فضاء حر

الازمة اليمنية والحرث في الماء

يمنات

شبيب منصور

عندما تمعن النظر في الازمة اليمنية بصوره مستقلة بعيدا عن موجهات الانتماء الى الطرف س أو الطرف ص وبعيدا عن حسابات المصالح الفئوية أو الشخصية، ستجد اننا نمضي باتجاه طريق مسدود، و ان كل ما يحدث عدا مقاومة الاحتلال والعدوان لا يتعدى كونه حرث في الماء.

الصراع بين جميع اطراف الازمة لا يتجاوز في دوافعه و مسبباته أسباب و دوافع الصراع الأزلي (الصراع على السلطة)، لقد بات واضحا، زور و بهتان كل العبارات الرنانة و المنمقة التي يتم دفعها للعامة من أفراد الشعب لتبرير جدوى الحرب، فالعبث و الفساد الممنهج للاستحواذ على أعلى مؤشر لنهب مقدرات و ثروات الوطن، كشف الدوافع الخفية وراء ابقاء و اطالة أمد الصراع.

أصبح الأمر جليا و واضحا لمن يريد ان يفهم، اللعبة بدأت بصراع سياسي بين شركاء الامس من أجل السلطة و تطور الأمر حد السماح للاعبين جدد بالانخراط في اللعبة رغبة في الاستقواء بهم ولاستخدامهم ككرت رابح عند الحاجة، لكن الأمور خرجت عن السيطرة و عن السيناريو الذي اراد اللاعبون الكبار ان يوجهو الأمور اليه. فاللاعبون الجدد كان لهم أيضا سيناريو خاص بهم و مطامع لا تقل عن أقرانهم المعتقين في لعبة الصراع على السلطة، و لهذا لم يمر وقت طويل حتى أثبت اللاعبون الجدد كفاءتهم و قدرتهم على تغيير موازين القوى السياسية في البلاد، مستغلين تنامي و تعاظم موجة الصراع بين حلفاء الامس، و كان لهم ما أرادوا حيث  انتزعوا جزء من الكعكة من بين براثن وحوش الغابة المعتقين، لكن رتن اللعبة لم يتوقف عند هذا الحد و كفى فجميع الأطراف لم تكن راضية عند حدود ما كسبت في المرحلة الأولى من مراحل اللعبة الازلية لعبة الصراع على السلطة، و لهذا و برغم انخراط جميع اللاعبين القدماء و الجدد في مباحثات سلام و لقاءات للوصول لاتفاق يضمن للجميع نصيب من الكعكة التي من اجلها أجلها دمروا وطن و افسدوا حد التخمة،  إلا ان أنفسهم المريضة و اطماعهم اللامتناهية جعلتهم يحاورون اقرانهم بألسنتهم و يضعون بأيديهم العراقيل تلو العراقيل لإفشال كل المساعي الرامية لجعلهم يتعايشون مع بعضهم، لذا سرعان ما تهاوت آمال الشعب الغلبان المطحون، و هو يرى الجميع، جميع الاطراف دون استثناء، و هي تهدم معبد الحوار الوطني على  رأسه و تمضي غير أبهة بأي شيء غير مصالحها، فتبدأ مرحلة صراع جديدة تستكمل بها مرحلتها الأولى، لكن هذه المرة اختير خيار الصراع المسلح، فلعلهم رأوا فيه الخيار الأنسب لحسم اللعبة في أسرع وقت رغم الخسائر الجانبية الفظيعة التي ستطال ارواح الناس و املاكهم و ثروات و مقدرات هذا الوطن.

يبدو ان الأمر قد حسم و لامجال للتراجع عنه فمن أجل اقصاء الاخر و الاستحواذ على نصيب  الأسد لابد من التضحية خاصة و البيئة المحيطة مناسبة لذلك فالشعب في مرحلة سبات طويل لا مؤشرات تدل على استفاقته منه عما قريب، و لأن ميدان المعركة كان مهيئا لم يدخر المتصارعون وقتا و لا جهد حتى بدأوا في نهش لحوم بعضهم. و هنا اختلط الحابل بالنابل، فتغيرت التحالفات فأصدقاء المرحلة الأولى اصبحوا اعداء بعض, و اعداء الجولة الأولى اصبحوا حلفاء اليوم، و استمر الجميع في الفعل و رد الفعل حتى بدأت الملامح تكشف عن انتصار طرف و انهزام الاخر، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد فالطرف المغلوب عسكريا و سياسيا نقحت عليه كرامته بشكل مضطرد و رفض الرضوخ أو الانسحاب من أرض المعركة و لأنه جرد من كل ادواته الدفاعية سارع في الخطى حثيثا و استنجد بألد اعداء وطنه و منبع الشرور كلها جارة السوء السعودية، التي لم تتردد هي الأخرى و لو للحظة واحدة لتفكر في حلول اخرى تداوي بها جراح جارتها المقربة التي عبث بها ابنائها اليمن.

عند هذا المنعطف المفصلي في لعبة الصراع على السلطة بدأت مرحلة ثالثة و جزء ثالث استمر فيه العبث و التدمير لكل ما هو جميل في وطني بأيدي اللاعبون انفسهم و بزيادة تحالف آثم ارعن غاشم، استطاعت جارة السوء جمعه بإغراء اموالها لتنفس به عن جام حقدها و عظيم كرهها لليمن أرضا وإنسان متذرعة بشرعية طرف مهزوم في لعبة صراع على سلطة، و منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا و موجات الصراع لا تهدأ و لا تستكين الا لتبدأ من جديد في مسلسل مستمر الحلقات تم تطعيمه بأجانب غزاة محتلين من أجل التشويق و اطالة مداه. لهذا طالما جميع اطراف الصراع ما زالت مستفيدة منه و طالما تحالف العهر مستفيد من بقاء الوضع هكذا لامجال لأي بريق أمل يمكن ان نتكئ عليه كشعب و وطن.

هذا ملخص ما حدث و يحدث بعيدا عن التطبيل لهذا الطرف أو ذاك، و إن كنا كشعب نريد النجاة بأنفسنا و وطننا من براثن هذه اللعبة القذرة، علينا أن نتفق على أن حقيقة هذا الصراع لا يتعدى كونه صراع مصالح و ليس للوطن فيه أي اشارة غير شارة مواجهة العدوان و الاحتلال، و عندما نفهم هذه الحقيقة يجب أن نقف معا من اقاصي اليمن إلى ادناها لطرد المحتل أولا و من ثما ايقاف كل رموز الاطراف التي شاركت في تأجيج هذا الصراع عند حدهم و اقصائهم عن الحياة السياسية نهائيا و محاكمتهم على كل ما اقترفوه بحق هذا الشعب و الوطن، و من ثم الوقوف خلف الشخصيات الوطنية الشريفة التي اثبتت هذه الاحداث مدى سعة افقها و رحابة صدرها و وطنيتها و امانتها لتقود المرحلة القادمة بعيدا عن دولة اللوبيات العسكرية و الدينية و القبلية، كي لا نظل ندور في حلقة مفرغة لا قرار لها.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى