إختيار المحررالعرض في الرئيسةعربية ودولية

تطبيع متصاعد مع دول خليجية وحفلات في مصر احتفالا بالسفير الإسرائيلي .. ماذا يجري في المنطقة؟ ولماذا هذا التهافت؟

يمنات – رأي اليوم

بات الحديث عن حميمية العلاقات بين اسرائيل ودول عربية من الامور الطبيعية هذه الايام، وكأن اسرائيل حمل وديع، وجار طيب، لا يحتل ارضا، ولا يدنس مقدسات، ولا يقتل اطفالا وشبانا مراهقين، ويتسابق المسؤولون العرب لالتقاط الصور علنا مع نظرائهم الاسرائيليين لتبرئة ساحتهم، وحكومتهم، من جرائم الحرب التي يرتكبونها.

السفراء الاسرائيليون في قاهرة المعز كانوا يشتكون دائما، ومنذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد قبل 36 عاما، من العزلة والاهمال والمقاطعة على الصعيدين الرسمي والشعبي، ولكن السفير الاسرائيلي الجديد حاييم كورين الذي قدم اوراق اعتماده للحكومة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي، يبدو اسعد حظا من جميع زملائه السابقين، فمنذ وصوله الى القاهرة والعزائم والمآدب تقام على شرفه، ويتردد صحافيون مصريون على صالونه الثقافي والسياسي، حتى ان احدهم طلب تدخل بلاده اسرائيل ضد سد النهضة الاثيوبي، وحمله رسالة الى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل في هذا الخصوص.

الامر المؤكد ان الغالبية الساحقة من ابناء مصر يعارضون مثل هذا التزلف لسفير دولة قتلت المئات، وربما الآلاف، من المصريين، واعدمت الاسرى بدم بارد، واحتلت سيناء لعدة عقود، وقصفت مدرسة اطفال بحر البقر، من المؤكد ان هؤلاء الذين يتعاملون مع السفير الاسرائيلي بكل هذه الحفاوة، لا يمثلون هذا الشعب الطيب الوطني المتمسك بقضايا امته وتحرير مقدساته.

اسرائيل ستظل عدوا بالنسبة الى العرب طالما تحتل الارض والمقدسات وترتكب جرائم حرب، وعمليات التطبيع المتزايدة التي نراها تتصاعد حاليا، وتمتد الى دول خليجية، لا يمكن ان تغير هذه الحقيقة، والشيء نفسه يقال عن تلك الادبيات التي تريد ان تجعل منها زعيمة لتحالف طائفي ضد ايران، اي اسقاط صفة العدو عن اسرائيل وتبرئتها من كل جرائمها، والصاقها بايران، وكل الذين حاربوا، ويحاربون اسرائيل.

اهلنا في الارضي المحتلة الذين يتصدون للمحتل الاسرائيلي ويقاومونه بكل الطرق والوسائل يدافعون عن قيم الامة وعقيدتها، ويستشهدون يوميا برصاص العنصرية والفاشية الاسرائيلية، في رد قوي على هؤلاء المطبعين الذين نسوا هذه القيم، او تناسوها.

نشعر بالمرارة ونحن نشاهد مقالات في الصحف العبرية تتحدث عن تغيير المناهج الدراسية، وتغيير محتويات اكثر من 1300 كتاب تعليمي في المناهج المصرية من الصف الاول الى التاسع، بحيث يتم اسقاط صفة العدو على اسرائيل، وكأن فلسطين تحررت، والقوات الاسرائيلية انسحبت منها، والدولة الفلسطينية قامت.

هذه ليست مصر التي نعرفها، وهذه المجموعة من الصحافيين الذين يستنجدون بها من اجل نصرتهم على سد النهضة، لا ينتمون الى صحافتها الوطنية التي ما زالت تتبنى عقيدة مقاومة الاحتلال، وتجرم التطبيع.

اسرائيل لا يمكن ان تقف في خندق مصر ضد اثيوبيا وسدها الذي يهدد بتجويع ملايين المصريين، لأنها صاحبة فكرته، وشركاتها هي التي تموله وتبنيه، ومن المؤسف ان السذاجة والسطحية، وطمس الحقائق، هي السائدة هذه الايام في هذا الزمن الرديء.

افتتاحية رأي اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى