حوارات

الكاتب نجيب يابلي: الحراك أخترق في 2011 وحل القضية الجنوبية سيأتي بالهراوة من الخارج

يمنات – متابعات

الأستاذ والكاتب القدير "نجيب يابلي " هو احد اهم الكتاب والنشطاء السياسيين في الجنوب، وعرف للعامة عبر كتاباته الشهيرة  في جريدة الأيام كبرى الصحف الاهلية في اليمن.

"عدن الغد " التقت به واجرت معه هذا الحوار

حاوره: حسين الحنشي

 

بداية أرحب بك أستاذ نجيب على صفحات (عدن الغد) للقاء مع القراء هذه المرة كضيف، بعد أن عهدوا لقاء ككاتب رأي على صفحاتها.

شكرا لك، وأشكر (عدن الغد) الصحيفة المنطلقة نحو النجاح بصورة طيبة بجهودكم جهود الشباب التي تصنع كل شيء جميل.

 

نبدأ من بداية القرن، هل من الموضوعية إطلاق تسمية زمن الاستعمار على فترة الوجود البريطاني بعدن؟

لا، ليس من الموضوعية في شيء، التسمية الدقيقة فترة الإدارة البريطانية، لعدة أسباب أهمها إقامة مجتمع مدني حر، وإقامة مؤسسات دولة، كانت هناك في ذلك الوقت 21 صحيفة صادرة في عدن، وجلها تنتقد الإدارة البريطانية، حتى أن التيار الديني كان يملك صحيفة، وهي صحيفة (الذكرى) لمحمد باحميش، وكنت تستطيع إذا أقفلت صحيفتك أن تستعيد تصريحها في اليوم الثاني من البريد.

 

أتت الثورات، لكن هل باستطاعتنا أولا  تسميتها ثورات.. أقصد أكتوبر وسبتمبر؟

بكل أسف شديد لا، لا يمكننا تسميتها ثورات لأسباب كثيرة، فسبتمبر عمرها 50 عاما، 33 عاما منها لعلي عبدالله صالح، لم يتحقق فيها شيء مؤسسي، وظلت القبيلة هي سيدة الموقف، وتعتبر نفسها الوريث الشرعي للإمام، كما جاء في كتاب الهويات الطاردة  لمحمد ناجي أحمد، ولذلك صادق يقول إن على الجنوبيين الدخول في الحوار أو الاستعداد للحرب، يعني أنه يعتبر نفسه المالك الشرعي للبلاد والعباد، كشأن إب وتعز، مجرد مستعمرات لحاشد، ليسوا أحرارا.. صادق أمين أبو راس من برط يملك كل الأراضي في إب، وهو من بكيل، حتى أنه طلب ملياري ريال من أجل أن يمر مشروع في أرضه، وناقش مجلس النواب ذلك.

 

ما الذي حصل بعد أكتوبر، وتحدد على أساسه مصيرنا وسلوك الطبقة السياسية التي حكمت فترة ما بعد الثورة، وهل هناك أخطاء جسيمة؟

أولا كانت بريطانيا تعتزم الجلاء عن البلد عام 68م وتسلمه لحكومة الاتحاد، وجاء وفد بريطاني لأجل ذلك، وتوجه إلى الراهدة وقابل وفد جبهة التحرير، وقال لهم سنسلمكم، أقيموا ائتلافا بينكم وبين الجبهة القومية والسلاطين، فرفض صاحب جبهة التحرير، ووبخه عبد الناصر، وقال له هذه خطوة على طريق الألف ميل. رفض بحجة أنه الممثل الشرعي للشعب، وكان يقول إنه الممثل الشرعي للشعب، وهذه مصادرة للرأي، فلا يمكن أن يكون كل الشعب جبهة تحرير، ولذلك نحن تاريخنا في الجنوب عبارة عن حلقات ناسفة مصنوعة من الديناميت، كل حلقة تنسف الحلقة الأخرى. جاء الأخوة الصافي والجفري عام 40م وشكلوا الكتيبة اليمنية الأولى مع الزبيري والنعمان وعام 48م قامت ثورة بالشمال فقاموا بتشكيل الرابطة عام 51م كرد فعل، وقالوا: الجنوب العربي. فقلنا لهم: أنتم عملاء، نحن يمنيون، بينما الحقيقة أنه حتى الوفود التي بايعت الرسول لم يأت بينها وفد يمني واحد، ولم تكن اليمن موجودة إلى عام 1917م قيام المملكة المتوكلية.

والأخطاء الجسيمة هي إفراز قوتين، قوة الثورة تتمثل في الجبهة القومية، وقوة الثورة المضادة تتمثل في كل من لا ينتمي للجبهة القومية حتى عام 69م وما سمي بالخطوة التصحيحية والتي لم تكن تصحيحية أصلا.. أزيح قحطان، وهو أكثرهم تحصيلا علميا، بحجة اليمين الرجعي، ثم أزيح سالمين بحجة اليسار الانتهازي، بعدها أزيح علي ناصر بحجة اليمين الانتهازي.

 

أستاذ نجيب، أريدك أن تفسر شيئا لم أفهمه في التاريخ الجنوبي، كيف استطاع قادة شباب تحصيلهم العلمي متواضع إقناع شعب أغلبيته الساحقة أمية باعتناق الفكر اليساري، وهو فكر نخبوي تقدمي؟!.

كل ما في الأمر أن ذلك أتى في ظل تقاسم دولي للنفوذ، وكان الجنوب يقع في منطقة نفوذ الدول ذات الفكر اليساري، إلى جانب أن القادة الجدد بعد الثورة استفادوا من عدن، وعدن أنا دائما أسميها المدينة الدولة، لكن للأسف أنهم جاءوا من الريف ليحكموا عدن!.

 

نصل إلى فترة السبعينيات، وهي فترة مميزة في تاريخ الجنوب باعتبارها فترة تحولات صعبة، كيف تقرأ تلك الفترة؟

الخطأ أن الجنوبيين لم يقرؤوا تاريخهم قراءة موضوعية إلى الآن، التاريخ الجنوبي لم يكتب بعد، وكما قلت لك هي فترة انقلابات متوالية، أقصى بعضهم بعضا فيها.

 

 أبرز ما في فترة الثمانينيات أحداث 86م، ما هو تصوركم حول تلك الفترة وتلك الأحداث؟

أولا أقول إنه كان من الإنصاف لو بقي علي ناصر محمد، لأنه رجل ليبرالي، لم يكن مغاليا في أيديولوجيته، فمع أنه بدوي إلا أنه يحمل روحا مدنية، وكان يتذوق القمندان وأحمد قاسم ومحمد مرشد ناجي والمحضار، ويحترم المبدعين لدرجة أنه رفع المحضار إلى عضوية مجلس الرئاسة الأعلى.

 

قاطعته قائلا: بالمناسبة أستاذي، هل فعلا المحضار قال قصيدة (يا حامل الأثقال خففها شوي..) التي اشتهرت بصوت بلفقيه في علي ناصر عندما كان متحملا أثقال الأمانة العامة للحزب وهيئة الرئاسة ورئاسة الحكومة؟

لا، لا أعتقد، لأن المحضار كان يحبه جدا.. وواصل: أعود إلى أحداث 86م، في هذه الأحداث لا تستطيع أن تحمل طرفا معينا المسؤولية كاملة، لأن تلك الجماعات المتحاربة تشبه الجماعات الإسلامية المتشددة، فهؤلاء يخونونك وهؤلاء يكفرونك.

 

هناك سؤال بحجم الحدث، وصلنا له في تسلسل تاريخي للأسئلة، كيف تفسر الوحدة؟

في نهاية الثمانينيات كانت هناك تغيرات عالمية، فوزير الخارجية البريطاني حينها وليام ورجريت زار عدن، وقال من مطار عدن إنه يتوقع قيام الوحدة اليمنية، وهو ضوء أخضر، كما أن انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان الغطاء للنظام بعدن حينها عجل بالوحدة، إلى ذلك فإن القيادة بدأوا يخففون من غلوهم واقتنعوا أخيرا بآراء من نصيحة شو لاين عندما زاره فيصل عبداللطيف إلى الصين وقال له عليكم الاقتراب من جيرانكم وعدم الاعتماد كليا على موسكو وبيكين.

 

بالأمس أردى أبو (هيلكس) أربعة          ألقوا عليهم، وفر المجرم الآنا

رأوه يبتاع قاتاً حسب عادته                ويشتري خنجراً من إرث (عثمانا)

هذان بيتان للبردوني يصفان فترة الأشهر التي لحقت الوحدة، واغتيالات أعضاء الحزب الاشتراكي من جماعات مجهولة

 كيف تصف أنت تلك الفترة؟

هي فترة تنفيذ المخطط، لأن الشيخ عبدالله كان متشائما من الوحدة، كما قال والقاضي الإرياني مع احترامي له قال مقولة خبيثة، قال إنهم قليلون وسيذوبون وسطنا، وهذا يعني أن هناك نوايا سيئة، ولا أعفي الجانب الجنوبي، فقد دخلوا الوحدة وهم يعتقدون أنهم سيحررون الشمال بمساعدة سعفهم في الشمال، ورغم أن الجنوبيين تلقوا السلاح من قبائل بكيل، لكنهم لم يطلقوا طلقة واحدة، وفي الأشهر اللاحقة للوحدة كانت هناك اغتيالات للكثير من عناصر الحزب الاشتراكي، وكلهم جنوبيون، مع أن هناك شماليين في رأس الهرم الاشتراكي، لكن لم يمس أحد منهم.

 

 ما الذي حدث في عام 94م؟

أولا، أنا أستغرب من الذي يدعو إلى التحرير الآن، وهو لم يستطع التحرير عام 94م، في عام94م الشمال لم يكن ندا للجنوب على الإطلاق، كانت خطوط الدفاع الشمالية كخيوط العنكبوت أمام القوة الجنوبية، أستغرب كيف سقطت جبهة الضالع وجبهة مكيراس وجبهة شبوة، والله لو أتوا بمونتجمري ورومل معا لا يمكن إسقاط جبهة الضالع إلا ببيعة، في شبوة قاعدة صواريخ يمكن أن تحيل أي قوة إلى أثر بعد عين، كيف تسقط؟! كل ذلك يفسره قول علي عبدالله صالح إنه دفع 5 ملايين دولار فقط لإسقاط الجنوب.

 

إذن من الذي أسقط الجنوب، هل جنوبيون في الداخل هم الذين باعوا أم جنوبيو الخارج الذين قاتلت قواتهم إلى جانب ما سمي بقوات الشرعية؟

جنوبيو الداخل هم من أسقط الجنوب، لأنه حتى بمساعدة قوات علي ناصر، وقوامها سبعة ألوية لقوات الشرعية ما كان يمكن بأي حال من الأحوال لتلك القوات مجتمعة دخول الجنوب لولا البيعة.

 

على الجانب الاقتصادي، هل كانت المعادلة فعلا جنوب غني وشمال فقير توحدا، فصار الجنوب فقيرا والشمال غنيا، هي المعادلة الحقيقية؟

ليست بالدقة، كان هناك دوران لرأس المال في الشمال وانفتاح اقتصادي، في الجنوب النظام أغلق البلاد، لكن كان هناك نظام وقانون، فكان عندما يعتدي عليك شخص لا يقال فلان ضد الحنشي مثلا بل يقال فلان المعتدي ضد الجمهورية، وفي الشمال لا يوجد نظام.. لم يكن أي من النظامين كاملا.

 

بعد تحرك الشعب الجنوبي تداعت القيادات التي أدخلت الجنوب في الوحدة عام 90م وهزمت عام 94م وخرجت من مقرات إقامتها في عدة بلدان، هل تعتقد أن الخروج كان بريئا؟

لا شك في ارتباط القيادات بقوى داخلية وخارجية، ولكن القضية عادلة، وفي الجنوب نرى (بوسنة وهرسك) ولا نرى علي عزت بيجوفيتش وفي فلسطين لا نرى نجاحا، لأن فلسطين فلسطينان (حماس وفتح) وفي جنوب أفريقيا كان هناك فقط نيلسون منديلا، وفي سنغافورة كان هناك لي كوان يو  قاد حرب الاستقلال ووعد بجعل سنغافورة سويسرا الشرق، وفعل تعمل حاليا بسنغافورة 7000 شركة عالمية.

 

ما هو تقييمك لمسيرة الحراك من 2007م إلى يومنا هذا؟

الحراك من عام 2007م إلى 2010م كان يتقدم بشكل جيد، وفي عام 2011م اخترقه علي عبدالله ودخلت الحبوب والسلاح عبر جلاوزته، كما دخل على خط الحراك بقية محور الشر علي محسن وحميد الأحمر، وحميد فقط يدفع 50 مليونا شهريا للإصلاح بعدن.

 

 إذاً كيف تعتقد سيأتي الحل للقضية الجنوبية؟

الحل سيكون خارجيا، وصادق الأحمر يكرر تهديداته للجنوب لأن قادته مشرذمون، والحل سيأتي سياسيا خارجيا مصحوبا بالهراوة، وقادة الجنوب ما داموا مشرذمين فليسوا أصحاب قضية إنما هم طالبو زعامات.

 

أخيرا أستاذي العزيز أريد أن تكتب ثلاث فقرات عن عدن، وعن أي رئيس عربي يمكنك وضعه في مجموعة لي كوان يو ونيلسون مانديلا، ثم كيف ترى الربيع العربي والحالة السورية خاصة؟

عدن لها خاصية وعلى الإخوة في الجنوب فهم ذلك، وأن يسلموا أن عدن بها أناس من الشمال ومن المحميات، وسكن عدن أناس من مصر والسودان والهند والصومال والمحميات الشرقية جاءوا كخيوط ودخلوا منوال عدن فغزلتهم فتحولوا إلى نسيج واحد.

من القادة العرب أقدر أضم إلى مجموعة لي كوان يو ونيلسون مانديلا الحبيب بو رقيبة وإدريس السنوسي لأنه وحد ليبيا، وكان نظيفا عندما انقلبوا عليه، أخذ 10000 جنية ليتعالج بها، ثم ذهب في منفاه إلى سفير النظام الجديد، وقال له هذا ما تبقى من المبلغ، وطلب سندا بذلك، ممكن أضم عبدالناصر فقد كان صاحب مشروع والسادات كان برجماتيا.

ثورات الربيع العربي هي ثورات الربيع الأمريكي، الآن هم يجربون الإسلاميين بعد أن جربوا الماركسيين واليساريين، نحن لأول مرة نشهد مرشد جماعة الاخوان يقول إن الرئيس الأمريكي على حق، لم يقلها مرشد قبله.

والحالة السورية هي صراع إقليمي ودولي أكثر منها ثورة، أما في اليمن فليست ثورة هي مجرد حركة مسرحية.

 

 أشكرك أستاذي العزير وأشكر لك إتاحة الفرصة رغم مشاغلك للحديث معنا.

أنا أشكرك جدا، وأشكر صحيفة (عدن الغد) وأنت إعلامي واعد، وأتنبأ لك بمستقبل كبير إن شاء الله

عن: عدن الغد

زر الذهاب إلى الأعلى