أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

“9” قوى عالمية تتصارع عليه .. باب المندب بين مشكلات جيبوتي الاقتصادية والسياسية وتحديات اليمن الأمنية

يمنات

على الرغم من أنشطة الولايات الأميركية قرب البحر الأحمر والمحيط الهندي، إلا أن عدداً قليلاً نسبياً من الأميركيين يعرفون أن هنالك حرباً أهلية مستعرة في اليمن، و عدداً أقل منهم يعرفون أين مضيق باب المندب، أو لماذا يؤثر مصيره عليهم.

و يقع مضيق باب المندب و هو ممرٌ مائي استراتيجي بين جيبوتي و اليمن، و يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي. و عند أضيق نقطة فيه، يصل اتساعه إلى 18 ميلاً فقط (29 كيلومتراً تقريباً).

و يتعين على الصادرات المتجهة من الخليج العربي و آسيا إلى الأسواق الغربية اجتياز المضيق قبل عبور قناة السويس.

و يقول لوك كوفي، مدير مركز أليسون لدراسات السياسة الخارجية التابع لمؤسسة التراث الأميركي، ربما يكون باب المندب أيضاً هو أخطر المضايق و أكثرها محلاً للتنازع الجيوسياسي في العالم، بحسب ما جاء في مجلة Nationalinterest الأميركية، الأربعاء الماضي.

صراع دولي على المضيق

و أشار كوفي إلى أن الحرب الأهلية في اليمن و النزاع الحدودي بين إريتريا و جيبوتي، تعني أنَّ صراعاً مستمراً يحيط بالمضيق، فخلال السنوات الأخيرة، حاولت كلٌ من الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلنطي (الناتو) والاتحاد الأوروبي جميعهم القيام بعمليات لمكافحة الإرهاب و القرصنة في المنطقة.

و علاوة على ذلك، يمتلك الأميركيون، و الصينيون، و الألمان، و الفرنسيون، و القطريون، و الإماراتيون، و السعوديون، و اليابانيون، و الإيطاليون، جميعهم نوعاً من الوجود العسكري قرب باب المندب.

إلا أن الدولتين الواقعتين على جانبي المضيق، اليمن و جيبوتي، بالكاد تنعمان بالاستقرار. إذ تعاني جمهورية جيبوتي الإفريقية الصغيرة من الفساد السياسي، و انعدام الكفاءة الاقتصادية، و المكائد الدولية.

على سبيل المثال، مَنَح الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي في عام 2016 نفسه ولاية رئاسية رابعة من خمس سنوات بعدما ألغى البرلمان على نحوٍ مريب في عام 2010 قيداً دستورياً يُحدِّد عدد الولايات الرئاسية بولايتين فقط.

و وفقاً لمؤشر الحريات الاقتصادية لمؤسسة التراث الأميركية، تحتل جيبوتي المرتبة 171 من بين 180 دولة في الحرية الاقتصادية. و تظل السلطة أيضاً مُتركِّزة بشدة في يد الرئيس، و في السنوات الأخيرة لم يكن هناك تقدُّم ملحوظ بشأن تقليص الفساد الحكومي.

و تودَّدت الكثير من القوى الخارجية إلى جيبوتي، حتى في ظل كل المشكلات الاقتصادية و السياسية التي تواجهها، و ذلك بسبب موقعها الاستراتيجي على باب المندب.

و تستضيف البلاد القاعدة الأميركية الدائمة الوحيدة في إفريقيا، قاعدة كامب ليمونيه. و تحظى فرنسا و إيطاليا و ألمانيا و اليابان بالفعل بوجودٍ عسكري متفاوت القوة هناك.

الصين تدخل بقوة

و العام الماضي 2017، افتتحت الصين أولى قواعدها العسكرية الدائمة بالخارج في جيبوتي. و مع أنَّ القاعدة وُصِفَت في البداية بأنَّها “منشأة إمداد لوجيستي”، فبإمكانها استقبال عشرة آلاف جندي، و استخدمتها قوات مشاة البحرية الصينية بالفعل لإطلاق مناورات بالذخيرة الحية ضمَّت عربات مدرعة و مدفعية.

و كما هو الحال مع معظم المناطق الواقعة على طريق مبادرة الحزام و الطريق الصينية، استثمرت الصين بقوة في البنية التحتية الجيبوتية من خلال عقد صفقات مُحابية، تُقدِّم مصالح الصين الجيوسياسية على حساب سيادة الدولة المضيفة.

و اقترضت جيبوتي الأموال من الصين بمعدلٍ مثير للقلق، و يبلغ نصيب الصين من الديون الجيبوتية 91%.

و أشار كوفي إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، للوجود الصيني في جيبوتي تأثيرٌ مباشر على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة. إذ اتُّهِم الصينيون بـ”إعماء” الطائرات الأميركية العاملة قريباً باستخدام الليزر.

و في وقتٍ سابق من هذا العام 2018، أنهى الرئيس جيلي بجرأة عقداً مع شركة موانئ دبي العالمية، التي تُعَد واحدة من أكبر الشركات المُشغِّلة للموانئ في العالم، و أمَّم محطة حاويات دوراليه.

و خلال جلسة استماع أخيرة بالكونغرس الأميركي، عبَّر أعضاء الكونغرس عن مخاوف من أن تكون جيبوتي أمَّمت الميناء لمنحه كهدية إلى الصين.

أميركا ستتأثر بمصير المضيق

و بحسب المجلة الأميركية، فإن قائد القوات الأميركية في إفريقيا، الجنرال توماس و الدهاوسر، قال إنَّه في حال وضعت الصين قيوداً على استخدام الميناء، فإنَّ ذلك قد يؤثر سلباً على إعادة تزويد قاعدة كامب ليمونيه بالمؤن، و كذلك قدرة سفن البحرية الأميركية على إعادة التزود بالوقود في جيبوتي.

و إن كانت الأمور تبدو سيئة على الشواطئ الجنوبية لباب المندب، فإنَّها ليست بحالٍ أفضل على شواطئه الشمالية، هناك حيث اليمن الذي يخوض غمار حربٍ أهلية مريرة بين التحالف العربي بقيادة السعودية، و الحوثيين المدعومين من إيران، و أصبح البلد مليئاً بالمجموعات الإرهابية و العديد من حالات التمرُّد المتداخلة.

و علاوة على ذلك، جعل التدخُّل الإيراني في اليمن الوضع الخطير أكثر سوءاً. و سمحت الفوضى لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالازدهار و التطور ليصبح واحداً من أقوى التهديدات الإرهابية على الولايات المتحدة.

و التهديد الذي يعترض الملاحة عبر باب المندب من اليمن حقيقي. ففي عام 2016، أطلق المتمردون الحوثيون صواريخ على سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية قرب باب المندب.

و نَشَرَت قوات الحوثي أيضاً ألغاماً على طول الساحل اليمني، واستخدمت قوارب يتم التحكم بها عن بُعد مليئة بالمتفجرات في هجومٍ فاشل على ميناء المخا اليمني في يوليو/تموز 2017.

و أخيراً، شنَّ الحوثيون أيضاً العديد من الهجمات البحرية الفاشلة على سفن في البحر الأحمر، بما في ذلك قارب مُسلَّح تسبَّب في أضرار بناقلة نفط سعودية قرب ميناء الحُديدة أبريل/نيسان الماضي.

و حين تجمع مشكلات جيبوتي الاقتصادية و السياسية بتحديات اليمن الأمنية، تحصل على مزيجٍ جيوسياسي مميت يُهدِّد مباشرةً الملاحة الدولية والمصالح الأميركية، وفقاً لـ كوفي.

و بالنظر إلى أنَّ ناقلات النفط تنقل حوالي 4.7 مليون برميل من النفط يومياً عبر باب المندب، فإنَّ المخاطر تكون أكبر. ومع الانخراط الصيني المتزايد، أصبحت الحرب التي لا تنتهي أبداً في اليمن أرضاً خصبة للإرهاب.

و رأت المجلة الأميركية أنه بفضل دور إيران المتزايد في المنطقة، لا يسع الولايات المتحدة تجاهل باب المندب.

المصدر: عربي بوست

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى