العرض في الرئيسةفضاء حر

هكذا سيلتقي اليمنيين مجددا وينتهي الصراع المسلح

يمنات

محمد عايش

لن يصدق أحد هذا، ولكن بما أنكم يمنيون فستعرفون عن ماذا أتحدث بالضبط:

(1)

أعرف أباً وابنه؛ الأب يقاتل مع هادي والسعودية، والإبن مع الجيش واللجان الشعبية.

الأب يقاتل بدافع الحفاظ على مرتبه، فهو ينتمي إلى وحدة عسكرية كانت ترابط في مأرب منذ ما قبل الحرب، وأعلنت ولائها لــ”الشرعية”.

والإبن يقاتل بدافع وطني ضد السعودية.

يسافر الإثنان سويا، حين تتصادف إجازاتهما معاً، عائدين، عبر صنعاء، إلى جبهتيهما في مأرب.

يفترقان في فرزة مأرب. يصل الأب إلى معسكره فيتصل بزوجته: هل اتصل سامي (وهذا الإسم الذي أستعيره هنا للإبن) وهل وصل إلى جبهته؟ وهل هو بخير؟

ويتصل الإبن، حين يُسمح له باستخدام التلفون، إلى أمه: هل اتصل أبي؟ هل وصل إلى المعسكر؟ وهل هو بخير؟؟.

(2)

حي في وسط صنعاء، يضم حوثيين ومؤتمريين وسلفيين وقليلا من الإصلاحيين.

عدد من شباب الحي، من السلفيين، يقاتلون مع السعودية، وعدد، من الآخرين، ضدها.

وفِي عيد الأضحى الماضي عاد أفراد من المقاتلين، من الطرفين، إلى صنعاء للإجازة، أدوا صلاة العيد في مسجد الحارة، وبعد الصلاة تبادلوا السلام والمعايدات، وهمساً وبمزاح: أهلاً يا مرتزق، أهلاً يا حوثي. وقضوا إجازة العيد معاً.

ليس من صفقة بين الطرفين، ولكنه التواطؤ الاجتماعي الضمني، لقد نشأوا سويا في هذا الحي، وكلٌ يعرف الآخر، في الغالب، منذ طفولته، وهذا أمرٌ فعله أعمق من أي أثر لانقسامهما الدموي.. هناك في الجبهات.

بالطبع ما من صراحة كاملة في الموضوع، إذ يعتمد المقاتلون السلفيون على فكرة أن بقية أهل الحي يشكّون شكاً فقط في كونهم يقاتلون في مأرب، وهو شك لا يكفي بأن يشوا بهم أو يؤذوهم بسببه.

ومن جانبهم يفضّل المنتمون للمعسكر الآخر إبقاء الأمر على هذا الحال من عدم الصراحة الكاملة، كي لا يدفعهم الوضوح إلى الإقدام على فعلٍ ضد أناس تجمعهم بهم سنوات من العشرة والمعرفة.

في أحد الأيام اعتقل أنصار الله صاحب الدكان في الحي، هو سلفي وأبناؤه جميعاً كمايقال في مأرب، فاجتمع سكان الحارة، وعلى رأسهم الحوثيون والمؤتمريون، وذهبوا جميعا لإخراجه من السجن وأخرجوه فعلاً (للأمر علاقة بكونه طيبا ويعرفونه طوال حياته، وليس بسبب مديونياتهم الكبيرة لدكانه).

********

لو أوقفت السعودية عدوانها، وأوقفت أية تغذية لحربٍ داخليةٍ لاحقاً..

ولو تواضع السياسيون اليمنيون أمام مجتمعهم، وحقائق تعايشه..

أعدكم بأن يلتقي كل اليمنيين مجددا، وسينتهي أي صراع مسلح داخلي، حتى ولو خلف وراءه أزمة سياسية وتعقيدا في الأوضاع الأمنية.

كان قاسم منصر أكبر وأهم قائد في الصف الملكي، ولكنه قبل ذلك كان جندياً يقاتل مع الجمهورية، وحين رفض العمري أن يمنحه رتبةً، استقطبه الملكيون ومنحوه نفس رتبة العمري (فريق)، فصار أبرز قائد لديهم.

ولما رحل المصريون عاد إلى الصف الجمهوري، قائلاً: نحن الآن جميعاً يمنيون ونستطيع أن نتفق.

المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى