فضاء حر

تجارة الطب في زمن الرحمة المهدرة

يمنات

معتمد راشد

من آفات هذا العصر إهدار قيمة الرحمة وتَحَول معاناة الناس وأوجاعهم إلى تجارة يتربح منها معدومو الشهامة والاخلاق والضمير..

الأخطر من ذلك هو الأطباء الذين طلقوا الرحمة بالثلاثة ولم يتقوا الله فى صحة المرضى بل جعلوها مادة يهبشون من ورائها أموالا طائلة كلما نمت وازدادت زادت شراهتهم إليها ورغبتهم فى اكتنازها وكسب المزيد منها، بعض هؤلاء الأطباء لا يتردد فى إجراء عمليات جراحية لا يحتاجها المريض وإدخاله فى فحوصات وتحاليل وأشعات فقط من أجل ابتذاله وإجباره على دفع فاتورة كبيرة لملء الكروش وعمل بيزنس لصالح المراكز الطبية والعاملين فيها، وبعضهم لا يتردد فى استقطاب أولاد الشوارع وأولاد الفقراء لسرقة أحد أعضائهم دون علمهم أو مقابل مبالغ زهيدة تُدفَع لهم ثم بيعها بعد ذلك لمراكز أو أشخاص يدفعون نظيرها أضعافا وأضعافا، وبعضهم رفع سعر الكشف الواحد فى عيادته إلى 3000 الف ريال كحد أدنى.

وبعضهم لا يتقاضى أقل من 300 ألف ريال فى عملية جراحية لا يستغرق إجراؤها أكثر من نصف ساعة، وبعضهم قد ينسى أدواته الطبية داخل جسد مريض أو يخطئ فى تشخيص المرض ويعطى علاجات خاطئة قد تنتج عنها وفاة المريض أو إصابته بعاهة مستديمة فى أحسن الأحوال، وللأسف الشديد يُترَك هؤلاء المذنبون دون حساب أو عقاب من نقابة الأطباء أو من وزارة الصحة أو مجلس «النوام» أو مجلس الوزراء أو أى جهة كانت وكأن الدولة بلا دولة، وكأن المواطن اليمني لا يستحق أن تكون له كرامة فى عيشه وفى صحته، لا يستحق إلا أن يكون مادة للبيع والشراء والتربح والانتهازية.

إن الطب ليس مهنة فقط بل عمل إنسانى جليل وعلم يحتاج إليه كل البشر، ومن أجل خدمة البشر وحماية صحة البشر ولفضل الطب على حياتنا وأهميته قال الشاعر:

إن أردت الشفاء فاقصد طبيبا حاذقا ذا لطافة وذكاءِ

واحترس أن يكون فظا غليظا فإن لطف الطبيب نصف الدواء

إذن لا يوجد فى الطب تجارة ولا يستقيم أن يكون الطبيب تاجرًا وأولئك الذين قرروا التجارة بالبشر والكسب من وراء معاناة البشر لا هم أصبحوا أطباء من البشر ولا هم بشر يستحقون أن يكونوا أطباء…

زر الذهاب إلى الأعلى