العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة “147” .. عندما يصلبون التاريخ

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

عندما تم عزل ولي الكوفة الوليد بن عقبة من ولايتها، وتولية سعيد بن العاص بدلا عنه، عيّر سعيد بن العاص، الوليد بن عقبة، بأنه عار على آل أمية فرد عليه هذا الأخير:

أنتم تفاخروا على الناس بهند آكلة اكباد البشر.
وما فعلته أنا هو ما تفعلوه أنتم في السر..
أي منهما أقل وطأة..

وكان سبب عزله ما قيل عنه أنه أمَّ المسلمين في المسجد وهو ثملا، وصلى بهم صلاة الفجر أربعا، بدلا من ركعتين، وعرض عليهم المزيد..

(2)

أنا لا أفاخر بهندِ ولا بمن يأكل الأكباد.. ولا أفاخر بنسب أو قبيلة أو بقاتل.. أنا بقابيل لا أكترث..

لا أتسول التاريخ زادي، ولا أدعي فيه سلطان وميراث.. ولا أدّعي حقا من قبل آدم وحواء، أو ما قبل الثريا..

أنا لست من ماء السماء، ولا سليل من علي و فاطمة.. أنا الفتى ابن أبي .. وأبي ذلك الدبّاغ الذي كابد الدهر، وعانا العناء، وأقتات من عرق الجبين..

(3)

أنا لم أقِم الحزن يوما في مبيتٍ
لا أبيع الوهم والأفيون للمرضى
لا ادفع الناس أفواجا للمهالك
أنا لا أنشر الموت بين الناس وعدا 
في حياة أخرى ودار ثانية..
وأداري تحت العمامة ألف جزار وجلاد وليل..
إن شربت الكيف خلسه، فإلى الله أسافر.. 
لا أنافق.. لا أزايد.. 
ولا آم القوم ثملا في صلاة كالوليد ابن عقبة
ولا أنام الليل فوق نهود العذارى 
وحلمات الجواري كالخليفة هارون الرشيد

(4)

عندما أقول أنا، فليست هي الأنا المثقلة بالأنانية والاستحقاق الغير مشروع؛ لاسيما عندما تقذف بها في وجه الظالم المستبد، أو تحاول بها إزاحة الظلم الكبير الذي يثقل كاهلك..

انها الأنا المعتزة التي ترمي بها غرور من لا زال يراك دونه هوية ومواطنة، ويدّعي خيلاء ومكابرة في الألفية الثلاثة أنه من ماء السماء، و يراك مجرد كائنا يدب على أربع جاء من روث الحمير..

إنها “أنا” المقاومة التي تقذف بها وجه من يختزل الوطن بشخصه، أو يحصرها في نسل أو قبيلة أو جغرافية صغيرة..

المثقف العضوي يجب أن يكون في الطليعة من أجل الناس، وقد قالها يوما ممن ينتمي لهم رانيا لمستقبل نتطلع إليه، قالها بمعنى: طالما أنك تعبر عن حقوق ومستقبل الناس، وتعبر عن تطلعات شعبك، فأنت تصير الشعب مهما كنت قليلا..

(5)

ثلاث من أربعة خلفاء ماتوا قتلا.. المبشرون بالجنة أيضا قتلوا بعض.. أبو ذر الغفاري نفي إلى الربذة، و جل من شهد بدر من المسلمين اقتتلوا في الجمل وصفين..

أم المؤمنين عائشة حرّضت على قتل الخليفة عثمان، وقالت “اقتلوا نعثلا فقد كفر” ثم تحولت إلى أكثر المطالبين بدمه..

ابن الخليفة الأول محمد أبو بكر أنحاز إلى ابن عم النبي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأخته أم المؤمنين عائشة رأست القوم وقاتلت عليا وجيشه في معركة الجمل.. وعشرات الآلاف من المسلمين قُتلوا في صفين والجمل..

عمر ابن العاص قتل محمد ابن ابو بكر ومثل بجثته وحشاها في جوف حمار.. والبقية يطول ذكرهم.. ونحن نترضى على الجميع ونقتدي بهم..

إن كان هذا هو حالنا والإسلام في أوجه يشهد فجره فكيف يكون الحال وقت الغروب؟!!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى