تحليلات

اكبر مجموعة هجومية تنزاح باتجاه سوريا .. ما صور الضربة الامريكية المحتملة لسوريا ؟ و كيف سيكون الرد الروسي ؟

يمنات

 عبدالوهاب الشرفي
 
تواجه الولايات المتحدة وحلفائها مأزقا امام الرغبة في توجيه ضربة عسكرية لسوريا يتمثل في المبرر الذي بناء عليه يتقبل ولو بقدر معقول اقدامهم على عمل عسكري تجاه دمشق ، فالاستثمار في انباء استخدام الكيماوي في ” دوما ” بات ضعيفا في ضل خلاف حول وقوع الجريمة وليس حول من المسئول عنها .

هذا الضعف في انباء ” دوما ” ينعكس ايجابا على الموقف الروسي ويزيد من قناعته بصحة موقفه بقرار التصدي لاي ضربة امريكية وبالتالي ارتفاع احتمالات خروج الوضع عن السيطرة في حال اقدمت الولايات المتحدة وحلفائها على ضرب سوريا ونتيجة لارتفاع الاحتمالات هذه تحركت كل العوامل الجيوسياسية داخل الولايات المتحدة و لدى حلفائها وتمكنت حتى الان من ان تعيق تنفيذ قرار الضربة العسكرية الذي بات من الواضح انه قرار قد اتخذ ولا ينقصه الا التنفيذ و الامر متعلق بخلق الظروف الملائمة لتنفيذه .

تحرك القوات الامريكية و تعزيزها بقطع عسكرية قاذفة بريطانية يؤكد ان قرار الضربة قد اتخذ وتبعا لذلك يتم التموضع ولحين صدور الاوامر بالضرب ، فمن جهه لم ينزاح هذا القدر من القوة باتجاه منطقة الشرق الاوسط الا عند ما يسمى ” بحرب الخليج ” ، ومن جهه تحرك هذا القدر من القوة يستتبع تكاليف عالية كانت كفيلة بالتريث في تحريكها لولا ان مسألة الضربة باتت مسألة وقت ، اما من جهة ثالثة فالولايات المتحدة وحلفائها يتواجد لهم من القوات اكثر من اللازم من القوة في المنطقة وبذات محيط سوريا بشكل يؤهل لتوجيه ضربة لايدخل فيها احتمالات ردود افعال وتطورات قد تخرج عن السيطرة .

مسارعة ” ماي ” للحصول على تفويض من حكومتها بالمشاركة البريطانية في اي ضربة عسكرية لسوريا يمثل فرصه تعزز من الاقدام على الضربة فمن جهة بريطانيا الامر لم يعد قرارا لرئيسة الوزراء –  التي تمتلك الحق دستوريا في اتخاذ قرار توجيه ضربات عسكرية خارج البلد  – وانما بات قرار الحكومة البريطانية ككل ، وهذا الامر يعطي مؤشرا بالتوقيت ايضا فالاستفادة من تفويض الحكومة البريطانية الذي حصلت عليه ” ماي ” يجب ان يكون قبل يوم الاثنين القادم اي قبل عودة مجلس العموم البريطاني للانعقاد بانتهاء اجازته والذي بعودة انعقاده تفقد ” ماي ” ميزة التفويض الحكومي المساند لها .

بالنسبة للولايات المتحدة بدرجة رئيسية ولحلفائها كذلك لم تعد الصعوبة فقط في توجيه الضربة وانما باتت كذلك في عدم توجيهها ، فالتراجع بعد حالة الازباد و الارعاد التي اظهروها منذ بداية انباء الكيماوي في ” دوما ” و سحب الحديث باتجاه روسيا وايران وتحميلهما المسئولية بالاضافة للنظام السوري عن ( استخدام الغاز ) و تحميل روسيا تحديدا مسئولية ( امتلاك النظام السوري للاسلحة الكيماوية ) ما قوبل بتوعدات روسية قوية وحازمة باتجاه التصدي لاي عمل عسكري يتم باتجاه سوريا يجعل التراجع الغربي نوع من النكوص امام روسيا فعمليا هي المانع الوحيد امام تنفيذ الضربة العسكرية حتى الان و حتما سيحسب التراجع انتصارا لروسيا او فرضا فرضه الوجود الروسي في المعادلة لولاه ان الضربة تمت وبسهولة ايضا .

حسابات التراجع التي ستحسب في معادلة الهيمنة انتصارا لروسيا وخسارة للغرب هي بحد ذاتها احد العوامل التي تلعب الان في اتجاه تنفيذ الضربة لسوريا حتى مع القناعة التي اعلن عنها وزير الدفاع الامريكي ” ماتيس ” بان الولايات المتحدة لاتمتلك حتى الان اي دليل ملموس على استخدام الكيماوي في دوما ، وحضور حادثة اغتيال العميل ” سكيربال ” التهمة روسيا بارتكابها على الاراضي البريطانية تضيف دفعه اخرى للتبعات السلبية للتراجع عن الضربة لسوريا فالربط بين حادثة ”  سكيربال ” المتهم بها روسيا وبين التراجع عن الضربة الذي عمليا سيكون السبب فيه هو الموقف الروسي يجعل التراجع تفريطا في الحزم تجاه روسيا فيما يتعلق بالامن الاوربي وليس (  استخدام الغاز ) في سوريا وحسب والربط بين بينهما كان مباشر ورسمي ومن ذلك تصريحات ” ماتيس ” بان استخدام الغاز في بريطانيا او في سوريا امر غير مقبول .

رد الفعل الروسي على اي ضربة ستوجه لسوريا يختلف تبعا لعاملين الاول هو الاهداف التي ستضرب و الثاني هو حجم الضربة التي ستتم ، ففي العامل الاول يتعلق الامر بهل ستوجه الضربات بدقة كاملة لاهداف سورية وهنا سيكون رد الفعل الروسي هو المشاركة في اسقاط الصواريخ التي ستستخدم وربما الطائرات كذلك بينما سيطال رد الفعل الروسي مواقع الاطلاق لهذه الصواريخ في حال تسببت الضربات في اصابة جنود او قوات روسية بشكل مباشر ، وفيما يتعلق بالعامل الثاني وهو حجم الضربة فان الرد الروسي قد يذهب لحد الرد على مصادر النيران حتى ولو لم تصب قوات روسية اذا كان حجم الضربة الامريكية واسعا بالشكل الذي يخل بالمعادلة القائمة في الملف السوري اي ان تكون الضربة مصممة بالشكل الذي يطيح بالحكومة السورية وليس فقط معاقبتها .

وزير الدفاع الامريكي ” ماتيس ” ارسل تطمينات باكثر من تصريح بان الولايات المتحدة ملتزمة بالحل السياسي للملف السوري وفقا لمسار جنيف المرعي امميا وهذه التطمينات تجعل العامل الثاني في حجم الرد الروسي غير حاضر بقدر كبير اي ان الضربة الامريكية لن تصمم لاسقاط الحكومة السورية و يضل العامل الاول المتمثل في الاهداف التي ستضرب هو الحاضر .

امام العامل الاول تكمن المخاطره فيما يتعلق بالرد الروسي في وضعين الاول هو حال اقتصار الاصابة على الاهداف السورية وهنا لا تكمن المخاطرة  بالدرجة الاولى في الرد الروسي بمشاركة اسقاط الصواريخ والطائرات داخل الاجواء السورية وانما في ما سيلحق ذلك من اتاحة الفرصة لروسيا لاستثمار هذه الضربة ( المنفردة ) كمبرر لتزويد الحكومة السورية باسلحة متفوقة ستعزز وضع الحكومة السورية بقدر كبير وخصوصا تجاه ” الكيان الصهيوني ” . اما في حالة اصابات روسية فالمخاطرة فورية بمواجهة رد روسي لمواقع اطلاق النار وهذا الامر يعرض القطع البحرية الامريكية و ربما القواعد التي ستنطلق منها الصواريخ للهجوم .

امام كل هذه المخاطر تطرح بعض المقتراح الامريكية فكرة اعتماد ضربة عسكرية محدودة باستخدام ” مقنبلات استراتيجية ” بدلا عن اطلاق صواريخ او اقلاع طائرات حربية من البوارج او القواعد الامريكية في محيط سوريا لتجنيبها ضربات محتملة حال الرد الروسي على مواقع الاطلاق في حال اي اصابات روسية تنتج الضربة الامريكية . ويضل هذا المقترح العسكري مجدي اذا نُظر للمسالة من ناحية حجم الخسارة لان ” المقنبلات الاستراتيجية ” ايضا ستكون عرضه للرد الروسي ، لكن من ناحية الهيمنة فلا فرق فتعرض البوارج او القواعد الامريكية للضرب هو ذاته تعرض ” مقنبلاتها الاستراتيجية ” للضرب ما يجعل مخاطرة خروج الوضع عن السيطرة قائما وهو ما تعمل الولايات المتحدة وحلفائها على الاحتياط له بازاحة قوة هائلة الى المنطقة منها ما وصل ومنها ما لازال في الطريق مع  ان لديها كامل القدرة على توجيه ضربة محدودة لسوريا بقواتها المتواجدة من قبل .

المصدر: الغاية نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى