فضاء حر

لا يموت الخير أو يصمت للأبد ..

يمنات

ماجد زايد

في ذلك اليوم وصلت متأخراً لمنزل القاضي أحمد سيف حاشد وكان المجلس ممتلئاً بالحضور ، القيت السلام التحية على الجميع ودخلت .. أزال القاضي المدكى وأشار إليّ بتواضع للجلوس بجواره وقال عندي يجلس الضيوف أولاً. في تلك اللحظة تذكرت أحد السياسيين التقليديين الذي قام حراسه بتفتيشنا قبل دخولنا الى مجلسه المُفره والملمع والملون وكيف أنه رفض إستقبال شابين أخرين لم يكونا ضمن القائمة المفترضة.

في ذلك اليوم تحدثت كثيراً الى القاضي حاشد بطريقة ليس فيها حواجز شكليه عادةً ما تكون روتينية في حضرت السياسيين الراديكاليين والارستقراطيين المتحذلقين.

كان حاشد يجيب عن أسئلتي بملامح صادقه ، لم أشعر به شخصاً يلف الحديث بطريقة الظهور الثقيل للسياسيين.

سألته.. العاديين من الناس يحبونك يا قاضي .. كيف صنعت ذلك !!
قال التواضع والصدق مع الناس هو الشيء الوحيد يا ماجد.
كيف نصبح مثلك .. هل نملك ذلك !!
بتواضع قال:
أنا لا أظن نفسي جديراً بأن تكونوا مثلي ، ولكني أنصحكم بأن لا تكونوا محسوبين على أحد ، وأصنعوا لأنفسكم كياناً بأنفسكم .

لا تكونوا لأحد .. كلمتين تختصر ملايين العبارات والأحاديث والمحاضرات والكتب..
سأخبركم بشيء.

القاضي أحمد سيف حاشد مواطن بسيط يسكن بالإيجار في شقة بسيطة في حي مزدحم بعمارة عادية جداً ، بإمكان أي شخص الجلوس معه والحديث اليه في أي وقت.

هل تعلمون ما يعني أن يسكن برلماني وسياسي يمني بالإيجار !!
هل تعلمون ما يعني أن لايملك مكاناً يعيش فيه !!
يعني أنه نزيه !!

يعني أنه ليس محتالاً ، ليس برجوازياً سلطوياً ، ليس مبيوعاً أو مسيراً ، ليس وغداً.

حتى أني أدري أننا لم نعد نعلم ما تعنيه الكلمة النزيهة المنزوعة من نزاهتها أصلاً بسبب المغريات والإمتيازات المستقبلية المفروضة ، ولكن ليس ذلك ليحدث مع أمثال هذا الرجل هذا ما شعرت به وأشعر من معرفتي به.
 
الوطن الطيب ستجدونه في إبتسامة سياسي وبرلماني مخضرم يخجل منك وهو يتحدث اليك ، يتواضع ثم يقول لك أعتز بأنني أتحدث إليك .

من منهم يقول ذلك !!
أذهبوا وتحدثوا مع سياسيي الماضي والحاضر والمستقبل وأبحثوا عن نسخه أخرى منه .. هل تجدون !!
هل تجدون سياسياً يصرخ ضد الجميع !!
هل تجدون شخصاً يتحدث عن الفساد بصوت عالي !!
هل تجدون سياسياً لا يعترف بحالات الطوارئ والأعذار السياسية الكاذبة !!
هل تجدون سياسياً لا يتبع أحد !!
هل تجدون سياسياً يقول عن الدكتاتوريات أمام وجهها أنت أصلاً لا تعنيني ولا يشملني خوفك !!
هل تجدون سياسياً يرعى الكثير من الأسر المقطوعه من راتبه منذ سنوات دون توقف !!
هل تجدون سياسي يمني لا يملك أحياناً قيمة القات !!
هل تجدون سياسياً يمنياً وبرلمانياً يركب في الباصات ويتنقل بالأجرة !!
هل تجدون وهل تجدون.
لا أظنكم تجدون ذلك حتى في الروايات الحقيقة لمعظم الرموز الدينية والقومية والتاريخية لو تأملتم ولو قليلاً.

واليوم الفاسدين يقولون عنه فاسد أيضا.
يقودون حمله على ما تبقى من شجاعة لفضحهم .
هؤلاء بالفعل سيطروا على كل شيء وجيروا كل شيء ، بالفعل قد سكت عنهم الجميع وتركهم الجميع يخوضون في فسادهم.
ولكن لا يزال هناك من لا يصمت بعد.
يريدون الأن إسكاته بطريقتهم الركيكة !!
قد لا يعلمون ..

يسكت الجميع ولا يسكت عنهم أمثال حاشد .. يصمت الجميع ولا يصمت عنهم أمثال حاشد .. يخاف الجميع ولا يخاف منهم أمثال حاشد.
نحن من تلاميذه أيضاً ..
هو القدر يا هؤلاء ..
لا يموت الخير أو يصمت للأبد.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى