أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

السعودية و ذريعة باب المندب .. خنق أوروبا لضرب إيران؟

يمنات

معاذ منصر 

منذ اليوم الأول لإعلان «التحالف» استهداف حركة «أنصار الله» لناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر، تحاول المملكة العربية السعودية استثمار هذه الذريعة واللعب على أوراق عدة، من خلال إعلانها إيقاف التصدير للنفط عبر باب المندب، واعتبارها استهداف ناقلاتها النفطية «عملاً إرهابياً ويعكس التهديد الكبير الذي تمثله جماعة الحوثي على حرية الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر، والأمن والسلم الإقليمي».

بعد إعلان السعودية وقف تصدير النفط ومرور سفنها عبر باب المندب، كان يتوقع البعض -بل ربما كانت الرياض تتوقع- أن تشهد المنطقة ما يشبه الزلزال، وبأن امريكا وغيرها من الدول سيتولون المهمة عنها، فيتدخلون بقوة لمنع «أنصار الله» من المس بهذا الممر الاساسي للتجارة الدولية، غير ان ردود الفعل الدولية لم تكن على قدر الرغبة السعودية، ما جعل البعض يذهب نحو طرح تساؤل عما إذا كانت قد فشلت السعودية في استقدام العالم لمواجهة «أنصار الله» بدلا عنها؟ وتساؤلات أخرى تتعلق عن برودة المواقف والمواقف الأمريكية على الأخص!

تنسيق خليجي أمريكي
«العربي» تتبع الأحداث باحثا عن إجابات لمثل هكذا استفسارات، وكشفت مصادر سياسية ودبلوماسية مطلعة في الرياض، أن القرار السعودي «اتخذ على أساس أن يتم عبر مرحلتين، المرحلة الأولى، إيقاف شحنات النفط عبر باب المندب التي تحملها سفن مملوكة للسعودية، وهي تدرس حاليا تدشين المرحلة الثانية عبر خطوات قادمة ستتمثل بإيقاف شحنات النفط التي تحملها شركات نقل غير مملوكة للسعودية بمبررات عدة. وهناك تنسيق يجري حاليا لإمكانية تنفيذ ذلك مع الكويت والامارات أيضا».

وبحسب المصادر، فإن الخطوة السعودية هذه «تستهدف أوروبا بدرجة رئيسية، وتمت بتنسيق مع الجانب الامريكي الذي لا تمر معظم احتياجاته عبر باب المندب، بل ان النفط الذي يمر عبر باب المندب يذهب إلى الدول الاوروبية، فيما ترى السعودية أن تلك الدول تلعب لصالح إيران، لأن حجم شراكتها مع إيران كبيرة جدا، ولذا فإن القرار السعودي هو الضغط على الاوروبيين بدرجة رئيسية».

والشاهد في ذلك ربما، هو أن أول موقف دولي صدر لإدانة استهداف ناقلة النفط كان من قبل الخارجية الفرنسية. وتشير المصادر إلى أن السعودية أرسلت إشارة إلى أنها تستطيع رفع أسعار النفط ولو بنسبة قليلة، وهو ما يخدمها مع ترامب، كما أنها تعمل على إسكات روسيا لأنها مستفيدة باعتبارها من كبار المصدرين.

وأكدت المصادر الدبلوماسية، أن «الخطوة السعودية كانت بتنسيق مع الامريكيين او مع مجمع النفط في امريكا، بدليل انها جاءت في الوقت الذي كانت مخزونات النفط الخام الامريكي في أدنى مستوياتها خلال 5 سنوات، حيث كانت قد سجلت انخفاضاً بقيمة 4 مليون برميل». وطبقا للمصادر في الرياض، فقد «أعلن ترامب حرباً تجارية مع اوروبا، تتضمن فرض رسوم جمركية وإجراءات أخرى خفية، منها رفع كلفة الانتاج من خلال رفع سعر الطاقة التي يوفرها النفط، ونقص المخزون الامريكي الذي يلعب دورا كبيرا في ثبات الاسعار العالمية، وهو دليل على انسجام امريكي سعودي على رفع سعر النفط، وفي نفس الوقت حث شركاء امريكا على عدم استيراد النفط الايراني واستيراده من بدائل اخرى، قادرة على تقديمة بأسعار منافسة». علماً أن النفط الايراني لا يغطي إلا 5 % من احتياجات أوروبا، ولهذا هي مضطرة لاستيراد النفط من العراق والكويت والسعودية، بحسب المصادر.

خنق أوروبا نفطياً
ولفتت المصادر إلى أن «السعودية بقرارها (وقف شحنات النفط عبر باب المندب) تسعى إلى المناورة بأوراق جديدة لم تكن بحسبان أوروبا -فرنسا والمانيا تحديداً- التي تغض الطرف عن ممارسات إيران، ما يجعلها (أوروبا) تفكر ألف مرة قبل تعزيز شراكتها مع إيران»، مضيفة «هناك صراع اقليمي ايراني عربي السعودية رأس حربة المحور العربي، وخلف هذا الصراع صراع دولي كبير بين اللاعبين الكبار روسيا وامريكا واوربا بقيادة المانيا وفرنسا، وأيضاً الصين واليابان وكبار مستهلكي الطاقة».

وتتابع «عندما بدأ ترامب استراتيجيته مع إيران وبدأ بخطة حث شركاء على عدم استيراد النفط من طهران، حاولت الأخيرة إرسال رسالة مفادها أنها ستتمكن من وقف صادرات السعودية أيضاً من خلال حث الحوثيين على الاعتداء على ناقلة النفط السعودية في باب المندب»، مضيفة أن «السعودية استغلت الموقف واتخذت إجراء يتضرر منه الاوروبيون تحديداً، ولا يتضرر منه شركاء السعودية مثل الامريكيين. إن من يقود اوروبا هي فرنسا والمانيا، واول موقف أدان واستنكر العملية كان فرنسياً، تلاه الاتحاد الاوربي. أما الأمريكيين فلم يصدر منهم تصريحاً ديبلوماسياً من مؤسسات وسياسية، بل صدرت الإدانة من المتحدث باسم القيادة المركزية الامريكية».

وكشفت المصادر الدبلوماسية لـ «العربي»، عن أن «السعودية حاليا تدرس الخيارات التصعيدية، وهناك رأي سعودي يقترح ان يتم التصعيد بشكل تدريجي، وهناك مساعي سعودية مع الكويت لاتخاذ هذه الأخيرة قرار وقف صادراتها الى اوروبا وتتجه نحو الصين. وعلى أساس أن تحقق هذه الخطوة تعويضاً للصين عن النفط الايراني، وايضا تحرم اوروبا من حصص نفطية كبيرة، وهذا ما يدور في أذهان السعوديين حاليا».

أما الأوروبيين، وطبقاً لمصادر دبلوماسية في أوروبا، فإنهم «يجدون أنفسهم أمام خيارين، إما أن يجازفوا ويدفعوا نحو تصعيد المواجهة الاقتصادية مع امريكا وحلفائها، وسيكون المستفيد إيران من ذلك، وستتحمل اوروبا تكلفه اقتصادية كبيرة لذلك، أو أن تتراجع أوروبا بحكم المصالح وتمارس ضغوطاً على إيران تحد من تدخلها بالملف اليمني».

أوروبا تحكمها المصالح
الأرجح، وبحسب مصادر «العربي»، أن «اوروبا تحسب وفقا لمصالحها، ولا زال حجم مصالح المانيا مع إيران ضعف حجم مصالحها مع الدول العربية مجتمعة، وبالتالي ستتجه نحو مواجهة اقتصادية ستكون كلفتها كبيرة ما لم يتم التوصل الى تسوية بين الامريكيين والاوروبيين».

مصادر سياسية أخرى في الرياض أيضاً، أشارت في حديثها إلى «العربي»، إلى أنه «من ضمن حسابات السعودية في التصعيد وإعلانها إيقاف عبور سفنها عبر باب المندب، حصول ضغط دولي على جماعة الحوثي، وضوء أخضر دولي للتحالف العربي في مواصلة اعماله العسكرية في الحديدة، ومواصلة الهجوم على المدينة». يشار إلى أن «التحالف العربي» نفذ أول ضربة له بعد عملية استهداف الناقلتين السعوديتين على ميناء الحديدة، ولكن هذه الحسابات، ووفق مراقبين «لا يمكن أن تتحقق في ظل تقاطع المصالح والحسابات الدولية، خصوصا حسابات الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبدو موقفها واضحاً إزاء معركة الحديدة، وأمريكا لا تتنازل في حساب مقابل حساب، فالحسابات دقيقة وأمريكا تلعب على أكثر من ورقة، بحيث لا تتيح للسعودية أو أبو ظبي بتمرير خطط لا تصب لصالحها».

أين «أنصار الله»؟
هذه التقديرات السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بالسعودية ودول أوروبا، لا تبدو بعيدة عن حركة «أنصار الله»، وهي تدرك تماما السياسة السعودية بشكل واضح. عضو «اللجنة الثورية العليا» الشيخ صادق أبو شوارب يقول لـ«العربي»، إن «(ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان تحول إلى مبتز في أروقة المجتمع الدولي، والعكس صحيح، فالرجل من خلال اتخاذه قرار وقف شحنات النفط عبر باب المندب، فإنه يهدف لمحاصرة دول كبرى بغية ابتزازهم، ويريدون أن يحققوا مصالح ويعقدون صفقات دولية تحت مبررات واهية».

ويتابع في رده على من يقول إن القرار السعودي اتخذ بعدما هددت حركة «أنصار الله» الملاحة الدولية: «نحن نؤكد أن باب المندب آمن والبحر الأحمر والملاحة الدولية في أمان لجميع السفن ولجميع العابرين، ونحن أهدافنا واضحة ودقيقة وهي استهداف البوارج السعودية، ونحن في حرب ومن حقنا استهدافها بحكم أن هذا الطرف ينفذ عدواناً غاشماً على الشعب اليمني منذ ثلاث سنوات، ويقتل ويحاصر المدنيين برا وجوا وبحرا، ولا صحة للقول بإننا نهدد الأمن الإقليمي والدولي، هذه مبررات يعرفها العالم تماما. ومن يمثلون التهديد والقلق على البحر الأحمر هم من ينفذون عدوانهم على الشعب اليمني، ويريدون السيطرة على الأرض والبحر والمنافذ».

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى