حوارات

الغربي عمران: ما نعيشه نتاج ثورة شاذة

يمنات – صنعاء

يثير محمد الغربي عمران في أعماله السردية إشكالات كثيرة على صعيد الجنس والدين والسياسة، وهو ما جعل أعماله تثير ردود أفعال متعددة وصلت في بعضها حد الرفض والمصادرة بل والفصل من الوظيفة. ابتدأ مشواره الأدبي كاتب قصة قصيرة، وأصدر مجاميع قصصية اتسمت بالجرأة والنقد الجارح للواقع والعادات الشاذة في المجتمع. وجه فيها نقداً لرجال الدين والسلطة كما وجهه للنافذين في المجتمع.

تعمقت لديه التجربة السردية وتوسعت، وامتدت بجرأتها وقسوتها في أعماله الروائية بعد ذلك، ابتداءً من رواية «مصحف أحمر» التي وجه فيها نقداً لاذعاً لطبقة الإقطاع (المشايخ) في المجتمع، وكذلك للنافذين في السلطة الذين مثلوا – من وجهة نظر الرواية – وجهاً آخر من وجوه المشايخ والقبيلة برجعيتها وسحقها لإنسانية الإنسان، مروراً بروايته الثانية، «ظلمة يائيل»، التي عالجت تاريخياً أوضاع اليمن وإنسانه في حقبة سادتها الإضطرابات والانقلابات العسكرية / المذهبية، وكذلك في روايته، «الثائر خنثى»، التي تثير إشكالاً جوهرياً بطرحها سؤالاً إشكالياً عويصاً هو من الذين قاموا بثورة 26 سبتمبر في ستينيات القرن الماضي، وهي الرواية التي تنتهي نهاية دراماتيكية؛ إذ تكشف أن الذي تولى الحكم ليس إلا النظام الساقط ذاته، ثم في روايته، «مسامرة الموتى»، التي تعالج حقبة حكم الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، وتُعدّ امتدادا لروايته «ظلمة يائيل». في الحوار التالي إجابات جريئة لا تقل جرأة عن طروحاته في أعماله السردية:

في رواية «مصحف أحمر» تنسحب الدولة وتهيمن القبيلة على مصائر الناس، ما دلالة ذلك من وجهة نظرك؟ وكيف تقبّل قارئ السلطة ذلك؟

السلطة كما تعرف في اليمن منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر مكونة من تحالف العسكر والمشايخ والإسلامويين. ولذلك يرى هذا الثالوث في الثقافة والمثقف خطراً على تسلطهم. وعلى مدى نصف قرن كرسوا نظامهم وجذروه، معتمدين على التدجين والتجويع والتجهيل. فسلطة صنعاء قائمة على تحالف الثالوث، ومن يسمون بالشرعية يشكلهم الثالوث نفسه. ثالوث السلطة لا يقرأ بل يستمع إلى تقارير مخابراته، ليقصي هذا ويطارد ذاك. همهم تدجين الكتاب ليدوروا مسبحين لبطولات كاذبة وإنجازات وهمية. 

في رواية «ظلمة يائيل» تصبح صنعاء مسرحاً للحركات الإنقلابية السياسية التي تستمد وجودها من النزعات المذهبية، وعقب كل انقلاب تتعرض هذه المدينة للدمار، كيف تنظر إلى هذه الموضوعة؟

المستعرض لتاريخ جنوب شبه جزيرة العرب على مدى ألف وأربعمائة سنة لن يجد إلا ثقافة الغارات والسلب والنهب. وصنعاء فقدت مركزها يوم فقد جنوب شبه جزيرة العرب دوره الحضاري والإنساني، ليدخل في دوامات متتالية من الإغارة والتدمير، ودوماً باسم الدين. هذا ما أرادت ظلمة يائيل قوله. وللعلم، هذه الرواية كان عنوانها «ظلمة الله» وهو الإسم الذي رفضته دور النشر، لتصدر بعد ذلك بعدة عناوين من عدة دور نشر.

تطرح روايتك «الثائر» سؤالاً إشكالياً لا يبدو بريئاً مفاده: من الذي قام بالثورة ولماذا قام بها؟ لماذا هذا السؤال وفي هذه الفترة بالذات؟

بالعودة إلى إرهاصات ثورة 62 في اليمن على الإمامة، ثم أكتوبر على المستعمر الإنجليزي، ندرك أن الشعب كان مغيباً، وأن ثالوث العسكر والإسلامويين والقبيلة قد خططوا لها بداية بمقتل الإمام يحيى على يد القردعي، وبتخطيط من الإخوان المسلمين، مروراً بحضور القبيلة والعسكر في مقدمة صفوف الثورة، ثم بتحقيق الوحدة، نهاية بما وصلت اليمن إليه. اليوم اليمن رهينة لعصابات تعمل بأوامر وبتمويل من خارج البلد، وهذا الصراع الظاهر بين الشيعة والسنة شكلاً أو أدوات يكشف لنا أن ما سميت بالثورة اليمنية محض وهم.

لكن يبدو عنوان هذه الرواية «الثائر خنثى» حاملاً لوجهة نظر مسبقة تجاه الثائر، إذ يصفه بصفة تعطل فيه صفة الثورة وتجعله فاقداً للرجولة، ما المغزى من ذلك؟

عنوان الرواية الذي نشرت به هو «الثائر»، وهو العنوان الذي اقترحته دار النشر، وليس «الثائر خنثى»، وعنوانها الذي وضعته أنا هو «خنثى». وتعلم بأن الشخصية المحورية «قمر» ذات جنس ملتبس، ذلك شيء. ثم ما نعيشه اليوم هو إنجاز لمن نسميهم بالثوار، فأين الحقيقة؟ بعد أكثر من نصف قرن تعود الإمامة بقوة، وبتحالف من العسكر والقبيلة، وينشب ظاهرياً صراع مذهبي، وكأن أولئك الثوار ملتبسون، فلا استقرار، ولا رخاء، فقط تنامي المذهبية، تدجين الشعب. و«قمر» الشخصية المحورية في «الثائر» كان قدره أن يكون خنثى، ومن نسميهم ثواراً أنتجوا التخلف والديكتاتورية، بل وأسهموا بتسلط الإسلامويين ووكلاء الله على بلدنا. فما نعيشه من خراب هو من إنجاز ثورة شاذة أو مشوهة.

في بعض أعمالك الروائية تظهر الشخصية المحورية صاحبة حرفة فنية: خطاطاً، نقاشاً، رساماً… من أين تستقي العناصر الأولية لهذه الشخصيات؟

حين نعود إلى نقوش حضارة جنوب الجزيرة العربية ما قبل 1400 سنة، تلك النقوش والرسوم التي تتناثر على الصخور، ونترجم الترانيم التي نقشت على جدران المعابد، وحين نزور متاحفنا ماذا نجد؟ نجد إنسان هذه الأرض فناناً، إضافة إلى نقوش أدبيات بعض المذاهب كالمذهب الإسماعيلي الباطني في مخطوطاتهم، وكذلك زخارف المساجد والمخطوطات التراثية. كل تلك أستقي منها روح الإنسان، متخيلاً تلك الشخصيات وريثة تلك الحضارة.

تمثل رواية «ملكة الجبال العالية» استكمالاً لـ«ظلمة يائيل» وامتداداً لها، هل ترى أنها قد أوصلت الفكرة التي كنت تطمح إلى إيصالها للقارئ؟

ملكة الجبال العالية هو عنوان مخطوطة الرواية حين شاركت بها في جائزة كتارا، وقد صدرت مؤخراً في بيروت بعنوان مملكة الجواري. والرواية كما تعرف مكونة من روايتين: المتن وقد صدرت عن دار الهلال بعنوان مسامرة الموتى. صحيح، مملكة الجواري هي الجزء الثاني لظلمة يائيل؛ حيث أحببت أن أغطي عصر الدولة الصليحية الباطنية في جنوب جزيرة العرب. ولا أصف روايتي بما يعرف بالرواية التاريخية؛ فأنا أقرأ ما بين سطور التاريخ ما لم يكتبه المنتصر، لأقدم حياة متخيلة للمجتمع في ذلك العصر، ولأن من كتب تاريخنا هو المنتصر، فإنه تاريخ مزيف، ولذلك اعتمدت على الخيال لأقدم ما لم تذكره تلك الكتب. 

كثيراً ما يتساءل القارئ بعد قراءة رواياتك، خصوصاً «ظلمة يائيل» و«الثائر» و«ملكة الجبال العالية»، عن موادها الأولية؟ وكيف تشكلت في وعيك؟

تخصصي تاريخ، وأعشق لعبة التاريخ، فتلك الكتب عادة ما يستفزني زيفها، وأجدني أتخيل أثناء قراءتها أحداثاً ودسائس ومثالب لم تذكرها تلك الكتب، وقد وصفت شخصيات العصر الذي تؤرخ له بالأبطال، بينما أراهم مجرد معتوهين قتلة، مقارناً بينهم وساسة اليوم وما يصنعون بنا، لأزاوج بين أولئك ومن نعاصرهم. لحظتها، تتوالد الأفكار، كما تبدأ مسارات لأحداث متخيلة، بعدها تكتمل لدي الصورة لأبدأ بالتخطيط لنسج عملي الروائي.

كنت قد فزت بجائزة «كتارا» عن روايتك «ملكة الجبال العالية»، ثم حجبت الجائزة، ما هي ملابسات هذا الحدث؟ وما انعكاساته على نفسيتك؟

نعم، فازت مملكة الجبال العالية، وقد قدمتها في فئة غير المنشور، وكان المفترض إعلان النتائج كما هو معلن في أول أغسطس 2016، ولذلك كنت متفقاً مع دار الهلال بالقاهرة على إصدارها في نهاية أغسطس، لتفاجئنا كتارا بتأجيل إعلان النتائج إلى بداية أكتوبر بمبرر عدم قدرة لجان التحكيم على إكمال أعمالها لكثرة الأعمال المقدمة. وبعد إعلان النتائج، اشتعلت وسائل الإعلام بأن الرواية منشورة، وبذلك أخلت بالشروط، لتُحجب الجائزة عنها. وبالطبع يتأثر أي كائن في مثل هكذا فعل، لكني صرحت في وقتها بأن المسابقة لا تخصني، ويهمني أن تستمر في مصداقيتها. ولم تحركني الأنانية، والأيام قادمة، وأنا على ثقة بأنها تخبئ لنا ما هو أجمل. 

هناك أسباب مختلفة لما تسميه بالضجة من عمل لآخر، فمثلاً رواية مصحف أحمر صودرت منها 200 نسخة في مطار صنعاء، وهي النسخ التي أرسلت من دار النشر في بيروت، ثم مُنعت في أكثر من معرض عربي للكتاب مثل: الرياض، الكويت، وصنعاء… ولم تطبع عربياً منذ 2010 حتى الأمس، حين غامرت دار بردية في القاهرة بطباعتها. ورواية ظلمة يائيل لأنها فازت بجائزة الطيب صالح المرتبة الأولى ولذلك لاقت رواجاً. وأما ملكة الجبال العالية حسب عنوانها قبل النشر أو مملكة الجواري بعد نشرها من دار هاشيت أنطوان في بيروت لأنها فازت في مسابقة كتارا، ثم حُجبت الجائزة عنها للأسباب التي ذكرت لك سابقاً. ولذلك تجد أن لكل رواية أسباب الحديث حولها بالقدح أو المدح.

وأضيف أن الحملة عبر الفيسبوك ووسائط التواصل حول مسامرة الموتى كانت حادة؛ فيمنياً اتهموني بأنني عميل قطري، ولأنني أناهض الحوثي، وإلا لما فازت روايتي. كما اتهموني بتحويل الملكة أروى إلى عاهرة، وبأني شوهت التاريخ اليمني. وعربياً قالوا بأني مخادع ومحتال كبير خدعت الجائزة، وأن عملي لا يستحق الفوز، وأنهم فوزوني نتيجة لظروف اليمن.. إلى ما هناك من اتهامات كثيرة.

يلاحظ المتابع لإصداراتك أنك تنشر بعض رواياتك بأكثر من عنوان، ألا تعتبر ذلك خللاً؟

صدقت. فإن الرواية الوحيدة التي نشرت بالعنوان الذي وضعته هي مصحف أحمر ولم تنشر بعنوان آخر. لكن «ظلمة الله» عنوان رفضته دور النشر، لتنشرها جائزة الطيب صالح بعد فوزها بعنوان ظلمة بعد حذف مفردة الله، ونشرتها دار طوى بعنوان يائيل، ونشرتها دار العين في القاهرة والمؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت بعنوان الطريق إلى مكة، ونشرتها الهيئة العامة المصرية للكتاب بعنوان ظلمة يائيل، وهو العنوان الذي عُرفت به الرواية.

أما الثائر فقد نشرته دار الساقي بيروت بعد رفض العنوان الذي وضعته أنا وهو خنثى، وأفكر بنشره ثانية بعنوانه الأصلي. وأخيراً ملكة الجبال العالية نشرته دار الهلال بعنوان مسامرة الموتى رواية المتن وحذفوا رواية الهامش لتخفيف الحجم، ونشرتها دار هاشيت أنطوان بيروت مؤخراً تحت عنوان مملكة الجواري مكتملة بروايتي المتن والهامش. وقد تستغرب إن قلت لك بأنني لا أعامل رواياتي بجدية، وأرى أن تعدد العناوين لا يشكل خللاً بل حالة تخصني. إضافة إلى أن الصراع بين الكاتب ودور النشر في اختيار العناوين هم آخر، فما يهمهم هو العائد المادي وعدم الحظر، ولذلك كل دار تفاوضك على العنوان الذي تراه آمناً.

ليست أعمالك نقلاً للواقع بل إعادة إنتاج له، إنها تقدم نقداً لاذعاً لمساوئه، هل جنت هذه الموضوعة عليك؟

أستخدم الواقع، أو ما حصل، كمنصة للوثوب عالياً، لأحلق بعدها معتمداً على الخيال. ومن الواقع أو ما يسجله كتاب التاريخ أستنتج ما بين السطور، لعلمي أن ما أقرأه كتبه المنتصر، وكله زيف. ما تعيشه شخصيات أعمالي قد يراها كل قارئ من زاوية مختلفة، لكنني أرى تلك الشخصيات مهمومة بثلاث نواح: الدين كمعضلة معاصرة، المرأة ككائن مستلب، الحرية كقيمة إنسانية فوق كل القيم. وإيمان تلك الشخصيات بما تمارسه يجعلني سعيداً رغم بعض المنغصات، ولا أهتم للرقيب الذاتي أو الخارجي، وأتحمل نتاج خياراتي.

سلطت الضوء على حركة الجبهة في رواية «مصحف أحمر»، وسميتها بمسماها الحقيقي «ثورة ضد الحكم في الشمال الرافض للوحدة حينها»، هل هذه هي التيمة التي جعلت نظام صالح حينها يعزلك من منصبك فور صدورها؟ أم أن تيمات أخرى هي التي فعلت؟

العسكري لا يرى في من حوله إلا تابعاً، والإسلاموي لا يرى في من حوله إلا أدوات له، والشيخ لا يرى في من حوله إلا رعية أغبياء. الكل في اليمن يرى في المواطن تابعاً ليس إلا، والنظام منذ نصف قرن يرى في كل كاتب خطراً داهماً يسعى إلى تدجينه أو سحقه. وبعد صدور مصحف أحمر عام 2010، تلاها صدور قرار إقالتي من عملي، وإلى اليوم دون عمل، وحينها احتجيت على سياسة تكميم الأفواه. ردوا عليَّ ببيان أنكروا فيه أن يكون ما ورد في الرواية سبباً في إقالتي، يومها تألمت، لأكتشف بعد مرور الوقت بأن الحاكم أهداني ما كنت أحتاجه، وأدركت أن ذلك القرار حررني من عدة قيود.

لا يكاد يخلو عمل من أعمالك السردية من تيمة الجنس والدين والسياسة، كيف تبرر ذلك؟

لا أبرر. فقط علينا إدراك أن الدين معضلة ويجب تناول ذلك في أعمالنا، والجنس حياة بدونه لا تستحق الحياة أن تعاش، والسياسة هم يجب خوضه. فعمل دون جنس هو بلا روح، وعمل روائي دون هدم يكون بلا رسالة، واذا أخلينا الرواية من الثلاثي الأهم، كيف تكون الحياة بلا ألوان ولا روائح أو مذاق؟ فالرواية حياة موازية.

من وجهة نظرك، هل يواكب النقد الإصدارات الأدبية في اليمن؟

النقد كسيح ليس في اليمن بل على مستوى الوطن العربي. والكم من الإصدارات الإبداعية لا يواكبه نقد جاد. وأرى المشهد الإبداعي أعرج. وهناك خلل فاضح من قبل النقاد عامة، وأجزم بأن العجز قد أصابهم. وعلى وجه الخصوص، في اليمن النقد غير موجود، عدى أسماء لا تتجاوز الثلاثة ممن صدرت لهم كتب نقدية مؤخراً، ومنهم: د. آمنة يوسف، ود. عصام واصل، ود. باقيس… ولذلك هناك شلل مخجل رغم عشرات المتخصصين من مدرسي الأدب.

كيف تقيّم الرواية في اليمن؟

أجدها حاضرة بصورة مقبولة رغم ظروف الحرب، وغياب أنشطة وزارة الثقافة ومؤسسات الدولة المعنية، وإن كان الحضور بجهد فردي. فهناك أعمال لافتة لأسماء تواصل إبداعها أمثال: نادية الكوكباني، نبيلة الزبير، صالح باعامر، على المقري، حبيب سروري، ياسر عبد الباقي، وجدي الأهدل، منير طلال، سمير عبد الفتاح، وليد دماج، بسام شمس الدين… إضافة إلى أسماء قوية من الكتاب الشباب ممن تحضر إصداراتهم السردية في معارض الكتاب العربي، وجل تلك الأعمال تصدر من بيروت والقاهرة. السرد في اليمن حاضر رغم البيئة الشعرية المسيطرة، فإن السرد يكسب مساحة أكبر يوماً بعد يوم، وسيأتي اليوم الذي ينافس السرد فيه الشعر.

الوحدة اليمنية على المحك، لقد أوصلها الساسة إلى مفترق طرق يبدو أن لا عودة منه، ما قراءتك لذلك؟

كلنا يعرف أن مصير بلدنا لا ترسمه القوى المحلية ومن نصفهم بالساسة، مجموعة عصابات يتشدقون كذباً بالشعارات الدينية والوطنية الرنانة، وأعلم بأنهم مرتزقة تسيرهم قوى إقليمية، لذلك لا أعول عليهم في حماية الوحدة، فالقرار قرار أسيادهم، هم أشبه بمندوبي مبيعات لا يملكون حتى أنفسهم. والوحدة ستستمر طالما من خارج الحدود يرى مصلحته في ذلك. وأذكرك بقصيدة البردوني: «أمير النفط نحن يداك ونحن أحد أنيابك»… إلخ. لكننا كمثقفين نؤمن بوحدة تحميها الحرية والعدالة، لا فوهات البنادق وجدران السجون. بل وعلينا أن نعمل على وحدة الجزيرة العربية.

في روايتك «ظلمة يائيل» نجد صورة لما يحدث الآن من صراع، هل كنت تتوقع أن ما يحدث الآن سوف يحدث بهذه البشاعة؟

لم أتوقع، وإن كانت الصراعات متوالية منذ ألف وأربعمائة سنة. ودوماً ترفع جميع الأطراف في حروبها اسم الله لإخضاع معارضيها واستغلال المجتمع، بداية برفض عثمان خلع نفسه، مروراً برفع عمر ابن العاص للمصحف… إلخ. وفي جنوب الجزيرة العربية كان الصراع أشد بشاعة. وظلمة يائيل ركزت على متواليات الصراع الديني، الذي وسيظل ما ظل الدين مطية، ولن يتخلص المجتمع إلا بجعل الدين بعيداً عن السياسة، بحيث يجرم الدستور ذلك، لتقوم دولة مدنية تعتمد على القانون لا على الدين.

ما جديدك؟

أكملت رواية شخصيتها المحورية موسيقار شعبي، جمعت فيها هيمنة الشيخ على الرعية، كما أفسحت هامشاً لفئة الأخدام في مجتمع الرواية، ورمزت لحكم العسكر، بما يوحي بما نعيشه من اقتتال مذهبي. الرواية فيها كثير مما يجب أن يقال.

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى