إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

البغدادي يظهر في الفلوجة وأبو عمر الشيشاني في سرت الليبية وخبراء “الناتو” يضعون الخطط لقتلهم .. ما الذي يجري بالفعل؟

يمنات – رأي اليوم

في الوقت الذي كان يجتمع فيه وزراء دفاع وخارجية أكثر من ثلاثين دولة في مقر حلف الناتو في بروكسل يوم (الخميس)، لوضع الخطط العسكرية للقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”، وسط تقارير استخبارية امريكية عن تراجع قوتها، بفعل الحصار وتجفيف مواردها المالية والنفطية، واكثر من ثمانية آلاف غارة جوية، تتوارد انباء مصادرها غربية تتناقض كليا مع هذه الانباء نوجزها في نقطتين:

الأولى: نشر صحيفة “التايمز″ البريطانية العريقة لتقرير صحافي لمراسلتها في غازي عنتاب التركية يتحدث عن ظهور “الخليفة” ابو بكر البغدادي، زعيم الدولة في شريط فيديو للمرة الاولى منذ عام ونصف العام، يتحدث امام مجموعة من التلاميذ منخرطين في مسابقة لحفظ القرآن الكريم في مدينة الفلوجة العراقية المحاصرة.

الثانية: حديث اكثر من وكالة انباء عالمية عن عودة طرخان باتيرشفيلي (ابو بكر الشيشاني) الى واجهة الاحداث مجددا بعد اشهر من اعلان وفاته، ولكن في مدينة سرت الليبية، وليس في الموصل، وافادت هذه التقارير ان السيد ابو عمر الشيشاني، ذو اللحية الحمراء، كان ضمن قافلة سيارات (14 سيارة) تحميها عربات مدرعة، وصلت الى معقل التنظيم في مدينة سرت العاصمة الفعلية لليبيا العقيد الراحل معمر القذافي.

من الصعب الجزم بصحة الواقعتين، ولكن ما يمكن الجزم به، ان التقارير عن مقتلهما اكثر من مرة في غارات جوية امريكية لم تكن دقيقة ايضا، فالعالم السري الذي يعيشه هؤلاء الذين يتصدرون الاستخبارات الامريكية، ورصد المكافآت المالية المليونية لمن يدلي بمعلومات عنهم، عالم غريب في مفارقاته وغموضه، ويزداد غموضا يوما بعد يوم.

ان يظهر السيد البغدادي في الفلوجة في شريط فيديو تبثه قناة محلية عراقية، فهذا ليس غريبا او مستبعدا، فهذه منطقته، وهو يتحرك في حاضنته العراقية الطبيعية، لكن ما هو غريب، هو حديث مراسلة “التايمز″ عن احتمالات ان يكون من ظهر في “الفيديو” هو شبيهه الامر الذي يعيدنا الى الروايات التي راجت قبل غزو العراق، وتحدثت عن “اشباه” الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهي روايات ثبت كذبها مثل روايات مماثلة حول ملياراته في البنوك السويسرية.

وفي الاطار نفسه يمكن القول ان وصول ابو عمر الشيشاني القائد العسكري لـ”الدولة الاسلامية” الى مدينة سرت ربما يكون مبالغا فيه، ويصب في خدمة الحملات الدعائية المكثفة التي تضخم قوة “الدولة الاسلامية” في ليبيا، واتخاذها، لمدينة سرت، امارة لها، ومقرا لقيادتها، وارتفاع عدد مقاتليها هناك الى اكثر من 6000 مقاتل، وبما يبرر تدخل حلف الناتو وطائراته، وربما قواته مرة اخرى في ليبيا، على غرار ما حدث قبل خمس سنوات، ومع ذلك لا نستغرب، ولا نستبعد في هذه الصحيفة “راي اليوم” ان يكون السيد الشيشاني قد وصل الى ليبيا فعلا، مبعوثا من رئيسه البغدادي في إطار إستراتيجية “الدولة” الأساسية أي “التمدد”، ليس في دول الجوار الاساسية والعراقي فقط، وانما في القارات الخمس، وفتح فروع جديدة في اكثر من عاصمة ومدينة، تماما مثلما فعل الشيخ أسامة بن لادن زعيم تنظيم “القاعدة” الراحل عندما ارسل ابو مصعب السوري (مصطفى ست مريم) الى الجزائر لفتح فروع للتنظيم هناك باسم تنظيم “القاعدة” في المغرب الإسلامي.

الخطط العسكرية التي يضعها خبراء حلف “الناتو” في بروكسل وحلفاؤهم المؤلفة قلوبهم من العرب، ربما تعطي بعض النتائج في الحرب على “الدولة الاسلامية”، خاصة بعد انضمام الروس الى هذه الحرب، ولكن الامر المؤكد ان ما يروجه هؤلاء بامكانية القضاء عليها قبل نهاية العام الحالي يظل من قبيل التمنيات نظرا لصعوبة المهمة، وقوة الخصم واستمرار وجود حواضن له توفر الرعاية والحماية.

هزيمة “الدولة الاسلامية” في العراق وسورية لا تعني نهايته كتنظيم مسلح، لانه وفي اقل من عامين، فتح ولايات او فروع في اكثر من عشرين دولة اسلامية، وولاية سرت الليبية احداها، ان لم تكن اقواها، مثلها مثل ولاية سيناء، ومن هنا فان الحلول العسكرية وحدها ليست كافية مالم توازيها حلول سياسية في الدول المنبع، ومدعومة بحرب عقائدية مضادة، وهذا موضوع آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى