فضاء حر

عيون الزعتر تفيض دمعا على فراق من كانت تسقية الحب كل صباح .. وداعا ريم بنا

يمنات

ايهاب القسطاوى
 
«”ساهرب خلسة بين الورد المسجى فى الصندوق ، واترك الجنازة ، وخراريف العزاء عن الطبخ واوجاع المفاصل والزكام ومراقبة الاخريات الداخلات والروائح المحتقنة ، وساجرى كغزالة الى بيتى ، ساطهو وجبة عشاء طيبة ، سارتب البيت واشعل الشموع ، وانتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة ، اجلس مع فنجان الميرمية ، ارقب مرج ابن عامر ، واقول هذة الحياة جميلة ، والموت كالتاريخ فصل مزيف” ، كانت هذه العبارة آخر ما كتبته ريم بنا ، قبل ان تمر روحها الطاهرة بين الغيوم بدون اجنحة ، حتى تنتهي الحرب ، لكننى على ثقة من عودتها الينا .. وحين نسالها محتارين : “اين كُنتى” ، ستقول مرحة : ” كنت العب مع الغيوم”.
 
ولان “ريم ” فراشة ، ومتى كان عمر الجناح الا قصير ، لكنة كان جناح صارخ سارح بفضاء مجرة ذكريات بدايتها نهاية ممتدة بحبل طويل من الاهات ، ولان “ريتا” فراشة ، فلم تكن الا جناح نبع من قلب حلم رعد من عين احدى الغيمات ، وسرى زخات اشتياق روت ظمة رعشة جارحة فى وريد دمعة سارحة انتفضت من مضجع الاحزان ، ولان “ريم ” فراشة ، فلم يكن جناحها الا نبض نازف من قلب الوريد ، ولان “ريتا” فراشة ، كأن جرحها نبض قائم في الالم ، حنين يحاور الاشتياق بعمق ، حزن نائم في ينبوع الدموع .. لاشيئ في هواك ، يستحق النسيان ، “ريم ” الفقد ثقيل.
 
وافت المنية فجر اليوم السبت الموافق 24 مارس/آذار ، الفنانة الفلسطينية الملتزمة ريم البنا ، في العاصمة الألمانية برلين ، بعد صراع طويل مع المرض ، امتد الى اكثرمن تسعة اعوام ، حيث اصيبت بمرض السرطان عام 2009، وما لبثت وان تعافت منه ، حتى أصيبت به مرة ثانية عام 2015 ، مسببًا لها شللًا في الوتر الصوتي الأيسر، ما اضطرها إلى التوقف عن الغناء.عام 2009 .
 
وتنحدر الفنانة الفلسطنية ريم البنا ابنة مدينة الناصرة من أسرة مثقفة ، فهى ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة الصباغ.
 
قاد ريم البنا اهتمامها بالموسيقى والغناء إلى التحاقها بالمعهد العالي للموسيقى في موسكو ، وتخرجت عام 1991 بعد 6 سنوات أكاديمية درست خلالها الغناء الحديث وقيادة المجموعات الموسيقية.
 
لم تحيد بوصلة “البنا” يوما عن الوطن ، وبدات في نسج قصائد تبحث عن هموم الوطن وآلامهم، فباتت اغانيها متنفسا لملايين المقهورين والفقراء والمسحوقين، بل إنه ساهم في صقل شخصية الفلسطينى الثائر الرافض للظلم والاستبداد.
 
و لريم البنا عشرة ألبومات أشهرها “جفرا” و”مواسم البنفسج” و”نوّار نيسان” و”مرايا الروح” الذي أهدته للأسرى في السجون الصهيونية.
 
وفي عام 2016 اختارت وزارة الثقافة الفلسطينية ريم البنا شخصية العام الثقافية، وكانت قد فازت بجائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2013، وحصلت على لقب سفيرة السلام في إيطاليا عام 1994، وفي عام 2000 فازت بجائزة فلسطين للغناء.
 
وقد نعتها والدتها الشاعرة زهيرة الصباغ عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” ، قائلة : “رحلت غزالتي البيضاء ، خلعت عنها ثوب السقام ، ورحلت ، لكنها تركت لنا ابتسامتها ، تضيء وجهها الجميل، تبدد حلكة الفراق”«
 
وفى النهاية يا ريم .. كنت أمل أن يكون الوداع ساعة لا أكون ، كنت آمل أن ترحل الفراشات يوم أكون بعيدا ، كنت آمل أن تغادرنا الأحباء يوم أكون على سفر ، كنت آمل كثيراً ، لأن العين الدامعة تبكينى ، وكم من شئ ، أريد منه أن أتداري ، لكن ، لا مفر من الدموع».».
زر الذهاب إلى الأعلى