العرض في الرئيسةفضاء حر

تساؤلات بإمكانها ان تفجر جميع القبور ليخرج منها الموتى غاضبون..!

يمنات

وائل جميل

ودفنت جثة العبسي بيدي..!

شيء مؤلم في الموت انه يرغمك على ان تدفن اشخاص تُحبهم، وبيدك..!

الا يكفي بأنه قد سلب صديقاً..؟!

الساعة الواحدة ظهراً:

المقبرة تضتج بالوافدين و بالصحفيين اكثر، و بقبر مفتوح، متعطش لمجيء جثة، غضب جماعي و تساؤلات حول الجريمة، تُطرح..!

تلك التساؤلات التي بإمكانها ان تفجر جميع القبور، و يخرج منها جميع الموتى غاضبون..!

يلتقط سماعك، بعض التنظيرات و الفلسفة المُستهلكة التي تم طرحها سابقاً في صفحات فيسبوكية و مواقع إلكترونية..!

سألت احد الزملاء:

إذاً، ما الذي يمكنهم ان يقدموه لقضيته هؤلاء ورعان الصحافة اليمنية..؟!

اجاب ببرودة حزينة:

لا شيء، وحده “محمد” من يستطيع ان يدون تقارير لقضيته و ينتصر لها، كما كشف و انتصر على فساد القتلة بتقاريره..!

أصوات تكبيرات من مكان ما، نسمعها، تكبيرات ترتجف لها الأذان، شعرت بقشعريرة تستوطن الجميع، تقترب التكبيرات اكثر، تعلو، يظهر من امام خارج البوابة شيئاً ما يُحمل، على أكتاف تحمل رؤوس منحنية، تحدق، يا إلهي:

إنها جنازة “محمد عبده العبسي”..!

حزن استعر بأعماقنا الجحيم..!

حين تكون صحفي مبتدئ، شعور مؤلم، ان تحمل فوق كتفيك، جنازة احد اعمدة الصحافة اليمنية..!

تطرحها، فتطرح روحك معها..!

الساعة الواحدة والنصف..

سمعت احدهم يقول:

قطعة كبد صغيرة من جسده تم إرسالها للخارج للتشريح، هي لكشف الحقيقة و إثبات للجميع، انه قُتل مسموماً، لا اكثر..!

من سيعاقب القتلة..؟!

الحاضرون يتأملون الى وجه “محمد”، و يلوحون بالمغادرة، في الوقت الذي لا تزال الجنازة مركونة امام القبر..!!

يصرخ احد الشباب:

اين حفار القبور..؟!

يتسأل الكاتب محمود ياسين، لما الحفار..؟!

القبر ضيق على الجثة يا استاذ..!

نتسأل جميعاً اين حفار القبور..؟!

يجب احدهم:

لقد استلم ماله و ذهب قبل مجيء الجنازة و ترك القبر حتى بلا طوب بلك..!

لا بأس تصرفوا بسرعة، حرارة الشمس ستذوب جثته المتجمدة، بسرعة، اوه احذروا من الأحجار المتساقطة الى داخل القبر، قالها محمود..

اوه احذروا من سقوط احذيتكم..

الروائي محمود يتحول الى مشرف قبر..

ثم تسأل فجأة:

هاه، اين حذائي..؟!

اجاب عليه احدهم، حذاؤك سقط الى داخل القبر يا محمود..!

لحظات و بدأ الحشد الهائل، يقل..!

ذهب الكُتاب و الصحفيين و السياسيين و العميقين و بقى فقط محمود ياسين و خالد عبد الهادي و انيس الجهلاني و أحمد الولي و يزن الازرقي و مجموعة قليلة يُعدون بأصابع اليد، ظلوا، يجلبون الماء و يضعون التراب عليه..!

سمعت احدهم يقول:

ما الحشد حشد، لكن وقت الصدق و الحاجة لهم، ذهبوا..!!

قاطعة احدهم بسخرية:

يا أخي عجلين بيدخلوا الفيسبوك ينشروا و يعبروا عن حُزنهم و وجعهم برحيله..!

كائنات عجيبة..!

لوحنا بالمغادرة، تاركين خلفنا، “محمد”، و قضية شبة مدفونة، و قبر مُهمل، و دموع أب، و بقية ماء و طين، و محفر، و مقبرة موحشة و حارسها..

و حملنا معنا “محمد” ايضاً..!

ملاحظة: و انا في عُمق حُزني، جذبني الحارس المُتكي على بوابة المقبرة غير مبالي بنا..!

تذكرت وقتها مقتطفة لفتحي ابو النصر في كُتيب له بعنوان موسيقى طعنتني من الخلف:

ألا يدري حارس المقبرة انه ليس له من فائدة..!

وداعاً يا صديقي

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى