العرض في الرئيسةتحليلات

الامارات والسعودية وقطر تسعى لإعادة ترتيب البيت اليمني على طريق “أسد في الداخل” و”نعامة في الخارج”

يمنات

صلاح السقلدي

اختيار هذا الظرف الزمني لإذاعة التسجيل المرئي للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي سجّـله قبل مقتله بساعات بصنعاء نهاية العام الماضي، لم يكن اختياراً من حزب «المؤتمر الشعبي العام» (حزب صالح) بمفرده، بل بتنسيق خليجي إماراتي، في وقت تشن هذه الأخيرة بمعية قوات العميد طارق صالح، هجوماً على مدينة الحديدة، وبمشاركة قوات جنوبية، للاستيلاء عليها بغية السيطرة الإماراتية على مزيد من الموانئ في الشريط الساحلي، وتمكين العميد طارق، من مدينة هامة كالحديدة لتكون عاصمة له ولحزبه ومنطلقاً لقواته، صوب المزيد من الجغرافيا شمالا.

فالإمارات، بحاجة إلى تحشيد شعبي بالمحافظات الشمالية، واستمالة ما يمكن استمالته من القوات التي كانت موالية لصالح، وبالذات قوات ما كان يُعرف بـ«الحرس الجمهوري»، التي ما تزال تقاتل جنبا إلى جنب مع قوات حركة «أنصار الله»، أو تحييدها على أقل تقدير لإنجاح عملية «اقتحام الحديدة» المحفوفة بالمخاطر والخسائر، ولتشكيل حشد جماهيري من هذا النوع، فالآمال الإماراتية معقودة على جماهير «المؤتمر الشعبي العام» والقوات الموالية، أو بالأحرى ما تبقى منها.

فالرئيس السابق، بهذا التسجيل استطاع إلى حد كبير التوفيق بين طرفي معادلة صعبة. فهو في الوقت الذي قدم نفسه لـ«التحالف» بأنه قد حسم أمره بفض الشراكة مع «أنصار الله»، وأنه أضحى أقرب لـ«التحالف» وشرع يعزف في الأذن السعودية والإماراتية على «الوتر الديني» بقوله، إن «هؤلاء» يقصد بأن خصوم اليوم حلفاء الأمس، قد أتوا بـ«إسلام غير إسلام اليمنيين». إلا أن الرجُــل في ذات الوقت ظل يستهجن ما يصفه بالعدوان على اليمن من قِبلِ السعودية والإمارات، مضيفاً أنه لم يكن يوماً من الأيام عميلاً لدولة شقيقه، وهذه رسالة للداخل يقدم نفسه فيها على أنه مخلصاً للجمهورية، ورافضاً في ذات الوقت لأي عدوان خارجي أو استعانة بدولة أخرى، وهذا ما يحتاجه «المؤتمر» اليوم لاستمالة الفئة «المؤتمرية» التي ما تزال مع «أنصار الله» تحت قناعة رفض العدوان الخارجي -وغير «أنصار الله» من قطاع الشعب هناك- مع صعوبة سيجدها المؤتمريون المنخرطون بالشراكة مع «التحالف». ففي الوقت الذي يتفاخرون فيه بوطنية رئيسهم وبازدرائه لأي عمالة للخارج ولأي تعاون مع العدوان، فإنهم يتخندقون اليوم بصف «التحالف»، أو ما يصفه صالح بـــ«العدوان»!

الإمارات التي يبدو أنها تعيد ترتيب البيت «المؤتمري» على طريق ترتيب البيت اليمني، بقالب جديد بخطوات متئدة، وتسعى بحسب مصادر غربية أمريكية إلى الدفع بنجل صالح، السفير أحمد، إلى واجهة المشهد اليمني وتنصيبه بنهاية المطاف على كرسي الحكم بدلاً من الرئيس عبدربه منصور هادي. هذه المعلومات إن صحت -وقد ذهبت المصادر بعيداً بقولها إن السفير أحمد، قد يزور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في الرياض- فإنها بهذا تعيد رص حجارة «الدومينو المؤتمرية» واليمنية إلى حد ما، وهي التي تساقطت منذ عام 2011م وحتى بداية هذه الحرب، فتعيد رصها من جديد أو رص الجزء الأعظم منها، ونقصد هنا الشق «المؤتمري» بتفرعاته الحزبية والعسكرية والقبلية، بالتوازي مع ما تقوم به المملكة العربية السعودية وقطر -كل على حدة- بإعادة رص باقي الحجارة بشقها السلفي والإصلاحي، وبالذات فرعه القبلي بقيادة قبيلة «حاشد»، التي فككت مفاصلها حركة «الحوثيين» عام 2014م، والعسكري بقيادة نائب الرئيس علي محسن الأحمر، والديني بقيادة رموز سلفية متشددة بل وحتى إخوانية إن اقتضت الضرورة ذلك.

وبالتالي فنحن إزاء عملية إعادة إنتاج مراكز قوى تقليدية انغلاقية فاسدة مستبدة، سامت اليمنيين شمالا وجنوبا، سوء العذاب منذ عشرات السنين.

يتفق أشد خصوم الحركة «الحوثية» من القوى الوطنية المخلصة في الشمال، بأن أفضل عمل قامت به هذه الحركة، هو تكسير قرون تلك القوى القبيلة المتحجرة، وبالذات في معقلها التاريخية في قبيلتَي «حاشد وبكيل»، ونزع أنياب المنظومة العسكرية والاستخباراتية المستبدة -قوات الفرقة والحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي- وإضعاف الجماعات المتطرفة وتجفيف منابع تمويلها.

وأمام هكذا محاولة لإعادة تركيب هذا الحطام وبث الروح فيه من جديد، كما يتم اليوم، سيعني عودة هذه القوى بشكل أشد فتكا وغطرسة، كونها ستكون متسلحة بتأييد ودعم سعودي إمارتي، ماليا وعسكريا وفكريا وسياسيا.

بث الروح في هكذا حطام يأتي مع فارق أن يمن الأمس لن يكن هو يمن الغد، بعد أن يتم سكبه في القالب الجديد الذي يُــراد له إقليمياً، يمن «منزوع السلاح مهترئ الأوصال والعُرى»، غارق في بحور من العوز والفقر… ففي الوقت الذي ستعيد الرياض وأبوظبي هذه القوى التقليدية إلى مواقعها السابقة، إلا أنها ستكون تحت المجهر تتحرك عبر «كنترول» عن بُعد، وستصبح هذه القوى أسدٌ على الداخل ونعامة في الخارج.

وفي الجنوب، سيعني هكذا وضع جديد ليس فقط العودة إلى زمن الاستبداد السابق بكل مثالبه، بل سيكون هذه المرة معززاً بـ«صولجان» خليجي غليظ، ما يعني أن أي مجابهة له، ستكون مواجهة مع الخليج، وبالذات مع الإمارات والسعودية.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى