قضية اسمها اليمن

مدن التراث الإنساني في اليمن .. قرون من التاريخ مهددة بالزوال من القائمة العالمية خلال شهور

يمنات – الجمهورية نت – زيد المجاهد

بعد تأخر قانون الحفاظ على المدن التاريخية لمدة أربعة عشر عاماً أقر مجلس النواب في جلسته المنعقدة الثلاثاء الماضي ذلك القانون، وهي خطوة تعد متأخرة جداً في نظر العديد من المهتمين بالقطاع السياحي؛ نظراً للمردود السياحي المتوقع من تصنيف تلك المدن في قائمة مواقع التراث الإنساني على مستوى العالم.

ويأتي إقرار هذا القانون بعد أن كان محط جدل؛ نظراً للأهمية المعلقة عليه في إنقاذ المدن اليمنية الموضوعة ضمن قائمة التراث العالمي، وبعد أن أمهلت لجنة التراث العالمي اليمن حتى فبراير القادم لإنقاذ مدينة صنعاء القديمة من الاستبعاد من قائمة مدن التراث العالمي.

وجاء هذا القرار مصحوباً بحملة دولية أقرها الاجتماع الـ (37) للجنة في كمبوديا لمساعدة اليمن بالحفاظ على صنعاء القديمة في قائمة التراث الإنساني؛ باعتبارها واحدة من أقدم مدن العالم التي مازالت مأهولة حتى اليوم، وهي ليست الحملة الأولى للحفاظ على مدينة صنعاء القديمة، فقد سبق أن أقر المؤتمر العام لليونيسكو في العام (1980) حملة دولية لصيانة المدينة والحفاظ على طابعها المعماري، وإثر هذه الحملة تم ضم مدينة صنعاء القديمة ضمن قائمة مدن التراث العالمي في العام (1984).. لكن ما هي إلا سنوات حتى عادت صنعاء تعاني من تقرحات البناء الحديث الذي زحف على تفاصيل المدينة، مهدداً بفقدان الطابع التاريخي للمدينة، ولم يعد أمام اليمن سوى سبعة أشهر لإنقاذ أقدم مدنه من الإزالة عن قائمة التراث الإنساني.

لكن الأمر نفسه لم ينطبق على مدينة زبيد، فعندما تلقت صنعاء إنذارها الأول في يونيو الماضي بالشطب من قائمة التراث، كانت زبيد في نفس الوقت تتلقى إنذارها الأخير، ورغم أن اجتماع لجنة التراث لم يعلن شطب مدينة زبيد من القائمة وأبقى عليها في إطار المدن المهددة بالشطب، إلا أنه ترك مسألة الحفاظ على مدينة زبيد شأناً خاصاً باليمن.

ومدينة زبيد التي تم ضمها لقائمة التراث الإنساني في العام (1994) شهدت تدهوراً سريعاً في نمط المعمار التراثي الذي تميزت به المدينة، وبات تصنيفها لدى منظمة اليونيسكو تحت الخط الأحمر؛ بسبب الإهمال الرسمي الذي (عانت ولاتزال تعاني منه مدينة زبيد التاريخية) كما يقول عبدالله الأنباري أحد أبناء المدينة.. مضيفاً أن ذلك الإهمال (صاحبته الكثير من احتياجات النمو السكاني المتزايد في المدينة بغرض إقامة مساكن جديدة يصعب تشييدها بالمواد التقليدية التي تتطلب مبالغ طائلة لا يستطيع الأهالي تأمينها، مما يجعل إغراء الإسمنت سهلاً عند القيام بعمليات البناء أو الترميم)، وبينما كانت الجهات المعنية تتقاذف المسؤولية حول تشوه المدينة وتقدم المبررات، انتهك الإسمنت حرمة المدينة متغلغلاً في عمق تاريخ اليمن عبر مدينة زبيد.

مجلس الوزراء جدد في اجتماعه المنعقد في السادس من يونيو المنصرم وعلى ضوء انعقاد لجنة التراث العالمي في كمبوديا التزام الحكومة باتخاذ الإجراءات العاجلة لإزالة المخالفات المشوهة للمباني الأثرية في مدينة زبيد، ضمن خطة عامة للحفاظ على كل المدن الأثرية اليمنية؛ نظراً لما تمثله هذه المعالم من قيمة أثرية وحضارية لليمن.. لكن المسألة لا تنتهي عند مجرد الشطب (بل سيترتب عليها عقوبات ستؤدي إلى حرمان اليمن من مشاريع ومساعدات في حال سقوط زبيد من قائمة التراث العالمي) بحسب تصريحات سابقة لنائبة وزير الثقافة هدى أبلان.. ويرى مراد الحكيمي عضو في إحدى الجمعيات الهادفة إلى تنشيط السياحة أن (مشكلة مدن التراث الإنساني في اليمن لا تتوقف عند الهوية الحضارية المهددة بالإزاحة من مواقع التراث العالمي فقط، بل تشمل التفريط بمورد اقتصادي مهم، من خلال الجذب السياحي الذي توفره مواقع التراث الإنساني المصنفة عالمياً، مما يعني ضربة قوية لقطاع السياحة في البلاد).. وكان خبراء اقتصاديون أكدوا في ندوة (السياحة والطاقة محرك التنمية المستدامة) التي نظمتها وزارة السياحة في ديسمبر الماضي أن قطاع السياحة في اليمن يخسر أكثر من مليار دولار؛ بسبب عدم الاستقرار الأمني الذي يؤدي إلى إحجام السياح عن زيارة اليمن، وقالوا: إن هناك إمكانية إذا ما استقرت الأوضاع الأمنية والسياسية لأن يسهم القطاع السياحي في الحد من البطالة بين الشباب، وتشغيل أكثر من مليون شخص في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى