حوارات

القاضي الهتار: السلطة انتقلت من سنحان صنعاء إلى دثينة أبين والبلاد تُدار بعقلية أسوأ من النظام السابق

يمنات – متابعات

شن القاضي حمود عبدالحميد الهتار وزير الاوقاف والارشاد السابق هجوما غير مسبوق على القرارات الجمهورية التي اصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي، والتي وصفها بانها لترتيب اوضاع اشخاص وفئات محددة فقط، مؤكدا ان حكومة الوفاق الوطني لا تمتلك ارادة سياسية قوية، ولذلك لم تستطع ان تفرض هيبتها وسيطرتها على الاختلالات الامنية في البلاد..

وفي الطريق إلى منزل القاضي حمود الهتار مررنا عبر ميدان السبعين.. هناك خلف جامع الصالح يُجري وزير الأوقاف والإرشاد الأستاذ حمود عباد اللمسات الأخيرة وبتكتم شديد لعقد بيع 5312 لبنة عشاري لقائد الحرس الجمهوري أحمد علي عبدالله صالح وبسعر لايتجاوز 500 ألف ريال يمني كما ذكرت "إيلاف" في العدد السابق.

كان هذا أكبر سؤال وضعته في رأسي من أجل أن أفتتح به هذا اللقاء مع القاضي الهتار، كونه على صلة بالقضية باعتباره وزيرا للأوقاف الى وقت قريب، وتحديدا مطلع العام الماضي 2011م، وتقول الرواية التي حدثني بها صاحبي أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح طلب من القاضي الهتار عندما كان وزيرا للأوقاف أن يوقع على بيع جزء من الأرضية نفسها وبسعر 4 مليون للبنة الواحدة، إلا أن الهتار رفض وقال لصالح، وقع أنت وتحملها دنيا وآخرة..

كنت مشدودا لسماع ما هو أكثر مما أوردت "إيلاف" إلا أنه فاجئني بالاعتذار عن الخوض في هذا الموضوع فهو غير معني بالحديث وليس له أية علاقة حالية بها، كون المعني وزير الأوقاف الحالي حمود عباد، قلت في نفسي لقد باعها بثمن بخس دراهم معدودة وكان فيها من الزاهدين..

لم يقل الهتار شيئا حول هذا الموضوع لكننا قلناه من باب براءة الذمة، وحتى لا يجد الرئيس الجديد عبدربه منصور هادي نفسه محاصرا بين أراضي "مُحوشة" لجنود حرس العميد أحمد علي عبدالله صالح..

لن أطيل عليكم، هذا ضيف "إيلاف" لهذا الأسبوع القاضي حمود عبدالحميد الهتار وزير الأوقاف السابق يتحدث حول العديد من القضايا الهامة.. فإلى التفاصيل:

حاوره: أحمد الصباحي

 

* بداية أرحب فيك قاضي حمود ضيفا على ايلاف هذا الأسبوع؟

– حياكم الله، وأهلا وسهلا بكم.

 

* نبدأ من رأس الهرم، رئيس الجمهورية، كيف تقيم فترة الرئيس عبدربه منصور هادي خلال المرحلة السابقة، خصوصا القرارات التي أصدرها حتى الآن؟

– بعد أن حققت ثورة التغيير السلمية الهدف الأول من أهدافها المتمثل بإسقاط رأس النظام السابق، وإقامة الحكومة وتشكيل سلطة الوفاق وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، أصبحنا نشعر بقلق على الثورة وعلى مستقبل اليمن بسبب عدم وجود رؤية واضحة للتغيير وبطء حركته، وإدارته بذات عقلية النظام السابق بل وبطريقة أسوأ مما كانت عليه، في ظل ظروف مختلفة تماما عن الظروف التي كانت قبل قيام الثورة.

الأوضاع والظروف التي بعد الثورة السلمية تختلف تماما عن الأوضاع والظروف التي كانت قبلها، إضافة إلى استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وعدم وجود إرادة سياسية أو جدية من قبل سلطة الوفاق والأطراف الموقعة على المبادرة وآليتها بتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها بالمبادرة وآليتها في مواعيدها المحددة.

إضافة إلى المؤامرات الداخلية والخارجية وعدم قدرة الحكومة على القيام بمهامها المنصوص عليها في الدستور والمبادرة الخليجية وبرنامج الحكومة التي نالت بموجبه الثقة، وحالة فريق التغيير ضعفة مقارنة بفريق مقاومة التغيير والثورة المضادة استعدادا وتخطيطا وتنفيذا وإعلاما واستغلاله لنقاط ضعف سلطة الوفاق وأخطاءها في شن حملة واسعة النطاق على الثورة وعلى سلطة الوفاق، وتدني مستوى الخدمات وعدم ملامسة المشاكل الحقيقية للمواطن؛ إذ أن المواطن معني بأمنه واستقراره ولقمة عيشه وتحسن مستوى دخله.

 

* ماهي أبرز نقطة من نقاط ضعف حكومة الوفاق الوطني؟

– استمرار الوضع الأمني في كل أرجاء الوطن وعدم قدرة سلطة الوفاق على حماية نفسها.. رئيس الجمهورية لم ينتقل إلى دار الرئاسة إلا بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على انتخابه لأسباب أمنية، كما أن حكومة الوفاق نقلت اجتماعاتها من مقر رئاسة الوزراء إلى دار الرئاسة لأسباب أمنية، عدم قدرة الدولة على السيطرة على أرجاء الوطن وبسط نفوذها وتحقيق الأمن والاستقرار ابرز نقاط ضعفها، فما زالت سلطات الدولة محصورة في نطاق ضيق وتكاد تكون لاوجود لها في الواقع إلا في وسائل الإعلام.

 

* ما الذي يعيق الدولة من فرض سيطرتها؟

– عدم وجود إرادة سياسية فقط.. إذا وُجدت الإرادة سوف تتجاوز كل الصعوبات، نحن ندرك أن هناك صعوبات وتحديات تقف أمامها، لكن يمكنها أن تتجاوز تلك الصعوبات والتحديات التي تقف أمامها إذا عملت بجدية، وتعاملت مع الشعب بشفافية وطلبت من الشعب أن يتعاون معها فالشعب لن يقصر أبدا.

 

* طيب ماذا عن قرارات الرئيس هادي؟

– نحن نقول بأن الأوضاع والظروف في اليمن بعد قيام الثورة تختلف عن الأوضاع قبلها، ويجب أن يواكب هذا التطور تطور في المفاهيم لدى سلطة الوفاق، يجب أن يكون لديها قناعة كاملة بشمولية التغيير للأنظمة والقوانين وللأشخاص الذين لاتتوفر فيهم شروط العمل في الحكم الرشيد، وفي ماعدا بعض القرارات التي كانت محققة لأهداف الثورة فإن بقية القرارات كانت لترتيب أوضاع أشخاص أو فئات محددة، أو لتحقيق مقتضيات نقل السلطة من سنحان إلى دثينة، وكأننا لم نعمل شيئا، وأصبحنا اليوم نردد ماقاله الزبيري حينما انحرفت الثورة عن مسارها حيث قال: هذا هو السيف والميدان والفرس.. واليوم من أمسه الرجعي ينبجس.

نريد أن تكون هناك رؤية واضحة للتغيير، وأن تواكب هذه الرؤية التطورات التي شهدها المجتمع.

 

* هل صحيح أن هادي يسعى لتشكيل قوة جديدة من منطقة او جهة معينة، لاسيما وأنت قلت أن الرئيس هادي نقل السلطة من سنحان إلى قريته دثينه؟

– ليس لدينا مانع من أن نعطي السلطة كاملة لإخواننا أبناء المحافظات الجنوبية في مقابل الحفاظ على الوحدة، نحن سلمنا رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس القضاء ونحن على استعداد لإقناع الأخوين الكريمين الشيخين يحيى الراعي وعبدالرحمن محمد علي عثمان للتنازل عن رئاسة مجلسي النواب والشورى وإعطائهما لاخواننا في المحافظات الجنوبية، على أن يكون المعينون من أبناء المحافظات الجنوبية من المتبوعين والمؤثرين على الناس شعبيا، لكن أن تتوالى القرارات في التعيين في إطار منطقة ضيقة ونشاهد استمرار الفعاليات المطالبة بفك الارتباط.

 

* هل تقصد بالمنطقة الضيقة محافظة أبين مسقط رأس الرئيس هادي؟

– الحقيقة.. محافظتا أبين وشبوة حُرمت خلال الفترة الماضية من العمل في مفاصل الدولة، وليس لدينا موانع أن يأخذوا مواقعهم، لكن بالمقابل ينبغي أن تؤخذ المناطق الأخرى ما تستحق من الاهتمام.

 

* المناطق الوسطى كإب وتعز وما جاورها، هل حصلت على نصيبها بعد الثورة؟

– نحن لا ننظر إلى الوظائف بمنظار مناطقي أو طائفي، لكننا ننظر إليها بمنظار المصلحة الوطنية.. إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي إعطاء كل الوظائف القيادية والمفاصل الرئيسية الحكومية لإخواننا في المحافظات الجنوبية نحن على استعداد لذلك؛ فيما عدا الجيش والأمن يجب أن يكون وطنيا، لا يمكن أن نكرر تجربة الفترة الماضية وأن نركز قيادة الجيش والأمن في منطقة معينة، نريد أن تُعاد هيكلة الجيش والأمن وفق أسس وطنية، بعيدا عن الولاءات الشخصية والحزبية والمناطقية ليكونوا حماة للوطن وحراسا أمناء على النظام الديمقراطي.

 

* أنت تقول أنكم على استعداد لتسليم الجنوب الوظائف السيادية في الدولة، هذا رأيك الشخصي، لكن هل يرضى به قادة الشمال الآخرين؟

– أنا متأكد تماما بأن الأخوين الكريمين يحيى الراعي وعبدالرحمن محمد علي عثمان على مستوى عالي من الوطنية، وأنهما على استعداد للتخلي عن مكانهما في المجلسين إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك من أجل الحفاظ على الوحدة.

 

هادي وباسندوة والجنوب

* أبناء الجنوب لا يرون في الرئيس هادي وباسندوة ممثلون شرعيون لهم؟

– هذه مسؤولية الرئيس هادي ورئيس الوزراء والمسؤولون من أبناء المحافظات الجنوبية، عليهم ان ينزلوا إلى القواعد ويقنعوا الناس بسلامة موقعهم وأنهم يمثلون مصالح المحافظات الجنوبية، وأنا أعتقد بأن على سلطات الوفاق أن تتخذ القرارات الجريئة في اتجاه اعادة الثقة بها من أبناء الجنوب، ومن الشعب اليمني برمته.

 

* ماذا تقصد بالقرارات الجريئة التي يمكن أن تتخذها حكومة الوفاق؟

– أول قرار هو: إعادة المبعدين قسرا من الوظيفة العامة خلافا للدستور والقانون.

الثاني: إزالة المظالم التي وقعت على أبناء المحافظات الجنوبية وإعادة الممتلكات التي أُخذت بغير حق سواء كانت عامة أو خاصة أو وضعها تحت الحراسة القضائية حتى يفصل القضاء في حكمها.

القرار الثالث: إعطاء المحافظات صلاحية إدارة شؤونها وفقا لقانون السلطة المحلية.

والقرار الرابع اتخاذ إجراءات جادة لتحقيق المصالحة الوطنية، واتخاذ القرارات الناجحة في إنجاح الحوار، والحوار لا يمكن أن يكون ناجحا مالم تهيئ المناخات لإجرائه، ويشترك فيه اللاعبون الرئيسيون في المحافظات الجنوبية والحوار.

 

* "مقاطعا".. سنأتي للحوار لاحقا.. يقال ان القرارات التي أجراها الرئيس هادي، تعمل على عملية إقصاء ممنهجة ضد طرف معين، هل هذا صحيح؟

– القرارات الفردية هذه طبيعتها، طالما لا توجد آلية مؤسسية لاتخاذها.

 

* "مقاطعا".. هل أفهم منك أن قرارات الرئيس هادي التي أصدرها حتى الآن كانت فردية؟

– حاليا كلها فردية، لا أشعر أنها تحقق الوفاق الوطني حتى وإن أخذت بعض الاعتبارات للأطراف المشاركة في السلطة، أنا مثلا كعضو في الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني لم نناقش في يوم من الأيام أيٍ من تلك القرارات سواءً كانت مدنية أو عسكرية.

 

* المجلس الوطني غير معترف به رسميا ولا شعبيا، وقد انتهى دوره؟

– هذا غير صحيح.. المجلس الوطني طرف في المبادرة الخليجية، ورئيس الوزراء هو رئيس المجلس الوطني، لكن نحن نشعر أن هناك تغييب لدور المجلس وحجم دوره عن ممارسة صلاحياته في مناقشة مثل هذه.

 

* "مقاطعا".. اعذرني، لكن مهمة المجلس الوطني كانت في قيادة الثورة وايصالها إلى بر الأمان، والآن تم انتخاب رئيس جديد وحكومة جديدة، وانتهت مهمة المجلس الوطني؟

– ليس الأمر كذلك، المجلس الوطني هو تحالف سياسي يضم أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم في العمل السياسي.. صحيح أن مهمته كانت في البداية تنسيق جهود مكونات الثورة وتوحيد قرارها، لكن بعد التوقيع على المبادرة والتي حُدد المجلس فيها كطرف والتحالف الوطني الطرف الآخر في المبادرة، فإن عليه مهام ينبغي عليه أن يقوم بها، بما يواكب مشاركته في الحكم وتحقيق أهداف الثورة.

 

* أنت تقول أنكم في المجلس الوطني اُقصيتم من الحكم.. من الطرف الذي لم يُقص.؟!

– لم أقل ذلك، لكن هذه القرارات لم تناقش في إطار قيادة المجلس الوطني ممثلة بالهيئة التنفيذية للمجلس، فيما عدا قرار ترشيح رئيس الوزراء والوزراء فقط.

 

* المجلس الوطني هو اللقاء المشترك، مالفرق؟

– أنا عضو في الهيئة التنفيذية، لكني لست عضوا في اللقاء المشترك ولم أنتمي إلى الأحزاب ومازلت مستقلا.. والهيئة التنفيذية للمجلس الوطني فيها قيادة اللقاء المشترك وفيها آخرين مستقلين.

 

* هل أفهم أنك شخصيا أقصيت من الحكم، ولم تحصل على موقع وزاري بعد الثورة؟

– ليس الأمر كذلك، أنا أتحدث عن صلاحيات الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني كشريك في الحكم، أتحدث عن شرعية التوافق، لأن المبادرة الخليجية اعتبرت اتفاق الأطراف الموقعين على المبادرة والآلية هو توافق على تشكيل حكومة الوفاق خطوة أولى لتحقيق الوفاق الوطني، واعتبرت شرعية التوافق في اتخاذ القرارات بديلا عن الأغلبية، وبالتالي فإن جميع القرارات التي تصدر من السلطة يجب أن تكون مبنية على التوافق في الفترة الانتقالية.

 

* ماذا يعني التوافق، هل هو التقاسم والمحاصصة في الوظائف الذي يحدث حاليا، أم ماذا؟

– التوافق لا يعني التقاسم والمحاصصة، ولكن اختيار أفضل البدائل وفقا للنصوص الدستورية ونصوص المبادرة الخليجية والقوانين النافذة مع مراعاة تحقيق المصالح الوطنية العليا، فالمبادرة الخليجية نصت على التوافق وجعلت المرجعية في حالة الخلاف في أي من القضايا في إطار مجلسي النواب أو الوزراء، جعلت رئيس الجمهورية هو المرجع الأعلى للتوافق، وهذا لايعني أنه فوق الدستور والقانون وفوق المصالح الوطنية العليا، فتصرفاته وقراراته يجب أن تكون مبنية على نصوص الدستور والقانون والمبادرة ومحققة للمصالح الوطنية العليا.

 

* برأيك من الذي يساعد الرئيس هادي في اتخاذ القرارات التي اتخذها خلال الفترة الماضية؟

– هذا السؤال يوجه إلى الرئيس هادي.

 

* من وجهة نظرك ومن خلال اطلاعك على القرارات وتوجهاتها، هل هناك طرف مؤثر له دور في اتخاذ الرئيس قرارات معينه؟

– يبدو لي بأنه لم يكن موفقا في اختيار آليته لاتخاذ القرارات أو لمساعدته على دراسة مشاريع القرارات قبل إصدارها.

 

علي عبدالله صالح

* قبل أيام نشرت مواقع إلكترونية أنك التقيت بالرئيس السابق علي صالح وأنت نفيت ذلك، هل دعاك صالح لزيارته، أو فكرت في زيارته؟

– كما قلت في البيان الذي صدر عن مكتبي أني لم التق بالرئيس السابق علي عبدالله صالح منذ عام وستة أشهر، وكان آخر لقاء جمعني به في مدينة الثورة في العاشر من مارس عام 2011م، ولكن ليس هناك ما يمنع من الناحية الدستورية أو القانونية من زيارته في إطار المصالحة الوطنية، وتحقق أهداف اللقاء.

 

* هل تفكر حاليا في زيارته في الأيام القادمة؟

– كما قلت في إطار مصالحة وطنية شاملة، يمكن أن أزوره.

 

* لماذا لا تزوره وتنصحه بالحسنى لعله يتحول إلى الأفضل مما هو عليه اليوم من السعي وراء تخريب البلد كما تتهمه بذلك أحزاب اللقاء المشترك؟

– نحن نشعر خلال الفترة الماضية أن هناك اتهامات متبادلة بإعاقة سير تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها، لكنها مجرد دعاوى تفتقر إلى الدليل، ولم تقم سلطة الوفاق باتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة من يعيق سير تنفيذ المبادرة.. هناك أخبار عن تمرد مثلا في هذا المعسكر أو ذاك، ما هي الإجراءات التي اتخذتها سلطة الوفاق؟، قائد القوات الجوية تُرك في مكتبه حتى وصل جمال بن عمر.

 

* الرئيس هادي لم يكن يملك القوة بسبب الضغوط التي واجهها؟

– لم تتخذ أي إجراءات جدية أو قانونية لمواجهة التمرد.. مشكلة اللواء الثالث، استمر اللواء الثالث حتى انتفض أفراده بأنفسهم، رغم أن هذا اللواء أو أغلبه يقع في دار الرئاسة.

 

* هذا يعني أن الرئيس هادي لم يكن يملك القوة لاتخاذ القرار، أليس كذلك؟

– حينما توجد الإرادة.

 

* هل هي إرادة فقط.

– حينما وجدت الإرادة للتحقيق، أحيلت قضيتي الاعتداء على وزارتي الدفاع والداخلية إلى القضاء المستعجل، المفترض أن تكون هناك إجراءات قانونية ضد هذا الفريق أو ذاك، ويجب أن تقف سلطة الوفاق على مسافة واحدة من الجميع، وتبين للناس بناءً على أدلة واضحة بأن هذا الفريق أو ذاك يعيق عملية التغيير والتمرد.

 

* سلطة الوفاق الوطني فيها محاصصة واضحة وانشقاق واضح، وكل فصيل يعمل في معزل عن الاخر، كيف يمكن أن نحقق الوفاق؟

– هذه مشكلة، بالنسبة لموضوع تمرد صالح، الرئيس هادي في زيارته الأخيرة لدول الغرب، سُئل هذا السؤال فلم يذكر أنه معيق أو أنه متمرد، لن نكون ملكيين أكثر من الملك.

 

* هل يخشى الرئيس هادي من الرئيس صالح؟

– هذا السؤال يوجّه إليه، لكن أنا أعتقد أن ضعف سلطة الوفاق وعدم ممارسة صلاحياتها الدستورية والقانونية يُطمع الآخرين في إعاقة سيرها والنيل منها.

 

* ماذا عن الرئيس هادي، كيف علاقتك به؟

– هو أخ عزيز، ورئيس دولة له حق السمع والطاعة، ولنا حق النصح والنقد والمعارضة.

 

* هناك كلام لك بالفيسبوك قلت فيه ان الرئيس السابق والرئيس الحالي لا يستمعان لمشورة غيرهما مع فارق أن صالح كان أكثر رحابة صدر؟ هل يعني أن هادي يضيق من الرأي الآخر؟

– ذكرت بأن حداثة تجربة عبد ربه وحداثة عهده برئاسة الدولة، وكثرة المشاكل والتحديات أمامه ربما جعلته أقل تحملا من علي عبدالله صالح، بل حالت بينه وبين قبول المشورة والرأي من الآخرين.

 

* قلت أيضا أن علي عبد الله صالح كان رجل حوار؟

– ذكرت ذلك، وقلت أنه يمتاز برحابة الصدر وسعة الأفق، وقوة التحمل إلى عام 2006، بعد الانتخابات الرئاسية في 2006م ربما تغير الوضع ولم يعد بمثل ما كان عليه من قبل، وعزوت ذلك إلى شدة المنافسة وحدتها في الانتخابات الرئاسية التي ربما أوغلت صدره وجعلته يتصرف معهم تصرفا قاسيا.

 

* وصف الرئيس هادي بأنه لا يقبل بالرأي، هل يعني أننا صنعنا دكتاتورا جديدا بعد الثورة؟

– لن نسمح بإعادة الاستبداد وإعادة الدكتاتورية، وقد عرف الشعب طريقه، وعلى الرئيس هادي أن يختار الموقع المناسب له، إما أن ينحاز إلى خيار الثورة والتغيير ويصبح ممثلا لها ومحققا لأهدافها، أو يصبح جزء من الماضي وسيخرج الناس للمطالبة بإسقاطه.

 

الرياض وطهران

* اليمن أصبحت محلا لتجاذبات سياسية معينة، فريق سياسي مع الرياض، واخر مع طهران، كيف تنظر الى هذا الوضع؟

– الواقع بأن الصراعات الإقليمية والدولية تزداد يوما بعد يوم على الساحة اليمنية، وتشتد خطورتها حينما ندرك ضعف سلطة الوفاق واستمرار الوصاية الدولية على اليمن، وأنا أشعر بقلق شديد من هذه التدخلات، لأن هناك مخططا دوليا واقليميا يهدف إلى جر الحوثيين والإصلاحيين والسلفيين إلى مواجهة مسلحة بقصد القضاء عليهم جميعا.

 

* ممن تحديدا، أرجو التوضيح؟

– لو تابعت المواقف الإقليمية والدولية وما تنشره وسائل الإعلام، ستدرك هذا المخطط.

 

* ما سبب الهجوم الشديد والمباشر على إيران من قبل الرئيس هادي في الفترة الأخيرة؟

– ربما شعر بخطورة الموقف وأراد أن يستدعي العامل الخارجي لالتفاف الشعب حوله، وتحقيق ما يهدف إليه من أمن واستقرار وجلب الدعم الخارجي.

 

* هل هناك تنافس قائم بين الدولتين جعل اليمن ساحة صراع اقليمي لهما؟

– لا يستطيع أحد أن يُنكر التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران على قيادة العالم الإسلامي، وتعمل كلٌ من هاتين الدولتين على تحقيق ما تطمح إليه، وبالتأكيد هناك مؤشرات داخلية في اليمن تدل على هذا، وإن كان الأخوة في جمهورية إيران قد تمكنوا من مواكبة التطورات التي تشهدها الساحة العربية والعالمية لتحقيق طموحاتهم ومازالت المملكة تتعامل بأساليبها التقليدية.

 

* هناك من يقول أنه يتم حاليا مهاجمة إيران، والجميع يعرف الدعم الإيراني للحوثي، بينما الحوثي يتاح له المجال في التوسع في كل المحافظات، وما شعار الحوثي الذي ملأ العاصمة والمحافظات الأخرى، إلا أكبر دليل؟

– ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا… ويأتيك بالأخبار من لم تزود، نحن ندعو اليمنيين عموما إلى أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية الوطنية وأن لايكونوا وكلاء لأحد في هذا الصراع وأن يعملوا على تحقيق التعايش.. لن يكون هنالك تعايش في اليمن أو غيرها من الدول الإسلامية أو غير الإسلامية ما لم يلتزم أبناء البلد بأسس خمسة.

 

* ماهي؟

– أولا: إقامة الحقوق على أساس المواطنة المتساوية..

وثانيا: الالتزام بالدستور والقوانين النافذة في الحكم وفي معاملات الناس.

ثالثا: احترام خصوصية أتباع كل مذهب من المذاهب الإسلامية المعتبرة.

رابعا: نبذ العنف وعدم استخدام القوة لفرض الآراء.

خامسا: عدم تكفير أحد، ونحن ندعو إلى الالتزام بهذه الأسس.

 

* هل هناك أطراف ملتزمة بهذه الأسس حاليا أم لا؟

– حاليا لا، ولذلك أنا أدعو الجميع إلى الالتزام بها، وادعو الحوثيين والإصلاحيين والسلفيين إلى الالتزام بتقوى الله وأن لا يشنوا حربا بالوكالة عن أحد.. كلهم مسلمون، وأمريكا وإسرائيل ليست في اليمن، وإيران ليست في اليمن.

 

الحوثي والقاعدة

* يقول بعض السياسيين ان الحوثي حصل على مقاعد وزارية عن طريق بعض الوسطاء كحزب الحق واتحاد القوى الشعبية، ويريد أن يحصل على مقاعد أخرى خاصة به كحركة حوثية، وفي نفس الوقت يحاول أن يسيطر عسكريا، ماذا ترى في ذلك؟

– نحن مع مشاركة الجميع وعدم إقصاء أي فئة أو جماعة ونحن ضد العنف من أي فريق كان وادعو الحوثيين إلى تشكيل حزب سياسي يعمل من خلاله بوسائل ديمقراطية.

 

* الحوثيون يتوسعون ويستفزون الدولة بشكل واضح، ماهي الطريقة المثلى للتعامل معهم؟

– الفكر لا يواجه إلا بالفكر، الحركة الحوثية حركة فكرية ثقافية والفكر لا يواجه إلا بالفكر. نحن لسنا مع استخدام الحوثيين للعنف ونرفض استخدام الدولة للعنف ضدهم.

 

* بالأمس أعلنت واشنطن اضافة "انصار الشريعة" إلى قائمة الإرهاب، بينما الحوثي الذي ساهم في اقتحام السفارة الأمريكية ويعاديها ليلا ونهارا تغض الطرف عنه؟ لماذا برأيك تعامل امريكا الحوثي بهذه الطريقة الناعمة؟

– سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تقوم على تقديم المصالح على المبادئ، وكنا نتمنى أن تتغير السياسة الخارجية في عهد الرئيس أوباما، وأن تقدم المبادئ على مصالح الولايات المتحدة.. هناك خفايا ربما لانطلع عليها نحن، لكن أعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية لازالت لا تعتبر الحوثيين عدوا لها وممن يهدد مصالحها في اليمن.

 

* والقاعدة.. هناك من يعترض على ملاحقتهم واستهدافهم بالطائرات؟

– القوة وحدها غير كافية للقضاء على الإرهاب.. مشكلة القاعدة مشكلة فكرية، والفكر لا يواجه إلا بالفكر والسلام يخلق سلام والعنف يخلق العنف.

 

* هل ستستجيب القاعدة للحوار؟ وأنت صاحب تجربة في الحوار معهم؟

– كانت هناك مؤشرات في مطلع شهر يناير على قبول أنصار الشريعة للحوار، لكن السلطة حينها لم تكن مستعدة للحوار، أعتقد أن الفريقين قد توصلا إلى أهمية الحوار ولكن ينبغي أن يكون حوارا فكريا في الدرجة الأولى، أما إن كان تفاوضا سياسيا فهي الكارثة.. لأن المتطرفين من أتباع الديانات السماوية يمتازون بقوة "الإيمان" ويؤخذ عليهم الخطأ في بعض المفاهيم وإذا ما اتبعت أسلوب الحوار الناجح معهم واستطعت أن تقنعهم من خلال النصوص المعتمدة لديهم، فالأشخاص المتأثرين بأفكار القاعدة إذا قلت له "قال الله، قال رسوله" يتفهم، قد يناقشك في مفهوم أو مدلول الآية أو مفهوم ومدلول الحديث أو يناقشك في سند الحديث، لكنه لا يرفض لفظا من كتاب الله ولابد مع ذلك ان يؤخذ منهم العهد لأنهم إن عاهدوا لا يفجرون، أما إن كان تفاوضا سياسيا سيكتفون بالمكاسب وربما يعودون إلى ما كانوا عليه.

 

* كنت رئيسا للجنة الحوار في عهد الرئيس السابق، هل كان الحوار فكريا أم سياسيا؟

– كان حوارا فكريا بكل ما تعنيه الكلمة، ومن جرى معهم الحوار واقتنعوا بنتائجه وجرى الإفراج عنهم بموجب تلك النتائج لم يعد أي منهم إلى ما كان عليه من قبل، وكان هناك حوارات جانبية أجريت مع غيرهم ممن لم يشملهم الحوار الفكري وهو نوع من التفاوض ولذلك عاد بعضهم.

 

* بعيداً على انشقاقكم عن نظام صالح، هل فعلاً لعب دوراً في دعم ورعاية هذه الجماعات؟

– نحن ندعو إلى طي صفحة الماضي، ونسعى لبداية مرحلة جديدة، وإذا كانت هناك أدلة تثبت تورط أي من الأطراف في دعم تنظيم القاعدة فيجب أن تتخذ الإجراءات القانونية في مواجهتها.

 

* عمليات مكافحة الإرهاب هل تغيرت في تعاملها ما بين النظام السابق والنظام الحالي؟

– هناك عوامل عديدة في الفترة الراهنة تجعل مكافحة الإرهاب أكثر جدية من الفترة الماضية، ولعلك تابعت الاهتمام الدولي باليمن.

 

* مؤخرا كثرت حوادث اغتيالات رجال الأمن خصوصا من الأمن السياسي الذين بلغ عددهم حتى الآن أكثر من 65 ضابطا وعسكريا، هل هناك خطة لاستهداف الأمن السياسي؟

– هذا أمر مؤسف، لكن لماذا لا تسأل: ما موقف سلطة الوفاق من هذا، وما هي تحقيقات سلطة الوفاق في هذه الحوادث؟! لأنها المسئولة عن هذا.

اللقاء المشترك

* بخصوص بقاء المشترك أو انفراطه، اليدومي قال إن المشترك يجب أن يبقى لست أو عشر سنوات قادمة، والمتوكل قال أنه سينفرط عقده قريبا، مارأيك أنت كونك قريبا منهم؟

– مبررات استمرار اللقاء المشترك أكثر من عوامل حله، ومن محاسن المبادرة الخليجية وآليتها أنها جمعت الأطراف المتصارعة على السلطة في كيان واحد هو حكومة الوفاق "المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه"، ومن مساوئها أنها أخلت الساحة من معارضة قوية ونحن بحاجة إلى إيجاد قطب ثالث ليكون معارضا قويا لشحذ همم القائمين على السلطة للقيام بواجباتهم ومساعدتهم إن احسنوا وتقويمهم أن اعوجُّوا.. ولذلك فإني أدعو إلى تشكيل معارضة قوية.

 

* هل نستطيع ان نقول ان الحوثي هو الذي يقوم بدور المعارضة حاليا؟

– الحوثي لا يمثل دور المعارضة، الحوثي عنده أجندة خاصة فقط.. المعارضة الحقه هي من تعين السلطة إن استقامت وتقومها إن أعوجت.. المعارضة مؤشر هام على قوة السلطة وضعفها مؤشر على ضعف السلطة.

 

* برأيك هل كان هناك طريقة أخرى للتغيير غير الثورة التي أحدثت هذا الجو السياسي الملبد بالغيوم والوسط الأمني المزعج؟ ومن تحمل مسؤولية ما وصلنا إليه؟

– لم تكن هناك وسيلة لإحداث التغيير المنشود غير الثورة السلمية، لأن الناس وصلوا إلى قناعة بعدم إمكانية التغيير عبر صناديق الاقتراع بسبب استغلال المال العام والوظيفة العامة في الانتخابات، وساعد على تكوين هذه القناعة تمديد فترة مجلس النواب، ثم تمديد فترة المجالس المحلية ثم الاتجاه نحو تمديد فترة الرئاسة، حتى وصل الناس إلى قناعة باستحالة التغيير، والتغيير الآن بعد توقيع المبادرة الخليجية أصبح موضوع اتفاق بين الأطراف الموقعة عليه، المؤتمر وحلفاؤه والمشترك وشركاؤه، وهم شركاء في التغيير الآن.. لا يستطيع أحد أن يدعي الفضل له، فالتغيير وفقا لما جاء في المبادرة والآلية هو من صنع الفريقين.

 

* برأيكم ماذا تحقق لليمن بعد الثورة الشبابية الشعبية السلمية؟

– لا شك بأن اهم ما تحقق هو القضاء على مشروع التمديد والتوريث للحكم، وتغيير السلطة التنفيذية.. ونتمنى أن يعمل الجميع على ترسيخ النهج الديمقراطي وأن يعملوا من أجل تنفيذ ما ورد في المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، فقد جاءت المبادرة محققة لأهداف الثورة وملبية لتحقيق طموحات اليمنيين للتغيير نحو الأفضل، وحافظة للوحدة والأمن والاستقرار ومانعة لليمن من الانزلاق في الفوضى والعنف.

 

* وهل استفاد المواطن اليمني البسيط من هذه الثورة؟

– الحقيقة بأن المواطن لمس تغييرا في بعض القضايا الرئيسية.

 

* ما هي هذه القضايا؟

– تحسن القوة الشرائية بسبب المساعدات النفطية التي حصلت عليها اليمن، وما وفرته على اليمن من استهلاك للعملة الصعبة وما ترتب عليها أيضا من رفد الخزينة العامة بالعملة، الأمر الثاني توفير المشتقات النفطية بعد رفع أسعارها، والتحسن الذي طرأ على خدمة الكهرباء مقارنة بما كان عليه الحال في العام 2011م، وكذلك رفع النقاط المسلحة في العاصمة.

عن: صحيفة ايلاف

زر الذهاب إلى الأعلى