبيل سبيع أن هناك إدارة خفية للساحة.وجاء الإعلان مع أقصائها في الساحة ومحاصرتها مع مكوناتها والمؤيدين لها على كثرتهم.

 كأحد السباقين إلى حمل لواء الثورة هلا أطلعتنا على رؤيتكم الثورية التي كنتم تحملونها وأين هي من المسارات التي دأبت عليها الثورة إلى اليوم؟ 

رؤيتنا التي خرجنا بها وأنا هنا أتحدث فقط عن ساحة صنعاءهي تغيير الأوضاع تغييرا كاملاً وشاملاً.

وسبق ذلك اعتصامات في ميدان الحرية قادتها توكل كرمان وأحمد سيف حاشد.وشارك فيها الصحفيون والمحامون والأطباء والمهمشون ومهجروا الجعاشن وسائقو الدراجات النارية، ومن مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، وقد سبقنا الحراك الجنوبي.واحتجاجات حضرموت المبكرة جداً.وكانت نقابة الصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني»أمم»في طليعة الاحتجاجات منذ العام……

أين هم الشباب اليوم من تحقيق أهداف ثورتهم؟وما المعوقات التي تقف أمامهم من المضي بثورتهم إلى الأمام وكيف تقرأ لنا مستقبل التغيير المنشود من خلال إفرازات المبادرة الخليجية؟

لا يزال الشباب يرابط في الخيمات في جميع الساحات ولا يزال مطلب (الشعب يريد تغيير النظام ) حاضراً ولكن الإعاقة تأتي في كون المجتمع الأهلي»المساند».والقوى الثورية»المنظمة»بعد جمعة الكرامة ,وبالأخص الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن وأحزاب اللقاء المشترك كلها قد فرضت طوقاً سميكاً في صنعاء.وحاصرت ساحة الحرية في تعز وهي أهم الساحات كلها وعملت على زرع التنازع والشقاق في ساحات اخرى كان العائق الاول أو الحقيقي

انضافت قيود أخرى في مبادرة التعاون الخليجي التي أعطت صالح شيكاً على بياض لما يقرب من ثمانية أشهر للاستمرار في التقتيل والتدمير والنهب مع ضمان عدم المساءلة.وفترة السماح مستمرة حتى اليوم وحتى يشاء القائمون على المبادرة الخليجية.

لاشك أن المبادرة الخليجية قد فتحت نافذة مهمة للحل السياسي وحركت دولاب التوافق في جوانب معينة، ولكن إعاقة الثورة حاضرة في منح الحصانة.وفي عدم تقييدها بالكف عن التقتيل والإعاقة وترك الرئيس ــ قاتل شعبه ــ يسرح ويمرح مع زبانيته في قيادة الجيش والأمن والمواقع الحساسة.فالتغيير بطيئ ومتلكئ ولكن الأمل ومؤشرات التغيير قادمة شاؤوا أم أبو.

إذا ما تحدثنا عن الإعلام كشريك في ثورة الشباب. ….كيف تقيم واقع الصحافة اليوم وكيف اثر الخطاب ألإعلامي على واقع ثورة الشباب سلباً وإيجابا؟

كما انقسم المجتمع انقسم إعلامه أيضا.والصراع الإعلامي بين القوى الرجعية (صالح وأتباعه) والداعون  للإصلاح مع الخشية حقاً من انتصار الثورة وبناء دولة مدنية ديمقراطية وحديثة كان أولى ضحاياه الصحافة الأهلية المستقلة:الأيام,والنداء.وقبلها صحيفة الشورى التي استنسخت وحوربت الصحافة المستقلة.ولكن المواقع الالكترونية والفيسبوك والتويتر واليوتيوب استطاعت أن تغطي بعض الفجوة التي نجمت عن قمع الحريات الصحفية واستهداف الأهلية المستقلة.

لا يعني ذلك عدم تعرض صحف الأحزاب للمصادرة والتهديد بالقتل والاختطاف أيضاً والمنع، فمعظم الصحف الحزبية والعربية كانت ولا تزال ضحايا لهذا القمع المتعدد والمتنوع .

الصحافة كماً وكيفاً..هل استوعبت مجمل القضايا التي تهم المجتمع؟أم أن هناك أمورا لم يرتق الواقع الصحفي إلى تناولها؟

الصحافة المقروءة ما تزال مكبلة ومعاقة بأغلال الأمية والأزمات الطاحنة في كل شيئ إضافة إلى القمع والإرهاب.

أما وسائل الإعلام فان احتكار جهاز التحكم اليومي في ثلاث صحف رسمية بين مزدوجين وثلاث محطات وأكثر من عشرين إذاعة محلية إضافة إلى إذاعة صنعاء هو المسيطر والاستثناء الوحيد صحيفة الجمهورية برئاسة الزميل سمير اليوسفي المهدد بالإبعاد.وتقف وزارة الإعلام صامتة إزاء تمرد هذا الإعلام على الوفاق وتبعية بعضه للزعيم المخلوع، ويجري التكالب سافراً على اقتسامه وكافة تركة»عائلته».وعدم اعتباره,ملكية عامة يجب تبعيتها لهيئة شعبية وعدم احتكاره لحزبٍ أو وفاق أو عدة أحزاب.ويبدو أن الإعلام هدف رئيسي للتقاسم والتوارث أكثر من الوزارات نفسها.وهو كالجيش والأمن ما يزال تحت القبضة الحديدية للحكم.

أدركت القوى التقليدية أهمية الإعلام فرمت بثقلها فيه،وهي تحاول سك الرأي العام وفق رؤيتها (للإصلاح) ولكن الرهان على وعي الشعب والقنوات الأهلية الحرة والمستقلة ويستطيع شباب الساحات كسر حاجز الاحتكار الإعلامي والنفاذ إلى الجماهير رغم شح الإمكانيات والحصار المستدام. وهنا لابد من تحية النواب الأحرار الذين تبنوا مشروع «قانون المعلومات»وأوصلوه إلى شاطئ الأمان وفي مقدمتهم النائب الشجاع علي عشال، مع إدراكنا لإلغاء بعض المواد المهمة في المشروع.

لا ينبغى التقليل من مخاطر استمرار احتكار النظام البائد لوسائل الإعلام بالقدر الذي ينبغي أن نتصدى لمحاولات الاقتسام والإرث.فهذه الوسائل ملكية عامة تمول من المال العام، ولابد أن يكون نصيب أكبر رأس في البلد كنصيب أي مواطن بدون تمييز.

 تعرض الكثير من الصحفيين والكتاب لحملة شعواء من التكفير والتخوين والاتهام بالعمالة…ترى مالأسباب؟وما المخاطر على مستقبل الحريات الصحفية؟

التكفير والتخوين الآن هما العملة المتداولة في سوق نخاسة القوى المتصارعة على الاقتسام والانتقام والإرث.وقبل انتصار الثورة برزت وتبرز في الساحات المختلفة إمراض وأحقاد الماضي»غير المجيد»فالاعتداد بالأحساب والأنساب والتعيير  بالمذاهب والمعتقدات وإثارة النعرات القبلية والمذهبية كلها أمراض مقيتة وأسلحة مشرعة ومسمومة في نحر الثورة وشبابها وشعبها وعلى الجميع الخلاص منها.وانتقاد جرائمها وآثارها وإدانة القائمين بها وعليها.

الإعلام سلاح ذو حدين إذا ما أسيئ استخدامه…ترى مالمحددات التي يجب الالتزام بها لتفادي مخاطره؟

الإعلام كما تفضلتم سيف ذو حدين ولكن الحرية والإباحة هي الأصل .والمنع ينبغي أن يكون في أضيق الحدود.فاليمن لن تغادر بعد مستنقع التجريم والتحريم,وتوسيع دائرة الحرية والتسامح هي الأساس.وهناك ضوابط يعرفها الجميع ونص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا ينبغي تجاوزها.


أم الإساءة إلى الشخصيات العامة والقادة من قبل وسائل إعلام تتبع قوى مؤدلجة فشأنها شأن الأشخاص العاديين، فالإساءة بحق الأشخاص، ومس الخصوصية للأفراد هو المحظور الحقيقي.ولكن التمييزمهم مابين الإنسان العادي والموظف العام.


فالموظف العام ينوب عن الناس في وظيفته، ومن هنا يصبح نقده لازماً وجوباً، فنيابته عن الناس تفرض عليه مسئوليات إزائهم، وعليه أن يتقبل ولا يعترض على الحق في انتقاده ، ويبقى الضمير الصحفي والتزام آداب المهنة هو الأساس.

زر الذهاب إلى الأعلى