أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

الصراع المناطقي داخل “المقاومة الجنوبية” .. عدن تدفع الثمن

يمنات

إسماعيل أبو جلال

عندما اندلعت الحرب في أنحاء متفرقة من مدينة عدن، ومدن جنوبية أخرى، وأعلنت «المقاومة» عن وجودها على ساحة المواجهات المسلحة ضد القوات التابعة لحركة «أنصار الله» وقوات الحرس الجمهوري والأمن الخاصة، لم تكن تدين بالولاء لأي من التيارات الدينية أو القبلية أو السياسية، وإنما مثلت غالبية الشباب من أبناء المدينة، الذين يدينون بالولاء لمدينتهم. وكانت تلك التطلعات – آنذاك – موضع تقدير محللين ومتابعين لحالة المواجهات، التي استمرت حتى منتصف العام 2015، وتحقق انتصار «المقاومة» في مدينة عدن، بدعم مباشر من قوات «التحالف».

إدارة الانقسام

ما إن انتقلت المعارك صوب المحافظات المجاورة، لحج والضالع وأبين، وبعد إصدار الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً، بتعين نائف البكري، محافظاً للمحافظة، باعتباره رئيساً لـ«المجلس الأعلى للمقاومة» في المدينة، إلا وبدأت تطفو على السطح، أشكال من الخلافات بين تيارات وفصائل المقاومة، التي بدا واضحاً أنها عبّرت عن خيارات اللاعبين السياسيين، بمختلف توجهاتهم وأهدافهم. وكان أبرزها ما أبداه القائد السلفي هاشم السيد، في بيان، أعلن فيه حل «المقاومة الجنوبية» في عدن، وانتهاء دورها في ساحات النزال، الأمر الذي أغضب تيار «الإخوان المسلمين» (حزب «الإصلاح»)، الذي يمثله نائف البكري، وعدة قيادات داخل مجلس «المقاومة»، الذي يتجاوز أعضائه 60 شخصاً، ورد على بيان السيد بالنفي القاطع، مؤكداً أن «المقاومة» ما زالت تقوم بدورها في ملاحقة الأعداء، في إشارة فسرها مراقبون – آنذاك – بنوايا «المقاومة» للمشاركة في المعارك في المحافظات الشمالية، وهو الأمر الذي لا يختلف فيه «الإخوان» مع «السلفيين»، إلا أن الطرفين، لم يكونا على دراية ووعي بما يخطط لقياداتهم ومدينتهم، وأن دعم ومساندة قيادات «التحالف» لهم، لم يكن من أجل تحقيق الأهداف التي التفت «المقاومة» حول قياداتها لأجلها، وفي مقدمتها «استعادة الحكومة الشرعية وتفعيل مؤسسات الدولة»، وإنما لأهداف إستراتيجية تريدها قيادة «التحالف»، ظهرت فيما بعد، بشكل توزيع المناصب والأدوار القيادية، المدنية والعسكرية، كهبات ومنح، وفرضها على المشهد المدني والسياسي لمدينة عدن، ما حمّلها أعباء صراعات مناطقية وقبلية وعصبوية. 

إلى ذلك، تحدث إلى «العربي»، الدكتور أحمد عبد الرحمن، الأستاذ في جامعة عدن، قائلاً إن «المقاومة في مدينة عدن، لم تكن منظمة من قبل الأحزاب، ولا حتى من أي من فصائل الحراك، وإنما تكونت طوعياً من شباب الحواري، الذين اتخذوا قرار المواجهة، وشاهدهم العالم كله على شاشات الفضائيات»، مبدياً استغرابه من مسميات «المقاومة» التي لحقت تحرير المدينة، بقوله: «لم نكن نعلم أن تيار السلفيين أو الإصلاحيين قد تميز بالمقاومة، لأن من شاهدناهم في خور مكسر أو المعلا أو غيرها، شباب عدنيون مدينون، لكننا لم نكن نحسبهم يتبعون تياراً دينياً أو سياسياً، كما تم بعد انتهاء المعارك». 

وفي رده على دور «التحالف» في الانقسامات التي شهدتها «المقاومة»، قال عبد الرحمن، إن «الأطراف التي ظهر أن لها دور في المقاومة في مدينة عدن، ما زالت تدين بالولاء للتحالف، وتقر له بالمعروف الذي قدمه، على الرغم من اكتشافها مؤخراً طريقته المتعمدة في الإقصاء، وإحلال قوى من خارج المدينة بدلاً عن المقاومين من أبنائها».

المناطقية والقبلية

وأشار عبد الرحمن، إلى مخاطر سياسات «التحالف» في إدارته للانقسامات داخل «المقاومة الجنوبية» عموماُ، قائلاً إن «التحالف يقود الجنوب برمته إلى انقسامات خطيرة، فهو يسلط بعضها على بعض، فمقاومة الضالع صارت مسلطة على مقاومة عدن ولحج، ومعها قبائل يافع، على الرغم من أن هذه الأخيرة لم تجند في مناطقها فرداً واحداً تحت مسمى المقاومة، إلا أن التحالف استطاع فرضها، وجعلها تحمل صفة مقاومة وتحرير».

ويرى مراقبون أن إقصاء قيادات «المقاومة الجنوبية» عن مناصبهم في قيادة محافظة عدن، وعدم إحلال البديل المناسب من أبناء المدينة، التي تعج بالكفاءات والقدرات، وفرض بدائل لهم من محافظات أخرى، تحت مبرر القدرة على حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، يعري سياسات وأهداف «التحالف» تجاه مدينة عدن، ويقدم حكومة هادي، على أنها مجرد تابعة لتلك السياسات. 

في سياق ذلك، تحدث الصحافي فهمي الشعيبي، إلى «العربي»، قائلاً: «عندما بدأ الانقسام بين فصائل المقاومة الجنوبية في عدن، بين تيار الإخوان والسلفيين، اعتبرناه اختلافاً محموداً، لأنه اختلاف بين طرفين لهما بصمة واضحة في المقاومة، والناس تعرفهم جيداً».

وعلّل الشعيبي سبب إقصاء المحافظ الأسبق نائف البكري، والوصول بالزبيدي إلى قيادة المحافظة بعد اغتيال اللواء جعفر محمد سعد، بالقول: «لم يعد خافياً على أحد الدور الإماراتي في هذه القرارات، وأنها حولت مدينة عدن إلى وكر لإدارة الصراعات القبلية والمناطقية، التي ظلت عدن تحاول النأي بنفسها عنها». 

وأضاف «لقد تم فرض قوى قبلية من مناطق بعينها على عدن، وصارت الشوارع مملوءة بالمسلحين القبليين»، في إشارة إلى قبائل الضالع ويافع، التي حشدها «التحالف»، منذ تعيين عيدروس الزبيدي محافظاً لعدن، وشلال شائع مديراً للأمن، وجعلا منها تتخذ صفتي الشرطة والجيش («الحزام الأمني»، «قوات الدعم والإسناد»).

وأكد الشعيبي أن «هذه الظاهرة لم تكن تعرفها مدينة عدن عبر تاريخها، حتى في عهد سيطرة الحوثيين، لم يكن حمل السلاح من قبل المدنيين منتشراً بهذا الشكل العشوائي والكثيف»، ويرى من وجهة نظرة، «أن هذه الظاهرة لا يمكن أن تستمر، ولن تكون هي الصورة التي يريد فرضها التحالف على مدنية عدن، فقد اعتادت عدن، طرد القوى القبلية والمناطقية وإعادتها إلى حيث أتت». وقال «لقد عودتنا عدن على أن تهدأ أمام العواصف دائماً، إلا أنها لا تستكين أمام الأخطار التي تهددها إلى الأبد».

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى