العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة (40) .. اختيار شعار حركة 20 مايو ودلالته

يمنات

أحمد سيف حاشد

ملاحظة: ما أنشره من مذكراتي ليست إلا بناء الهيكل أو الأساس أو بعبارة أخرى عبارة عن مسودة أولى للتوثيق ولعمل لاحق سأهتم واعتني به كثيرا، ليخرج أجمل بكثير مما هو عليه الآن .. سيخضع للمراجعة وإعادة الصياغة، والتصحيح النحوي والإملائي، والعمل ببعض النصائح على صعيد الشكل والمضمون ليكون أكثر جمالا ومقاربة للواقع وسيتم إصداره لاحقا في كتاب إن طال بنا العمر..

اختيار الشعار ودلالته

(17)

ألتقينا في منزل رفيقنا نجيب الحاج، وفيما كان رفيقنا منهمكا في إعداد ردود قانونية، أو مرافعة تندرج في إطار عمله القانوني الخاص، كنّا نحن نستعرض نماذج شعار حركة الـ 20 من مايو الذي تم إعدادها بواسطة هايل القاعدي.

تفاجأتُ إن كل النماذج الذي قدمها رفيقنا هايل القاعدي لا تعيدك إلى أجواء الحرب البارة، بل هي مشبعة بكثافة تعيدك إلى أجواء حقبة الإستالينية في الحرب العالمية الثانية، وفي أفضل الأحوال إلى انتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا عام 1917

ليس هذا اللافت فقط، بل اللافت تلك العوالم المبتهجة، والارتياح النابض بالنور الذي كساء وجوه الرفاق ـ إن استثنيت منهم رفيقنا نجيب الحاج الذي كان مرنا أحيانا ويخفف عني أحيانا أخرى من قبضات الرفاق عندما تشتد ـ لقد لامست تلك النماذج شغاف قلوبهم، وبدت عامرة في وجدانهم بالإيمان..

أذكر أنني شاركت في اختيار أحد النماذج عملا بالممكن الذي لا يفسد عمل، وأبديت بعض ملاحظات ما يمكن تعديله على النموذج الأخف والذي رجحناه بعد نقاش، فيما كانت ملاحظة رفيقنا عبد الجبار الحاج توسيع خارطة اليمن على الشعار لتشمل جيزان ونجران وعسير اليمنية، ووافقنا جميعا عليها، دون استثناء أو تحفظ..

المهم شعرت أنني صرت من اليوم يساريا بامتياز، أو مقاربا لليسار الحقيقي والأصيل وفق “معيار” رفيقي قطران، الذي لطالما أتهمني باللبرلة، ومع ذلك هذا لا يمنعه من توجيه تهمة أو تهم أخرى حادة وجافة أحيانا، عندما يشعر أنني أفترق عنه كثيرا أو حتى قليلا في بعض الأحيان بشأن إمكانية فعل من عدمه، أو أختلف معه في رأي أو تقدير حيال بعض الأمور المهمة من وجهة نظره، والتي ربما أرى فيها أنا غير ما يراه .. فما يراه هو في تقديره محمودا أو واجبا وضرورة، ربما أراه أنا انتحارا أو عبثا أو انزلاقا، أو فجورا أو انحدارا..

و مع ذلك أكتشف أنا أحيانا أن الحق معه، وأحيانا هو من يكتشف أن الحق معي، ولكن يظل قطران ذلك الصديق والرفيق الذي أحبه، وأشعر أنني صنوه وتوأمه، لا أستطيع أن أستغني عنه، والعكس هو أيضا أو هكذا أعتقد .. حميمية راضين عنها كلانا، وإن قطعتها أحيانا خيبات عابرة، أو عدم رضاء عن بعض لفترة وجيزة، إلا أن حميميتنا غالبة، ويصلح ما أختل منها بعض الرفاق، وجنوننا يشبه بعض، وإن كان جنونه أحيانا يجعلني عاقلا إلى حد بعيد .. ومع ذلك أجد من ينصحني إلى اليوم أن لا أقترب كثيرا منه، وأن لا أبتعد عنه، لتدوم الحميمية بيننا إلى آخر العمر..

أنا يساري عندما أعيش الظلم، ويساري في انحيازي للفقراء، ويساري عندما يتعلق الأمر بموضوع العدالة الاجتماعية .. غير أنني ربما أجد نفسي ليبرالي إلى حد ما، وأحيانا إلى حد بعيد – على الأقل نظريا بصرف النظر عمّا يعتور الواقع – ليبرالي عندما يتعلق الأمر بمعايير الحكم الرشيد، أو يتعلق الأمر بفضاء الحريات والحقوق التي أجد فيها متسع لفضائي بقدر ما، دون أن ينال هذا من وجهة نظري وإدانتي ورفضي للحكومات في البلدان التي تدعي الحقوق والحريات والإنسانية والحضارة، وهي تعتاش على دمنا وأشلاءنا وتمزيقنا، وتمزيق أوطاننا، وتتكسب على حساب ثرواتنا، وتبني مجدها البشع على بيع أسلحة الدمار والخراب لأكثر الأنظمة استبدادا وتخلفا لتقتلنا به، وترتكب المجازر والفظائع ضد أطفالنا ونساءنا والأبرياء منّا، وتمارس تلك البشاعات تحت رعاية و وتواطؤا تلك الحكومات .. أميل كثيرا إلى تقديم المثل السامية وقيم الأخلاق التي تستشف المستقبل على معايير الاعتبارات والمصالح السياسية والاقتصادية البرجماتية للحكومات والدول.

إجمالا أنا لا أحب تأطير نفسي نظريا في قالب واحد، أو تيار محدود، أو في محبس وإن كان من ذهب .. أحب أن أكون صاحب رأي طليق .. ربما ألتقي مع هذا في رأي، وألتقي مع ذاك في رأي آخر، بصرف النظر عن المدرسة الفكرية أو السياسية أو الأيديولوجيا التي ينتمي لها كل منهما..

أحب أن “أتزندق” وأبحث عن الرُخَص، وأبحث عن الفُسح، وأعمل بما هو متاح، وآخذ من كل أمر ما أظنه أحسنه، بعيدا عن الحدية والعدمية والعُقد والجمود والنظريات والقوالب الجامدة .. وهذا ربما ما أجده عصيا على فهم بعض الرفاق لشخصيتي .. وربما كثيرون غيرهم لا يفهموني أيضا، ولاسيما أولئك الذين يتعصبون لفكرة ما، أو أيديولوجيا دون سواها.

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى