العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة (55) .. قصتي مع القات

يمنات

أحمد سيف حاشد

(14)

• القات بالنسبة لي لا يتعدى جانبه الاجتماعي، حيث لا أجد فيه أكثر من كونه جامع للرفقة والصداقة، وكذا المجاملات، وما تفرضه بعض اللقاءات، والمناسبات الاجتماعية، كما أجده أحيانا أو في أغلب الأحيان، وسيلة للتعارف، واللقاء عن قرب مع أي شخص آنس إليه، أو أحبذ اللقاء به، أو أجد ما يدفعني للقاء به في مقيل..

• ويأتي هذا مني تمشيا مع البيئة والمحيط، والوسط الاجتماعي السائد، والأعراف والتقاليد التي يمكنها ـ إن قررت مصادمتها وحدك ـ أن تعزلك أو تبعدك، عن واقع مجتمع يفرض عليك شروطه..

• أشعر أن هذا الواقع المجتمعي يشبه إلى حد بعيد، فرض سلطة الأمر الواقع للواقع الذي تريد، والتي تفرض عليك خياراتها، وبالمقابل تصادر أو تضيِّق حقك في الاختيار، طالما أنت محكوم بواقع يفرض عليك شروطه وخياراته، في لحظة لازالت ظروف التغيير فيه غائبة أو بعيدة..

• ومع ذلك استطيع التخلّص من عادة مضغ القات في أي وقت، وسأكون مدعوما بإرادة ووعي لازمين وكافيين أن أتخلص من هذه العادة التي أعتدتها في مجتمع لازال عصي عن التغيير، وأجد نفسي مذعنا له على غرار المثل القائل: “مكرها أخاك لا بطل” .. ومع هذا سأكون إلى جانب أي قرار أو قانون أو سلطة تمنع أو تحد من تعاطي القات في اليمن..

• جل المجتمع مدمن قات.. جل المجتمع مهوسا بالقات من قاع القدمين حتى قمة الرأس.. صار القات عند الغالبية الهم اليومي الأول.. كثيرون هم الذين يحرصون على أكل سيء، من أجل توفير قات أفضل.. كثيرون هم من باعوا أصواتهم الانتخابية يوما ما بحزمة قات يوم أو أسبوع، ليتلقّون بعدها لكمات وصفعات عدد من السنين.. كثير هم من ذهبوا إلى محارق الموت من أجل القات، وتلبية قليل من الاحتياج..

• إننا نعيش في مجتمع فيه إدمان القات سوية، والذي لا يخزن قات عليه أن يعاني من عزلة المجتمع له، والانطواء عن الأصدقاء والرفقة والناس، ومعاناة الغربة في الوطن..

• إن حضرت إلى مجلس قات، وأنت لا تخزن، تكسر الكيف، وتسيء إلى مزاج المخزنيين.. إن لم تخزن تبدو في مجلس المخزنيين كندبة سوداء وشوها في صفحة الوجه الجميل.. مهما يكون لديك من حق وصواب، تبدو أمام المجتمع المخزن، وكأنك شاذ عن القاعدة، ومنحرف عن السلوك، وأشبه من يعمد إلى شق عصاء الجماعة..

• مجتمع لا زال يرى السوية على غير حقيقتها.. مجتمع يرى السوية تنطبق مع المثل الشعبي “مع أخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب” .. مجتمع خرج يوما يتظاهر ويدعو بموت من يطالب بمنع زراعة القات حيث هتف: 
“عبدالفتاح يا كهنوت .. الغرسة تحيا وانت تموت”.

• مجتمع كهذا يحتاج إلى ثورة حقيقية، وسلطة قوية تجعل من قرارها قدرا لا تتنازل عنه.. سلطة لديها إرادة من فولاذ، لا أقل منه.. وهذا يبدو أنه غير متأتي على الأقل في المدى المنظور، إن لم يكن على المدى البعيد..

• ربما اليأس في تغيير من هذا القبيل يجعل البعض يرى إن القيامة تبدو أقرب بكثير من أن يُمنع القات في اليمن.. غير أني أستدرك وأقول، ما قاله أحد الأبطال ضد الاحتلال، وربما في ذروة يأسه : “لا يأس مع الحياه”.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى