العرض في الرئيسةفضاء حر

سوء اختيارات المترجمين العرب

يمنات

حسين الوادعي

نصيحتي الدائمة للشباب هي ان يقرأوا بلغة أجنبية ولا يكتفوا بالقراءة بلغتهم الأم، أو الاكتفاء بترجمات المترجمين العرب لبعض عناوين الثقافة الغربية.

لي تجربة طويلة مع الترجمات الى العربية توصلت من خلالها الى أن المترجم العربي (باستثناءات قليلة) متعصب وغير أمين.

من مظاهر التعصب مثلا أن ينشغل المترجم بكتابة مقدمة طويلة للكتاب المترجم يحذرك فيها من أفكار الكتاب ومن توجهات الكاتب و “مؤامراته”.

تجرعت مرارة هذه المقدمات المخابراتية وانا اقرأ ترجمة طلعت الشايب لـ”صدام الحضارات” و ترجمة حسين أمين لـ”نهاية التاريخ” وترجمة كتاب “فجر العلم الحديث ” الذي اضطرت سلسلة عالم المعرفة الى إعادة ترجمة ونشره مرة أخرى بسبب تدخلات المترجم الاولى في المقدمة والهوامش والتوضيحات التي كرسها لمهاجمة أفكار الكتاب..!

أما عدم أمانة المترجم فتتجلى في تدخله بالحذف والالغاء لكل الأفكار التي يعتبرها المترجم مخالفة لـ”فكرنا وعقيدتنا”. وكانت صدمتي كبيرة عندما اكتشفت ان اغلب الترجمات العربية للفلاسفة الغربيين تحذف اغلب افكارهم الدينية والأخلاقية.

و كان علي ان أعود من جديد لقراءة اهم الكتب في لغتها الأصلية لاكون فكرة صادقة عن افكارهم.

لا زالت مصدوما مثلا بالحذف الذي قام به مثقف ومترجم كبير مثل ثروت عملية لبعض فصول “فن الهوى” لأوفيد.

و اغرب ما في والمترجمين العرب انهم يظنون ان الترجمة يجب ان تنقل الكتب التي تكرر نفس ما لدينا من افكار. فاذا طرح كتاب ما أفكارا جديدة طالت لعناتهم قبل ترجماتهم.

أما إذا كنا مهتما مثلي بفلسفة ما بعد الحداثة والمدرسة البنيوية فلا شك أنك عانيت عبث المترجمين (المغاربة بشكل خاص) بالترجمة وتحويلها الى طلاسم لا تُقرأ ولا تُفهم.

قرأت مثلا ترجمات عربية لأشهر كتب فوكو “حفريات المعرفة .. ترجمة: سالم يفوت” و “الكلمات والأشياء … ترجمة: مطاع صفدي” فكانت مئات الصفحات من الكلمات المرصوصة بلا معنى.

و عندما قررت قراءتها بالانجليزية وجدتها سهلة وواضحة وثرية. واكتشفت مدرسة في الخداع توهمك أن النص الأصلي كان صعبا وملغزا ولهذا جاءت ترجمته صعبة وملغزة.

و إذا أضفنا الى ذلك سوء اختيارات المترجمين العرب نتيجة لتحيزهم الثقافي والايديولوجي ستعرف ان ما ينقل اليك من ترجمات تتجاهل اهم الكتب والعناوين في الثقافة العالمية وتوجهك توجيها خفيا نحو مسار معين.

كثير من الشباب الآن صاروا يتقنون الإنجليزية بدرجات متفاوتة. واكرر نصيحتي لهم ان يتحرروا من بؤس المترجم العربي وتعصبه والقراءة مباشرة بلغات انتاج المعرفة.

في منشورات لاحقة سأرشح عددا من العناوين المهمة بالانجليزية علنا نلحق خطوات بسيطة مما فاتنا من أميال.

المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى