العرض في الرئيسةفضاء حر

عبد الكريم الحوثي والسلطة غير المرئية!

يمنات

محمد محمد المقالح

عبد الكريم الحوثي ليس مقاتلا كابي علي او ابي حسين او غيرهما ممن اشتهروا كقادة ميدانيين لانصار الله، و ليس له سبق كثير في جبهات القتال طوال الحروب الستة و العدوان السعودي على اليمن.

و هو ايضا ليس سياسيا و ليس له اي سبق في السياسة و الحوارات السياسية و الخطابات السياسية، و لم تجده يوما في اي محفل من محافل السياسة و الاجتماع ابدا.

كما انه ليس رجل دين او مفكرا في المسيرة القرآنية او واعظا دينيا يحاضر في المساجد و المدارس و الجبهات و المواقع والميادين و لم تسمع به هذه الاوساط الدينية و الفكرية و السياسية.

مثل ما تسمع بغيره ممن يشتغلون في هذه الحقل الوعظي او الارشادي..

لا يجده جيرانه في مأتم أو عرس أو مناسبة خاصة أو عامة في الحي الذي يسكنه. و قد ضاعفت ظروف هذه الحرب العدوانية على اليمن و حرص العدو على استهداف قادة انصار الله من هذه العزلة التي يحكمها الرجل على نفسه.

و الخلاصة لم يسبق و أن عرفه معظم اليمنيين من قبل إلا حين كان وسيطا بين حركة انصار الله و علي محسن؛ و كان معظم أوقاته في صنعاء، و حينها قرر علي صالح اعتقاله في سجن الأمن السياسي بدون سبب سوى لاسمه الحوثي و قربه الأسري من السيد عبد الملك الحوثي؛ و لدوره في الوساطة مع علي محسن مثل المئات الذين اعتقلوا ظلما و عدوانا على خلفية الحروب الاجرامية على صعدة، ثم و بعد فترة أشهر جاء الصلح و قرر صالح ان يخرجه الى قطر مع آخرين، و لكن هذا لم يتم حتى افرج عنه في نهاية الحرب.

هذا كل ما يعرفه الرأي العام عن السيد عبد الكريم أمير الدين الحوثي؛ عم السيد القائد عبد الملك الحوثي، و لكن الذي لا يعرفونه عنه هو أن هذا الرجل هو صاحب السلطة الفعلية في حركة انصار الله في صنعاء، و هو و معه المكتب التنفيذي الذي يرأسه هو ذاته الآمر الناهي في كل صغيرة و كبيرة تقريبا..

* معظم قرارات اللجنة الثورية تمر من لديه أو تمر عليه و معظمها قرارات توظيف في المؤسسة الحكومية أو تلك و معظم قرارات اللجنة الثورية التي اتخذت فعلا، و لم تصدر يشكي اصحابها انه و مكتبه التنفيذي من تسبب بمنعها او تأجيلها إلى اجل غير معلوم. بما في ذلك قرار تعيين النائب العام قبل ان يعين مكتبه التنفيذي و لجنته الرقابية نائبا عاما؛ ثارت حوله الشكوك من اللحظة الاولى لسماع اسمه.

* معظم اللجان الثورية التي اتخذت فيها اللجنة العليا قرارا بإلغائها جميعا؛ ابان حياة الشهيد عبد الكريم الخيواني هي اليوم باقية؛ و يدعي معظم اعضائها انهم تحت حمايته و على صلة بمكتبه.

معظم اليمنيين لا يعرفونه؛ و لكن معظم الانتهازيين و الباحثين عن وظائف أو بعض من فتات سلطة يعرفونه جيدا؛ و يعرفون – كما هو حالهم في كل زمان و مكان – انه و مكتبه التنفيذي من يملكان السلطة الفعلية اليوم.

يقول خصومه – و كثير منهم كتبوا ذلك – انه يشرف على الأموال و إدارتها عبر الايجارات و الاراضي و الجبايات..

و معظم الفساد الذي غزى الحركة و داخل سلطة الأمر الواقع تم من طرق عبائته و امثاله من اصحاب السلطة غير المنظورة، و هي سلطة فضفاضة غير محاسبة يدخل منها كل شيء و معظم الاستبداد في السجون جاء بسبب ان الامنيين من اصحابه حالوا بين اللجان التي شكلها السيد بهذا الخصوص دون اكمال اعمالها او هكذا تشكوا كثير من اللجان.

عبد الكريم امير الدين الحوثي يشغل منصب رئيس المكتب التنفيذي و هي السلطة الخفية التي تدير سلطة الامر الواقع في اليمن بدون رقابة ولا محاسبة، و لذلك فهو يحكم ولا يسأل، و هذا سر اخطاء انصار الله الكبرى، و هذا ما يحدث مع اخرين غير عبد الكريم الحوثي ممن لا يسألون على سلطتهم، و لربما لو وضع غيره في نفس المكان لعمل عمله.

لا تسألوا اليوم عن اللجنة الثورية فهي شكلية الى حد كبير و لا تسالوا عن المجلس السياسي فهو مجلس شكلي الى حد كبير ولا تسالوا عن ابو احمد وان كان من واجبكم ان تسألوا، و لكن الاصل ان تسالوا عن صاحب السلطة الحقيقية ابو محمد.

يعتقد هو نفسه انه صاحب مجد و حضوة ظلت طريقها إلى ابن اخيه و أيا كانت مكانته الاسرية في اسرة بيت الحوثي، لكنه يعتبر نفسه الوصي عليها و على حركة انصار الله برمتها و يستمد قوته و بهررته ضد المساكين الضعفاء فقط لأنه قريب من السيد عبد الملك الحوثي و اكبر منه في التراتبية الاسرية و بهذه المكانة يمارس عليه و على غيره من آل الحوثي ما يشبه الابتزاز و يمارس على كثير ممن ينتقدون اخطاء مكتبه التنفيذي شيء من الارهاب الفكري لإسكاتهم و عن طريق سيل من المطبلين و المداحين و مترزقي الله عبر وسائل اعلام الدولة و الحركة.

لقد قيل ان لكل زعيم نقطة ضعف و رجل قريب يكون سببا لافوله و نقطة ضعف قائد ثورة 21 سبتمبر السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي هو العم عبد الكريم امير الدين رضي الله عنه.

* يبقى ان نقول انه لا زال ثمة فرصة للإصلاح و الأمر بيد السيد عبد الملك الحوثي نفسه، و لكن لا اصلاح ابدا في ابدال شخص باخر يكون له نفس القرابة او نفس السلطة و حتى لو كان انقى الناس و اتقاهم فلن ينجوا من لطخات الفساد و الاستبداد؛ طالما و هو يحكم من خارج مؤسسات الدولة؛ و طالما و هو لا رقيب و لا عتيد عليه من الناس؛ و هذه هي المشكلة أولا و أخيرا.

زر الذهاب إلى الأعلى