حوارات

النائب أحمد سيف حاشد: لن نسعى لتعطيل المرحلة الانتقالية المعطلة و نهدف لتأسيس تحالف مدني واسع لإسقاط منظومة الفساد

يمنات – صحيفة الوحدة

قال البرلماني احمد سيف حاشد رئيس جبهة انقاذ الثورة ان الفساد ازداد اتساعا وانتشارا على نحو مخيف ومروع وعزا ذلك الى الممارسات الفاسدة والظالمة وضغوط مراكز القوى التقليدية التي احكمت و تحكمت باليمن خلال الخمسين عاما الماضية والتي لم يعد همها اليوم سوى مشروعها القائم على المحاصصة والفساد ونهب المال العام .

وتطرق حاشد في هذا الحوار الذي اجرته معه ( الوحدة) الى اهداف حملة 11 فبراير ( ثورة ضد الفساد) وحول اليمن ومشكلاته وآمال شعبه وكيف ذهب الاخوان المسلمون لتحقيق مكاسب من الثورة.

حاوره/ نجيب علي العصار

 البلد الآن.. قلق على مستقبله، ومشاكله تطرح نفسها بقوة على الواقع .. فكيف يفكر البرلماني حاشد الآن في المستقبل؟

بلا شك مستقبل اليمن تحفه مخاطر كثيرة، وهو مهدد بالتفكك والتفتت والفساد. إن لم يثور الشعب على الفساد فإنه سيتوحش ويتغول على نحو غير مسبوق، ولا نلمس حتى اليوم أي توجهات أو إجراءات حقيقية لإيقاف الفساد ولا نلمس أيضا توجها جادا نحو إيجاد حلول لمشاكل اليمن وقضاياه، بل أجزم أن ثمة إشكاليات وتعقيدات وأزمات خطرة ستواجه شعبنا نتيجة ممارسات تلك القوى المتسلطة عليه خلال العامين الماضيين. واعتقد إنه إذا لم يثور الناس ضد تلك القوى ومراكز نفوذها الآن ستكون كلفة الحلول باهظة الثمن وستتفاقم الأوضاع وتزداد سوءا ورداءة وعلى نحو مضاعف .. من المهم أن لا تستمر الأوضاع بالتفاقم ولابد من ثورة شعبية ثانية أو استعادة الثورة المختطفة، أما إذا ظلت الأوضاع في البلد كما هي فسنصل إلى مآلات كارثية فادحة.

من وجهة نظري، وبعد استنفاذ كل الوسائل خلال الفترة الماضية، أعتقد أن ثورة واعية وحاسمة يلتف حولها اليمنيون هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ البلاد من التفكك والفساد.

 لماذا تأتي ثورة ضد الفساد في هذا التوقيت تحديداً؟

 أتضح خلال فترة السنتين من عمر حكومة الوفاق إن الفساد أزداد اتساعا وانتشار وعلى نحو لم نكن نتصوره.. والأكثر سوءا إن القوى التي وصلت للسلطة باسم الثورة كانت أكثر جرأة على الفساد مما كان في السابق.. واستمرار الفساد بهذا القدر من السرعة والشراهة يقود اليمن إلى احتمالات خطرة ومفجعة.. يجب أن ينهض الشعب اليوم ويلتف حول “حملة 11 فبراير.. ثورة ضد الفساد” للاطاحة بهذا الفساد والقوى الفاسدة التي تهدد حاضر ومستقبل اليمن.

قل بصراحة من هي تلك القوى على وجه التحديد؟ وهل يعقل أن تتاجر بآلام الوطن لصالح أجندتها؟

للأسف نعم، بل أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يشغلها وتحقق نجاحاً به.. لقد قامت لجان الظل الشعبية في جبهة إنقاذ الثورة السلمية بالكشف عن الفساد في سبع وزارات، ست منها للمشترك، وواحدة للمؤتمر، قد وجدنا الفساد في تلك الوزارات مخيفا ومريعا.. قدمنا سبعة تقارير عن هذا الفساد مفصلا لكل الجهات الرقابية، ورفعنا أربعين قضية أمام المحاكم والنيابات العامة ضد فاسدين.. هؤلاء الفاسدين ليسوا من قوى الثورة ولكن متنطعين باسمها ومنتحلين صفتها فيما هم في الحقيقة قوى فاسدة أصيله أشترك بعضها في الحكم والفساد في فترات سابقة.. هذه القوى عندما شعرت بالخطر ركبت سفينة الثورة واستولت عليها وأعادت إنتاج نفسها على نحو أكثر قبحا وشراسة وإيغالا في الفساد. واليوم يتبلور فرز جديد للقوى السياسية بين قوى فاسدة ومنحازة للفساد وقوى تناهض الفساد وتثور عليه. وستجد كل القوى السياسية والشعبية نفسها معنية بهذا الفرز أو هي مندرجة بهذا الفرز.. قوى تريد استمرار الفساد وتنحاز إليه وقوى تناهضه وتثور عليه.

إن القوى الفاسدة قد كشفت نفسها لكل عين من خلال دفاعها المستميت عن حكومة الوفاق الفاسدة والفاشلة والحرص على استمرار هذا الفساد، ويمثلها بشكل رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح ومراكز القوى العسكرية فيه ممثلة بعلي محسن الأحمر والقبلية ممثلة بأولاد الشيخ عبد الله الأحمر والدينية ممثلة بشيوخ دين مثل الزنداني ومن يليه والسياسية ممثلة بالإخوان المسلمين.. هذه القوى إجمالا تريد استكمال السيطرة على بقية مفاصل الدولة واستكمال الاستيلاء على الوظيفة العامة والمال العام والتحكم بمقدرات البلد وثرواتها.. هذه القوى  أثقلت كاهل البلد خلال الفترة الماضية بالتزامات واستحقاقات كثيرة لا تخدم التنمية ولا المستقبل، ولكنها تخدم أجندتها الحزبية الضيقة وأجندات مراكز القوى والنفوذ فيها. 

 ما أهداف حملة 11 فبراير «ثورة ضد الفساد»؟

دعني أوضح أننا لم نقّرر النزول للشارع إلا لرفض الظلم وإسقاط الفساد «حكومة الوفاق الفاسدة» والفاقدة للشرعية شعبياً، ومحاسبتها، ونؤمن بأن أمن واستقرار البلد لن يتأت إلا بإزالة معاناة شعبنا وبرفع الضر عنه من الممارسات اليومية الفاسدة والظالمة وضغوط القوى التقليدية الفاسدة ومراكز نفوذها التي أحكمت وتحكمت باليمن خلال الخمسين عام الماضية، والتي لم يعد يهمها اليوم سوى مشروعها القائم على المحاصصة والفساد، ونهب المال العام، وتقاسم المناصب، وتجويع المواطن، وترويعه، وزعزعة الأمن وإقلاق السكينة العامة. إن مطالبنا السبعة المعلنة التي خرجنا من أجلها تكشف هويتنا ومن نحن.. وفي طليعة تلك المطالب والأهداف إسقاط حكومة الوفاق الفاسدة وإحالة الفاسدين للمساءلة والمحاسبة وتشكيل حكومة كفاءات ونزاهة يكون من أولى مهامها إصلاح مؤسسات الدولة وتنفيذ النقاط العشرين، وإصلاح عميق للسلطة القضائية، وتأسيس دولة مدنية حديثة وديمقراطية، وإعادة النظر في كل القرارات التي صدرت خلال العامين الماضيين على أساس المحاصصة بعيدا عن معايير النزاهة والكفاءة، ورفع المستوى المعيشي للمواطن اليمني، وسرعة علاج جرحى الثورة ورعاية أسر الشهداء .

 باعتبارك القيادي في حملة 11 فبراير «ثورة ضد الفساد».. ماذا أسفر لقاءك الخميس الماضي بالرئيس عبدربه منصور هادي؟  

عبدربه منصور هادي يعترف بهذا الفساد ومخاطره، وخلال لقاءنا به الخميس الماضي طرحنا عليه مطالب الحملة السبعة وأحطناه علماً بالرسالة التي قدمناها لمكتب الأمم المتحدة. وطلبنا من الرئيس أن يستجيب لمطالب الحملة ويحدث تغيرات عميقة على منظومة الحكم، غير إننا في حوارنا معه وصلنا إلى طريق مسدود؛ لم نر أي نية أو أي إجراءات فاعلة خلال هذه المرحلة لاستئصال الفساد أو مناهضته أو حتى لوقف تمدده واستمراره،  لذلك رأينا الاستمرار في حملة 11 فبراير «ثورة ضد الفساد» والاعتصام في ساحة التغيير، ونحن والشركاء في حملة 11 فبراير نتدارس بجدية خطوات تصعيدية قادمة. إننا في حملة 11 فبراير على ثقة بأننا سنصل إلى إسقاط منظومة الفساد، هذه المنظومة المتحكمة بمقدرات وثروات بلادنا وحاضر شعبنا وتعمل حثيثاً للتحكم بمستقبله أيضاً.

 هل العودة إلى الساحات هي الحل؟  

الثورة هي الحل، والعودة إلى الساحات ليست سوى إجراء أو خطوة فقط. نحن بحاجة إلى المزيد من الوقت لتوعية الشعب وخلق اصطفاف وطني عريض يناهض الفساد ويثور عليه. نريد خلق حامل قوي والتفاف شعبي واسع حول مطالب هذه الحملة، وسنقوم بخطوات مهمة قادمة حينما نرى إن الجهود المبذولة كافية لتوفير وتأمين نجاح هذه الثورة. إننا على يقين أننا سنحقق ما نريد، وسننجح في إسقاط منظومة الفساد وإن احتجنا إلى قليل من الوقت والصبر.

 ثمة من يرى أن الحملة مجرد ضغوط وليست لها فائدة سياسية بقدر ما تحاول أن تحدث خللاً في موازين القوى؟

هذا الكلام ليس صحيحاً، الحملة لها أهدافها المحددة والواضحة، وهي تلبي طموح اليمنيين في هذه المرحلة، وعليها إجماع أو شبه إجماع بأهميتها، وسنظل نعمل حتى تحقيق أهداف ومطالب الحملة السبعة المعلنة. ولدينا ميثاق شرف ملتزمين به، وفي قادم الأيام سنمضي في خطوات تصعيدية مهمة لتحقيق أهداف الحملة.. سيكون الشارع معنا كما نحن مع الشارع، وسنعيد الشعب الذي أخرجوه من المعادلة السياسية إلى المعادلة والواجهة، بل سنعيده إلى أن يكون صاحب القرار الوطني بعد أن عملت قوى الفساد على إقصائه. شعبنا بدأ يفهم ما يحدث وتفاعل أبناء شعبنا في أغلب محافظات الجمهورية مع حملة 11 فبراير يجعلنا مطمئنين إلى أننا نسير في الطريق الصحيح ويعطينا كثير من الثقة بصواب وأهمية ما نقوم به.

 هل تقصد بمنظومة الفساد الحكومة؟

بالتأكيد، الحكومة جزء رئيسي في منظومة الفساد ومسئولة أمام المواطنين عن حماية هذه المنظومة، لكنها ليست كل المنظومة، إذ أن هناك مسئولين مدنيين وعسكريين متورطين بشكل كبير في قضايا الفساد، وهؤلاء يتواجد بعضهم خارج إطار الحكومة؛ وكما أسلفت فإننا لا نستهدف الحكومة فقط، بل يأتي ذلك كمقدمة لتغيير شامل وحقيقي.. إننا نستهدف إسقاط الحكومة واستبدالها بحكومة تكنوقراط تقوم بمهام ملحة في هذه المرحلة، حكومة تعمل على إصلاح مؤسسات الدولة، وتقوم بتنفيذ النقاط العشرين ، حكومة تقوم بحل هذه القضايا، بالإضافة إلى كشف من يقومون بالاغتيالات، حكومة تعمل على تنفيذ المطالب السبعة التي هي مطالب وأهداف معلنة لحملة 11 فبراير «ثورة ضد الفساد». 

 لو سألتك عن موقف المجتمع الدولي الذي يساند التسوية السياسية في اليمن.. هل ثمة تواصل؟

حملة 11 فبراير «ثورة ضد الفساد» تقدمت برسالة لمكتب الأمم المتحدة بصنعاء، ولا أخفيك أن بعض قيادات الأحزاب هنا في بلادنا تراهن على بعض الدول، وتعتقد أن بيدها كل شيء، وتريد تحت غطاء دولي وإقليمي ومبادرة خليجية خدمة أهدافها وأجندتها الخاصة وثراءها على حساب مصالح الشعب، أما نحن فنقول إن الشارع اليمني سيفرض نفسه على الجميع وما المسيرتان اللتان خرجتا يومي 11 و21 فبراير سوى تعبير يجسد صورة واقعية للمطالب التي يريدها الشارع اليوم، أضف إلى ذلك الأعداد الكبيرة التي خرجت في المحافظات، وهذه الأمور ستعمل على إيجاد أرضية لبناء معارضة حقيقية تفرض نفسها وأجندتها على هذه القوى التي سلبت إرادة الشعب ونهبت ثرواته وتريد الاستمرار في المستقبل؛ إن هذه الإرادة قادرة على فرض نفسها على المجتمع الدولي وخلق تعاطف اقليمي ودولي معها، لأنها تمثل الشارع اليمني، وتحمل أهدافاً نبيلة وواقعية وهامة لبناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية تكفل المواطنة الحقة لجميع أبناء هذا الشعب. 

 في رأيك.. إلى أي مدى حقق الإخوان المسلمون مكاسب من الثورة؟

الإخوان المسلمون ذهبوا إلى الاستيلاء على مفاصل الدولة وعلى الوظيفة العامة، وأقصوا الآخرين- حتى شركاءهم الذين كانوا معهم، وأعتقد أن لديهم في ثقافتهم وأدبياتهم مرحلة التمكين وبالفعل قطعوا شوطاً كبيراً خلال السنتين الماضيتين في التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة والوظيفة العامة، ويريدون خلال العام القادم أن يستكملوا هذا التمكين؛ لكن في تصوري أن العاصفة ستأتي قبل أن يتم ذلك، وبالعكس أعتقد أن عملهم بهذا التسارع للسيطرة على مقاليد كل شيء واحتكار السلطة والثروة سيخلق اصطفاف وطني كبير ضدهم، وسيسقطون كما سقط أخوان مصر وغيرهم في أكثر من مكان.

  ما الأجندة التي تقولها لمن يتولى المسؤولية في المرحلة المقبلة؟

يمكننا القول إن مسألة الفساد والثورة ضده لإسقاط منظومة الفساد هي مسألة مهمة وملحة، لأن هذه المنظومة الفاسدة هي سبب خراب ودمار البلاد، بل واستفحال مشكلات اليمن، وبات من المهم والضروري المسارعة في إيقاف هذا الفساد واجتثاثه من كل أجهزة الدولة، لذا فإن أي سلطة لن تعمل على ذلك كأولوية وطنية سيكون مصيرها الفشل.

  في تقديرك وتصورك.. التحول الديمقراطي والتغيير الديمقراطي الحقيقي إلى ماذا يحتاج؟

يحتاج إلى حامل شعبي وحامل سياسي، وهذا ما نحن بصدد فعله الآن في حملة 11 فبراير، كما يحتاج إلى الوصول إلى أكبر قدر من المواطنين والقوى السياسية الشريكة التي تقف معنا ضد الفساد الراهن، وأستطيع القول أن هذا الاصطفاف بات اليوم يكبر ويتسع، وخلال فترة وجيزة سيكون حاملاً قوياً يستطيع أن يحقق مطالب وأهداف هذه الثورة.

  كلمة أخيرة تودون قولها للرأي العام؟ 

إذا أردنا إصلاح المؤسسات وبناء دولة مدنية حديثة، فمن الواجب أولاً تفكيك مراكز القوى الموجودة الآن، والتي استأثرت بحاضر اليمن وأفسدت ماضيه، ومن الضروري الآن معرفة أن الطرف المتحكم هو الطرف الأكثر فسادا،ً وهو حزب الإصلاح، الذي يريد أن يستولي على مفاصل الدولة وعلى الوظيفة العامة وعلى الجيش والأمن لاستخدامها ضد الشارع والشعب.

 لكن «الإصلاح» كان شريكاً لكم في الثورة؟

للدقة، حزب الإصلاح شارك في الثورة لكنه كان عدوها، إذ لجأ للتحالف مع كل مراكز النفوذ التقليدية لخطف الثورة من بقية الشركاء؛ ألا ترى الآن من هو الذي ينحاز إلى الفساد، نحن أم هم، وهذا يكفي للإيضاح للناس، نحن نقول إن هؤلاء وزراء فاسدون ولدينا ما يثبت بالوثائق فسادهم، بينما هم يدافعون عن الفاسدين بترديد حجج واهية ومقولات عامة، ويريدون استمرار باسندوه والحكومة. لقد عرف الجميع بالمعارك السياسية الكبيرة التي خاضها الإصلاح لحماية وزراء فاسدين وغير أكفاء مثل وزير المالية، ووزير الكهرباء ووزير الداخلية. صار من الواضح أن السلطة هي كل ما يريدون حتى لو كان ذلك على حساب قوت الناس وتمزيق البلاد.

باختصار شديد، نحن ضد الفساد ونطالب بحكومة كفاءات تحمي مصالح اليمنيين، بينما هم من يقفون عائقاً أمام هذا المطلب الوطني المشروع ويقدمون الحماية السياسية للفاسدين.  

زر الذهاب إلى الأعلى