فضاء حر

مقدمة للحرب على الكلمة

بالأمس سخرنا من الكشف المفبرك الذي نشرته عناصر مريضة في الفيس بوك و تويتر و تضمن اسماء بعض الصحفيين و الناشطين على أنهم ضمن خلية تجسس ايرانية افتراضية لا وجود لها إلا في أروقة المطابخ القمعية و التآمرية .. غير انمن المهم الإشارة إلى أن الغرض من هذه الفبركات واضح و منه ما يلي  :

أولا : قمع الأصوات الصحفية و الإعلامية التي تكشف عوراتهم و تهديدها بطريقة غير رسمية و غير مباشرة و بالتالي قياس رد الفعل و مدى تغير توجه الكتابة الصحفية و تراجع المواقف الرافضة للواقع الذي يتشكل بعيدا عن مطالب الشعب .

ثانيا : تخويف الصحافة و الإعلام – عبر استخدام التابوه الجاهز" التدخل الإيراني " – من مقاربة الأفكار و المواضيع التي تصطدم مع المشروع الذي يكرس نفس الواقع السياسي و العسكري السابق باسم الثورة ..

ثالثا : المتقاسمون يمضون في مشروعهم الذي يلتف على الثورة و يميتها و يرمي ذكراها و تضحياتها و مطالبها في سلة النسيان .. و لكن الأقلام المتحررة كل يوم تعيد الثورة الى الواجهة و تذكر بالمطالب و بالتضحيات و بالشهداء و تضع كل ذلك في مقارنة مع ما يجري و ما يسير المتوافقون باتجاهة ..

رابعا : الحرية الصحفية و تعدد الأصوات الإعلامية و تعالي الأصوات الثورية تكرس في الوعي العام سلطة الصحافة و فاعلية سلاح الكلمة في مواجهة القوة العسكرية التي تمتلكها القوى المتقاسمة ، و هذا يخيفهم و يخيف التدخل السعودي و الأمريكي أو بالأصح الوصاية السعودية و الأمريكية و لذلك بدأوا في العمل على مواجهة الكلمة و تشويه صورة حملة الأقلام المتحررة في الوعي المتلقي المهيأ للتعبئة و إحاطتها بمجموعة محاذير تقف في مخيلة المتلقي لمواجهة اي أفكار وطنية قد تطرحها تلك الأقلام و تلك الأسماء ..

 و على كل حال ، فإن هذه الأساليب المفلسة إنما تعكس عدم وجود مشروع وطني يواجه ما يكتب و ما يقال و يسكت الأفواه ، بل يفصح عن نوايا للالتفاف على الاستحقاقات التي تقتضيها المرحلة و القضاء على أي صوت يمكن أن يصرخ و يعري هذه النوايا.. و لعل البدء بمواجهة الكلمة خير دليل على هذا الإفلاس و هذا الخواء السياسي لدى القوى السياسية المسيطرة على السلطة و الثورة و الإعلام و المعارضة في آن واحد.

و أخيرا تظل الحرية الفكرية و الصحفية و الثقافية و السياسية و غيرها هدف ثوري بل في مقدمة الأهداف الثورية .. و تظل التوجهات الساعية للحيلولة دون تحقيق ذلك هي نفسها التوجهات التي كان نظام صالح يتبناها طوال عقود . فهل خرج الناس ثائرين لكي نعود و نكرس تلك العقليات القمعية في السلطة و نعيد ثقافة اسكات الناس إلى الواجهة و الوعي من جديد .؟

زر الذهاب إلى الأعلى