العرض في الرئيسةتحليلات

ماليزيا تمهد لسحب قواتها من السعودية .. هل ستتخذ السودان قرارات مماثلة..؟وما مدى جدية التهديدات بقصف الخرطوم..؟

يمنات

تَدرُس الحُكومة الماليزيّة التي يتزعّمها رئيس الوزراء مهاتير محمد الذي فازَ في الانتخابات البَرلمانيّة الأخيرة بنِسبةً عاليَةٍ جِدًّا مِن الأصوات، سَحب قُوّاتها المُتواجِدة في المملكة العربيّة السعوديّة ضِمن التَّحالُف العَربيّ لدَعم الشرعيّة في اليمن، وأكَّد وزير الدِّفاع الماليزي محمد سابو في حَديثٍ صحافيّ أنّ حُكومته غير مُهتَمَّة بالتَّورُّط في صِراعات مِنطَقة الخليج، والمُشارَكة في مُهاجَمة اليمن الدَّولة الإسلاميّة، مِمّا يُوحِي بأنّ هذه الدِّراسة لن تَطول، وقرار إعادَة القُوّات الماليزيّة إلى بِلادِها قد صَدَرَ فِعلاً.

هذا المَوقِف الماليزيّ الذي جاء بعد أقل من شَهرٍ على سُقوط نجيب عبد الرزاق، رئيس الوزراء الماليزي السَّابِق المُتَّهم وزوجته وأُسرته بالفساد، ويَقبَع خلف القُضبان، يُشَكِّل ضَغطًا كبيرًا على السُّلطات السودانيّة، والرئيس عمر البشير تحديدًا، للإقدام على خَطوةٍ مُماثِلةٍ وسحب القُوّات السودانيّة من اليمن، بعد تَعاظُم حَجم الخَسائِر البشريّة في صُفوفِها في الأيّام الأخيرة نتيجة مُشارَكتها بفاعِليّة في جَبهة الحديدة التي اشتعلت نيرانها قبل أُسبوع عندما قرَّرت قُوّات التحالف بقِيادَة السعوديّة والإمارات اقتحامها، وإخراج قُوّات حركة “أنصار الله” الحُوثيّة مِنها.

تتعالى الأصوات داخِل البرلمان السوداني ومِن نُوّابٍ حركة الإصلاح مِثل النائبين حسن عثمان رزق، وعبد الرحمن الفضيل، التي تُطالِب بسحب هذه القُوّات تَقليصًا للخَسائِر، في انعكاسٍ واضِحٍ لمِزاجٍ سُودانيٍّ عام لا يُحَبِّذ استمرار تَورُّط قُوّات بِلاده في هَذهِ الحَرب لأكثر من ثلاث سنوات ودون وجود أي مُؤشِّرٍ على نِهايةٍ قَريبةٍ لها.

الفريق محمد حمدان حميدتي، قائِد قُوّات الدَّعم السَّريع السودانيّة التي تُشارِك في هذهِ الحَرب اعترف رَسميًّا بمَقتَل 412 من جُنودِها بينهم 14 ضابِطًا، لكن هُناك مَصادِر سُودانيّة غير رسميّة تُؤكِّد أنّ الرَّقم الحقيقيّ ربّما يكون أكبر من ذلك بِكَثير.

الخَطر الأكبر الذي يُواجهه السودان وقِيادته يَكْمُن في صُدور أصواتٍ حُوثيّة “مَسؤولَة” تُطالِب بِضَرب أهدافٍ في العاصِمة الخرطوم بصَواريخ باليستيّة على قدم المُساواة مع الرياض ومُدُنٍ سعوديّةٍ أُخرى، وحتّى هذه اللَّحظة لم تَجِد هذه المُطالبات التحريضيّة أيَّ آذانٍ صاغِية، والخُطورة تَكمُن هُنا في عَدم امتلاك الجيش السوداني الدِّفاعات الكَفؤة مِثل صواريخ “باتريوت” لإسقاطها في حال غيّرت القِيادة الحوثيّة رأيَها وقَرَّرَت استهداف السودان.

تتضارب الأنباء حول سَير المعارك في منطقة الحديدة، ولم يَتِم التأكيد رَسميًّا حتى الآن من الأنباء التي تقول أن القُوّات المُهاجِمة للمدينة نَجحَت في السَّيطرةِ على مطار المدينة، وِفق البيانات العَسكريّة لقِيادَة التحالف السعودي، بسبب شَراسَة المُقاوَمة لها داخله، كما أنّ اقتحام المدينة يعني خوض قُوّات التحالف حَرب شَوارِع شَرِسَة الأمر الذي قد يُؤدِّي إلى وقوعِ خَسائِر ضَخمة في صُفوفِها أقل بِكَثير من الطَّرف الآخر الذي يُقاتِل في أرْضِه، ويَعرف خَريطة المِنطَقة جيّدًا، وتُحذِّر مُنظَّمات حُقوقيّة من كارِثَةٍ إنسانيّةٍ ضَخمَةٍ بسبب هَذهِ الحَرب، قد يَصِل عدد القَتلى من المدنيين رُبع مليون إنسان ما زالوا داخِل المَدينة.

الأمر المُؤكَّد أنّنا في انتظارِ إعلانٍ وَشيكٍ من قِبَل الحُكومة الماليزيّة بِسَحب قُوّاتها من اليمن، وهِي قُوّات رَمزيّة على أيِّ حال، ومن غَير المُستَبعد أن تحذو الحُكومة السودانيّة حَذْوَها، وتتَّخِذ القَرار نفسه مع تَصاعُد الأصوات داخِل البَرلمان وخارِجه، المُطالِبة بذلك، خاصَّةً إذا طال أمَد المُواجَهات في الحديدة، وهي سَتطول حَتمًا، وتزايَدت أعداد الجُنود السُّودانيين القَتلى نَتيجةً لذلِك، وبِصُورةٍ يَصْعُب إخفاؤها على الشَّعب السودانيّ.

افتتاحية “رأي اليوم”

زر الذهاب إلى الأعلى