فضاء حر

النقد .. السلامة والسلام

يمنات

عز الدين الشرعبي

هناك عقول متشددة ومتطرفة ومغلقة ايضا للعديد من الذين يعيشون اليوم بيننا ترى وتعتقد وتؤمن يقينا كاملا بأن جماعة أنصار الله الحوثيين ملائكة وليسو بشر لا يخطئون ابدا على الإطلاق وفي نفس الوقت ترى وتؤمن بأن أي نقد موجه ويستهدف سلوكيات والتصرفات الخاطئة لبعض قيادات أنصار الله هو نوع من الخيانة والعمالة والإرتزاق وما إلى ذالك …

رغم أن النقد بانواعة المختلفة عادة ما يكون امر مهم ومطلوب دائما في تحسين وتصحيح الاختلالات والانحرافات والاعوجاج في مؤسسة ما كانت أو تصرفات وسلوكيات أداء جماعة او أفراد كانوا ..

ومع ذالك فإننا اليوم نلاحظ تنامي بعض الكتابات المهمة على صفحات التواصل الاجتماعي وفي بعض المقالات حول قيام بعض الأقلام الحرة بممارسة هذا النقد، حركات أو تكوينات ينتمي إليها هؤلاء، لم يمنعهم هذا الانتماء أن يكتبوا النواقص عن انتقادات لبعض الأحداث وبعض المواقف، وكان ذلك بالنسبة لي يعد مؤشرا على نضج ما يلوح في الأفق، ويحقق بعض ما نبتغيه من نتائج في هذا الطريق.

فالنقد الذاتي إنما يشكل ممارسة مهمة يؤكد فيها الإنسان على إنسانيته وقابليته للخطأ والصواب معا وإننا في حقيقة الأمر لسنا في مجتمع من الملائكة أو مجتمع من الأفراد المعصومين الذين لا يأتيهم الباطل أو لا يقترفون أخطاء هذه التصورات الخطيرة هي التي تجعل الأمر يتعلق بحساسية الحديث عن الأخطاء…

وها هي أيضا عقلية بعض جماعات اليوم في هذا الزمن لا زالت تتصور أن النقد الذاتي هو أمر سلبي في آثاره ومآلاته، وأننا بأيدينا ننشر الغسيل القذر، ونسمح للخصوم والأعداء بأن يعايروننا بهذه الأخطاء! وهو أمر يتأكد من أن ممارسات النقد الذاتي صارت داخل تلك الكيانات والجماعات مستهجنة ومستبعدة لأن ما يترتب عليها قد يؤدي إلى مشاكل على الكيان والحركة ومستقبله وعلى وحدته وتماسكه…

وهنا يتم تعطيل كل انواع النقد، وكل أسبابه ودواعيه، رغم أن الجسد منهك وعليل يستحق تشخيص الداء والدواء، فيُبقون على هذا الجسد وحالة إرهاقه بدلا من أن يتلقى الدواء المطلوب ويستأنف حالة عافيته وعنفوانه..

هذه هي الخريطة والمبررات التي يسوقها كل هؤلاء من كل أيديولوجية أو تكوين، فيرفعون الحرج عن ذواتهم ولا يمارسون نقدا لذاتهم وتظل الراحة التي يطلبونها راحة الجسد المنهك والضعيف العليل الذي لا يقوى على قيام أو نهوض وفي حقيقة الأمر، ما تلك براحة، إنما هي في واقع الأمر استسلام خطر لواقع الحال، فيكون الأزمة من الجسد والأمراض المزمنة من الكيان، فيصير الأمر أخطر ما يكون حينما تتراكم حال المرض بلا تشخيص أو دواء، رغم أن الأمراض فادحة والأوجاع واضحة والآلام مبرحة.. فما بال هؤلاء يحتملون كل ذلك ويمنعون الكلام، حتى لو كان الكلام والنقد سيؤدي إلى صحة الكيان وعافية وأمان، فهو السلامة والسلام..

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى