العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة (34) .. بداية معرفتي بالرفيق قطران

يمنات

أحمد سيف حاشد

(11)
بداية معرفتي بالرفيق قطران
 
صديقي ورفيقي القاضي عبد الوهاب قطران معرفتي به ابتداء أظنها ترجع إلى مستهل العام 2011 وذلك من خلال قراءتي لبعض منشوراته في وسائل التواصل الاجتماعي “الفيسبوك”، واعجابي بها وبكاتبها، فيما كان هو الآخر كما يقول: متابعا لمساري الثوري ومواقفي السياسية، ومعجبا بها، وباحتجاجاتي الحقوقية، ومواقفي الوطنية..
 
ورغم أن منشورات صديقي ـ والتي أتابعها إلى اليوم ـ أجدها من حيث الشكل لم تكن تهتم بالفواصل بين الجُمل، ولا تكترث بالفصل بين العبارات، حتى يبدو مقاله للوهلة الأولى أشبه بكتلة خرسانة، أو كتل خرسانية لا تنفك عن بعضها في الغالب.
 
إلا أنها من جانب آخر وفي الغالب مزدحمة بكثافة الفكر، وعميقة في المضمون، ومُدهشة من حيث المحتوى، وآسرة وأخاذة في جُرأتها وتحررها من الوعي التقليدي المحافظ، ومتمردة بل وثائرة على التخلف والاستغلال والتفكير النمطي السائد، مستندا في ذلك إلى المنطق والبرهان الذي يعتمده، ويرى فيه صوابه، ويحاول تفكيك الذهنية التي تلقي بثقلها على المجتمع في بنيويته التركيبة القبلية والانحيازات العصبوية على صعيد الوعي والممارسة، ونقده للواقع والفكر المناهض له، وعلى نحو هجومي حاد وشرس، بل وعنيف في بعض الأحيان، لا يقبل المخاتلة أو المهادنة، حتى تخاله يخوض حربا ضروسا بعناد واستماته لا يتزحزح عنها أو عن مواقفه، ولا يقبل فيها أقل من شعوره بالنصر، أو مزيد من ترسيخ ما لديه من قناعات وأفكار..
 
غير أن أهم ما جعلني أشعر أنني توأمه عندما سمعت من الناس بنزاهته حال ما كان رئيسا لمحكمة الرضمة الابتدائية، في محافظة إب، حيث أخبرتني أحدى النسوة التي دخلت بيته حال ما كان رئيسا للمحكمة، ووجدت زوجته وعياله يأكلون الكدم والسحاوق.. وهي شهادة لطالما سمعتها عنه من آخرين.. لكم أحب هذه الروح العصامية، وأعشقها، لأنني أعلم مدى تضحيتها، ومدى ما تدفعه من كلفه في هذه الحياة..
 
في إبريل على الأرجح 2011 كان لقاءنا الأول، وعرفت أنه من همدان، وزاد أعجابي به، غير أن المفارقة الأكبر كانت بين ألمعية وتحرر وعي هذا القاضي، واسم منطقة مسقط رأسه “الجاهلية”؟!
 
وتسألت: من هذا الذي ظلمها بهذا الاسم؟! من الذي أطلق جهله عليها؟!! وبدت لي كثير من التسميات تحتاج إلى التغيير والتعديل ابتدأ من جاهلية ما قبل الإسلام الى جاهلية همدان..
 
من ينصف معلقات وكنوز الشعر العربي المزدهر والذي لا يبارى ولا يضاهى في جزالته ولغته ومفرداته حتى صار جذراً ومرجعية للغة العربية الأصيلة.. من ينصف الشعر الذي وصفه الجهلة بـ “الجاهلي” ووصفوا عصره بـ “الجاهلية”؟!!
 
لكم ظُلمنا من الذين اختاروا أسماءنا، كما هو الحال من أختار اسم جدي حاشد وأبوه هاشم لندفع نحن بعد جيلين أو ثلاثة ثمنا لما لم يكن في البال، في عهد الحمقى الناضح بالرداءة والتعاسة والوعي المشوه، حتى صارت فيه الأسماء والألقاب أحيانا تجني على أصحابها المعاناة، وربما تبلغ حد مصادرة مستقبل أصحابها، أو قطع العيش والمعاش عنهم، أو استلاب الحياة.. فيما بعضهم استفاد منها، دون كفاءة أو خبرة أو نزاهة، وكأن ليلة القدر مرت عليهم بغته في غفلة زمن، حتى صاروا متورمين بالمال والثروة والتخمة، ومتلفعين بالمجد المزيف أو المغتصب..
 
ظلمتنا أقدارنا كما ظلمتنا أسماءنا المعاكسة، وكثيرا ابتعدت التسميات عن حقيقة المسميات، وكانت أحيانا فيما بينها متعارضة أو متصادمة حد الاحتدام..
 
لقد تذكرت فيما كنت قد أشرت له في موضع سابق اسم أختي هناء وقدرها التعيس، ومررت باسم “الإصلاح ” و “الإخوان” و “أنصار الله” وما جلبوا لنا من أقدار الجحيم.. ووجدت كثيرا من الأسماء البهيجة، أصحابها جعلونا شواء تحت الشمس.. وصلبونا على جدران الجوع، وسامونا الضيم والعذاب، ومعاناة لا تنتهي بانتهاء ما بقي لنا من عمر ، بل وعمر أولادنا وأحفادنا..
 
صديقي ورفيقي عبد الوهاب قطران سمى أحد أولاده عبد الرقيب حبا وتيمنا بالشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب.. ولا ندري ما كتبت الأقدار لهذا الاسم الحافر في الذاكرة والوجدان.. إلا أن هذا الاسم بتقديري يعكس بهاء وصدقية يسارية رفيقي قطران في وجه ما هو سائد من جهوية ومناطقية ومذهبية وعصبويات وإنحيازات صغيرة، وانحيازه في الأعم لصالح الوطن الكبير، ولصالح الإنسان، والمستقبل الذي نروم..
 
أما أنا فسميت أحد ابنائي “فيدل” وعندما لم تقبله المدرسة بسبب اسمه غيرت اسمه إلى فادي وغيرت اسم ولدي الآخر من يسار إلى “يسري” وسأكتب عن هذا في موضع آخر.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى