حوارات

القعطبي : مواقف القوى التقليدية في الشمال من القضية الجنوبية «مبهمة»

 

يمنات – متابعات

يتناول هذا الحوار مع السياسي اليمني المخضرم أحمد القعطبي، رئيس التجمع المدني الديمقراطي الجنوبي (مجد)، توجهات ومواقف التيار الذي يترأسه من مختلف القضايا على الساحة في جنوب اليمن، والخيارات المطروحة أمامهم، إضافة إلى القضايا الشائكة في «الحراك الجنوبي» وتباين مواقف فصائله ومكوناته وانقسامها بين مطالب بالفيدرالية ومناد بالانفصال. ويؤكد القعطبي، وهو برلماني ومحافظ سابق لمحافظة عدن، أن خيار الفيدرالية مطروح، وأن تجمعهم ينتظر مقررات المؤتمر الجنوبي – الجنوبي في الخارج لتقرير مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي نصت عليه المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، فإلى نص الحوار:

* إلى أي التيارات والتوجهات السياسية ينتمي تجمعكم، هل هو مع استمرار الوحدة أم مع فك الارتباط أو الانفصال؟
– «التجمع» جزء أصيل من «الحراك الجنوبي» ولا يتجزأ عنه مثله مثل بقية مكونات الحراك، و«التجمع» ينادي، بشكل جدي، بحل القضية الجنوبية، وهي قضية أصبحت معقدة جدا، ونحن لا ننتمي إلى تيار فك الارتباط (الانفصال)، لكننا نبحث عن دولة لا يوجد بها النظام السائد حاليا، وهو المركزية الشديدة جدا التي ألحقت ظلما واضحا جدا بالمحافظات الجنوبية وشعبها، وتيارنا يتبنى مشروع الدولة الاتحادية من إقليمين (الفيدرالية)، على أساس أن هذا النظام سوف يمكن المواطنين في الجنوب من استعادة كافة حقوقهم، ليس الجانب الحقوقي فقط، وإنما أيضا الجانب السياسي. لسنا مع فك الارتباط أو الاستقلال، نحن مع شكل جديد للدولة اليمنية.
* لماذا الظهور المفاجئ لـ«التجمع» في الوقت الراهن وقبيل مؤتمر الحوار الوطني الشامل؟
– في الحقيقة، نحن وجدنا أن هناك الكثير من المكونات الجنوبية يتم تأسيسها بين وقت وآخر، ولكنها لم تستوعب الكوادر الوطنية والسياسية والثقافية، بل همشت هذه الكوادر رغم أن لها رؤيتها في كيفية حل الإشكالات في المحافظات الجنوبية، وطالما لم يتم استيعاب هذه الكوادر، فكان لا بد من أن يلتقي الكثير من الأكاديميين والمثقفين والوطنيين، بشكل عام، على أساس تأسيس كيان جديد يتبنى القضايا الجنوبية بوجهة نظر موحدة في ما بينهم.
* ذكرتم أن «التجمع» جزء من «الحراك الجنوبي»، فهل جرى التنسيق مع فصائل الحراك في الميدان بشأن تأسيسه؟
– «التجمع» لم ينشأ على أساس التنسيق مع أي طرف من الأطراف، لكن هناك نخب، أشرت إليها، وأخرى في الخارج، وارتأى الجميع أنه لا بد من وجود تكتل جديد يجمعهم.
* ألا تعتقدون أن تجمعكم وأهدافه تتعارض مع ما يطرحه «الحراك» في الشارع وهو الانفصال؟ وكيف يمكنكم التوفيق بين مطالب الشارع ورؤية النخبة؟
– صحيح أن بعض المكونات السياسية في الجنوب تنادي بفك الارتباط أو الاستقلال، وهذا حق من حقوقها، لأن ما عاناه الجنوب وشعب الجنوب شيء كبير جدا، هناك ظلم وضيم وإغفال لاستحقاقات الحل العادل للقضية الجنوبية منذ فترة غير قصيرة، ونحن نقدر ونحترم وجهة نظرهم، ونعتقد أن هناك من المبررات ما دفع بهذه المكونات إلى رفع سقف المطالب إلى حد الاستقلال.
* أعلنتم المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لكن هل تعتقدون أن مخرجات الحوار سوف تكون ملزمة للمكونات والفصائل التي ترفض المشاركة فيه؟
– فعلا، أعلنا موقفنا المشارك، لأننا نعتقد أن الحوار الوطني وسيلة جيدة لكل الأطراف لتطرح رؤاها وحلولها في المؤتمر، لكن حتى الآن لم توجه إلينا أي دعوة للمشاركة ولم يطلب منا الآخرون المشاركة، ومتى ما تلقينا الدعوة فسوف ننظر فيها، لكن في نفس الوقت هناك جهود، كما تعرف، لعقد مؤتمر حوار جنوبي – جنوبي، وأعتقد أنه لو انعقد هذا المؤتمر قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، فستكون فرصة مناسبة ليطرح الجميع ما لديهم في مؤتمر الحوار الجنوبي – الجنوبي، وربما يخرجون بشكل من أشكال التنسيق في ما بينهم لتوحيد الرؤية فيما لو تم الاتفاق على المشاركة في الحوار الوطني، وفي ضوء مقررات المؤتمر الجنوبي في الخارج سنقرر أمرنا، فإذا أقر المؤتمر المشاركة في الحوار الوطني فسنشارك، وإذا لم يقرر ذلك فلن نكون نحن بعيدين عنهم.
* ألا تعتقد معي أن هناك فجوة بين المكونات الجنوبية في صنعاء، والشارع الجنوبي الذي تسيطر عليه فصائل بسقف مطالب مرتفعة؟
– لا أعتقد أن هناك فجوة كبيرة جدا.. صحيح أن الشارع الجنوبي يرفع سقفه حتى موضوع الاستقلال، لكن المجاميع الموجودة في صنعاء لا تقل وطنية عن الآخرين، من حيث تبينها لقضايا تعتقد هي أنها مناسبة لإيجاد الحلول العادلة للقضية الجنوبية، وأشرت سلفا إلى مبررات رفع السقف في الشارع الجنوبي، ومنها أيضا أنه يجب لا الأحزاب الرئيسية أو غير الرئيسية أو الشخصيات أو المكونات الموجودة في صنعاء أعلنت موقفا واضحا وعادلا للقضية الجنوبية، الجميع صامتون، حتى الآن، ما عدا «الحزب الاشتراكي» اليمني أعلن قبل أيام، أنه يتبنى مشروع الدولة الاتحادية على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة.
* هل يمكن قيام دولة اتحادية بعد أن ذاب كيان الدولة الجنوبية في دولة الوحدة أو في الشمال، كما يطرح البعض؟
– من الممكن أن تكون هناك فترة انتقالية لبناء الدولة على أساس فيدرالي، لأنه لا يوجد شيء مستحيل في هذا الجانب إذا اتفق الجميع على قيام دولة اتحادية أو فيدرالية، وستتوافر المساعدات، من دون شك، لذلك، من كثير من الأطراف.
* إذا ما أقر مؤتمر الحوار الوطني شكل الدولة الفيدرالية، هل تعتقدون أن القوى التقليدية في الشمال سوف توافق، خاصة أنها تعتبر الفيدرالية شكلا من أشكال الانفصال؟
– نحن لا ننظر إلى الفيدرالية على أساس أنها نوع من الانفصال، والشعار الذي كان يرفع (الوحدة أو الموت) قد تجاوزته الحركة الوطنية في المحافظات الجنوبية وتجاوزه «الحراك» وشعب الجنوب بالكامل، وأصبح شعب الجنوب يخرج في مسيرات بمئات الآلاف إن لم يكن يتجاوز بعضها المليون نسمة، و«الحراك الجنوبي» قادر على أن يفرض موقفه إذا كان الآخرون لا يريدون الاستماع لصوت العقل والمنطق في هذا الموضوع، ومن المؤسف حقا أن كافة الأطراف في المحافظات الشمالية، سواء الأحزاب أو الشخصيات وغيرها، لم تعلن موقفها ورأيها، حتى هذه اللحظة، من القضية الجنوبية، وحتى لو أن البعض يقول إن هذه القضايا ستطرح على مؤتمر الحوار، لكن لا بد لنا أن نستشف بعض الآراء لدى هذه الأحزاب، وهي بعيد كل البعد عما يجري في المحافظات الجنوبية.
* البعض يطرح أن التيار الإسلامي في صنعاء، ممثلا في حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، لم يطرح موقفا واضحا من قضية الفيدرالية، فهل أجريتم نقاشات معهم بهذا الخصوص؟
– لم نجر أي حوارات، لكن بشأن موضوع الاعتراضات، فمن المعروف أن بعض الأحزاب لم تبد رأيها لأنها لا تريد أن تنصاع للمطالب الجنوبية في الدولة الاتحادية أو مسألة فك الارتباط، ونحن نعتقد أنه ليس التيار الإسلامي فقط هو من يتخذ هذا الموقف، وإنما هناك أحزاب من تيارات أخرى لم توضح رأيها بشكل كلي بسبب التنسيق القائم بينها وبين التيارات الأخرى ومنها الإسلامية، ولدينا في المحافظات الجنوبية توجد فروع لحزب الإصلاح، لكن شباب «الإصلاح» في الجنوب لن يكونوا بعيدين عما يريده الشارع الجنوبي.
* كيف يمكن للجنوبيين تقديم قضيتهم في ظل تحول الجنوب إلى ساحة صراع لأطراف إقليمية وأنشطة إرهابية لـ(القاعدة) وغيرها؟
– في الحقيقة، أتمنى ألا يكون ما يطرح من أن إيران تتدخل في شؤون «الحراك الجنوبي» (عبر دعم أحد فصائله) صحيحا، و«الحراك الجنوبي» أعلن صراحة أنه ليست له أي علاقة بإيران أو غيرها سواء بالتمويل أو غير ذلك، وقيادات «الحراك» عناصر وطنية تتصرف وفقا لرؤاها الوطنية وقناعاتها في ما يتعلق بالحل العادل للقضية الجنوبية.
* ما أبرز ملامح ما سيناقشه المؤتمر الجنوبي – الجنوبي في الخارج برأيك؟
– أعتقد أن وجود حوار جنوبي – جنوبي يرجع إلى وجود رؤى متباينة في ما يتعلق بالحل العادل للقضية الجنوبية، بمعنى أن أحد المكونات يتبنى رأيا ومكون آخر يتبنى رأيا آخر، بدليل تصريحات ومواقف الزعامات الجنوبية في الداخل والخارج التي تثبت وجود التباين، وإن كانت بعض القيادات الجنوبية مؤخرا، رفعت السقف إلى الأعلى نتيجة وجود موقف متعنت من الأحزاب والشخصيات والسياسيين في المحافظات الشمالية بعدم إعطاء موقف واضح من المطالب المشروعة للجنوبيين، وأتوقع أن كافة المواقف سوف تطرح في المؤتمر الجنوبي على طريق الخروج بموقف موحد تجاه مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
* بالنسبة للشارع الجنوبي، هل هو مع الاستمرار في الوحدة أم مصمم على تركها؟
– في الوقت الراهن، الشارع الجنوبي ليس مع الوحدة القائمة حاليا إطلاقا، وأكثر من 90% من الشارع الجنوبي يطالب بالاستقلال أو الانفصال أو على الأقل حق تقرير المصير، وهذا نتيجة لكل التعنت الذي وجد إزاء مطالب الشارع الجنوبي سواء كانت مطالب حقوقية أو سياسية، نحن نتمنى أن توجد مواقف ورؤى تقنع الجنوبيين بالبقاء في إطار دولة الوحدة، ولكن بشكل أو بنظام حكم غير القائم في الوقت الراهن.. الجنوبيون يريدون استعادة حقوقهم وكرامتهم ويريدون إنهاء ما مر خلال السنوات العشرين الماضية (على قيام الوحدة) بطريقة تضمن كرامتهم وحقوقهم السياسية وغيرها.
* في ظل عدم وضوح المواقف إزاء مطالب الجنوب.. ألا تخشون من تحركات لقوى في الشمال لمنع تنفيذ الخيارات الجنوبية؟
– أظن أن الشارع الجنوبي قد تجاوز مسألة فرض أمور جديدة، حيث لم يرفع الجنوبيون سقف مطالبهم إلا بناء على قناعة كاملة ومعرفة بأنه سيواجه مواقف تحاول أن تنال من حقوقه التي يطالب بها سياسيا وحقوقيا، وبغض النظر عن القوى التي يمكن أن تقوم بأعمال مضادة، فإن كل القوى في المحافظات الجنوبية ستكون موحدة في الموقف لردع مثل هذا الشيء.
* جرى الاحتفال مؤخرا بذكرى التصالح والتسامح، كيف تقيم المسيرة وهل نجحت في طي صفحة الماضي بين الجنوبيين أنفسهم؟
– في البدء، أنا أؤيد خطوات التصالح والتسامح والحشود الكبيرة التي شاركت فيها، والناس ملت الثأر والانتقام وكل شيء، وأمامهم قضية واحدة وهي استعادة الحقوق السياسية والمدنية، وأعتقد أن علينا جميعا أن نساعد في التوجه الموجود لإنهاء أي ثارات وانتقامات وما شابه، وجميع الناس من المهرة إلى عدن خرجوا للاحتفال بهذا اليوم (13 يناير «كانون الثاني»)، باعتبار أن للجميع قضية واحدة يناضلون من أجلها في هذا الوقت.
* كيف تقرأون مسيرة حكومة الوفاق الوطني وخريطة التحالفات السياسية القائمة بين أحزاب «اللقاء المشترك» وحزب «المؤتمر الشعبي العام»؟
– نحن نتمنى أن يكون وجود الجميع في إطار حكومة الوفاق هو في خدمة البلد بشكل عام، يجب ألا يكون هناك نوع من «المناكفات السياسية» أو على أساس اتخاذ قرارات كل حسب من يمثل في الحكومة، وإذا كان الجميع يتجه اتجاها وطنيا على أساس وينظر للقضايا بصورة عامة وعلى أساس وطن واحد، فأعتقد أن الأمور سوف تسير سيرا طبيعيا، ولكن ما يجري في الوقت الراهن كما نتابع، فإن البعض لم يستوعب ذلك استيعابا كاملا.
* هل أفهم من كلامك أن حكومة الوفاق الوطني يمكن أن تفشل قبل انتهاء المرحلة الانتقالية؟
– أنا أتمنى ألا تفشل، هناك خطوات بسيطة مضت فيها حكومة الوفاق وإن كانت ليست في المستوى الذي نتمناه ويجب أن يبذل الجميع، في «المؤتمر» و«المشترك»، جهدا نحو تنفيذ ما ورد في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ويستغلوا ما تبقى من الفترة الانتقالية وتحقيق أشياء يلمسها الشعب الجنوبي.
* بالنسبة لـ«الحزب الاشتراكي» اليمني، هل يمكن أن يكون في يوم ما في صف المطالب الجنوبية، مع العلم أن كوادره هم من يمثلون «الحراك» وهو من دخل الوحدة باسم الجنوب مع الشمال؟
– «الحزب الاشتراكي» اليمني نشأ كحزب وحدوي عندما كان جبهة قومية ثم تنظيما سياسيا موحدا، ثم «الحزب الاشتراكي»، ودافع عن الوحدة قبل أن تتحقق، إلا أنه لا يعني أن «الاشتراكي» إذا وجد أن كافة الأطراف تتعنت تجاه قضية الجنوب أن يتخذ موقفا مع المكونات في الجنوب ولا يعني هذا الموقف أنه فقد إيمانه بالوحدة، وإنما سيكون ردا عمليا على كل من لا يريد حل الإشكاليات القائمة.
* هناك من يطرح أن الرئيس عبد ربه منصور هادي يقوم بإحلال الموالين له في السلطة بدلا عن أنصار صالح، ما صحة ذلك؟
– الأخ عبد ربه منصور هادي اتخذ إجراءات عملية كان يمكن ألا يتخذها أي رئيس آخر غيره، ومسألة الاتهامات بأنه جاء بأناس من أقربائه أو من منطقته، فهي اتهامات باطلة لأن هؤلاء الناس أصلا كانوا موجودين في مواقع مختلفة داخل النظام القائم وحصل نوع من التغييرات، بحيث تحمل البعض مسؤوليات هو كفؤ ومؤهل لتحملها، وهذا النقد المقصود به إحراج الرئيس هادي ومنعه من الاستمرار في إجراء إصلاحات حقيقية داخل القوات المسلحة والأمن وحتى داخل الجهاز الإداري للدولة، ونحن نشعر بأن هناك نوعا من الاستفزاز لاتخاذ الرئيس لإجراءات إيجابية تضمن للناس حقوقهم.

المصدر: الشرق الأوسط – عرفات مدابش 
زر الذهاب إلى الأعلى