فضاء حر

الوصاية السعودية على اليمن

يمنات

هايل القاعدي

(1)

يشن النظام السعودي منذ نشأته حرباً اقتصادية متعددة الأوجه والمجالات ضد الشعب اليمني، إلا أنها تصاعدت خلال العقدين الماضيين إلى أعلى المستويات، حيث استخدمت فيها الرياض مختلف الوسائل والأدوات كالعملاء المحليين والقاعدة وداعش لإجهاض أي تطور أو نهضة اقتصادية، السعودية بذلت جهوداً كبيرة للإبقاء على اليمن دولة فقيرة ضعيفة تحت وصايتها تدار من سفارتها في صنعاء، حتى إنتفاضة الشعب اليمني في سبتمبر 2014م، والتي ينشد اليمنيين التحرر من الوصاية السعودية، وأعادت الاعتبار للسيادة الوطنية، بعد أن كانت اليمن تدار من الرياض ومن داخل السفارات الأجنبية في صنعاء،مازال اليمنيين حتى اللحظة يسعون للتخلص من الوصاية ولن يستقر اليمنيين وتصلح أحوالهم طالما والسعودية مهيمنه وتتحكم في شئون اليمن.

(2)

خلال عقد التسعينات من القرن الماضي عمدت السعودية إلى التمدد في الأراضي الحدودية الواقعة في شروره والوديعة وهي ” أراضي يمنية غنية بالنفط” وعلى مدى الفترة 1995م ــ 1999م تصاعدت الخلافات بين اليمن والسعودية إلى أعلى المستويات حتى تم التوقيع على اتفاق جدة الكارثي الذي تنازل فيه النظام السابق عن 430 ألف كيلو متر من الأراضي اليمنية التاريخية الغنية بالثروات الطبيعية، إلا أن مطامع الرياض أكبر من سلخ نجران وعسير وجيزان من اليمن، فقد سعى النظام السعودي إلى إجهاض أي تطور أو نمو اقتصادي في اليمن،
 
مازالت الأطماع السعودية في التوسع حيث تقوم في الوقت الراهن بعمليات التوسع في الأراضي اليمنية في محافظة حضرموت حيث أفادت مصادر يمنية أن السعودية أقدمت على نزع العلامات الحدودية في تلك الأراضي وتوسعت 42 الف كيلو متر ومازال التوسع مستمر حتى تحصل على منفذ بحري لتحقق بذلك جزء من أهدافها واطماعها الاحتلالية.

(3)

تصاعدت مطامع آل سعود التوسعية في اليمن بعد توقيع اتفاقية جدة الكارثية عام 2000م ، فسعت إلى توسيع دائرة الموالين لها في أوساط القبائل الواقعة في المحافظات الحدودية والمحافظات الأخرى، حيث تم ضم المئات من مراكز القوى القبلية والعسكرية والحزبية المؤثرة إلى كشوفات اللجنة الخاصة السعودية بهدف تنفيذ أجندة السعودية في اليمن بطريقة غير مباشرة وعبر وكلائها، من خلال ضرب الأمن والاستقرار وإيجاد بيئة طاردة للاستثمارات، وإعاقة تنفيذ المشاريع العامة وتهديد الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز، لإعاقة الاستثمارات النفطية والمعدنية وغيرها، كما كثفت الرياض توغلها في أوساط القبائل اليمنية والبدو الرحل القاطنين في الجانب اليمني من الربع الخالي، من خلال تجنيسهم ومنحهم امتيازات متعددة بغية الاستحواذ على المزيد من الأراضي اليمنية واستخدام البعض منهم لتنفيذ أعمال التخريب وإعاقة أي مشروعات استثمارية في الأراضي اليمنية الحدودية.

(4)

حرب العملات
اعتمدت السعودية الحرب الباردة لتدمير الاقتصاد اليمني واستنزاف قدراته، حيث شنت حرباً مالية على اليمن بدأت مطلع تسعينات القرن الماضي ولاتزال حتى اليوم، تمثلت في سحب العملة الوطنية واستخدامها عند اللزوم للمضاربة في سوق الصرف اليمني بهدف سحب النقد الأجنبي وإحداث هزات للعملة المحلية لزعزعة الاستقرار ورفع الأسعار وإلحاق الأذى بالمواطن اليمني ومتطلبات معيشته واستقراره.
 
واشتدت تلك الحرب المالية خلال النصف الثاني من عقد التسعينات حيث اكتشفت السلطات اليمنية خلال الاعوام 1996م ـ 1998م الدور المحوري للسعودية وأدواتها المحلية في سحب الفئات الكبيرة من العملة المحلية، وعلى الرغم من أن اتفاق جدة عام 2000م قد ألزم الطرفين (اليمن والسعودية) بإحلال السلام بين البلدين ومنع التدخل في الشؤون الداخلية، إلا أنها سرعان ما انقلبت على ذلك، حيث لاتزال الرياض إلى اليوم تعتدي على الشعب اليمني وتمارس ألاعيبها القذرة لزعزعة ما تبقي من استقرار في أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار، إضافة إلى عدوانها العسكري الممتد لما يقارب العامين، والذي فرضت معه حصاراً اقتصاديا ومالياً على الشعب اليمني، وأغلقت كافة قنوات الدخل من العملات الاجنبية، وعزلت القطاع المصرفي اليمني عن التواصل والتعامل مع العالم الخارجي، بالإضافة إلى ضلوعها في المضاربة بأسعار صرف الريال اليمني أمام الدولار وبقية العملات.

(5_6)

الإرهاب السعودي!
 
منذ عدة سنوات تنامي دور تنظيم القاعدة الإرهابي الممول سعوديا في عدد من المحافظات اليمنية النفطية، الأمر الذي لفت أنظار العديد من المراقبين، ففي عام 2006م تسلل عشرات العناصر السعودية المتشددة إلى محافظة مأرب، لتنفيذ مخطط تخريبي يستهدف الاقتصاد الوطني بدعم من النظام السعودي فيما عرف لاحقاً بتنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة.
 
ومن خلال تتبع نشاط الإرهاب المصدر من الرياض، والذي دشنه الإرهابي السعودي محمد العوفي، الذي تولى زعامة تنظيم القاعدة في اليمن، ومن ثم يوسف الشهري وإبراهيم العسيري وغيرهم، لوحظ استهداف القاعدة خلال العام 2009م للاستثمارات النفطية في شبوة ومأرب وحضرموت، وذلك بعد أن حققت اليمن فائضاً مالياً لأول مرة عام 2008م بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهو ما أدى إلى ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي إلى 8 مليار دولار لأول مرة منذ عشرين عاما، بالإضافة إلى ارتفاع عائدات اليمن من السياحة الأجنبية إلى أكثر من 1,5 مليار دولار بسبب تحول اليمن إلى مزار للسياحة الأجنبية والعربية، وهو ما شكل دافعاً للرياض للقيام بتحريك أدواتها الإعلامية من خلال تهويل وتضخيم دور القاعدة في اليمن، وتولت قناة العربية مهمة تشوية صورة اليمن في الخارج، كما قامت القاعدة بتنفيذ عدد من الهجمات ضد قوات الجيش في مأرب، وحاولت استهداف منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب بعد ذلك، بالإضافة إلى محاولتها أكثر من مرة استهداف ميناء الضبة النفطي في حضرموت، ولم يتوقف ذلك الدور الموجه للقاعدة بتنفيذ هجمات انتحارية في مأرب وشبوة وحضرموت، بل نفذ التنظيم عمليات انتحارية استهدف من خلالها قطاع السياحة في مأرب عام 2009م، بعد أن تجاوز السياح الأجانب الواصلين لليمن إلى 1,2 مليون سائح من خلال تنفيذ عملية انتحارية أودت بحياة (7) سياح أجانب بالقرب من معبد الشمس بمأرب، يضاف إلى تنفيذ عملية انتحارية في نفس العام في تريم حضرموت ضد عدد من السياح الأجانب، مما أدى إلى تصاعد خسائر قطاع السياحة خلال الفترة 2000م ــ 2010م إلى 10 مليار دولار وفق التقارير الحكومية، وسجل خلال الفترة 2009 ـ 2014م تصاعد في تنفيذ عمليات الاختطاف من قبل القاعدة استهدفت سياح أجانب وصحفيين ورعايا عدد من الدول الأجنبية، مما أدى إلى تصاعد تحذيرات عدد كبير من الدول الأجنبية لرعاياها من السفر لليمن، وهو الهدف الذي سعت الرياض عبر أدواتها التكفيرية إلى تحقيقه.
 
وعلى الرغم من ارتباط ظهورها القاعدة بالفقر والبطالة كما تشير الدراسات، إلا أنها في الحالة اليمنية ارتبط ظهورها بأجندة أجنبية تآمرية، حيث تنامت القاعدة في محافظة مأرب وشبوة وحضرموت التي تتواجد فيها قطاعات نفطية والتي تعد من أقل المحافظات اليمنية فقراً وبطالة مقارنه بمحافظات يمنية أخرى، ومع بروز الحديث عن نفط الجوف انتقلت القاعدة آلياً إلى الجوف، والهدف الأساسي كان ضرب القطاعات النفطية الواعدة من جانب، وإثارة مخاوف الشركات الاستثمارية الأجنبية الراغبة بالاستثمار في المجال النفطي اليمني من جانب آخر، ودفع الكثير منها إلى وقف استثماراتها والانسحاب من اليمن نتيجة تلك المخاوف.

(7)

كانت اليمن قد تحولت منتصف العام 2012م إلى قبلة للاستثمارات الأجنبية والعربية حيث قدمت العشرات من كبريات الشركات الاستثمارية في مختلف القطاعات، إلا أنها لم تدم طويلاً بسبب تنامي الأعمال الإرهابية واتساع نطاقها إلى عدد من المحافظات التي استقبلت وفود استثمارية، وكأن الأمر كان ممنهجاً وأن الهدف من تلك العمليات التي كانت القاعدة تقف وراءها إثارة مخاوف تلك الشركات وإجبارها على مغادرة البلاد بسب الأوضاع الأمنية.

(8)

ورقة العمالة

على الرغم من استحالة استغناء السعودية عن العمالة اليمنية، إلا أنها اتخذت منها ورقة سياسية خلال العقود الأخيرة متنصلة عن التزاماتها التي قطعتها على نفسها في معاهدة الطائف وملحقاتها عام 1934م ،والتي أكدت عليها اتفاقية جده لترسيم الحدود الموقعة بين البلدين عام 2000م، والتي منحت بموجبها العمالة اليمنية في السعودية عددا من الامتيازات كحق العمل والإقامة المفتوحة وحرية اﻻستثمار والملكية، وعدم مصادرة الممتلكات أو الحجر عليها، فتلك الامتيازات التي تمتعت بها العمالة اليمنية قبل أزمة الخليج عام 1990م نقضتها المملكة بعد تحقيق الوحدة اليمنية في الـ 22 من مايو 1990م ومخاوف الرياض من رفض الدولة الوليدة تجديد اتفاق الطائف الذي كان مستحقاً في العام 1992م فافتعلت أزمة سياسية مع اليمن لترحل مليون و350 ألف عامل يمني، ولم تسمح بدخول العمالة اليمنية إلا بعد توقيع اتفاق جدة عام 2000م وحتى الآن تستخدم السعودية ملف العمالة لإجهاض أي تحسن في الجانب الاقتصادي.

(9)

في عام 2013م، فتحت الحكومة السابقة ملف نفط الجوف، إلا أن الرياض ردت بذات الطريقة حيث رحلت 360 ألف عامل يمني مقيم بطريقة شرعية وغير شرعية وفرضت قيودا مشددة على التحويلات المالية للمغتربين.
 
وعلى الرغم من استمرار معاناة المغتربين اليمنيين حتى أحداث سبتمبر 2014م، إلا أن مخاوف السعودية من انضمام المغتربين غير النظامين في حال ترحيلهم قسرياً إلى جبهة المواجهة ضد السعودية، دفعتها إلى التوجيه بتسوية قرابة 600 ألف مغترب ابتداء بمنحهم وثيقة أطلق عليها “أجير” تمنح حاملها حق العمل لستة أشهر، ومن ثم تم تمديدها أكثر من مرة.

(10)

نفط الجوف
 
عملت السعودية على الإبقاء على محافظة الجوف اليمنية محافظة بدائية ومحرومة من أبسط الخدمات وبذلت جل جهودها خلال العقود الماضية لإعاقة أي تنمية فيها ابتداء بإعاقة شق الطرقات وانتهاء بوقف أي عمليات للتنقيب عن النفط والغاز، عبر شراء الولاءات وتغذية الصراعات المحلية في المحافظة التي تعد من كبرى المحافظات اليمنية مساحة.
 
في ثمانينات القرن الماضي دخلت عدد من الشركات النفطية ومنها شركة هنت الأمريكية إلى صحارى الجوف للتنقيب عن النفط وانسحبت من دون مبرر، على الرغم من وجود عشرات الآبار النفطية في الحدود الموازية لها في المناطق السعودية، وتقول بعض المصادر بأن زعامات قبلية يحملون التابعية السعودية وقفوا خلف منع الشركات من التنقيب عن النفط في الجوف خلال العقود الماضية، وفي مطلع العام 2013م فتح ملف نفط محافظة الجوف المجاورة للسعودية ومخزونها النفطي الكبير، حيث كشفت التقارير عن وجود 34% من مخزون النفط العالمي في اليمن، وهو ما أثار السعودية، وتحت ضغط شعبي كبير قامت وزارة النفط اليمنية في بداية عام 2014م بتنشيط عمليات الاستكشافات النفطية في عدد من المحافظات، وفتحت عشرات القطاعات النفطية أمام الشركات الاستثمارية، ولأول مرة دخلت القطاعات النفطية في الجوف والربع الخالي من بين القطاعات المعروضة، وتم منحها لشركة صافر النفطية ” اليمنية”، وبعد وقت قصير على بدء المسح في مناطق تبعد عن الحدود اليمنية السعودية 40 كلم، وفي ظل ترحيب أبناء الجوف وترقب كل اليمنيين باشرت أعمال الحفر والاستكشاف الأولي، وأعلنت الشركة وجود نطاقات هيدروكربونية .
 
(11)
 
أظهرت النتائج الأولية عن اكتشافات غازية بكميات تقدر بملايين الأمتار المكعبة من الغاز يومياً، ولكن شعلة النفط في الجوف لم تستمر طويلاً فقد توقفت شركة صافر عن التنقيب بصورة مفاجئة وسحبت كل معداتها، ولم تمر سوى عدة أشهر حتى أعلنت السعودية عن منح هادي خلال زيارة خاطفة له للملك عبد الله الى جدة مليار و200 مليون دولار والتكفل بمرتبات كافة اللجان الشعبية الذين تم تجنيدهم لمحاربة القاعدة في أبين مسقط رأس هادي ومحافظة لحج.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى