إختيار المحررالعرض في الرئيسةتحليلات

خطى السلام في اليمن تسير باتجاه تدويل الاقتصاد والترتيب لتسوية تراعى مصالح الخارج أكثر من الداخل

يمنات – خاص

أنس القباطي

ما يزال مسار السلام في اليمن يسير ببطء شديد، رغم تعيين مبعوث أممي جديد إلى اليمن خلفا لـ”ولد الشيخ”.

المبعوث الأممي الجديد، البريطاني مارتن غريفيث، لم يدلي حتى الآن بتصريحات صحفية يحدد من خلالها الاجندات التي سيعمل عليها، غير أن لقاؤه الأسبوع الماضي في نيويورك بمندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، خالد اليماني، و الحديث عن لقاء مرتقب له بـ”هادي” في الرياض بداية الشهر القادم بـ”هادي”، مؤشر إلى أنه سيبدأ بالاستماع لوجهات أطراف نظر الصراع و الفاعلين فيه قبل أن يحدد الاجندات التي سيعمل عليها.

و بما أن مهمة المبعوث الأممي تيسير و ادارة النقاشات و المفاوضات بين أطراف الصراع، بما يساعد في الوصول إلى اتفاق سياسي، لا يستبعد أن يدير غريفيث الجولة القادمة من المفاوضات على أساس النقاشات التي تجري خلف الكواليس منذ أكثر من شهر في العاصمة العُمانية، مسقط و عواصم أخرى، إذا ما تم التوصل لتفاهمات تفضي بإطلاق جولة تفاوض.

تسريبات

و يرى مراقبون أن التسريبات المتضاربة التي تتناولها وسائل اعلام محلية و عربية و دولية بشأن مفاوضات و نقاشات تدور في أكثر من بلد، مؤشر على أن هناك من يسعى للتأثير على تلك النقاشات بما يحقق اجندات تقف خلفها أطراف محلية و اقليمية و ربما دولية.

تحدثت وسائل اعلام عن مفاوضات تجري بين أنصار الله و السعودية و خطة سلام جديدة بريطانية أمريكية و مبادرة كويتية عُمانية و غيرها من التسريبات، التي تشير إلى أن هناك أطراف باتت غير راضية عن النقاشات التي تجري بتكتم شديد.

و أبرز تلك التسريبات ما نسب لمصدر رئاسي عن مبادرة بريطانية امريكية، غير أن وصفها بأنها تختلف عن صيغة قرار مجلس الأمن 2216، مؤشر على أن هناك طرف منزعج من هذه المبادرة، عوضا عن نسبها لمصدر رئاسي فيه اشارة إلى أن “هادي” يرفض المبادرة، و تأكيد على أن التسريب جاء من مطابخ “الاخوان” الذين يتحكمون بكل شاردة و واردة في مكتب هادي، الذي يديره الاخواني عبد الله العليمي.

الدور البريطاني

تعيين البريطاني غريفيث يشير إلى أن بريطانيا سيكون لها دور أكبر في الملف اليمني، و من هنا لا يستبعد أن تكون لديها خطة جديدة للحل في اليمن، بعيدا عن المرجعيات و ربما احداها، من باب التعاطي مع الواقع الجديد على الأرض، و الذي أصبح متجاوزا للقرار 2216.

التعاطي مع أي مستجدات على الساحة اليمنية مزعج لتجمع الاصلاح “اخوان اليمن” الذي راكم ثروة و أسلحة و قوة عسكرية و سيطر على كثير من مفاصل الدولة، و بالتالي فإنه يرى أن التعاطي مع الواقع الجديد، سيؤثر على نفوذه و سيضعه في السلطة بنسبة لا تتناسب مع تطلعاته.

زيارة ابن سلمان

زيارة محمد بن سلمان إلى العاصمة البريطانية لندن، و زيارته المرتقبة للولايات المتحدة، و توقيعه لصفقات عسكرية مع لندن، و توقعات بتوقيع صفقات أخرى مع واشنطن، تعطي انطباع بأن هذه الصفقات مؤشر على استمرار الحرب، غير أن استقبال ابن سلمان في لندن بهتافات مناوئة من قبل ناشطين حقوقيين و اتهامه بالإرهاب و تدمير اليمن، تعطي انطباعا بأن ضغوط تمارسها المنظمات و الناشطين على الحكومات الغربية لوضع حد للوضع المأساوي في اليمن.

استقبال ابن سلمان في زيارته المرتقبة لواشنطن لن تكون أفضل من لندن، و هو ما يعني أن الضغوط المجتمعية على الحكومات الغربية و خصوصا البريطانية و الأمريكية ستستمر بشأن اليمن، ما سيجعل تلك الحكومات تحاول امتصاص غضب الشارع.

بيان مجلس الأمن

و يرى مراقبون أن البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن الصادر الخميس 15 مارس/آذار 2018، و الداعي لفتح المنافذ اليمنية، خطوة هدفت من خلالها الحكومات الغربية إلى امتصاص ضغوط المنظمات الدولية و غليان الشارع، بما يؤدي إلى التخفيف من قيود دخول السلع التجارية و الانسانية إلى اليمن.

و مع ذلك تبقى مسألة تخفيف هذه القيود مجرد معالجة جزئية، لا يمكن أن تضع نهاية للوضع الانساني المتدهور في اليمن، خاصة مع استمرار انهيار قيمة الريال اليمني، خاصة مع نقل البنك المركزي إلى الأردن، و الذي لن يحل مشكلة تدهور الريال اليمني، بل سيحول اليمن الفقير إلى سوق للسلع الأجنبية و سيقضي على ما تبقى من الصناعات التحويلية اليمنية، و التي لن تستطيع المنافسة طويلا في ظل تدفق السلع الخارجية.

الصراعات الداخلية وطرد المغتربين

خطة السعودية المتمثلة في طرد المغتربين اليمنيين هي الأخرى، ستزيد الطينة بلة، و سيكون لها انعكاسات على قيمة الريال اليمني، كون تحويلات المغتربين اليمنيين ستقل، ما سينعكس على قيمة الريال اليمني، و سيزيد من رقعة الفقر و البطالة.

الصراعات التي بدأت بالظهور في المحافظات التي تسيطر عليها حكومة هادي، و التي تؤشر إلى تضارب في الاجندات السعودية الاماراتية، هي الأخرى سيكون لها تأثير على مسار السلام في اليمن، خاصة و أن كل الرياض و أبو ظبي، ستسعيان للتأثير على اقتراب الحل السياسي في حال لم تحققا الحد الأدنى من الاجندات التي تعمل عليها في اليمن.

تدويل الاقتصاد

و يرجح مراقبون أن المرحلة القادمة في اليمن ستدور حول الجانب الاقتصادي، بما يفضي إلى تدويل الاقتصاد و فرض الوصاية عليه من قبل لندن و واشنطن، كون مقترح نقل البنك المركزي إلى الأردن تبنته الرباعية الذي تعد بريطانيا و الولايات المتحدة عضوان فيه.

فرض الوصاية على الاقتصاد اليمني سيتم من خلاله انشاء قوى اقتصادية جديدة، سيكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد اليمني المتهاوي، خاصة بعد قرار هادي تحرير سوق المشتقات النفطية و حرمان الخزينة العامة من نسبة كبيرة من موارد الضرائب و الجمارك، و التي تعد من أهم أعمدة الاقتصاد اليمني، و هو القرار الذي يبدو أن سلطات صنعاء تسير باتجاه التعاطي معه.

و إن كان البعض يرى في الترتيبات الاقتصادية التي يجري العمل عليها خطوة أولى في طريق وقف الحرب، غير أن هذه الخطوة لن تصب في صالح الشعب اليمني الذي يتطلع لوقف الحرب، و انما في صالح تسوية سياسية يراعى فيها مصالح الخارج على حساب الداخل.

اشتعال الملف السوري هو الآخر سيكون له انعكاسات على الملف اليمني، و الذي يبدو أن اشتعاله سيستغل في الملف اليمني من قبل الدول التي تشعر بأنها لم تحقق ما كانت تتطلع إليه في سوريا، خاصة بريطانيا و الولايات المتحدة، و التي ستسعى لمقايضة روسيا في اليمن.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى