قضية اسمها اليمن

“العرافون” ينعشون سوق شركات الأمن في اليمن

 

يمنات – متابعات

لجأ عرافون يمنيون إلى تخصيص أفراد حماية أمنية مكلفة بحراسة منازلهم التي يمارسون فيها أعمالهم، وذلك بعد سلسلة عمليات قتل تعرض لها مشعوذون ودجالون على أيدي مسلحين مجهولين.

ورصدت مصادر محلية في عدد من المدن اليمنية قيام عرافين بالتعاقد مع شركات تقدم خدمات الأمن والحماية أو بتسليح أقارب لهم تكون مهمتهم الحماية لأرواح هؤلاء المشعوذين والدجالين الذين يتلقون تهديدات، في وقت تصاعدت فيه عمليات القتل التي كان ضحيتها عرافون في عدد من المدن اليمنية.
وبحسب المصادر فإن أكبر طاقم حماية أمنية يوجد حول منزل محمد العوبلي الذي يعد أشهر العرافين اليمنيين، وسبق أن تلقى تهديدات بالتصفية من قبل مسلحي أنصار الشريعة في محافظة البيضاء.

وفي حديث لـ"العربية.نت" صرح المواطن (محمد. س)، وهو من المترددين على العوبلي، مؤكداً أن هناك أفراد حماية أمنية ومدنيين قبليين مسلحين يحيطون بمنزل العوبلي ويفتشون كل زائر خشية تسرب مسلح مجهول او متطرف يستهدف حياة العوبلي.
وبالتزامن مع ذلك شهدت محافظة شبوة (شرق اليمن) مسيرة احتجاجية شارك فيها المئات وذلك للمطالبة بتنفيذ "شرع الله" في ساحر تم اعتقاله مؤخراً، في المقابل تتردد معلومات بمساعٍ يبذلها مسؤولون لإطلاق سراحه.
ودعا المحتجون الجهات المعنية للتسريع بمحاكمة الساحر، وقالوا في بيان صادر عنهم: "نؤكد لكم أن هذه القضية قضية رأي عام لأبناء شبوة والساكنين فيها، وإذا لم تقوموا بواجبكم تجاه هذه القضية فنحملكم المسؤولية الكاملة لما سيترتب عليها من تبعات، ونعلمكم أن هذه وقفة احتجاجية ولها ما يتبعها من التصعيد".

سلسلة اغتيالات

يُشار إلى أن عدداً من المدن اليمنية شهد خلال الآونة الأخيرة عمليات قتل كان ضحيتها مشعوذون وعرافون، بعضها على يد مسلحين مجهولين والبعض الآخر تبنتها تنظيمات متطرفة.
وفي يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لقي مشعوذ يمني في السبعين من عمره مصرعه على يد ملثمين مجهولين، أطلقوا عليه النار من أسلحة رشاشة ولاذوا بالفرار.
وقالت مصادر أمنية في محافظة عدن (جنوب البلاد) إن المسنّ الذي يمارس السحر والشعوذة ويدعى "صدقة جراد موجر" كان قد نجا من موت محقق قبل أربعة أشهر من قبل مسلحين يعتقد أنهم متشددين، ما أدى لإصابته بجروح نقل على إثرها إلى المستشفى.

وكان مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهد مصرع عرّافة في الستين من عمرها وذلك على يد مسلحين مجهولين كانا يستقلان دراجة نارية ولاذا بالفرار بعد أن أطلقا عليها الرصاص وهي جالسة في دارة منزلها الكائن في منطقة البريقة بمدينة عدن (جنوب اليمن).
وفي أبريل/نيسان الماضي كانت مدينة رداع مسرحاً لجريمة مروّعة نفذها عناصر من أنصار الشريعة، حين قاموا بذبح مشعوذة شابة تدعى "شريفة عامر"، ولم يكتف أنصار الشريعة بذلك بل قاموا بتعليق رأسها على بوابة منزل أشهر العرافين اليمنيين محمد العوبلي، في مشهد رأى فيه مراقبون أنها رسالة للعوبلي مفادها أنه سيلاقي نفس المصير.
وفي وقت لاحق قام مسلحو القاعدة بقصف منزل العوبلي الذي كان قد لاذ بالفرار إلى جهة مجهولة خارج المدينة، قبل أن يعود لمزاولة مهنته مستعيناً بطاقم حماية أمنية ومسلحين مدنيين.

أسباب دينية

وفي تعليق لـ"العربية نت" قال الباحث سعيد عبدالواسع إن تركيز القاعدة وأنصار الشريعة على استهداف أو تصفية أو اغتيال مشعوذين وعرّافين يعود إلى اعتقاد منهم أو ربما معلومات وصلتهم بخصوص أن الأجهزة الأمنية قد تكون على تواصل مع هؤلاء العرافين، والاستفادة من ما قد يكون لديهم من قراءات فلكية، أو ما يتمخض عن سحر وشعوذة وتنجيم، استناداً إلى أن المشعوذين قد يصدقون في بعض الأحيان.
أما الإعلامي والمحلل السياسي عبدالله دوبلة فيختلف مع من يظن أن قتل المشعوذين على أيدي عناصر متطرفة يعود إلى اعتقاد بأنهم يكشفون للأجهزة الأمنية معلومات بخصوص تلك الجماعات.
ويضيف في تصريح له لـ"العربية.نت": "من وجهة نظري أن الأمر يعود إلى أن عناصر هذا النوع من التدين المتشدد يهتمون بمسائل كالسحر والشعوذة باعتبارها قضايا هامة ومسائل جوهرية يعملون على إنهائها، أي أن المسألة مسألة تطبيق حدود".

النساء الأكثر إقبالاً

وخلال سنوات طويلة سرت في الشارع اليمني شائعات لا يمكن الجزم بتأكيدها أو نفيها، وتشير إلى أن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح كان مهتماً بالعرافين، وأبرزهم المشعوذ الشهير محمد العوبلي، لكشف معلومات لا يطالها رجال المخابرات وتتعلق بما يمكن أن يحدث من حوادث تتعلق بتهديد أمن السلطة والرئيس.
وكانت دراسة يمنية حديثة كشفت أن عدد النساء اليمنيات اللاتي يذهبن إلى المشعوذين والدجالين سنوياً وصلن إلى حوالي 56 ألف امرأة تقريباً، وينفقن حوالي 140 مليون ريال يمني نحو (700 ألف دولار أمريكي) على وصفات وعلاج وتمائم من المشعوذين.
وقالت الدراسة التي نشرها ملتقى المرأة للدراسات والتدريب إن النساء هن الأكثر إقبالاً على المشعوذين، وإن 39% من اليمنيات اللاتي تزوجن في سن مبكرة ويعانين آثاراً نفسية معظمهن يلجأن إلى الدجالين.

العربية نت – عبدالعزيز الهياجم

زر الذهاب إلى الأعلى