العرض في الرئيسةفضاء حر

صَنعاءُ ليست مدينةٌ مفتوحة .. حَملتْ كل الحَضارات وضاقت أذرعاً بِنازِح

يمنات

رند الأديمي

وقفت إمرأة خمسينية  في مكتب أمانة العاصِمة للنازحَين حاملةٌ بِطاقتُها راجيةٌ من المُوظفة  أن تسمع شَكواها، كانت تِلكَ المرأة تَحمِل الكثيرَ من العِزة والأنفة ولكن هي الحاجة التي تُذلل الرِقاب.

لقد كانَ لَديها مَنزلاً في مدينتها وأصبحت اليوم تَقف خلفَ طوابير النازحين تحت  مظلة  شمسية  لأجلِ حِفنةً قمح..!

قالتْ للموظفة التي تُقيّد وتَكتب تَعِبتْ لأجل الوصول  إليّكم  فلم لاتسمعيني..؟

ردت المُوظفة بِتَغطرُس: قُلتُ لكِ اذهبي هنالك وَقفي خلفَ الطوابيّر..

لم تراع تلك الموظفة التي أتعبها القلم والدفتر فارق السن والألم والذكرياتْ..

تُغادر الموظفة مَكتبها  لِتعودّ الى مَنزلها الذي لم يُقصف وفي حارتها التي كانت ولازالت..

تَبدو النِعمة واضِحةٌ وجَلية في وُجُوههم وهم من يَتلقونَ دَعم المُنظمات ثم يرْمون للنازحين بفتات القمح والزيت فقط..

……

رمت المرأة الخمسينية التي تبدو أنها إبنة نعمة ورقتها وهي تبكي قائلة حسبي الله خذوا قمحكم لكم  وحسبي اللّه عليكم .. واللّه كريم

وغادرت تاركةٌ عَقلي وعَواطفي في حالة إعصاف

حتى سألتُ الموظف لماذا كل هذا التَكبر على النازحين..؟

فرد قائلا: البعض لايملك القناعة والقناعةُ كنزاً لايُفنى..!

قناعة وطمع..؟

وددت الضحكُ كثيراً ألماً وأنا انظر للطَامعيّن خلفَ  طوابير القمحْ..

بَدت تلكَ المَوعِظة قاسيةٌ كخُطبة قوي يَقف واعظاً بين الضعفاء من لاحيلة لهم.

و ما أمرُ مَواعِظ السُعداء على قلوبْ التُعساء

تلك القصص يعرفها النازحين والمهجرين قسريا جيداً

….

وأخيراً

صنعاء لم تَعد مَدينةٌ مفتوحة كما يُقال..

وهي من حَملتْ كل الحَضارات وضاقت أذرعاً بِنازِح..!

يتكالبّ فيها المسؤليين على الإغَاثات ويَرمون له بالفُتات اليسير وبعد عُسر..!

و يَتكالبّ فيها أصحابَ البيوت وهم يَقفون ككابوس خلف أبواب ِالنّازحيّن يُطالبون بالإيجار قبلَ ميعاده..

 لم تعد مدينة  مفتوحة الا  لأصّحاب الشِيكات والنُفوذّ فَقط!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى