العرض في الرئيسةفضاء حر

بين الدهشة والذهول والرعب .. هذا ما حصل في وقفة التحرير بصنعاء

يمنات

منير ابلان

عدد من الاحتمالات وضعتها لردود الفعل الناتجة والتي قد تترتب عن الوقفة الاحتجاجية التي دعونا لها في ميدان التحرير، وكنت أظن أني قد بالغت في بعضها .. لكنني لم أكن أتصور أن يحدث ذلك السيناريو الذي حدث بجميع تفاصيله من قمع وعنف ووحشية خصوصا بعد رسالة وصلتني بخصوص تأكيد حماية وتأمين وقفتنا الاحتجاجية والتي قمت بإرسالها للقاضي أحمد سيف حاشد في حينه برساله وذهبت للنوم.

و في الصباح أتجهت إلى منزل القاضي حاشد لنذهب سويا لميدان التحرير بسيارته، وفي الطريق قلت للقاضي حاشد بسذاجة وتفائل شديد ان الوقفة الاحتجاجية ستمر بسلام، وسألته هل وصلت رسالتي وقرأها .. ففوجئت برده: أيوه وصلت، وقد تم اقتحام بيت القاضي قطران واعتقاله.

لم استوعب الكلام وسيطرة علي نوبة من الصمت وبدأت أحاور نفسي: كيف تحولت رسالة الاطمئنان إلى أحداث تنافي مضمونها..؟

لم تطل غيبوبة الصمت التي اعترتني سوى دقائق قليلة قبل أن نصل ميدان التحرير وندخل موقف السيارات المدجج بالمسلحين الذين ترتسم ملامح السخط والغضب الشديدين على وجوههم وتخفي تفاصيلها.

أحد المسلحين يهرول نحونا وهو يصيح مؤكدا لرفاقه بوصولنا وسرعة التوجه إلينا، والذي بمجرد وصوله و وصول السيارات (الشاصات) المدججة بالمسلحين إلى جوار السيارة قام بضرب باب السيارة الخاص بالسائق (ابن القاضي حاشد) ومحاولة إنزاله وسحبه من عليها، في حين هرع من على الشاصات نحو باب السيارة الذي يتكأ عليه القاضي في مشهد تجاوز تلك التي نشاهدها في الأفلام الاكشن البولوودية، فنزل القاضي من على السيارة ومازال القبيلي المصيح مشغول بالسائق ومن يجلس في الكرسي الذي خلفه (طفل لا يتجاوز 13 عام).

أسرع إبراهيم الذي كان يجلس على يميني بالنزول من على السيارة محاولا التخفيف من التعامل السيء الذي تجاوز حدود الادب مع القاضي من قبل المسلحين والمتزايد تجبرا وغطرسةً.

نزلت من على السيارة وتراجعت بهدوء للوراء حتى وصلت الرصيف وعيناي بذهول تراقب وترصد الهمجية والعنف في التعامل مع القاضي وتلك الطريقة المستفزه لاعتقاله .. شاهدت كيف اجبروه على ركوب سياراتهم (الشاصات) ومن ثم بقية من على السيارة، وكيف قام أحد المسلحين بسحب الطفل ذو الثلاثة عشر من على السيارة وحملة إلى فوق أحدى شاصاتهم.

و فجأة أرى عدد من المسلحين يركضون نحوي فضننت أنهم أنتبهوا لي ولتسللي إلى الخلف لم استطع التحرك أو النطق بكلمة واحدة حتى وصلوا إلى أمام فإذا بهم يسحبون موبايل رجل مسن كان يقف إلى جواري حاول تصوير العملية النوعية للمسلحين التي تحدث أمامه .. أخذوا تلفونه من يده بطريقة مستفزه جدا وعادوا إلى سياراتهم التي تحركت بسرعة فور صعودهم إليها.

ما زال صوت القاضي حاشد يتردد في أذني للحظة وهو يصرخ فوق المسلحين لأسلوبهم وهمجيتهم وغطرستهم في القمع والاعتقال التي تجاوزت معاملة العبيد عنفا وأدبا.

مشاهد تعيد نفسها ويكتض بها رأسي الذي يكاد أن ينفجر بتفاصيل لم أستطع أستيعابها وليس تقبلها، فما حدث تجاوز تلك الاعمال التي يمارسها الصهاينة على أبناء فلسطين المحتلة وربما لم تخطر بعد على عقولة بل وحتى مخيلتهم.

بين الدهشة والذهول والرعب ضاعت الكثير من التفاصيل التي لم استطع سردها أو لا مجال لذكرها هنا، وأضعت الأمل في تلك الأمال والأحلام التي طالما شغلتني، بل وفقدت الشعور بالأمان ويسيطر علي كما هائل من الخوف مما هو قادم.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى