فضاء حر

المجلس الرئاسي مبررات ومحاذير

يمنات
تشكيل مجلس رئاسي حسب ما هو متداول حاليا يقتضي إصدار إعلان دستوري ليحل محل الدستور النافذ لأن الاختصاصات التي ستسند لمجلس الرئاسة هي الاختصاصات التي يمارسها رئيس الدولة والمحددة في المواد من 105 وحتى المادة 125 من الدستور الحالي، و المؤكد أنه سيضاف للمجلس الرئاسي اختصاصات ومهام أخرى إلى جانب تلك المهام والسلطات المنصوص عليها في المواد سالفة الذكر أو في اغلبها. والمهام والسلطات المتوقع اضافتها ستكون على علاقة كبيرة بالأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، لاسيما منها ما يتعلق باستكمال الترتيبات والإجراءات المتتمة للسير في طريق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واستكمال مناقشة مسودة الدستور الجديد و مراجعته والتهيئة الدستورية والقانونية والتنظيمية للانتخابات المنتظرة.
و الواضح أن تلك المهام والسلطات تدخل في صميم وجوهر اختصاصات المجلس الرئاسي إذا ما توافقت الأطراف السياسية عليها ما يعني أن الإعلان الدستوري سيستحدث اختصاصات وسلطات للمجلس الرئاسي تعد من قبيل التغير أو التعديل في الأسس والقواعد الدستورية المنظمة لاختصاص السلطات والفصل بينها أو توازن علاقاتها كما يذهب إلى ذلك فقهاء القانون الدستوري وهي الاختصاصات التي عادة ما تحددها الدساتير بدقة متناهية. ما يطرح أكثر من علامات استفهام حول مصير المؤسسات القائمة وخاصة مجلس النواب وسلطاته، إذ يتعذر تشكيل مجلس رئاسي يتولى مهام جوهرية ويهيئ لإصلاحات دستورية وانتخابية في ظل وجود السلطة التشريعية، ما يعني حل أو تعليق عمل المجلس وفي هذه الحالة سيتعين إلغاء الدستور الحالي برمته.
ثم أن اختصاصات الرئيس التي ستسند إلى مجلس الرئاسة بكل تأكيد كضمانة لللسير الطبيعي لمؤسسات الدولة والسهر على الشأن العام وردت في المواد سالفة الذكر من 105 وحتى 124 جلها من المواد الدستورية الجامدة التي لا يمكن تعديلها إلا بالاستفتاء الشعبي العام الذي يتعذر انجازه في ظل الظروف الحالية بالغة التعقيد، علاوة على أن تنظيمه يتطلب اجلا زمنيا طويلا إلى حد ما و في كلتا الحالتين من المتعذر القيام بذلك نظرا لأن أي تأخير في استعادة السلطات لوظائفها ينعكس سلبا بتفاقم شلل وظائف الدولة.
لكل تلك الصعوبات والتعقيدات الإعلان الدستوري الذي سيصدر بغية استحداث مجلس رئاسي لن يكون إلا بحلوله محل الدستور النافذ والخشية أن يترتب على ذلك الإعلان الدستوري الدخول في أزمة جديدة، لا سيما أن المجلس الرئاسي سيتكون من اطياف سياسية متباينة وبالتالي ستعمل على تمديد فترة الأزمة، ولتفادي هذه الإشكالية يتعين أن يحدد الإعلان الدستوري مهام محددة تهم بالأساس معالجة الأزمة السياسية الحالية من جهة والترتيب للانتقال إلى مرحلة جديدة يحكمها دستور ونظام انتخابي جديدين.
و لكي لا تستغل بعض الأطراف السياسية هذا الإجراء وتقيم البقاء في ظله لابد من أن يحدد سقف زمني لنفاذ الإعلان الدستوري وتنفيذ المهام الواجب تنفيذها من قبل مجلس الرئاسة ويكون مسؤول عن تنفيذ تلك المهام مرحليا وبجدول زمني واضح ومحدد.
كما يتعين أن لا يمنح المجلس الرئاسي سلطات واسعة غير تلك التي تضمن السير الطبيعي للمرافق العامة وتأمين المصالح العامة حتى لا ينتقل الصراع على الغنيمة السياسية إلى المجلس الانتقالي ونقل الصراع إلى داخله. وكي لا يتحول إلى سلطة استبدادية بتوافق اطرافه.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى