حوارات

قائد الشرطة العسكرية اليمنية: تعدد الجهات الأمنية في صنعاء يربك محاربة الإرهاب

يمنات – متابعات

قبل يومين فقط، ألقيت قنبلة على منزل العميد الركن مجلي أحمد مجيديع، قائد الشرطة العسكرية اليمنية، وجرى تبادل إطلاق نار مع مسلحين وقتل مواطن في الحادثة، واليوم يتحدث مجيديع لـ«الشرق الأوسط» عن الحادثة والتطورات الأمنية في العاصمة صنعاء التي كانت قواته هي من تقوم بحفظ الأمن فيها بعد التوصل لاتفاق التسوية السياسية في ضوء المبادرة الخليجية، حيث أبعدت القوات الأخرى في الجيش والأمن التي كانت تتصارع وتتقاتل فيما بينها بعد انشقاق عدد من القوات، ومؤخرا استبدلت قوات الأمن المركزي بقوات الشرطة العسكرية لحفظ الأمن في العاصمة.

ويتحدث العميد مجيديع لـ«الشرق الأوسط» في صنعاء بشكل صريح عن تعدد الأجهزة الأمنية والخلل المتعلق في محاربة الإرهاب، وعن التنسيق والتعاون الأمني بين اليمن والمملكة العربية السعودية، ويشيد بيقظة الأجهزة الأمنية السعودية في هذا المجال، فإلى نص الحوار:

حاوره: عرفات مدابش

* فيما يتعلق بحادث تفجير القنبلة أمام منزلكم قبل يومين، هل يأتي ذلك في إطار استهداف القيادات العسكرية والأمنية اليمنية من قبل بعض الجهات، أم أنه حادث عرضي؟

– لا أعتقد أن رمي قنبلة على منزل، كما حدث، يعتبر حادثا عرضيا.. هو عمل إجرامي وراءه أهداف معنية، ونحن لم نكتشف بعد من يقف وراءه ولا يزال التحقيق جاريا بشأن الحادث.

* كيف تنظرون، كقائد عسكري بارز، إلى الأوضاع الأمنية في العاصمة صنعاء، خاصة بعد سحب صلاحيات حفظ الأمن من العاصمة من الشرطة العسكرية التي تقودونها وإيكالها إلى جهات أخرى؟

– في الواقع الأمن مسؤولية الجميع؛ المواطن والأجهزة الأمنية، سواء الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية، وأستطيع أن أؤكد لك أن الوضع متحسن، لكن هناك جرائم تحدث وتحتاج إلى نشاط وتفاعل من الإخوة في أجهزة الأمن، خصوصا أقسام الشرطة، وهم يعرفون الكثير من القضايا، ولا يعني أن البلاد مرت بظرف معين ونظل مترددين في ضبط المجرمين إذا أردنا أن نحافظ على الأمن، هذه وجهة نظري.

* فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.. وأنتم في الشرطة العسكرية كنتم تمسكون بالجانب الأمني في صنعاء كطرف محايد بين الأطراف المتصارعة، فكيف تقيمون هذا العمل في ظل تزايد نشاط تنظيم القاعدة؟

– بالنسبة للعاصمة صنعاء من المهم جدا أن تحصن أمنيا؛ لأن «القاعدة» تستهدفها من أجل الضجة الإعلامية؛ لأن بها السفارات ووزارات الدولة والمراكز الإعلامية، وتظل الأنظار متجهة إلى العاصمة، وهناك إجراءات أمنية متخذة ونحن لا نقلل من عمل الأجهزة وما يقوم به الإخوة في الأمن القومي والأمن السياسي في مواجهة تنظيم القاعدة. والحقيقة أنه يجب أن يكون هناك تعاون مشترك من الجميع، وأيضا دون تعاون المواطنين من الصعب علينا باعتبارنا أجهزة أمنية أن نقوم بعملنا، والحس الأمني يجب أن يكون لدى المواطنين والأجهزة الأمنية، وتأثيرات هؤلاء الأشخاص (الإرهابيين) هي على الناس جميعا، وهم لا يهمهم كم يموت من الناس: 100 أو 200 أو أكثر، وأنتم ترون الضحايا أمامكم كيف يسقطون، ويجب أن يكون المدني والعسكري في حالة يقظة أمنية والتبليغ عن كل شيء وعدم إهمال أي معلومة تصل إلى الأجهزة الأمنية، إضافة إلى التعاون بين الأجهزة الأمنية بعضها وبعضوالتعاون بينها وبين المواطنين والإخوة في الجهات الأمنية، وأنا شخصيا لدي قناعة بأن هناك بعض الأشخاص يريدون أن يموتوا(انتحاريين).. شخص يريد أن يموت ويكون مفخخا نفسه ومن الصعب أن تمنعه، لكننا نسعى إلى الحد من ذلك، وبالأخص في الأماكن الحساسة التي يجب أن تعزز فيها إجراءات الأمن وإجراءات التفتيش والتحصينات، ويجب على الجميع؛ مواطنين ومسؤولين وعسكريين، أن لا يتضايقوا من الإجراءات الأمنية لأنها في الأخير تحافظ على سلامة الجميع، والأجانب لا يتضايقون من هذه الإجراءات، وهذا ما أنصح به.

* البعض يعتقد أن هناك مشكلة في الجانب الأمني في صنعاء بسببتعدد الجهات الأمنية وانتشار نقاط تتبع الحرس الجمهوري والنجدة والأمن المركزي والشرطة العسكرية والأمن العام وغيرها.. هل هذا التعدد يحدث نوعا من الإرباك بين الجهات؟

– نحن جزء من العالم والعالم أصبح اليوم قرية واحدة، ونحن زرنا الكثير من الدول ونعرف أن هناك دائما «بوليسا» واحدا يقوم بكل شيء، بإيقاف المشبوهين والمخالفين لنظام المرور وغير ذلك، ولديهم أيضا «بوليس» سري، ولكن لديهم أمن حقيقي ولا أحد يشعر بالأمن السري، لكن لدينا كثر «البوليس» السري وكثر «البوليس» المكشوف،ولا أعتقد أن هذه إجراءات صحيحة، ولا يعني أن نلغي ذلك بالشكل الذي يتصوره البعض؛ لأن لدينا أمنا مركزيا وشرطة عسكرية ونجدة

وشرطة مرور وأمنا عاما، فما الداعي لذلك كله؟ لماذا لا يصبح الجميع أمنا مركزيا أو أمنا عاما مع أقسام فرعية وتخصصات؟ ويجب الإنصاف.. إن أفضل قوة أمنية في اليمن هي الأمن المركزي؛ فهي قوة كبيرة ومدربة، وتعدد الجهات تؤدي إلى ازدواجية المهام، وإلى تكاليف مالية إضافية على خزينة الدولة من أجل تغطية احتياجاتالمناصب والقيادات، ولكن هذا التعدد يؤدي إلى خدمة اليمن، وصحيح أن كل جهة تؤدي واجبها بحسب الاجتهاد، لكن هل التعدد يخدم اليمن؟

لا أعتقد.

* هل تعتقدون أن تعدد الأجهزة الأمنية ربما يؤثر على نقل ووصل المعلومات بشأن مكافحة الإرهاب؟

– مسألة مكافحة الإرهاب أكثر جهة تتعامل معها الأمن السياسي والأمن القومي (المخابرات)، وبالأخص الأمن السياسي لأن لهم باعا طويلا مع «القاعدة»، ويعرفون كيف يتعاملون معهم؛ ولذلك يستهدفون من قبل «القاعدة» بشكل كبير، ونحن (الشرطة العسكرية أو الأمن المركزي) وغيرنا جاهزون على الدوام لتنفيذ مهامنا.

* أشرت إلى استهداف ضباط المخابرات، وهناك إحصائية عن مقتل أكثر من 60 ضابطا في الأمن السياسي خلال عام 2012، كيف تنظرون إلى ذلك باعتباركم قائدا عسكريا؟

– هؤلاء الإرهابيون الذين يستخدمون هؤلاء الضباط يسعون إلى زرع الخوف في قلوب ضباط الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وهم يستهدفون هؤلاء الضباط لأنهم أكثر الناس الذين يتابعونهم، وفي الحقيقة نحن بحاجة إلى القيام بأمن وقائي وعمليات استباقية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والإرهابي غير مكشوف، لكن الضابط مكشوف بملابسه وبتحركاته من منزله إلى مقر عمله وتنفيذ مهامه ومقتل أكثر من 60 ضابطا في هذا العام يعد خسارة كبيرة، والأجهزة الأمنية تستطيع أن تحد من تلك الأعمال، ولكن لا تستطيع أن تمنعها بشكل تام، وفي الأخير إما أن يهزم الإرهابيون أو تهزم الأجهزة الأمنية.

* هل تعتقدون أن ظروف الأزمة التي مرت بها اليمن خلال العامين الماضيين أثرت على قدرة الحكومة على تأمين المناطق الحدودية خاصة أن عناصر «القاعدة» يستخدمونها للتنقل بين اليمن ودول الجوار؟

– طبعا عناصر «القاعدة» يستفيدون من مناخ الحدود، وبالأخص مع الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية، وتحديدا استغلال تنقل المتسللين أو المجهولين، وصحيح أنه لدينا نوعا من القصور؛ لأن الدولة لم تصبح مسيطرة على كثير من المناطق، وبالأخص في مناطق محافظة صعدة، والإخوة في السعودية هم الدولة المحادة بشكل كبيرلليمن، وهم الأكثر تضررا من هذه الأنشطة إلى جانب اليمن من قبل هذه العناصر، ولكن الإخوة السعوديين وضعهم أفضل في مجال محاربة

الإرهاب، ومستديم، وهم يقظون وازدادت لديهم اليقظة الأمنية في الآونة الأخيرة، والتعاون الأمني بين اليمن والسعودية كبيرومتطور، ويحد من هذه التحركات والتصرفات الإرهابية، وأعتقد أنه أفضل من أي وقت مضى في السابق.

الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى