العرض في الرئيسةفضاء حر

مفهوم الفرز السياسي واعادة انتاج منظومة المصالح الوطنية

يمنات

جلال حنداد

المنشور من وحي رؤية واهداف حزب الانقاذ الوطني

كثيرا ما يتحدث الكتاب والاعلاميين ورجال السياسة عن ضرورة فرز سياسي جديد كمتطلب جوهري للتغيير في اليمن .. لكن غالبيتهم يسطحوا تلك الضرورة حين يختصروا مفهوم الفرز السياسي في انتاج جيل جديد من السياسيين، فظهور جيل سياسي جديد من الشباب يحل محل السياسيين الذي شاخت اعمارهم لن يحل المشكلة مالم تتغير الاطر والحوامل السياسية التي يتمترس فيها الجيل الأول من السياسيين. وناسجي مصالحهم السياسية و الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة بطرق لا مشروعة في الاطر الهيكلية والأنساق البنيوية لتلك المكونات والاحزاب والحوامل السياسية، التي تتحكم في المشهد القائم بعبثيه واعتباط.

ان احلال جيل سياسي جديد من الشباب داخل هذه الاطر والاحزاب لا يشكل فرز سياسي بقدر ماهو توريط سياسي لهذا الجيل القادم وتبيئته داخل متظومة الفساد السياسي القائم لقاء حصة بسيطة من المصالح المخنوقة اللامشروعة.

الفرز السياسي الذي يتطلبه واقعنا هو اعادة انتاج مجموعه المصالح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكلية للمجتمع بقوالب وطنية متناسقة مع متطلبات بناء الدولة وبلورة حوامل سياسية جديدة من واقع تلك المصالح الجمعية تحمل على عاتقها اعادة صياغة منظومة العلاقات الاجتماعية وفق محددات ومصالح مشرعنة ومقوننة تتوخى في عمقها حاجات الناس ككل. الحاجات ومتطلبات الدولة والمجتمع بصفتها اولويات واهداف كبرى؛ وفي ذات الوقت تنجز من مجمل حيويتها وفاعليتها السياسية انجاز مسارات تحول دون اعادة انتاج المصالح القديمة والمتصارعة داخل الاطر البنيوية للدولة والمرجعيات التي توجه انماط علاقات المجتمع وتؤطر ادوات ممارستها المقوننة في الواقع الجديد. بما معناه عزل تلك المصالح المتصارعة عن ادارة الحياة وتوجيه الشأن العام.

و لن يتأتي ذلك العزل الا من خلال تفكيك مكونات تلك المصالح المشبوهة وفق آلية وطنية رشيدة وبأدوات تستمد مشروعيتها من الارادة الشعبية وتجد فاعليتها في الحوامل والاحزاب الجديدة، و عملية التفكيك هذه ليست بالأمر السهل الا حين تكون الثورات الشعبية هي من تنجزها، و طالما قد اخفقت ثوره 2011م في ذلك فان هذا المسار اصبح اكثر تعقيدا وتداخلا، و هو الامر الذي يحتم على الكتلة الوطنية بمفهومها الجمعي وفق التي لم تنخرط في الصراع وتتلوث بفساد المصالح القائمة المتسارعة الى الاضطلاع بمهامها الكبرى، ممثلة إبتداءا بتخليق حوامل واحزاب سياسية جديدة تضطلع بمهام المرحلة وتعيد دمج وانتاج وموائمة ما تبقى من مكتسبات اليمنيين التاريخية في صيغة وطنية جديدة جامعة تتمثل مصالح المقهورين وتؤسس لبناء دولتهم الضامنة بمفهومها المدني الديمقراطي الحديث.

و يضاعف من هذه ضرورة هذه الخطوة اننا اليوم دولة ومجتمع قد بدأنا الانزلاق الى فخ المكونات الدينية المتصارعة والتي طغت على المكونات السياسية القائمة في مسعى منها لإنجاز حلولها في سده الحكم وبناء منظومة مصالحها فوق ذات الارضية القديمة الملغومة بالفساد وبعمق ديني يزيد من تعميق تلك المصالح في الاطر ولمجتمعيه.

و هذا لو تم سيكلفنا ثمنا باهظا على المستويات وسيضاعف من معاناه اليمنيين، لعقود كاملة؛ و لكل هذه المحاذير يجب ان يحشد اليمنيين طاقاتهم من جديد وتوجيهها نحو اهدافهم الوطنية الكبرى؛ عبر تخليق وتأسيس حزب سياسي جديد يتبلور من خارج دائرة الفساد ومنظومة المصالح والمتصارعة ويحمل في اجندته النضالية انجاز المهام الكبرى واعادة انتاج وفرز المصالح الوطنية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، في صيغ جمعيه تستند على القيم الوطنية التي تحقق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وما الى ذلك من مضامين واهداف.

زر الذهاب إلى الأعلى