العرض في الرئيسةفضاء حر

ما وراء أول لقاء لزعيم حركة أنصار الله بالرئيس اليمني السابق..؟ ولماذا يُعد قبول الطرفان بمبادرة «رصد الديمقراطي» أسلم الخيارات المطروحة للحفاظ على الجبهة الداخلية من الإنهيار..؟

يمنات

عبد الخالق النقيب

[email protected]

محاولات التهدئة عبر الوسطاء في كل مرة كانت تنتهي إلى تشنج جديد ، وفي محاولة أقرب للحل شهدت صنعاء أول لقاء من نوعه جمع زعيم حركة أنصار الله عبدالملك الحوثي بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، أفصح عن حجم المأزق الذي يعانيه اتفاق الشراكة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله ، في ضوء تسارع مؤشرات التصدع السياسي في صنعاء ، إذ أن الحوار الثنائي بين صالح والحوثي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة نهار يوم الأربعاء جاء في محاولة جديدة لاحتواء فتيل التوتر الذي يلقي بتأثيراته السلبية على علاقة الشراكة بين الحزب والجماعة وبلوغها حالة يمكن وصفها بالحرجة للغاية ، ومثلما أن النقاش الذي استمر لأكثر من ساعتين قد وضع الكثير من النقاط على الإشكالات التي تسببت بدخول الحليفين في أزمة ثقة حادة ، فإنه علاوة على ذلك قد اختزل أهمية ضمنية وخيبة أمل كبيرة لقيادة السعودية والإمارات التي تنتظر لحظة الصراع بشغف ، وباعتبار أن توقيت أول لقاء لصالح بالحوثي يفسر حالة استنفار نابعة من إدراكهما بخطورة أن أي انشقاق بين حزب المؤتمر وحركة أنصار الله الذي إن اتسع ستتسع معه دائرة الحرب على اليمن ومداها الزمني، ولكون قياة التحالف العسكري السعودي باتت تراهن في كسب الحرب على اقتتال الحليفين في صنعاء بعد أن خسر التحالف كل أوراقه التي راهن بها في كسب الحرب عسكرياً.

انتهى اللقاء غير المعهود بالاتفاق على إنهاء مظاهر الإشكالات العالقة بين الجانبين وحلها بالحوار والتفاهم ، لاكتساب قدراً كبيراً من تماسك الجبهة الداخلية ، واستمراراً لاتفاق الشراكة بينهما، وهو الاتفاق الذي تشكل بموجبه المجلس السياسي الأعلى بصنعاء في 28 من تموز يوليو العام الماضي الذي أعاد العمل بدستور البلاد النافذ وأعلن عودة البرلمان اليمني للانعقاد وممارسة مهامه ، وعلى أساسه اشترك الحليفين في إدارة البلاد والحفاظ على مؤسسات الدولة ،وتقوية الاصطفاف الداخلي للقوى المحلية المناهضة للتحالف العسكري الذي تتزعمه السعودية وتشن من خلاله حربها ضد اليمن ، وبالرغم من موجة الاستنكار الخارجية والدولية الواسعة إزاء قيام حلفاء صنعاء بخطوة تشكيل المجلس السياسي ، إلا أنه على المسار الداخلي ومسار المقاومة مثَّل تحولاً محورياً انعكس على مجريات الحرب الدائرة في معظم مناطق ومدن اليمن ، وضاعف من صلابة القوة العسكرية لصنعاء التي أسقطت الكثير من رهانات التحالف العسكري السعودي وأفشل محاولاته المتكرره في الحسم العسكري ، وتعطيل كل الفرص أمامه ، وبسبب التحام الجبهة الداخلية أخفق التحالف مراراً في تعديل موازين القوى العسكرية والسياسية على الأرض لإجبار حلفاء صنعاء بالجلوس على طاولة الحوار وفق ما تراه قوات التحالف من إملاءات لصالح الرئيس هادي المعترف بشرعيته دولياً كخيار بديل للحرب التي فشلت بإعادته إلى العاصمة صنعاء بعد أن أخفق التحالف بإنجاز ما وعد به.

أوجه التحديات التي تهدد شراكة الحليفين «حزب المؤتمر وأنصار الله» وتنقلها إلى المربع الأصعب ، لا زالت قائمة وتضعهما على المحك ، رغم ماقيل عن شفافية ووضوح حديث صالح والحوثي ، ولئن كانت التقديرات تؤكد حرصهما الآن على تجنب الوقوع في الهاوية لعلمهما بالضرر الذي سينخر جدار الجبهة الداخلية ، إلا أن تقديرات العارفون بالشأن الداخلي اليمني وبالتركيبة التنظيمية داخل الحزب والجماعة تؤكد أيضاً أن هذا اللقاء يندرج في إطار لقاءات التهدئة ، وإن كان هذه المره على أعلى مستوى فسيكون أبرز ما يحققه هي تهدئة ذات فترة أطول ، وطالما لم يفند الحلول الجذرية فإن علاقة الشراكة معرضة للانتكاسة وربما تتجه لفصول جديدة من التصعيد.

تستدعي تلك التحديات تبني رسمي لأي مبادرة وطنية وازنة ، لكون لقاءات التهدئة لا تكفي ليتجاوز الحليفين خلافاتهما وينجوان من دائرة الانهيار ، إن لم يتم ترجمة ذلك التوافق الذي يبديه الطرفان إلى مصفوفة عمل تعيد الأمور إلى نصابها ، وتضع أساساً جذرياً لمعالجة الإشكالات القائمة ، منعاً لتكرار ما حدث ويحدث.

في 31 من آب أغسطس الماضي نشرت صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية مبادرة هامة لإيقاف نزيف الثقة والتصدعات التي تواجه تحالف “صالح” و”الحوثي” وانهاء حالة التوتر وحل الازمات المالية والعسكرية والإدارية، والتي أعلنها مركز رصد الديمقراطي وسلمها رسمياً لقيادة كلاً من «حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام» ، وهو مركز يرأسه المفكر عبدالوهاب الشرفي ، إذ يرى نخبة المراقبون بأن القبول رسمياً بمبادة “رصد الديمقراطي” مع إمكانية ومرونة التعديل البناء حول ما جاء في بنود تلك المبادرة سيكون أسلم الخيارات المطروحة أمام الطرفان حفاظاً على الجبهة الداخلية من الانهيار ، وتفويت الفرص التي يتحينها التحالف السعودي العسكري ، ونيته في التوجه لاستمرار الحرب بأي شكل لتحقيق أهدافها ، باعتبار أن المبادرة حملت أبعاداً ذات قيمة استراتيجية ، ووضعت الأطراف أمام حقيقة الوضع ، وتعاملت مع أصل المشكلة بدراية مختبرة للعوامل المؤثرة ، وصولاً لتسوية ضامنة ، يمكن أن تتحول إلى صيغة إنقاذ تاريخية ، تنهي حالة الإنسداد والقلق الذي أصاب غالبية المجتمع اليمني ، وتبقى الأمر مرتبط بجدية قيادات الحليفين في إكتشاف الحلول الوازنة وتبني مثل هكذا مبادرة ، بدلاً من الاستمرار في اللعب على حافة الهاوية وتجاذب شد الحبال بينهما.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى