إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

صنعاء تنتظر اتفاقا على استئناف عملية السلام في سوريا وإبرام صفقة لوقف الحرب

يمنات – روسيا اليوم

محمد الأحمد

تنتظر صنعاء اتفاقا على استئناف عملية السلام في سوريا، وإبرام صفقة لوقف الحرب، لكي تتحرك من جديد مياه السلام الراكدة في ظل حرب، لم يحسمها أي طرف.

قبل سقوط صنعاء في يد الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح في سبتمبر/أيلول من عام 2014، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن الإيرانيين يقايضون صنعاء بدمشق. و بعد نحو عام على بداية العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية، صارت الحرب في اليمن ورقة مقايضة إقليمية في الصراع المتفاقم بين الرياض وطهران.

فقد شنت السعودية وحلفاؤها ألوف الغارات الجوية على مواقع وتجمعات   الحوثيين والرئيس السابق في طول اليمن وعرضه، وكانت تراهن على حسم المعركة خلال مدة زمنية لا تزيد عن ستة أشهر؛ غير أن ذلك لم يتحقق، وها هي مستمرة بالغوص في المستنقع اليمني، ولا يلوح في أفق الصراع حل سياسي قريب، ولا قدرة على الانتصار النهائي رغم خسارة خصومها مناطق عديدة، كانت تحت سيطرتهم.

و مع تحرير عدن وعدد من محافظات جنوب اليمن ومأرب وأجزاء واسعة من محافظة الجوف شرق صنعاء، بدا أن ذلك حافز لعملية سلام قريبة، تؤدي إلى إنهاء القتال ونزع الأسلحة من الحوثيين وقوات الرئيس السابق، مع إقرار المملكة باستحالة إقصاء خصومها من العملية السياسية؛ لكن هؤلاء أظهروا قدرة كبيرة على الصمود والتكتيك العسكري، كما أظهروا موقفا سياسيا متصلبا رافضا لما يعتبرونه إملاءات سعودية عليهم، وتواصلت المواجهات بضراوة أشد.

و زاد من الانتكاسة، التي مني بها التحالف، الفشل الكبير لحكومة الرئيس هادي، المعترف بها دوليا، في ضبط الأوضاع الأمنية في المحافظات المحررة، و توسع تنظيم “القاعدة”، وسيطرته على أجزاء كبيرة من تلك المناطق؛ وكذلك تركيبة القوى السياسية، التي يتشكل منها الحليف المحلي، الذي يضم مجموعة الرئيس هادي ومجاميع من الحراك الجنوبي وتجمع الإصلاح الإطار اليمني لـجماعة “الإخوان المسلمون” والجماعات السلفية ومجاميع من اليسار والقوميين.

و من الواضح أن السعودية ودول التحالف، التي تنفذ العمليات العسكرية في اليمن، تمتلك موقفا عدائيا واضحا من “الإخوان”، والذي يشاركها فيه اليساريون والقوميون وفصائل الحراك الجنوبي؛ لكن هؤلاء يناصبون العداء الجماعات القبلية والعسكرية الحليفة للرياض والمنضوين في إطار حزب الإصلاح. وهكذا، فإن التحالف، الذي يوحده العداء للحوثيين والرئيس السابق يتصارع سياسيا على السيطرة على المناصب والنفوذ قبل حسم المعركة.

و مع التغيرات الكبيرة في الميدان العسكري السوري، وتنامي الصراع بين السعودية وإيران، غابت الأطراف المحلية عن الفعل السياسي والعسكري، وأضحت المقايضة أساسا لمسار الأحداث في اليمن. بل إن جولات الحوار، التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، أضحت نسخة مكررة من المباحثات المتصلة بالملف السوري.

و من المؤكد اليوم أن الرياض تريد الإقرار بتأثيرها وأحقيتها في النفوذ الوحيد داخل اليمن. وهي في سبيل ذلك، ستفعل المستحيل، وترى في هذه المسالة معركة وجود. وباتت تدرك الآن أنها مهما حققت من انتصارات عسكرية، فإن القبول بالتعايش مع الأطراف السياسية، التي تعاديها في اليمن، هو حقيقة واقعة، وأن سياسة الاحتواء أفضل من التصميم على خيار المواجهة إلى ما لا نهاية؛ خصوصا في بلد كاليمن، الذي تعيش قبائله على الحروب وتقتات منها عبر عقود طويلة من الزمن.

فبعد التقدم الكبير، الذي أحرزته قوات الرئيس هادي، المدعومة من التحالف في شرق صنعاء، حيث بدا وكأن هذه القوات اقتربت من الوصول إلى العاصمة وحسم جزء كبير من المعركة.. ها هي تتوقف، وتعود أجواء المعارك إلى ما كانت عليه من قبل، حيث يتقدم طرف هنا يتقدم الطرف الآخر في منطقة أخرى. وما يبدو أنه انتصار خاطف تحول إلى حرب عصابات، قد تفتح الباب أمام قتال داخلي وحرب منسية سوف تستمر لسنوات.

زر الذهاب إلى الأعلى