أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

السعودية تشن حرب أخرى على المغتربين اليمنيين .. رسوم ومضايقات وسجون وترحيل

يمنات

معاذ منصر

في الوقت الذي تواصل فيه السعودية حربها على اليمن، تواصل حربها على المغتربين اليمنين في أرضها. ويوماً بعد آخر تواصل المملكة حملاتها المتعدّدة والمنظمة ضد المغتربين، بشكل دفع مغتربين، إلى القول لـ”العربي”، إن السعوديين “ناويين يطردونا بأسرع وقت، بل أن الطرد صار يتم بشكل يومي، والترحيل إلى المنافذ يطال مئات اليمنيين، فيما يتم الزجّ بمئات آخرين في السجون، كخطوة تسبق الترحيل النهائي”.

تماماً كما بدأت المملكة حربها قبل ثلاثة أعوام على المعسكرات و المؤسسات الحكومية، و من ثم تحوّلت إلى حرب على المدنيين، بدأت حربها على المغتربين بإصدار قرارات و فرض رسوم، و من ثم تطوّرت إلى اعتماد نظام السعوَدة، و من ثم التوقيف، وصولاً إلى التحريض و الاعتقالات و الترحيل النهائي.

بشكل شبه يومي، ينشر مغتربون يمنيون صوّراً ومقاطع فيديو حيّة لهم من داخل السجون، ولمئات من زملائهم، ويؤكدون بأن السعودية قامت باعتقالهم وإيداعهم السجون من دون أي سبب واضح، وتحت مبررات باطلة، مشيرين إلى أن لديهم وثائق، وجميع أوراقهم سليمة، وقد دفعوا مبالغ مالية باهظة مقابل التجديد والكفالة، ومع ذلك أودعوا السجون بطريقة مهينة ومجحفة.

بدأت الحرب ضد المغتربين في يوليو الماضي، وصار، أكثر من مليون مغترب يمني بطريقة نظامية، ملزماً، بدءًا من يوليو الجاري، بدفع رسوم شهرية إضافية استحدثتها الحكومة السعودية تحت مسمى “رسوم العمالة الوافدة”.

و بحسب تصريحات وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، فإن على كل عامل وافد ومرافق في المملكة دفع 100 ريال سعودي شهرياً بدءًا من يوليو و حتى نهاية العام 2017 م.

و في العام 2018م، تتضاعف الرسوم إلى 400 ريال شهرياً عن كل عامل وافد و مرافق، لترتفع في 2019 إلى 600 ريال شهرياً، و800 ريال شهرياً في العام 2020.

و تعوّل الحكومة السعودية على تحصيل 65 مليار ريال سعودي من هذه الرسوم.

من خلال مضمون هذه التصريحات، يقول مغتربون إن النية واضحة والهدف واضح، وهو أن السعودية تريد أن تخرج مننا تكاليف الحرب التي تشنّها على البلاد، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، تريد “تطفيشنا” وترحيلنا إلى بلادنا “حتى نتحوّل إلى صومال آخر”.

قرارات جديدة

تتوالى الإجراءات السعودية بشكل ملفت، ضد المغتربين وبكافة أطيافهم وأشكالهم وجنسياتهم. ويوماً بعد آخر يصدم اليمنيون في المملكة بقرارات جديدة.

منتصف الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة سعودية، أنَّ هناك ثلاثة عقوبات تراتبية بالغرامة على الزائرين اليمنيين في السعودية بعد عشرة أيام، إذا لم يتمكنوا من تحويل “هوية زائر” إلى “هوية مقيم”، أو لم يصدر قرار حكومي رسمي بالتمديد، في ما بعد التاريخ الموحّد لانتهاء الزيارات لعموم اليمنيين بتاريخ 20 ربيع الأول الجاري 8 ديسمبر الجاري.

و أشارت صحيفة “عين اليوم” السعودية، إلى أنَّ المخالفة رقم 3 في لائحة العقوبات بالموقع الإلكتروني للمديرية العامة للجوازات (ضمن صفحة الإجراءات واللوائح)، هي “تأخّر الوافد عن المغادرة عقب انتهاء تأشيرة الدخول الممنوحة”. وتنصّ عقوبة هذه المخالفة للمرة الأولى على غرامة 15 ألف ريال مع الترحيل، وللمرة الثانية غرامة 25 ألف ريال والسجن 3 أشهر مع الترحيل، وللمرة الثالثة غرامة 50 ألف ريال والسجن 6 أشهر مع الترحيل.

كما أشارت العقوبة إلى أنه “تتعدد الغرامات بتعدُّد الأشخاص الذين وقعت المخالفات بشأنهم”.

حرب مغتربين عاطلين

يؤكد الكثير من المغتربين في السعودية، بأنهم صاروا بلا عمل منذ أكثر من عام، فالكثير من الشركات توقفت تماماً عن العمل، ومعها توقفت رواتب الموظفين، بينهم عشرات الالاف من اليمنيين.

يقول عيسى سعيد، مغترب في السعودية، لـ”العربي”: “أنا أعمل في إحدى شركات المقاولات في السعودية، ومتوقف عن العمل منذ قرابة 11 شهراً، والشركة لم تدفع لي راتب سوى شهرين فقط، فيما رواتب 7 أشهر ما تزال لديها، والآن تقول لنا إنها غير قادرة على دفع المرتبات”.

و الحاصل، وفق عيسى، أن السعودية ترفض أن يعمل هذا المقيم في أي مكان آخر وفي أي مدينة أخرى غير تلك التي كان يعمل فيها المغترب، وتوقف عمله فيها، ليس ذلك فقط بل أن المملكة تريد رسوم تجديد كفالة 14 ألف ريال سعودي، في حين هذا المغترب لا يعمل وليس لديه راتب، وهذه واحدة من صور الحرب الظالمة على المغترب، الذي صار يقترض مصاريف يومه من هنا ومن هناك.

و يذهب عيسى، للقول إن آلاف من زملائه “وجدوا أنفسهم مجبرين على الخروج من تلك الشركات بعد أن طحنهم الجوع، فخرجوا إلى العمل في أماكن أخرى، فتلقفتهم السلطات السعودية بدورياتها العسكرية وقامت باحتجازهم وسجنهم، ومن ثم اتخاذ قرارت خروج نهائي بحقهم دون أي مراعاة لكل تلك المشاكل التي تواجه المغترب وخارج إرادته”.

تحريض على منابر المساجد

في حديثهم مع “العربي”، أكد العديد من المغتربين بأن هناك “حملات منظّمة، ليست طبيعية، ولا تعبّر عن إجراءات قانونية، بقدر ما تعبّر عن حرب مقصودة، تطال المغتربين، ووضعهم أمام خيار الرحيل بطرق شتّى”.

يقول المغترب “ت. ع. ن” لـ”العربي”، إن “حملة التضيق على المغتربين، وبالأصح الأجانب، حملة شرسة تتبناها أغلب مرافق الحكومة، ووصلت حتى على مستوى الخطب في صلاة الجمعة، من تحريض ضد العمالة، والتلميح بأن العمالة تشوبها خيانة العمل وفساد وغش”.

التضييق هذا، أجبر الكثير من الأسر اليمنية، على مغادرة السعودية، خصوصاً أولئك الذين لديهم أطفال، وأصبحوا غير قادرين على تحمّل قرارات المملكة في ظل وضع بائس للمغتربين وبطالة وتوقف الأعمال.

و تتعدّد أسباب هذه القرارات والإجراءات المتطوّرة يوماً بعد آخر، بحسب مصادر يمنية مطلعة في الرياض، ومن بين تلك الأسباب “توفير فرص عمل للسعوديين، والحد من الاستقدام، وتوفير مالي ضخم، والتخفيف من ضغط الازدحام”.

و تؤكد المصادر المطلعة أن “إيجارات المساكن تم تخفيضها بنسبة 30% بعد هذه القرارات لأن الكثير من العوائل سافرت”.

الناشط اليمني، محمد المقبلي، يرى في حديثه لـ”العربي”، أن المغترب اليمني “يدفع كلفة الحرب من الناحية الاقتصادية، وأن الرسوم المفروضة عليه تندرج في إطار الابتزاز”.

و يذهب المقبلي، إلى القول “لو عملت مقاربة اقتصادية لحجم المبالغ المهولة التي يدفعها إجمالي المغتربين اليمنيين في السعودية، ستصل لنتيجة أن ميزانية الحرب التي يقودها التحالف العربي يتم أخذها من المغترب اليمنيي”، و أضاف “أضرب ناتج ما يدفعه المغترب خلال عام مع عدد المغتربين في عدد السنين ستصل لخلاصة مفزعة”.

سعوَدَة العمل

مطلع أغسطس الماضي، قرّرت السعودية سعوَدَة العمالة في قطاعات جديدة بالمملكة العربية السعودية، بغرض توفير فرص عمل للسعوديين، الذين ارتفعت أصواتهم مؤخراً بسبب استمرار ارتفاع نسبة البطالة في بلادهم.

وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للشؤون التنموية، عبد الله آل طاوي، ذكر في تصريحات صحافية حينها، أن “الجهات المختصة في السعودية قررت تطبيق أنظمة التوطين (السعوَدة) على أكثر من 12 قطاعاً وظيفياً، بينها السياحة والفنادق”.

و حول أسباب التركيز على قطاعي السياحة والفنادق، ذكر أنها “تُمثل ثقلاً كبيراً، خاصة في العاصمة المقدّسة”.

و أقرّت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة، قصر العمل في قطاع استخراج التأشيرات السياحية على السعوديين فقط، فيما صدر في وقت سابق إقرار قطاعات إقتصادية في أسواق التجزئة السعودية كالاتصالات والتأمين، بتوطين العمالة في البلاد.

و تثير السعوَدة (أنظمة التوطين) جدلاً كبيراً في المملكة العربية السعودية، بين أبناء البلاد ذاتها، والعاملين فيها من مختلف الجنسيات.

“الشرعية” متواطئة وتمارس الكذب

منذ دخول المغتربين اليمنيين دائرة القلق في المملكة العربية السعودية، ظلت أصواتهم ترتفع وتطالب حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، بالسعي وراء إيجاد الحلول، ومعها ترتفع أصوات يمنيين في الداخل من ناشطين وسياسيين وغيرهم.

و منذ تلك الفترة، وحكومة هادي تتحدث عن وعود بحلول من قبل الجانب السعودي، وحتى أمس القريب والمواقع الإخبارية التابعة لحكومة هادي، تنشر أخبار لقاءات مسؤولين حكوميين بمسؤولين سعوديين؛ وتقول إن الحلول باتت وشيكة، ولكن كل تلك الأخبار، هي مجرّد امتصاص الغضب، كما يراه البعض.

“العربي” تواصل مع مصادر سياسية في حكومة هادي في الرياض، و استفسرها عن حقيقة الجهود والمساعي التي تتحدث عنها حكومة هادي باستمرار.

و قد كشفت هذه المصادر بأن “كل تلك التصريحات كلام فارغ وتهرّب ومحاولة تخفيف الغضب عنها”، مؤكدة بأن “الجانب الحكومي طرح على الجانب السعودي في بعض اللقاءات موضوع المغتربين، ولكن السعوديين يتهرّبون من الأمر، ويرون بأن استثناء اليمنيين من القرارات سيجعلها تلغي كل القرارات، حيث أن هناك ما يقارب 3 ملايين مغترب مصري وباكستاني، وهذه دول مشاركة في الحرب، ولذا كل الوعود التي تطلقها الحكومة كاذبة”.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى