فضاء حر

وجه آخر لمأساة الأطفال في اليمن

يمنات

لطف الصراري

اهتمت «بي بي سي» قبل أيام بنشر قصة طفلة يمنية تعاني من سوء التغذية الحاد، وعرّفتها بالطفلة «صاحبة خاتم الفراولة». نشرت الهيئة الإعلامية البريطانية قصة الطفلة آلاء، مع إنفوجرافيك شمل صوراً ورسوماً متعلقة بمأساة أطفال اليمن، وبعض الإحصائيات الحديثة عن تصاعد معدلات سوء التغذية الذي يفتك بالأطفال والنساء في هذا البلد المنكوب.

قبل قصة «صاحبة خاتم الفراولة»، التي أفضى سوء التغذية لإصابتها بمرض السلّ، اهتمت «بي بي سي» في سبتمبر الماضي، بنشر قصة الطفل سليم، الذي قالت إنه رغم تعافيه نسبياً من سوء التغذية الحاد، واكتسابه بعض الكيلوجرامات في وزنه، إلا أن سوء التغذية «ترك آثاراً لا تمحى عن جسده وعقله، فقد توقف نمو جسده بحيث أصبح من الصعب التصديق أن جسده يعود لطفل في الثامنة من العمر، كما أن دماغه تعرض لتأخّر غير قابل للإصلاح».

قبل ذلك بعامين تقريباً، نشرت صحيفة «السفير» اللبنانية تقريراً إنسانياً للزميل فايز الأشول، تناول فيه مأساة الأطفال في شمال اليمن، حيث يرزح الأطفال تحت وطأة سوء التغذية ويكافحون للحصول على الآيسكريم عن طريق المقايضة بظروف الذخيرة الفارغة. هذه الطريقة اللافتة في المقايضة، هي إحدى طرق الكفاح المفروض على أطفال اليمن لتعويض حقوقهم المهدرة في الحياة. ذلك الهدر الذي سببته النزاعات المسلحة المتقطعة، ومن بعدها هذه الحرب الماحقة.

في كل تقارير المنظمات الدولية، سيما تلك التابعة للأمم المتحدة، عن الوضع الإنساني في اليمن، غالباً ما ورد تحذير من أن استمرار الحرب يفاقم مأساة السكان. وفي حين كان هذا النوع من التقارير يشير قبل الحرب، إلى إصابة ما يقارب ربع مليون طفل بسوء التغذية، صار لدينا الآن، وفي غضون ثلاث سنوات فقط، 11 مليون طفل في طريقهم للهلاك أو توقف النمو بسبب سوء التغذية الحاد. كم من هؤلاء الملايين يمكن أن تنقذهم برامج المساعدات الإنسانية التي تتبناها الأمم المتحدة، بما في ذلك برامج الإغاثة الطارئة؟

لا تقتصر الأعراض القاتلة لسوء التغذية على الأطفال، برغم كونهم الأشد تأثراً بسببه. حسب التقارير، فالنساء هن الفئة التالية من حيث شدة التأثر بهذا الوباء الصامت. ولا غرابة إذ تقف إحداهن على الميزان مع طفلها الذي تجاوز عمره السنة، ولا يزن كلاهما أكثر من 38 كيلوجرام. من الذي قال إن أكثر المتضررين من الحرب هم الأطفال والنساء وكبرياء الرجال. وفي اليمن، اعتادت النساء أن يحفظن صحة أطفالهن وكبرياء رجالهن، قبل الالتفات لاحتياجاتهن. غير أن الحرب لم تبقِ شيئاً لهذه المرأة الإيثارية لتقدمه لعائلتها.

يمضي العام الرابع من الحرب قدُماً في حصد الأرواح ونشر الجوع والأوبئة، وهتك الستر عن النفوس المتعففة. أولئك الذين «يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف»؛ لا يحفلون بأن تشملهم إحصائية ولا هم قادرين على استمراء الوقوف في طوابير استلام المعونات الإغاثية. هؤلاء هم على الأرجح، من يذهب تجار المعونات بحصصهم إلى السوق، وأطفالهم هم الأكثر تعرضاً للإصابة بسوء التغذية الحاد، والأكثر إغماءً في الصباحات المدرسية، والأكثر تسرّباً من الدراسة.

واحدة من النقاط التي تضمنتها الإحصائيات الحديثة للأمم المتحدة عن تأثيرات الحرب في اليمن، تفيد بحرمان ما يقارب من ثلاثة ملايين طفل من التعليم. هذا رقم لن يكترث له أحد من أطراف الحرب، ناهيك عن تفريغ مساحة صغيرة من عقولهم المتقدة قليلاً، للربط بين توقف هؤلاء الأطفال عن الذهاب إلى المدرسة، وبين توقف النمو العقلي «غير القابل للإصلاح» بسبب سوء التغذية الحاد. أما النقطة التي يفترض بها أن تثير الخزي لدى العقول المستفرغة بالحرب، فهي تلك المتعلقة بتضاؤل مساحة الزراعة في اليمن إلى ما يقارب 3-4% من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة. وإذا كانت حظوظ الحرب مستمرة في الازدهار، فما الذي بمقدور مساعدات العالم الصناعي أن تفعله إزاء 22 مليون بطن جائع، بينهم 11 مليون طفل مصاب بسوء التغذية؟ وأبعد من ذلك، أي مستقبل يتحدث عنه قادة الألفية الثالثة لبلد يتهاوى سكانه نحو المقابر بهذه السرعة؟

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى