إجتماعية

صحيفة أمريكية تنشر شهادات مروعة لسعوديات هاربات من التحرش الجنسي للآباء والأشقاء

يمنات 

عندما سألت فتاة سعودية تعيش في المنزل مع والديها وأشقائها، شقيقها لإصلاح شيء في غرفتها، قبل بضعة أشهر، سألها “ما لون الملابس الداخلية التي ترتدينها”. فوجئت الفتاة بالسؤال الذي يقشعر له الأبدان.. كانت تلك مقدمة تقرير أعدته مراسلة صحيفة “لوس آنجلوس تايمز” الأمريكية مولي هينيسي من العاصمة السعودية الرياض.

واستكملت هينيسي تقريرها بنقل شهادة الفتاة وقالت: “كان والدها قد حاول بالفعل أن يلمسها. عندما اختبأت في غرفتها، وقامت بتركيب قفل وتخزين المواد الغذائية، وقالت إنه أجرى مكالمات هاتفية بذيئة من مكان آخر في المنزل واستمنى. اضطربت، وفرت إلى شقة مفروشة لعدة أيام، ولكنها كانت دائما تعود لوالدها — الذي هو وليها بموجب القانون السعودي —”.

وحسب الصحيفة الأمريكية روت هالة (30 عاما) قصتها وقالت: “هددني وقال لي “سأقيم قضية ضدك لأنك هربت. لن أسمح لك بالعمل”.

وأضافت الصحيفة أن هالة تعمل في مجال الرعاية الصحية. وتحدثت في مقهى نسائي مؤخراً، بينما كانت تتلفت حولها بعصبية، وغطت وجهها بحجاب أسود عندما اقترب غرباء. وطلبت أن يتم تعريفها باسمها الأول فقط خوفا من عواقب تحديدها علنا.

تقول مولي هينيسي في تقريرها إن الهروب المرأة حتى المنازل التي يتم إيذاء النساء فيها جسدياً هو جريمة في السعودية. حيث يتمتع أقاربهم الذكور بسلطة واسعة بموجب نظام الوصاية في المملكة، الذي يمنع النساء من الهرب من الأوصياء الذكور، بمن فيهم الآباء والأزواج، ويتيح لهؤلاء الأقارب السيطرة على قدرتهم على الحصول على جوازات السفر والسفر. وإذا تم القبض على الهاربات، يمكن سجنهم حتى يسمح ولي الأمر لهم بالإفراج عنهن.

وتضيف هينيسي في تقريرها المنشور بصحيفة “لوس آنجلوس تايمز”: “يمكن أن تكون الوصاية مرهقة بوجه خاص بالنسبة للنساء المطلقات أو الأرامل أو اللواتي يؤخرن الزواج. وتضطر بعض الأمهات إلى جعل أبنائهن أوصياء”.

وحسب التقرير فإن النساء السعوديات يتعرضن لخطر السجن بسبب الفرار داخل البلد وخارجها. وتقول معدة التقرير إن سعوديات يقمن بتنسيق تلك الجهود مع شبكة من المؤيدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويقمن أحياناً بترتيب الزيجات والإجازات وبرامج الدراسة في الخارج كغطاء للهرب.

وتقول الصحيفة أنه قد تم تقديم قائمة مقترحات لإصلاح نظام الوصاية في ربيع هذا العام إلى الملك سلمان الذي أكد بعد أن تولى العرش في عام 2015 أنه كان منفتحاً لرفع بعض القيود الأكثر قمعية على المرأة. وتدعو المقترحات إلى إنهاء شرط حصول المرأة على إذن من الذكور للسفر أو القيام بأشياء أخرى كثيرة تعتبر روتينية للمرأة في أجزاء أخرى من العالم. وقد قدم أكثر من 14 ألف شخص التماسات إلى الحكومة لإلغاء الحظر على قيادة النساء.

وقد أصدر الملك بالفعل مرسوماً يأمر الوكالات الحكومية بعدم حرمان النساء من الخدمات لمجرد أنهن لم يحصلن على موافقة ولي الأمر، ما لم تكن اللوائح القائمة تقتضي ذلك.

وقد أعطى اهتمام الملك في هذا الموضوع بعض النساء الأمل في مزيد من الحرية.

وتقول عائشة المانع للصحيفة الأمريكية، وهي سيدة أعمال وناشطة في مجال حقوق الإنسان قدمت توصيات للملك بشأن الوصاية: “قد لا أرى ذلك اليوم في حياتي”.

وحسب تقرير “لوس آنجلوس تايمز” فقد فرت أكثر من 1750 امرأة من منازلهن في عام 2015، حسب الأرقام الصادرة عن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في السعودية، وكان العديد منهن ضحايا العنف المنزلي.

وقال ناشطون يساعدن النساء الهاربات إن أحد الأسباب التي تجعلهن أكثر قدرة على الفرار أنهن يحصلن على المساعدة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وحسب الصحيفة قال طالب عبدالمحسن، وهو ناشط سعودي تحدث عبر الهاتف من ماغدبورغ بألمانيا، حيث ينسق الهروب على تويتر: “إن العدد يتزايد. والعديد من النساء يصلن إلي كل يوم. يطلبون مني مساعدتهم. ومعظمهم ليس لديهن إذن سفر من ولي الأمر”. وهو يعرف النساء الذين فروا إلى أستراليا وبريطانيا وكندا وألمانيا وأيرلندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة.

وتنقل مراسلة “لوس آنجلوس تايمز” عن شروق حسين المغاميسي “قولها لعائلتها إنها كانت في طريقها إلى كندا مع زوجها الجزائري في إجازة. وقالت إنها تحملت سنوات من سوء المعاملة من قبل والدها، وقالت: كان يضربني بكل ما جاء إلى يده: مكنسة، خرطوم حديقة، أحذية”. وبدلا من الذهاب إلى كندا، قام الزوجان بحذف حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي وهربا إلى أوروبا، حيث أصدرا شريط فيديو يندد بـ”التحريض على الكراهية والعنف واضطهاد النساء”.

وتقول الصحيفة إن المغاميسي رفضت أن تحدد بالضبط أين انتقلت خوفا من عائلتها.

وقال المغامسي (30 عاما)، عبر فيديو سكايب لمراسلة “لوس آنجلوس تايمز”: “إن عرفوا مكاني قد يقتلوني”.

وحسب التقرير كانت نورة الدليمي محمد البالغة من العمر 22 عاما قد فرت من المملكة الشهر الماضي بينما كان والدها وهو وليها بعيدا. وأضافت أنه منحها تصريحا بالسفر قبل عام. وبعد وصولها إلى ألمانيا، اتصلت بأمها.

ويقول التقرير إنه تم القبض على العديد من النساء السعوديات الفارات هذا العام، وتم إعادتهن قسرا وسجن، ودشنت حملات دولية على الإنترنت لتحريرهن.

وحسب الصحيفة الأمريكية سجلت دينا علي (24 عاما) وهي معلمة في اللغة الانجليزية من الرياض، بيانا بالفيديو بعد أن توقفت في مطار مانيلا أثناء عبورها إلى استراليا في العاشر من نيسان / أبريل.

ووفقا لـ”هيومن رايتس ووتش”، قالت امرأة أخرى كانت تسافر عبر المطار في ذلك اليوم إن دينا طلبت منها المساعدة لأنهم صادروا جواز سفرها في المطار وتصاريح الصعود إلى الطائرة واحتجزوها لمدة 13 ساعة — وهو ما ينكره مسؤولو الهجرة الفلبينية.

وحسب الصحيفة ساعدت ميغان خان، دينا في تسجيل العديد من مقاطع الفيديو التي تم نشرها لاحقاً على الإنترنت، بما في ذلك الفيديو الذي قالت فيه: “إذا جاءت عائلتي، فسوف يقتلوني. إذا عدت إلى المملكة العربية السعودية، سأكون ميتة. الرجاء مساعدتي”.

وقالت خان إنه قبل وصولها إلى رحلتها الخاصة، رأت رجلين يصلان؛ قالت دينا إنمها أعمامها. وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنها أجرت مقابلة مع مسؤول أمني في شركة طيران رأى اثنين من زملائه وثلاثة رجال من الشرق الأوسط يحملون دينا التي كافحت للتخلص منهم وكان على فمها شريط لاصق وعلى قدميها وأيديها أيضا وتم ربطها في كرسي متحرك وأخذوها بعيدا.

وحسب تقرير “لوس آنجلوس تايمز” شاهد شهود على “فيسبوك” دينا وهي تصرخ حيث أجبرها أعمامها على الصعود إلى رحلة الخطوط الجوية السعودية المتجهة إلى الرياض. واحتجزت امرأة حاولت الالتقاء بها في المطار مؤقتاً. وليس من الواضح أين تم أخذ دينا. وأطلق مؤيدون حملة تحت عنوان #SaveDinaAli، وهي حملة على تويتر لزيادة الوعي والحث على صدور عفو ملكي.

وتضيف الصحيفة أنه في الشهر نفسه، اعتقلت مريم العتيبي (29 عاما) بعد فرارها من منزل تعرضت فيه للإيذاء إلى الشمال من العاصمة الرياض، حيث عثرت على عمل في وكالة توظيف واستأجرت شقة حتى عثرت عليها عائلتها وسجنتها. ودشن أنصارها حملة على “تويتر” لتحريرها تحت عنوان #justiceforMaryam.

وتؤكد الصحيفة أنه نظرا للمخاطر، فإن بعض الناشطات النسويات قالوا إنهن لن يساعدن النساء على الفرار، حيث لا يردن أن يتحملن المسؤولية.

وقالت الناشطة رياض عزيزة يوسف (58 عاما) التي تساعد العتيبي في محاولة لإقامة مأوى لـ40 امرأة “أعرف الكثير من الفتيات اللواتي يندمن”. وهي تتغاضى عن عمل عبد المحسن، الناشط في ألمانيا الذي يساعد النساء أثناء فرارهن. وتضيف “لا أعتقد أن الهرب هو الحل. وأعتقد أن الحل بتحسين الأمور في البلاد حتى لا يضطرون إلى المغادرة”.

وقالت الناشطة السعودية المتقاعدة سحر نصيف، التي تعيش في جدة، إنها تخشى على سلامة الشابات اللائي يهربن إلى الخارج. “بناتنا، إنهن ليسوا مثل الفتيات الأميركيات. إنهن يعتمدن على والديهن”، وأضافت “ما نحتاجه حقاً هو مرسوم ملكي يحرر المرأة. نقول إننا عبيد، لكن العبيد أفضل من ذلك لأنهم يستطيعون شراء حريتهم. بينما لا يمكننا ذلك”.

وحسب الصحيفة كانت امرأة طلبت الكشف عن اسمها الأول فقط وتدعى مشاعل، متزوجة منذ خمس سنوات وطلقت، وكانت تخطط لزواج ثان هذا الربيع عندما أخذت إجازة في بريطانيا. وكان زوجها السابق قد أذن لها بالسفر ولكنها فشلت في ذلك بعد الطلاق. ثم هربت بعد أن أخفت ملابسها في أكياس القمامة، وأخذت سائق الأسرة إلى مركز تسوق حيث اشترت سراً حقيبة، وأخذت سائق ثان إلى المطار. وتضيف الصحيفة أنه بعد ثلاثة أشهر، ما زالت تنتظر مقابلة اللجوء. وقالت إن عائلتها اكتشفت أين كانت، وهددها شقيقها بقتلها إذا لم تعد. وقالت مشاعل إنها أبلغت الشرطة بالتهديد. وقالت إن الهروب كان “صعبا حقا، ولكن أعتقد أنه يستحق ذلك”.

وتقول مشاعل للصحيفة إن النساء اللواتي يهربن لديهن فرصة أكبر للحصول على مساعدة الآخرين. وهن يستفدن من حريتهن الجديدة للتحدث على “تويتر” و”يوتيوب”. وتضيف “هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لمساعدة ضحايا العنف المنزلي وإنهاء ولاية الذكور”.

حكاية أخرى سردتها مولي هينيسي في تقريرها المنشور في صحيفة “لوس آنجلوس تايمز” الأمريكية حيث قالت: بعد أن فرت أمل الجباره في العام الماضي إلى ألمانيا مع ابنتها البالغة من العمر 7 سنوات، بدأت نساء أخريات في الاتصال بها. حيث راسلها الكثير من النساء عبر البريد الإلكتروني. “من فضلك، من فضلك قولي لي كيف”. وذكرت أمل “وجهتهم إلى عبد المحسن، الناشط الذي ساعدني”.

وحسب الصحيفة الأمريكية تخشى هالة التي فرت من فقدان وظيفتها في الرعاية الصحية والحساب المصرفي. لكنها تخشى أيضاً من سوء المعاملة من قبل والدها والأخوة الأصغر سنا إذا عادت. وأثناء المقابلة في المقهى، كانت هالة تضع ماسحة طبية تحت العباءة السوداء، لأنها قالت إنها اضطرت إلى التظاهر بالذهاب إلى العمل من أجل مغادرة المنزل.

وتضيف الصحيفة أن هالة صورت عبر الهاتف المحمول كدمات على رقبتها وأذرعها سببها شقيقها الذي قالت إنه حاولت خنقها عندما رفضت القيام بواجبات تخصه، فاقتحم غرفتها ومزق كتبها. وأظهرت صورا لأشياء ممزقة متناثرة على الأرض.

وتقول الصحيفة إن رجلاً ثرياً عرض أن يأخذها إلى الخارج إذا وافقت أن تنام معه لكن هالة رفضت. وقالت: “عذريتي هي واحدة من الأشياء الأخيرة المتبقية لي، وهو يريد أن يأخذها في سبيل أن يعطيني حريتي”.

وحسب الصحيفة طلبت هالة المساعدة من المحامين، وعرضت عليهم صور إصاباتها. لكن المحامين قالوا لها إنه إذا لم يكن لديها أدلة فيديو، فإنها لا تستطيع تقديم اتهامات. وقالت إنها يمكن أن تذهب إلى ملجأ للنساء، ولكن قال مدير المأوى إنها سوف تفقد إمكانية الوصول إلى ممتلكاتها، وشبكة الإنترنت، والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعية. وقالت هالة “لا أريد مغادرة سجن وأن أذهب إلى سجن آخر”.

المصدر: سبوتنيك

زر الذهاب إلى الأعلى