حوارات

الحارس الخاص للرئيس الحمدي. علي محمد الحكيمي

   يمنات خاص – المستقلة

 

كان واحد ممن شاركوا في الانقلاب الأبيض الوحيد في تاريخ اليمن الحديث وواحداً ممن عاصروا أزهى ثلاث سنوات في القرن العشرين.. علي محمد الحكيمي من أولئك الشرفاء الذين عملوا بالقرب من الرئيس إبراهيم الحمدي.. شارك في معارك الدفاع عن الجمهورية وحصار صنعاء ضمن قوات المظلات وفي أكثر من موقع كما عمل ضمن الحراسة الخاصة للرئيس الحمدي وفي هذا الحوار ستتعرفون إلى شخصية وتاريخ هذا الرجل المتواضع وإلى دوره النضالي في أصعب المراحل التاريخية التي مرت بها البلاد كما ستعرفون تفاصيل وحقائق جديدة عن حياة ومسيرة وسلوك ومصير الرئيس الراحل الشهيد إبراهيم محمد الحمدي ومرحلة ما قبل عهد الحمدي..  الحكيمي شاهد عصر يشتاق إليه اليمنيون كثيراً.. المستقلة التقت به وأجرت معه الحوار التالي:

< حاوره/ إبراهيم السروري


> بداية ممكن تعرف القارئ الكريم بشخصكم..

<<  علي محمد علي سيف الحكيمي مواليد 1953م الأحكوم- تعز، متزوج وأب لأربعة أولاد وثلاث بنات، التحقت بمدرسة المظلات شهر أكتوبر 1966م وأنا لم أبلغ الثامنة عشر من عمري وخريج الدفعة 16 مظلات عام 1969م. وترقيت إلى مساعد أول في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي وتبلغ عدد قفزاتي في الإنزال المظلي (147) قفزة وقد عملت ضمن طاقم الحراسة الخاصة للحمدي بقيادة النقيب محمد الشمسي وتم ترقيتي بعد تحقيق الوحدة اليمنية إلى ملازم أول بتوجيهات وزير الدفاع الأسبق العميد ركن هيثم قاسم طاهر وحالياً أنا متقاعد.

> حدثنا عن بداية التحاقك بقوات المظلات؟!

في البداية التحقت بقوات المظلات في الحديدة في شهر أكتوبر 1966م أخذت التدريبات الأولية مع زملائي (تدريبات اللياقة البدنية والعسكرية) والتدريبات الخاصة بالأسلحة المختلفة (آلي، مسدس، مدافع هون، البوازيك، الرشاشات (12/7)و (14/5)و (م/ وست) والقنابل اليدوية والألغام)، وغيرها من الأسلحة والتدريبات العسكرية، وكان قائدنا في قوات مظلات (الحديدة) الأخ النقيب محمد عبد العليم من جبل حبشي ومن زملائي في قوات المظلات بالحديدة الإخوة: محمد الفقيه ومحمد قائد الوصابي وعبد الملك عبد الكريم القرشي وسعيد محمد القباطي وعمر عبد الكريم ومحمد شمسان المساح ومصطفى خليل الصبري وأمين عبد الرب القدسي ويحيى محمد صالح العتمي وعبد المجيد عبد الإله الريمي وقائد سعيد الريمي وعلي أحمد الريمي وصالح محمد البرعي وعبد الولي عبد الرحمن وعبد الرحمن مهيوب الذبحاني ويوسف المقطري وسعيد المقطري وعبد الرب المقطري ومحمد قائد الحكيمي وعبده محمد علي الحكيمي وعبد الوهاب عبد الكافي ويحيى القدسي ومحمد الجرادي ومن القيادات منصور عبد الجليل وشمسان الشيباني وحامد ومطهر القرشي وعبد الله مهيوب الوحش وغيرهم كثيرون لم أعد أتذكرهم الآن..

المظلات في الحديدة

> كم كان عدد قوات المظلات في الحديدة؟!

كان عددنا حوالي 600 فرد (جندي وضابط) كنا قليلين ولكننا كنا مقاتلين وكنا مدربين تدريباً عسكرياً حقيقياً وكان مقر قوات المظلات في مطار الحديدة.. وكنا كتيبة واحدة فقط وتلقينا تدريباتنا على أيادي ضباط وخبراء عسكريين مصريين وبمشاركة قادة يمنيين وكان الضباط المصريون شديدين معنا في التدريبات العسكرية.

> وهل بقيتم في الحديدة؟ ولماذا؟!

نعم بقينا في الحديدة حتى خرج المصريون من اليمن نتيجة للمشاكل التي حدثت في اليمن حينها إضافة إلى نكسة حزيران 1967م في مصر وتم انسحابهم بموجب اتفاقية الخرطوم  بين اليمن ومصر والسعودية .

وعندما وقعت العاصمة صنعاء تحت الحصار الملكي تحركت قوات المظلات بالحديدة وبمشاركة الشيخ عبده ربه العواضي وجيشه القبلي وانتقلنا إلى صنعاء وتم التنسيق مع الشيخ أحمد علي المطري لفك الحصار عن صنعاء ابتداءً بدحر قوات الملكية في الحيمتين الداخلية والخارجية واستمرينا في معارك معهم دامت حوالي شهراً وكان قائد قوات الملكية قاسم منصر وناجي الغادر وشيخ من الحيمة.

الزحف نحو صنعاء

> ماذا تتذكر عن مشاركتك في فك الحصار عن صنعاء؟

في الحيمتين توحدت قوات الجمهورية وسقط منا حوالي 80 شهيداً من قوات المظلات وبلغ عدد الجرحى من قوات المظلات حوالي 168 جريحاً.. وعدد الشهداء الجمهوريين من جيش الشيخ العواضي حوالي 400 شهيد ومن قوات الملكية قتل أعداد كبيرة جداً بالآلاف، ومن ثم دخلنا إلى صنعاء وبقينا (70) يوماً في منطقة عصر وصباحة وتم التنسيق مع القوات العسكرية في داخل صنعاء وتمكنا من دحر القوات الملكية من صنعاء ثم لاحقنا هم إلى همدان وعمران وحجة ثم توجهنا إلى حرض وعبس وكان قائد قوات المظلات المناضل الكبير حمود ناجي الذي حينذاك قام بنقلنا من عبس وحرض إلى صنعاء ثم تمركزنا في موقع جبل نقم ومكثنا فترة بعدها زحفنا إلى جبل ظفار ثم انتقلنا إلى بني حشيش وكانوا يوزعوننا على المواقع والجبهات بهدف صد أي هجوم مباغت للملكيين..

احداث اغسطس

> وماذا عن أحداث أغسطس 1968م؟!

حدثت نزاعات مناطقية ومذهبية في صفوف الجيش وقامت الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي سيف الخولاني في نفس موقعها الحالي بقصف قوات المظلات في العرضي ثم شنت قوات المظلات هجوماً على الفرقة الأولى مدرع وتمكنت من السيطرة عليها بقيادة النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب بطل حصار السبعين كما اشتبكت قوات الصاعقة وقوات العاصفة وسيطرت الصاعقة على العاصفة.

واستمرت هذه الأوضاع أو الأحداث لمدة 3 أيام وكنا مجموعة مكونة من(50 فرداً) من قوات المظلات في جبل الطويل بمنطقة بني حشيش وكنا نقوم بالرد على الفرقة الأولى مدرع بمدفع هاون (120) ومدفع هوزر وكان قائد مجموعتنا ملازماً اسمه رشاد.

> كم استمرت مدة بقائكم في بني حشيش؟! وما أهم الأحداث التي واكبت تلك المرحلة؟

استمرينا حوالي أربعة أشهر في بني حشيش وتم تغييرنا بآخرين ونحن دخلنا صنعاء وأعطونا دورة مظلات وكان قائد قوات المظلات علي نصيب المعمري أما القائد السابق حمود ناجي فقد فر إلى عدن لأنه كان مستهدفاً وخاصة بعد اغتيال وتصفية عدد من أبطال حرب السبعين يوماً وعدد من القيادات والرموز العسكرية والوطنية وأبرزهم الشهيد البطل عبد الرقيب وغيره من أبناء تعز وإب والبيضاء.

> هل كنت تسمع حينها بإسم الضابط إبراهيم الحمدي والضابط عبد الله عبد العالم؟!

كنت أسمع باسم الحمدي فقط

المؤامرة على قوات المظلات

> بعد عودتك من بني حشيش إلى المظلات في العاصمة وحصولك على دورة مظلات.. ماذا حدث بعد ذلك؟ّ!

تم تغيير القائد على نصيب المعمري واستبدلوا بالضابط عبد الجبار نعمان الذبحاني وبعد فترة قصيرة قام أفراد قوات المظلات بطرد عبد الجبار نعمان وكانت الحكومة تريد تغيير المظلات وهنا كان الضابط إبراهيم الحمدي قد لمع اسمه في صفوف الجيش واقترح عدم تغيير أو إلغاء قوات المظلات أو الصاعقة من الجيش فقام ودمج قوات الصاعقة ضمن قوات المظلات وقال لا توجد دولة في العالم تقوم بإلغاء قوات المظلات من الجيش.

الحمدي يزكي عبدالعالم

> ماذا حدث في قوات المظلات بعد ذلك؟!

قام الحمدي بتعيين الضابط عبدالله عبدالعالم قائداً لقوات المظلات من خلال تزكيته لدى القيادة أو الرئاسة.

> كيف كانت سمعة الضابط إبراهيم الحمدي في بداية السبعينات؟!

ذكرتُ أن إبراهيم الحمدي بدأ أسمه يلمع في بداية السبعينات ولمع أسمه أكثر في صفوف الجيش اليمني وفي الدولة بعد تقديمه مشروع الإصلاحات المالية والإدارية وتعيينه نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الداخلية.

> ما التطور الذي حصل لقوات المظلات تحت قيادة الرائد عبد الله عبد العالم؟!

حصل تطور في إعطاء منح ودورات تدريبية ودراسية خارجية وتم رفد قوات المظلات بأسلحة جديدة وأنا حصلت على دورة دراسية وتدريبية في القاهرة في مجال الهندسة العسكرية وتقنية المعلومات والإنزال المظلي وفي التدريب والتأهيل ثم  عدت إلى قوات المظلات وذلك قبل أحداث 1972م بين الشمال والجنوب.

حرب الشطرين

> هل شاركت في أحداث 72م وماذا عن دوركم في المظلات؟!

تم نقلنا إلى معسكر السوادية بالبيضاء ودارت معارك بيننا وبين إخواننا في جنوب الوطن وكانت تلك المعارك قوية بيننا وأيضاً قمنا بعمليات عسكرية متبادلة ومن ثم تم نقلي ومجموعة من زملائي إلى مكيراس وتحديداً في الجبهات الأمامية (المواجهة)  تم إعادتنا ونقلنا إلى رداع والمناطق الوسطى وتحديداً إلى قعطبة وإلى دمت واستمرينا هناك إلى قبل أن يتولى الحمدي الرئاسة وكنت ضمن الكتيبة التي نقلوها إلى صنعاء قبل رئاسة الحمدي.

سلطة المشائخ أقوى من سلطة الرئيس

> ماذا تعرف عن المشاكل والأوضاع بين الرئيس الإرياني وبعض الأطراف الأخرى؟!

كانت قرارات الرئيس الإرياني لا تنفذ وكانت تقابل بالرفض من المشائخ الذين كانت سلطاتهم قوية وحصل تسيب مالي وإداري وانهارت الدولة اقتصادياً وبدأ الشباب اليمني يتوجهون للإغتراب خارج الوطن لطلب الرزق وكانت بعض المناطق لا تعترف بالرئيس وكانت الأزمة الخانقة في المناطق الحدودية بين شمال وجنوب الوطن.

الحرس يستسلم للمظلات والحمدي رئيساً

> وبعد الأزمة.. ماذا حدث؟!

لم نعلم شيئاً عما  كان يدور على مستوى قيادة الدولة وبقيت أنا وزملائي في المعسكر ووصلتنا تعليمات من قيادة المظلات بالتوجه إلى القيادة العامة للجيش وكان فيها الحرس الجمهوري وكنت ضمن المجموعة التي توجهت واستولت على القيادة العامة وكانت مجموعتنا بقيادة عبده محمد علي وسيف غالب الزجا.. وقام الإخوة في الحرس الجمهوري بتسليمنا الأسلحة الثقيلة الخاصة بمكتب القيادة العامة وكان دخولنا إليها اقتحاماً سريعاً ومفاجئاً للحرس لأننا تسلقنا الأسوار وقفزنا إلى الحوش ومن ثم دخلنا المباني بشكل سريع والحقيقة أن زملاءنا في الحرس الجمهوري لم يطلقوا حتى رصاصة واحدة واتفقنا أن يدخلوا عنابر سكنهم بسلاحهم الشخصي. ولم نؤذ أحداً منهم وكانت التعليمات لنا بأن نبقى في القيادة العامة وكان اقتحامنا بعد صلاة المغرب.. وقمنا بهذه العملية الاقتحامية قبل الإعلان عن تعيين العقيد/ إبراهيم الحمدي رئيساً لمجلس القيادة العامة وبعدها بساعتين تفاجأنا بحضور العقيد إبراهيم الحمدي وبعده مباشرة دخلت قيادات وشخصيات مدنية وعسكرية إلى مكتب القيادة وكان الحمدي مرتدياً زياً مدنياً وبرفقته 3 جنود حراسة خاصة ومن القيادات والشخصيات العسكرية والمدنية التي دخلت مكتب القيادة: مجاهد أبو شوارب وعبد الله عبد العالم ويحيى المتوكل وآخرون وعندما كانوا داخل المكتب ونحن منتشرون داخل المكتب وخارجه  وكنت أنا شخصياً في بوابة القيادة سمعت وأنا في البوابة من خلال الآخرين من مواطنين في الشارع عن البيان الهام الذي كانت تردده إذاعة صنعاء حتى المساء وسمعت أنه تم تعيين العقيد إبراهيم محمد الحمدي رئيساً لمجلس القيادة العام ومن ثم  تعيين أعضاء مجلس القيادة. وسمعنا عن استقالة الأخ محسن العيني رئيس مجلس الوزراء وسنان أبو لحوم وسمعت بالخبر قبل أن يخرجوا من الاجتماع ولم يخرجوا من المكتب إلا في تمام الساعة الحادية عشرة مساءاً.. وفي اليوم الثاني صباحاً وجدنا المواطنين فرحين ومسرورين بتعيين الحمدي رئيساً..

ماذا عن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر؟!

لم يكن حاضراً ومتواجداً معهم وسمعنا عن خلاف بينهم وبينه ثم بدأت المشاكل بينهما.

> كم كان عددكم في مكتب القيادة العامة من قوات المظلات؟!

كان عددنا حوالي (180فرداً) وكان المسئول عني هو الأخ سيف غالب الزجا.

> كم بقيتم في مكتب القيادة؟!  وهل تم استيدالكم بآخرين بعد نجاح الانقلاب؟

 بقينا مدة ثلاثة أشهر ونحن نقلونا إلى المعسكر وكنا نعود من جديد حراسة خاصة للرئيس الحمدي بحسب الأوامر والتوجيهات.

زر الذهاب إلى الأعلى