العرض في الرئيسةتحليلات

لماذا ألغى المبعوث الأممي زيارته إلى عدن والمكلا..؟

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

زيارات متتابعة يقوم بها المبعوث الاممي الجديد الى اليمن مارتن غريفث لأكثر من عاصمة ضمن جهوده للعمل في الملف اليمني،  وما بين اول لقاء رسمي معلن تم مع مندوب اليمن في الامم المتحدة  وبين لقاء اليوم مع وفد انصار الله المفاوض في مسقط، كان غريفيث قد قام بعدد من اللقاءت مع طرف هادي و مع شخصيات معنية في الرياض ثم لقاءته في صنعاء التي زارها لمدة اسبوع كامل و قبل ان يغادر صنعاء الى جنيف.

كان غريفث قد صرح في مؤتمره الصحفي قبيل مغادرته صنعاء بانه سيتوجه الى عدن و المكلا لإجراء لقاءات فيها، لكنه توجه الى جنيف وبالطبع كان توجه الى جنيف وضعا طبيعيا ولا يمكن تفسيره بأنه تغيير في جدوله الذي اعلن بأنه سيزور عدن و المكلا بعد صنعاء، فالتوجه إلى جنيف كان لحضور مؤتمر مانحين لليمن عقد ضمن جهود اممية لمواجهة الكارثة الانسانية التي تشهدها اليمن و موعده كان محدد سلفا والتوجه اليه بالنسبة للمبعوث الاممي مقدم على أي انشطة اخرى وليس بديلا ام ملغيا لها في حال تعارض المواعيد.

المفترض هو ان المبعوث الاممي يعمل في الملف اليمني وفق التزامات محددة وفي مقدمتها القرار الاممي 2216 و الذي يلزمه بتحديد خطواته وفقا لاطار الملف اليمني المرسوم في ذلك القرار وغيره من القرارات الاممية في الملف اليمني وكذلك اطار العمل – ولو شكلا – الذي عمل فيه سلفيه ابن عمر و ولد الشيخ، و هذا الامر جعل تصريح غريفيث عن تخطيطه للتوجه لعقد لقاءات في كلا من عدن و المكلا تصريحا لافتا و جعل السؤال بما هو الاطار الذي سيعمل فيه غريفيث قائما بقوة.

يحدد القرار الاممي 2216 و باقي القرارات الاممية و المحطات والادبيات الاممية المختلفة التي تمت فيما يتعلق بالملف اليمني اطارا واضحا و محددا بالنسبة للأطراف المعنية بالعملية التفاوضية و السياسية المرعية امميا و دوليا بصورة رسمية، والمشاركة في كل المحطات السابقة ابتداء من العام 2011م بداية الازمة في اليمن وحتى تسلم المبعوث غريفيث مهامه، ولا زال هذا هو الحال حتى الآن فيما يتعلق بأطراف الازمة في اليمن.

توجس

كان اعلان غريفيث النية بالتوجه الى عدن و المكلا محل توجس من اطراف عدة لأنه اعطى ايحاء بأنه سيكسر اطار العمل الاممي المفترض وهو ما يعني ان  الاهداف التي سيعمل عليها غير ماهي عليه امميا ودوليا – في الظاهر على الاقل – ، فعدن و المكلا لا يتواجد فيها أي من الاطراف السياسية المحددة كأطراف للازمة اليمنية في كل القرارات و المرجعيات و المحطات السابقة، والاطراف هناك هي اطراف الحراك الجنوبي غير ممثلة في العملية السياسية الجارية و هي اطراف مطالبة بمطالب بعيدة تماما عن مطالب باقي الاطراف السياسية اليمنية بما فيها اطراف جنوبية، و المتمثلة في الدعوة لانفصال الجنوب وقيام دولة مستقلة فيه، و هذا الامر يعني ان غريفيث سيبدأ بتدوير عجلة الملف اليمني باتجاهات قد تكون منتهكة للقانون الدولي فضلا عن انتهاكها لاطار مهمته كمبعوث اممي للازمة اليمنية التي محورها دعم دولة الجمهورية اليمنية  لتعود هي الكيان صاحب السلطة و الهيمنة  في كل اليمن و انضواء كل المكونات السياسية الاخرى تحتها.

انهى غريفيث مؤتمر جنيف و بدلا من استكمال جدوله الذي كان قد اعلن عنه بأنه سيزور عدن و المكلا فوجئ الحراك الجنوبي المنتظر لزيارته على لهفة بأنه يلغي تلك الزيارات المخططة و المعلن عنها عند مغادرته العاصمة صنعاء و عزى الامر لا سباب امنية و لوجستية وتوجه إلى مسقط ليلتقي بوفد انصار الله هناك .. فمالذي حصل..؟.

قبل ان يُعلن عن تعذر زيارة غريفيث لعدن و المكلا لأسباب امنية و لوجستية، تحدث السفير الامريكي في اليمن من العاصمة المصرية القاهرة بأن “لا حق لأي مكون ان يدعي تمثيل الجنوب”. و صرح بأن الاطراف التي ستشارك في العملية السياسية و التفاوضية القادمة هي المؤتمر والاصلاح و انصار الله و أحزاب اللقاء المشترك و طرف هادي، و هذه التصريحات هي التي تفسر اسباب عدول غريفيث عن زيارته لعدن و المكلا بعد اعلانه الرسمي عنها.

تنبيه

لا شك ان غريفيث قد تلقى تنبيها بخصوص التوجه لعدن و المكلا والتعامل مع المكونات الحراكية هناك وخصوصا “الحراك الانتقالي” لأن ذلك سيكون خروجا سافرا عن اطار مهمته، و تصرف غريفيث ابتداء يمكن قراءته في اكثر من سياق اولها ان غريفيث كان قد نظر للوضع في المحافظات الجنوبية بمنظار (المكونات الفاعلة و المسيطرة على الارض) و الواجب التقريب بينها لتحقيق اختراق في الملف اليمني باتجاه الحل، او انه قد تكونت لديه قناعة بأن الحل بين المكونات المشاركة في العملية الفترة السابقة لم يعد عمليا ولم يعد من المكن اعتباره حل للملف اليمني لأنه اذا تم فسيصطدم بالواقع غير المستجيب في الجنوب نتيجة للسيطرة على الارض “للحراك الانتقالي”، او ان الامر كان اندفاعا مجازفا لتدوير عجله الملف اليمني باتجاهات بعيدة عن متطلبات الحل المرّعي في اليمن و وضع اللبنة الاولى لإعادة صياغة الملف اليمني وفقا لتصورات اكثر من يعمل لها – ظاهرا على الاقل  –  هي الامارات والساعية لفرض انفصال الجنوب كأمر واقع، ويظل الترجيح بين هذه السياقات امر متروك للأداء القادم لغريفيث.

كانت الدبلوماسية الامريكية اكثر اعتناء بما يعنيه قيام غريفيث بزيارة عدن و المكلا وبادرت للتدخل لدى غريفيث لتغيير موقفه و الاعتذار عنها، وكذلك اعلان الموقف علنا بتصريحات السفير الامريكي من القاهرة، فلاشك ان حساسية الالتقاء بمكونات الحراك الجنوبي في هذا التوقيت عالية للغاية اولا لحالة الصراع الحاصل بين الحراك الجنوبي و فصيل الحراك الانتقالي الذي يترأسه الزبيدي و المدعوم امارتيا تحديدا وبين سلطة هادي في الرياض و القاهرة و الممنوعة من التواجد في الجنوب رغم “تحريره” و الالتقاء بالحراك الانتقالي سيعد سياسيا تعزيزا لموقف الحراك المضاد لموقف سلطة هادي وهذه الاخيرة هي التي يتم التدخل العسكري و السياسي في اليمن تحت عنوان اعادتها للسلطة من جهة كما سيمثل الالتقاء بالحراك الجنوبي اختراقا للاطار الاممي و الدولي المحدد للعمل في الملف اليمني والذي يفرض اولا العمل لحل ملف ما يسمى (الشرعية) وفي حال وجد اي تفصيل اخر فيجب ان يكون مرحلة تالية وهذا من جهة ثانية.

المُشكل في الجنوب

أما من جهة ثالثة فان المُشكل في الجنوب ليس بين مكونات يمنية بدرجة رئيسية –  كما هو تصور احد سياقات تفسير موقف غريفيث بإعلان التوجه لعدن و المكلا – وانما هو مُشكل بين ما يسمى “تحالف دعم الشرعية في اليمن” ممثلا بالأداء الإماراتي الشاذ و بين طرف ما يسمى “الشرعية” الذي تخاض كل هذه الحرب على مدى ثلاث سنوات تحت ذريعة اعادتها للسلطة ما سيجعل تحريك ملف حل المُشكل في المحافظات الجنوبية فاضحا للمواقف الاممية و الدولية بشكل سافر بل بشكل يحمل مسئوليات قانونية ستنطلق من ان تدخل التحالف وداعميه عسكريا في اليمن قد افضى الى واقع اكثر إشكالا واكثر تعريضا للدولة في اليمن لعدم الاستقرار كون هذا المُشكل هو تفصيل اضافي في الملف اليمني ظهر بعد تدخل التحالف وليس من قبله وقد قام في ما يسمى بالمناطق “المحررة” و المفترض انها قد سلمت لسلطة “الشرعية” منذ وقت مبكر بعد إخلائها من قوات “أنصار الله” بدلا من تشجيع “التمرد” الحاصل عليها. وهذه النقطة تحديدا هي اهم نقاط الظهور الامريكي المفاجئ “لتعديل” المبعوث الاممي و لإعلان استمرار السير في ذات الاطار المرّعي لأن غير ذلك سيكون مُحملا لمسئوليات قانونية واعلان فشل بصورة رسمية لمهمة التحالف السعودي وداعميه، أو انه ظهور سافر لأجندات يتم العمل عليها من تحت الطاولة واظهارها على هذا النحو السافر سيكون معيقا لها، و في كلا الاحتمالين كان لابد من التدخل لمعالجة “غلطة” المبعوث الاممي واخراجها تحت ذريعة “الوضع الامني” الخطر في المحافظات الجنوبية و كي لا تظهر “الغلطة” على انها غلطة.

المصدر: الغاية نيوز

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى