فضاء حر

العقيدة ثابتة والشريعة متغيرة

يمنات

حسين الوادعي

ما الثابت في الإسلام، وما المتغير؟

كم من شاب سألني هذا السؤال محتارا.

فقد تعودنا على القول ان الاسلام عقيدة وشريعة.

واذا كانت العقيدة غير مختلف عليها لانها تقوم على التسليم والإيمان، فالله واحد والصلوات خمس والصيام في رمضان ولا خلاف على ذلك خاصه اذا ضمنا حريه التدين والاعتقاد، فالجدل كل الجدل دار و يدور حول الشريعة.
فهذه الفتاة المسلمة الصادقة محتارة كيف كان للصحابة عبيد وسبايا. وتسمع أن القرآن اعتبر شهادتها نصف شهادة رجل فتتمزق بين العقل والدين.

وهذا الشاب خالص القناعة بالإسلام لكنه لا يعرف كيف يمكن أن نقطع الأيدي والأرجل بينما كان السجن أولى واجدى.

وثالث لا يدري هل جاره المسيحي مواطن كامل المواطنة، ام ذمي لا يحق له تولي الوظائف العامة؟ وكيف يمكن للعالم كله ان يؤمن بالمساواة الا نحن؟

وهذه ترى نفسها مسلمة صادقة لكنها لا تريد تغطية شعرها أو إخفاء جمالها.
أما هذه فتستطيع تحمل كل كوارث الدنيا ومصائبها الا ان يكون لزوجها زوجة أخرى.

فاذا قلنا ان الشريعه ثابته مثل العقيده، فان أمامنا من الشرائع المذكوره في النصوص الإسلاميه المقدسة ما يصعب تبريره في عصرنا بكل ما توصل اليه من تقدم أخلاقي وقانوني وسياسي. 

فهل تعدد الزوجات وأحكام الذمة والحجاب والجهاد وميراث المرأة وملك اليمين وقطع اليد والجلد شرائع خالدة، أم شرائع مؤقتة ارتبطت بالسياق الاجتماعي والاقتصادي الذي كان سائدا ذلك الحين وأنتهت بانتهائه.

الجدل حول الثابت والمتغير في الاسلام يدور بين تيارين كبيرين اليوم.

التيار الأول يرى أن كل ما ذكر في القران الكريم من عقائد او تشريعات ثابت و خالد خلود الزمان.

والتيار الثاني يرى أن التشريعات متغيرة و انها مرتبطه بزمانها و مكانها، ولا يرون بأسا في التوقف عن تطبيق مثل تلك التشريعات اذا تجاوزها التطور الاخلاقي و القانوني و الاجتماعي .

وهو يستند أحيانا الى اجتهادات قديمه قدم الخلفاء الراشدين و خاصه اجتهادات عمر بن الخطاب الذي كان يتجاوز النص القرآني فتجاوز النص القراني والغى زواج المتعه و سهم المؤلفه قلوبهم ، واوقف العمل بحد السرقة مع انها كلها ثابته في النص القراني.

لكن ما لا يعرفه الكثير من المسلمين اليوم ان العالم الاسلامي كان قد حسم معركه الثابت والمتغير ومعركه العقيده و الشريعه في منتصف القرن التاسع عشر.

بدأ ذلك مع الاصلاحات التي قامت بها الدوله العثمانيه في العصر الذي عرف بعصر التنظيمات عندما اتخذت الخلافه الاسلاميه دستورا مدنيا و قوانين مدنيه جديده والغت احكام الذمه وساوت بين المواطنين دون النظر الى الدين او العرق او الجنس، كما اوقفت العمل بالعقوبات و الحدود الجسديه مثل جلد الزاني و قطع يد السارق وشرعت عقوبات قانونية حديثة.

وسار محمد عبده على نفس النهج نهاية القرن التاسع عشر فطالب بايقاف العمل بتشريع تعدد الزوجات، وإلغاء الطلاق الشفوي وجعل الطلاق حقا للزوجين أمام القاضي.

ثم جاء رجل دين تونسي شاب اسمه الطاهر عاشور بداية القرن العشرين وقال ان كل شيء يتطور وكل ما جاء في الاسلام من تشريعات كالحجاب والميراث والجهاد والذمة مرتبطه ارتباطا كاملا بالظروف الاجتماعية التي ظهرت فيها.

ثم جاء اتاتورك وبورقيبه ليقفزا بالإصلاح الديني الإسلامي قفزات ضخمة ويقرا المساواة الكاملة بين المواطنين وبين الرجل والمرأة ويراجعا كل الأحكام الوقتية التي انتهت مبرراتها وزمانها. 

وهكذا لم يحل القرن العشرين على العالم الاسلامي الا وقد قال الإصلاح الديني بوضوح أن الشريعة متغيرة.

لكن حركة الاصلاح الديني تراجعت بسبب حدثين رئيسيين: صعود الاصوليات الدينية في ثلاثينات القرن العشرين كالوهابية في الحجاز، والإخوان في مصر، وجماعة المسلمين في باكستان، وتاسيس الدوله السعوديه شبه الثيوقراطية.

شخصيا أميل إلى اعتبار التشريعات الإسلامية تشريعات وقتية ارتبطت بزمانها ومكانها.
ولكم الحق في التفكير واختيار ما يرضاه عقلكم وضميركم.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى