العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة (128) .. إنه الفساد يا سادة .. السلطة الخفية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

التعيينات هي الكاشف الأكثر لممارسات السلطة الخفية وفسادها الصادم .. السلطة التي تمارس صلاحيات غير مخولة بها، أو تمارسها من خلال واجهة الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها، دون أن تشترك تلك الواجهات على نحو حقيقي في صناعة تلك القرارات المتعلقة بالتعيينات، وبالتالي تتحول تلك الواجهات إلى مجرد محلل أو مشرعن لفساد السلطة الخفية، ولتلك التعيينات والقرارات الغير قانونية..

وربما أحيانا تمنح السلطة الخفية لتلك الواجهات بعض المساحة أو الهامش، كرشوة أو فتات، أو غنائم محدودة مقابل ذلك التحليل والشرعنة التي تقوم بها تلك الواجهات كونها مخولة بصلاحيات إصدار تلك القرارات أو التعيينات..

(2)

تلك القرارات والتعيينات التي تصنعها السلطة الخفية، تهدم أساس الدولة وسياساتها العامة، أو تعود بها أو ببقاياها أحيانا إلى عصبيات ما قبل الدولة، وبالتالي تحل معايير هادمة، كمعايير الولاء السياسي والعصبوي والتكتيكي والشللي والقبلي والعشائري والجهوي، وهي معايير دون شك تقف على الضد من معايير المواطنة والمساواة والخبرة الكفاءة والنزاهة..

وبالتالي فأن السلطة الخفية وبفسادها هذا، لا تعطل الدستور والقوانين المتصادمة معها، وإنما أيضا بعض الاتفاقيات الدولية التي وقعتها بلادنا مع الأطراف والمؤسسات الدولية، وهو أمر مُكلف ومُضر ليس بعلاقة سلطة الأمر الواقع في صنعاء بالمنتميين لتلك المؤسسة المحلية فحسب، بل وأيضا في التزامات تلك المؤسسات الدولية وما تمنحه من حقوق و التزامات حيال المنتمين أو العاملين في مؤسساتنا المحلية..

 (3)

استمرار مسلسل التعيينات في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والتي تقف جلها، وفي خلفها السلطة الخفية، هو إيغال في الفساد، وهو فساد مغلظ لا غبار عليه، لأنها تتم على حساب معايير وشروط الوظيفة، وفي نفس الوقت مخالف، بل مصادم للدستور والقانون والنظام واللوائح والصلاحيات والتزامات المؤسسة نحو الغير..

(4)

خلال الشراكة في الفساد بين أنصار الله والمؤتمر، كانت هناك سلطات خفية تعترك وتراغم بعضها، وأنعكس هذا العراك على مشهد الواجهات الحكومية والمؤسسات ذات العلاقة، وصارت الوظيفة محكومة بالولاء والانتماء السياسي قبل القانوني..

وفي سياق هذا الاعتراك، كانت تتحتم أحيانا الحاجة إلى التهدئة، وتصدر التوجيهات بوقف التعيينات والامتثال للقانون ثم تعاد الكرة في سياق تكتيكي سيء وهدّام.

وفي هذا السياق وجه رئيس حكومة الانقاذ بن حبتور منذ عام تقريبا، وزراء الخدمة المدنية والمالية والشئون القانونية بوقف التعيينات في مؤسسة التأمينات. وشدد بإلغاء قرارات التعيين في المؤسسة والتوقف عن التدخل في شئونها، وضرورة التقيد بالأحكام و النصوص القانونية المنظمة لعمل المؤسسة و استقلالها المالي و الاداري. مذكرا بالمادتين (2،14) من قانون انشاء المؤسسة و المادة (3) من القانون رقم (35) لسنة 1991م بشأن الهيئات و المؤسسات و الشركات العامة و تعديلاته و المادتين (10،13) من القانون رقم (26) لسنة 1991م بشأن التأمينات الاجتماعية، التي تؤكد على الاستقلالية المالية و الادارية للمؤسسة.

ورغم تلك التوجيهات الصريحة، غير أن التعيينات استمرت في المؤسسة التي تودع فيها أموال المؤمنين من العاملين في القطاع الخاص، بما فيهم المغتربين.

(5)

التعيينات في مؤسسة التأمينات الاجتماعية لم تستند إلى القانون أو إلى معايير موضوعية، بل تعارضت مع هذا وذاك، وأسفرت المغالبة في السلطة الخفية المنقسمة أنداك، إلى تعيين رئيس للمؤسسة من قبل وزير الخدمة المدنية بحكومة الانقاذ، اعتمادا على مشروع قانون لم يقره مجلس النواب.

كما أن الخلاف أو الانقسام في السلطة الخفية أنداك حول مؤسسة التأمينات الاجتماعية، لم يكن وليد تعيين رئيس جديد للمؤسسة، و إنما يعد هذا التعيين استمرار لمسلسل تعيينات استهدف المؤسسة التي تدير أموال المؤمنين من العاملين في القطاع الخاص.

(6)

تنص المادة رقم (29) من قانون انشاء المؤسسة رقم (17) لسنة 1987، بأنه لا تعتبر اموال المؤسسة مملوكة للدولة، وانما لأربابها، وهم المؤمن عليهم، والمستحقون من بعدهم.

فيما السلطة الخفية في صنعاء غامرت بأموال المؤسسة، وتجاهلت حقوق المؤمن عليهم والمستحقون من بعدهم، وتصرفت بما يستوجب القانون العقاب عليه..

(7)

مارست السلطة الخفية في صنعاء خروقات متكررة، ليس فقط للقوانين اليمنية النافذة، بل وأيضا لنصوص اتفاقيات العمل الدولية الخاصة بتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين بالقطاع الخاص، وادارة المؤسسات المعنية بشئونهم، والموقعة عليها بلادنا مع منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والمصادق عليها من قبل البرلمان اليمني والصادرة بقرارات جمهورية.

وقد نبه رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة في مذكرة له موجهة إلى رئيس المؤسسة في 27 نوفمبر 2017 تناول فيها هذا الموضوع، إلا إن السلطة الخفية في صنعاء مارست السلطة والسطوة، وتصرفت وكأن هذه المؤسسة ملكا لها، وبصلاحيات مطلقة ومصادمة للقوانين النافذة، وكذا لاتفاقيات العمل الدولية الملزم بلادنا العمل بها.. وضاربه عرض الحائط بحقوق المواطنين المؤمن لهم والمستحقون من بعدهم ..

(8)

تدخلت الغرفة التجارية وأكدت أن أي اخلال بتلك الاتفاقيات الدولية، وتجاوز سلطة مجلس الإدارة، سيؤدي الى نتائج سلبية، منها تعليق عضوية اليمن في منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وقطع برامج المساعدات التي تقدمها لليمن وغيره.

ولكن من أين للسلطة الخفية دراية بالقانون، أو معرفة بالالتزامات الدولية..!! كل ما تعرفه السلطة الخفية، كم ستجني من المال، دون أن تهتم أو تكترث إن كان عملها مشروعا أو غير مشروع، فما بالك عندما تكون تلك الأموال ملك عشرات الألاف من المواطنين اليمنيين ومتعلقا بحقوق المؤمن عليهم والمستحقون من بعدهم..

(9)

من تسيس الوظيفة في مؤسسة التأمينات المناط بها حماية حقوق عشرات الألاف من المؤمّنين من القطاع الخاص، وعموم المستفيدين من مؤسسة التأمين، وجعلها محل تجاذبات وصراعات سياسية بعيدا عن الخبرة والكفاءة والنزاهة، وجلب من لا علم لهم ولا خبرة ولا كفاءة إلى المؤسسة من خارجها لمجرد الولاء السياسي والعصبوي، واعطاءهم ألقاب ودرجات واستحقاقات غير قانونية والتدخل والتطفل في شؤون الإدارة، كل هذا لا يتعارض فقط مع قضية بناء الدولة، بل ويقوضها، ويهدم أسس بناءها، ويتصادم مع القانون على نحو صارخ، ويتعارض مع أبجديات علم الإدارة..

و أكثر من هذا ما تمارسه وترتكبه السلطة الخفية ومراكز القوى فيها، هي أفعال مجرمة بموجب نصوص قانون العقوبات النافذ وجلها جرائم ماسة بالوظيفة العامة، تعطيل القوانين، وتهديد واعتداء على الموظفين، وما إلى ذلك.

***

في مذكرة موجهة من رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة إلى رئيس المؤسسة في 27 نوفمبر 2017، أشار رئيس مجلس الإدارة إلى أن المادة “14” من قانون انشاء المؤسسة رقم (17) لعام 1987م نصت على أن مجلس الادارة هو السلطة العليا المهيمنة على شئون المؤسسة و تصريف امورها. مذكرا بأن مجلس ادارة مؤسسة التأمينات أقر في جلسته رقم (1) لسنة 2017م والتي عقدت في 23 يوليو 2017، عدم قبول أي تعيينات من خارج المؤسسة على مختلف المستويات، و أن قرار مجلس الادارة أصبح معمدا وساري المفعول وفقا للمادة رقم (17) من قانون انشاء المؤسسة.

وأكدت مذكرة الغرفة التجارية والصناعية أن مهام واختصاصات و مسئوليات رئيس المؤسسة هو تنفيذ قرارات مجلس ادارة المؤسسة طبقا للفقرة (1) من المادة (25) من قانون انشاء المؤسسة، وأن عدم تنفيذه لقرارات المجلس سيعرضه للمسائلة. وطالبت المذكرة بضرورة النأي بالمؤسسة عن الصراعات السياسية وتقديس الوظيفة فيها، وأشارت المذكرة لعدم الاحتياج لتعيين مستشارين من خارجها لا صلة لهم بعملها.

وطالبت الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، رئيس حكومة الانقاذ بإلغاء القرارات الصادرة منه بتعيين مستشارين للمؤسسة و عرض أي قرار من هذا النوع في حالة صدوره بالمخالفة لما ذكر اعلاه على مجلس الادارة باعتباره السطلة المختصة لذلك قانونا.

كما طالبت مذكرة الغرفة التجارية والصناعية بإيقاف التوظيف والنقل والانتداب في المؤسسة حتى انتهاء المحنة اليت تشهدها البلاد والتي اثرت على أحوال المؤسسة بشكل كبير.

(10)

السلطة الخفية ممثلة في مراكز القوى والنفوذ، لا تستجب للمناشدات، وإن استجابت ما هي إلا استجابة تكتيكية وآنية، ما تلبث أن تنقلب وتقلب المجن، وتتنكر لكل وعودها، وتذهب بُجرأة إلى ما يحقق مصالحها، وأحلامها في نشر نفوذها، وتوطيد مراكز حكمها، وغير عابئة بمتطلبات الدستور والقانون، ونصوصه المُلزمة..

السلطة الخفية ممثلة في مراكز صنع القرار والنفوذ، تغتصب سلطات غيرها، وتستولي بفضاضة على الصلاحيات والاختصاصات دون أن تكون مخولة أو مختصة وفقا للقوانين والأنظمة واللوائح..

السلطة الخفية المسنودة بالقوة لا تكترث بالضرر الذي ممكن أن تسببه تصرفاتها المغتصبة للقانون ولحقوق المواطنين وحقوق عشرات الآلاف من المستفيدين، ولا تلتفت لتلك الأضرار حال حصولها، والتي ستلحق بحقوق الأشخاص والمؤسسات..

السلطة الخفية ومراكز نفوذها تتصرف بسلطات تكاد تكون مطلقة، فهي تعمد إلى أن تكون فوق الدستور وفوق القانون واللوائح والأنظمة والإدارات، وفوق الحكومة والمجلس السياسي ومجلس النواب، وكل المؤسسات.. إنها تعيدنا إلى حقبة استبدادية داجية، وتنسف كل التراكمات القانونية والمعرفية منذ خمسين عام..

***

لقد ناشد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية والنقابات عمالية رئيس المجلس السياسي الأعلى لإنقاذ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية و أموالها وحقوقها من التبديد والضياع.

وطالبت المناشدة الموقعة في 19 فبراير 2018، بإلغاء قرارات التعيينات و النقل والتدخلات في شئون المؤسسة، وتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية النافذ رقم (26) لسنة 1991 طبقا للدستور و القوانين النافذة.

وأشارت المناشدة بأن اجتماع مشترك عقد في 18 فبراير 2018، لكل من الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية والنقابات العمالية، وعمال القطاع الخاص وأصحاب الاعمال و المنشآت في القطاع الخاص المؤمن عليهم لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بصفتهم أعضاء مجلس ادارة المؤسسة والذي ناقش القرار المفاجئ بتعيين شرف الكحلاني رئيسا للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بدلا عن أحمد صالح سيف.

وأعتبر الاجتماع أن قرار تعيين الكحلاني، جاء بالمخالفة لتوجيهات المجلس السياسي الأعلى، ومجلس النواب ورئيس حكومة الانقاذ، ومخالفا للدستور والقوانين النافذة. مؤكدا أن القرار سيترتب عليه آثار سلبية و أضرار كبيرة على المؤسسة وأموالها و حقوقها و علاقتها ببقية الفروع بالمحافظات وبأصحاب الاعمال، خصوصا في ظل الظروف الراهنة التي لا تخفى على احد، ما سيؤدي إلى تبديد و اهدار أموال المؤسسة و حقوقها.

وأكدت المناشدة أن قرار التعيين يعد استمرارا للتدخلات و التعيينات في الشئون الداخلية للمؤسسة بالمخالفة لقانون انشاء المؤسسة، وللتوجيهات والمذكرات الرسمية الصادرة من كلا من المجلس السياسي الأعلى ومجلس النواب ورئيس حكومة الانقاذ والتي تقضى جميعها بعدم التدخلات و التعينات في المؤسسة.

وأشاروا إلى أن قرار التعيين يمثل اصرار لوزير الخدمة المدنية و التأمينات بحكومة الانقاذ والذي يشغل منصب رئيس مجلس ادارة المؤسسة على الزام المؤسسة بتطبيق مشروع قانون لم يصدر من مجلس النواب، ما يعد مخالفة للدستور و القوانين النافذة و التوجيهات الصريحة و المذكرات الصادرة من مجلس النواب ورئيس الحكومة بالالتزام بتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية النافذ رقم (26) لسنة 1991.

و إزاء كل تلك المخالفات و خرق القوانين النافذة أقر المجتمعون و بصفتهم أعضاء مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وشركاء في العمل التأميني، وأصحاب حق بأموال المؤسسة، كون أموال المؤسسة تعتبر ملك للمؤمن عليهم والمستحقين من بعدهم، وليست ملك للدولة طبقا للقانون، وأقروا ابلاغ رئيس المجلس السياسي الأعلى ورئيس وأعضاء مجلس النواب ورئيس حكومة الانقاذ، برفض تلك التدخلات والتعيينات في المؤسسة، و طالبوا المذكورين بالتدخل لإلغاء ذلك والالتزام بعدم التدخل في شئون المؤسسة و تطبيق القانون النافذ.

كما أقروا وقف توريد الاشتراكات التأمينية الشهرية الى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وإلغاء كافة قرارات التعيينات و التدخلات تلك والتزام المؤسسة بتطبيق القانون النافذ رقم (26) لسنة 91.

(11)

من هو وزير الخدمة المدنية ليتحدى رئيس الحكومة، بل والدستور والقوانين واللوائح والأنظمة الداخلية؟!! وزير الخدمة المدنية، ما هو إلى واجهة أو قناع تقف خلفه السلطة الخفية التي تصنع قرارته، وتدعمه بالقوة والنفوذ، والسلطة التي تمارسها من خلاله..

يشهد هذا مسلسل التعيينات في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، رغم وجود توجيهات من رئيس حكومة الانقاذ منذ عام بوقف التعيينات في المؤسسة..

وما ينطبق على وزير الخدمة المدنية، ينطبق أيضا على وزير المالية ووزير الشؤون القانونية..

***

استمرار مسلسل التعيينات في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، على الرغم من وجود توجيهات من رئيس حكومة الانقاذ منذ عام بوقف التعيينات في المؤسسة يكشف حقيقة من يحكم، وهو السلطة الخفية ومراكز النفوذ فيها..

في مذكرة رئيس الوزراء عبد العزيز بن حبتور والموجهة إلى وزراء الخدمة المدنية و المالية والشئون القانونية، شدد رئيس حكومة الانقاذ، بإلغاء قرارات التعيين في المؤسسة والتوقف عن التدخل في شئونها، مؤكدا على ضرورة التقيد بالأحكام والنصوص القانونية المنظمة لعمل مؤسسة التأمينات، واستقلالها المالي والاداري. مذكرا بالمادتين (2،14) من قانون انشاء المؤسسة و المادة (3) من القانون رقم (35) لسنة 1991م بشأن الهيئات و المؤسسات و الشركات العامة و تعديلاته والمادتين (10،13) من القانون رقم (26) لسنة 1991م بشأن التأمينات الاجتماعية، التي تؤكد على الاستقلالية المالية و الادارية للمؤسسة.

كل هذا الحشد للنصوص القانونية لم ينفع مع السلطة الخفية، ومراكز نفوذها، وبدت لنا أن سلطة المرؤوسين قد صارت أقوى من سلطة رئيس الوزراء.. واستمرت التعيينات في المؤسسة.. وفي إطار اسناد السلطة الخفية لوزير الخدمة المدنية يمنح فتات منها وقليلا من غنيمة لا تتعدى تمرير طلبات ومصالح محدودة..

وعندما يجد رئيس الوزراء أن من دونه يكسب، وقراراته تعطل من قبل من دونه، يعود ليتعاطى مع هذا الواقع، ويتكيف مع واقع الحال ومتطلبات السلطة الخفية ومراكز القوى الأقوى فيها، ليحصل هو الآخر على فتات من سلطة وقليل من غنيمة..

وهكذا تتحول أجهزة الدولة إلى أجهزة سلطة بواجهة فساد تدار وتحرك كالأرجوزات من قبل السلطة الخفية، ومراكز قواها النافذة.. وتتحول التراتبية الإدارية التي يفترض أن تحكم الأجهزة التنفيذية، إلى تراتبية محكومة بالولاء والطاعة للسلطة الخفية ومراكز قواها..

(12)

السلطة الخفية بمراكز قواها ونفوذها وسطوتها لم تعر بالا أو انتباها لشيء اسمه دستور أو قانون أو لوائح أو أنظمة.. وإن اضطرت إلى مراعاة ذلك، فإنه يأتي في سياق تكتيكي أو احتيالي، ما تلبث أن تعاود الهجمة مرة أخرى للاستيلاء على الأموال، بل وأيضا على المؤسسات ذاتها.. ثم بعد أن تتمكن من الاستيلاء على الأموال والمؤسسات، تتصرف بكل شيء وبسلطات مطلقة، دون أن تسمح باعتراض، وكأنها مالك أو مفوض أو مخول لها القيام بتلك التصرفات، التي تتم وفق ما ترغبه وتشتهيه وتقتضيه مصالحها، وإن كانت تلك المصالح على حساب مصلحة شعبها والوطن..

ولا تتوقف شهوتها ورغبتها عند حد الاستيلاء على الأموال والمؤسسات، بل وتذهب بعد هذا إلى الاستيلاء على القوانين واللوائح والانظمة ذاتها، وتعدلها على النحو الذي ترغبه وتشتهيه، مستفيدة من هشاشة الأجهزة الحكومية، وفساد الواجهات عموما، بل وأيضا هشاشة وضعف البرلمان الذي يتم التحكم به هو الآخر من قبلها، من خلال ما لديها من أموال، وفي استغلال بشع لحاجة أعضاء البرلمان لرواتبهم، في ظل انقطاع رواتب موظفي الدولة، ومستغلة ما بيدها وما تتمتع به من سلطة وسطوة ونفوذ..

وبالتالي تحول السلطة الخفية ومراكز قواها البرلمان إلى بيدق أو أداة طيعة تنفذ من خلاله ما تريد من أجندة ومطالب وأهداف..

(13)

و في إطار الاستيلاء على المؤسسات، تبدأ السلطة الخفية، ومراكز قواها، بالاستيلاء على الإدارة ومفاصل المؤسسة أو الوزارة أو غيرها، بسلسلة من القرارات والتعيينات، التي تصدرها الواجهات التنفيذية، كالمجلس السياسي ورئيسه، ومجلس الوزراء ورئيسه، وكذا الوزراء ومن يليهم..

و في إطار حديثنا عن مؤسسة التأمينات أستمرت التعيينات في المؤسسة، وهي تعيينات مخالفه لقانون انشاء المؤسسة المعنية بالتأمين على موظفي القطاع الخاص، والتي تعد أموالها ملكا للمؤمن لهم والمستحقين من بعدهم، وليس للدولة.

و من التعيينات التي أصدرها وزير الخدمة المدنية في حكومة الانقاذ، الذي يشغل منصب رئيس مجلس ادارة المؤسسة، ما يلي:

– في 10 ديسمبر 2016، أصدر طلال عقلان وزير الخدمة المدنية والتأمينات فيث حكومة الإنقاذ قرار اداري بتكليف يحيى أحسن عبد الله السرحي مديرا عاما لمكتب رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

 

– وفي 4 يناير 2017، أصدر وزير الخدمة المدنية والتأمينات قرارا بتكليف محمد حسن محمد الشامي، نائب مدير عام مكتب الوزير رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

– في 31 يناير 2017، أصدر وزير الخدمة المدنية والتأمينات قرارا بتكليف جميل محمد حسن المحيا مستشارا لرئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

 

– في 12 فبراير 2017، وجه وزير الخدمة المدنية والتأمينات مذكرة لرئيس حكومة الانقاذ، عبد العزيز بن حبتور، لإصدار قرار بتعيين طارق قاسم غالب مدير عام التدريب والتأهيل بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

– في يوليو 2017 وافق وزير الخدمة المدنية و التأمينات على نقل المساعد ثاني محمد حسين محمد صالح الأكوع من وزارة الداخلية إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. و أصدر في 26 أغسطس 2017، قرارا اداريا ثانيا بتعيينه في المركز الرئيسي للمؤسسة بوظيفة مختص براتب أساسي “34،284” ريال، و ثبته في المستوى الرابع من الدرجة “13”.

– وفي 26 أغسطس/آب 2017، أصدر وزير الخدمة المدنية و التأمينات، قرارا بتعيين “ثلاء عبد الكريم عبد الله عقلان” نائب مدير عام مكتب رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية براتب “36,858” ريال، و ثبتها في المستوى الرابع من الدرجة الرابعة عشر.

 

– في 28 أغسطس 2018، وجه وزير الخدمة المدنية والتأمينات مذكرة إلى رئيس حكومة الانقاذ عبد العزيز بن حبتور، لإصدار قرار بتعيين عبد الحكيم عامر علي محمد مديرا عاما لوحدة التقييم و التطوير المؤسسي بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

و هناك قرارات أخرى بتعيين مستشارين في المؤسسة، وأخرى قرارات صدرت عن رئيس حكومة الانقاذ بتعيين مدراء عموم و غيرهم في المؤسسة، رغم وجود توجيهات سابقة له بوقف التعيينات، و هناك خطابات من جهات نقابية تعد أعضاء في مجلس ادارة المؤسسة طالبت بإلغاء قرارات التعيين في المؤسسة لمخالفتها لقانون انشاء المؤسسة.

للمزيد

تغاريد غير مشفرة (127) .. إنه الفساد يا سادة .. شركة النفط والسلطة الخفية

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى