أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

المهرة .. حلقة في صراع النفوذ الخليجي .. مالذي تفعله السعودية هناك..؟

يمنات

عندما أعلنت المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العسكري ضد الحوثيين في الشهر الماضي، بدء عملية الأعمار في اليمن من محافظة المهرة جنوبي شرق البلاد، بدأ واضحًا إن السعودية تسعى لتعزيز حضورها  في المحافظة ولكنها بالمقابل أفصحت عن حرب أخرى ينفذها التحالف للسيطرة على منابع النفط والثروة.

و قبل ذلك كانت السعودية أرسلت تعزيزات عسكرية، و استحدثت نقاط عسكرية بمحاذاة طريق الأنبوب النفطي الذي تسعى الرياض لإنشائه بدءًا من منطقة الخراخير الواقعة على الحدود مع المملكة السعودية.

في المقابل  تحرك السكان المحليين في المهرة تجاه الخطوات السعودية، و لكن هذا الحراك الشعبي أخذ نسقا تصاعديا فبينما كان يندد في السابق بمحاولات قال السكان المحليين و رجال القبائل إن السعودية تخطط لها للالتفاف على الاتفاق الذي كان يقضي بانسحاب قواتها من المنافذ و مطار و ميناء الغيضة.

أصبح الآن يطالب بشكل مباشر بضرورة رحيل السعودية من المهرة بعد إن عززت من تواجدها العسكري في المواقع الحيوية و شرعت في الإعداد لتمرير مخطط تسيير الأنبوب النفطي.

الخراخير .. ماذا تفعل السعودية هناك..؟

في العام 1996 كانت المملكة العربية السعودية تسجل حضورها الأول في منطقة الخراخير التابعة لمحافظة المهرة اليمنية والتي ترتبط بحدود معها. مُذاك بدأت تبرز مساعي السعودية لضم الخراخير لها مستغلة غياب الحكومة اليمنية في المهرة آنذاك بعد عامين من اندلاع صيف العام 1994.

نجحت السعودية في ضم اجزاء من منطقة الخراخير إلى جانب مناطق أخرى سيطرت عليها الرياض بحجة تداخل حدودها البرية معها و لكن المسعى الحقيقي يتعلق بالمستقبل الواعد لهذه المناطق التي تحتضن منابع للنفط و الثروة من جهة و من جهة أخرى تأمل السعودية تأمين حدودها الملاصقة للمناطق الجنوبية بغية قطع الطريق على محاولات سلطنة عُمان التي تسعى هي الأخرى لتعزيز حضورها في المهرة التي ترتبط بعلاقات قوية معها.

و الآن تتواجد شركة أرامكو النفطية السعودية لبدء العمل على مشروع تسيير الأنبوب النفطي الذي يمتد لما يقارب 180 كيلو متر و يتصل لاحقًا بميناء نشطون. و لكن لكي تمضي الرياض في هذا المشروع بدأت أولًا في محاولات الإغراء لزعماء العشائر و السكان المحليين و هذا التغلغل تأمل منه إن يساعدها في إنجاح مشروعها الذي قد يستمر فترة طويلة.

عندما بدأت الحرب مع الحوثيين، كانت شركة  أرامكوا السعودية بدأت بتسوير الأراضي النفطية في الخراخير، ولكن لكي تنجح كان لا بد من إن تطرق الباب على الأهالي بغية إستمالتهم.

 والذي حدث إن المملكة صرفت عبر وسطاء محليين جوازات سفر سعودية للسكان المحليين في الخراخير و كان هذا يمثل عملية امتصاص لغصب المهريين ولكن الذي بدأ صادما لأهالي الخراخير إن السعودية لم تصرف لهم بطائق هوية.

و يقول مصدر محلي رفض الإفصاح عن أسمه إن أعدادًا كبيرة من ابناء المهرة ظهروا بشكل مفاجئ بعد الحرب الأخيرة في مدن الرياض و جدة و مكة و الدمام بعيد الخطوة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بصرف جوازات السفر السعودية بدون بطائق هوية.

كيف تتحرك السعودية في المهرة..؟

في مطلع العام الماضي كانت السعودية تبدأ بتسجيل حضورها العسكري الأول في محافظة المهرة اليمنية. آنذاك أرسلت الرياض قوات عسكرية تابعه لها إلى منفذي شحن و صرفيت، و إلى ميناء نشطون و مطار الغيضة الدولي، و الدافع وراء دخولها كما تلوح السعودية كان لإيقاف عمليات تهريب السلاح للحوثيين.

عبر بعض الدوائر غير الرسمية و صحفيين موالين لها كانت السعودية و الإمارات تتحدث بلسان هؤلاء عن إن الحوثيين يتلقون السلاح عبر سلطنة عُمان.

كانت السعودية تدرك إن محاولات الإمارات الدخول في المهرة ستفشل و هذا يتعلق بأمور كثيرة يبدو من بينها إن السكان المحليين و زعماء القبائل لا يملكون علاقات جيدة مع الإمارات كما إن السعودية تدرك إن محاولات أبو ظبي قد تصطدم بنفوذ العمانيين هناك.

كانت الأسباب الظاهرة التي مررتها السعودية للرأي العام في اليمن لتدخلها في المهرة تعزز حضور السعوديين شيئًا فشيئًا لكن طبيعة التحرك السعودي لم يكن يخدم بالأساس وقف عمليات التهريب المفترضة.

فالسعودية ذهبت صوب ميناء نشطون و مطار الغيضة و منافذ صرفيت و هذه مواقع حيوية تشهد تواجدا رسميًا و لا يستطيع المهربين تمرير ما بحوزتهم عبرها لأن لديهم طرقا بديلة.

و لكن بالمجمل تحتاج السعودية لتنفيذ مخططها إن تستقطب الأهالي و زعماء القبائل الذين لا يرتبطون بعلاقات ممتازة معها.

بيد إن الأمور ليست كما تأمله الرياض في المهرة، لأن المجتمع في المهرة يبدو إن لديه ذكريات قديمة تتعلق بسيطرة السعودية على مناطق كانت تتبع محافظة المهرة و بالتالي فإن الطريق من الناحية الاجتماعية  شبه منغلق على السعودية.

وجدت السعودية إن البديل في حالة فشلها في إغراء رجال القبائل واستمالتهم، الاتجاه نحو حكومة هادي وممارسة الضغط عليها وتقديمها كمشرعن لوجودها هناك.

و هذا الذي كان واضحا في شهر أغسطس الماضي عندما كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في المهرة وفي استقباله كان السفير السعودي محمد آل جابر لافتتاح مشاريع مولتها و دعمتها بلاده في محافظة المهرة، و هذا كان بعد أسابيع من تراجع وتيرة الاحتجاجات التي انطلقت ضد التواجد العسكري السعودي في مطار و ميناء المهرة.

فطنت السعودية إلى أهمية تعزيز حضورها في المهرة على حساب سلطنة عُمان، و هذا يبدأ من تنفيذ مشاريع خدمية للمجتمع في مسعى لاستمالة الأهالي بعد إن فشلت بعض الوسائل في تحقيق هذا.

و هذا كان يخدم توغلها أكثر في المحافظة التي لا تصلها كثيرا مشاريع الحكومة اليمنية.

لكن الأهالي في المهرة مدعومين من بعض زعماء القبائل، خرجوا في تظاهرات ضد الخطوة، و رفعوا ستة مطالب من بينها تسليم المنافذ و المرافق الملاحية للسلطة المحلية.

لماذا تتواجد السعودية في المهرة..؟

كانت مساعي السعودية الأبرز، تتجلى مع مرور الأيام في محافظة المهرة اليمنية و لا تتوقف هذه الدوافع عند وقف عمليات التهريب، لأن الدافع الأكثر منطقية وراء حضورها في المهرة يأتي في سياق مجابهة عُمان قرب عقر دارها وفصلها عن اليمن الذي أصبح مناطق نفوذ للمملكة.

و عندما كانت إيران تلوّح بإمكانية إغلاق مضيق هرمز الذي تتحكم به، في الآونة الأخيرة، كانت الرياض تخوض حملة سياسية و عسكرية في آنً معا لإيجاد بدائل لمحاولات إيران إغلاق المضيق المهم.

كانت  المهرة بديل جيد للسعودية من حيث الموقع و الأهمية تستطيع من خلال السيطرة عليه إيجاد بديل بحري على ساحل البحر العربي يمكنها من تمرير تجارتها البحرية بعيداً عن نطاق نفوذ خصمها اللدود إيران.

في الظاهر لحضور السعودية في المهرة، إيقاف عمليات التهريب من جهة و تفعيل حركة البناء و التنمية في المحافظة الساحلية التي لا تصلها مشاريع الحكومة اليمنية إلا قليلاً من جهة أخرى.

و لكن الرياض تأمل إن تستفيد من الناحيتين الأمنية و الاقتصادية من تواجدها في المهرة، لأنها بذلك تفصل الحوثيين عن أصدقائهم في عمان أولًا، و ثانيًا توجه ضربة مزدوجة لخصومها.

و السعودية تبدو مصممة على المُضي قدمًا لتثبيت تواجدها في محافظة المهرة و لكن هذا قد يدفعها لتدعيم و تعزيز حضورها العسكري في المواقع الحيوية التي يطالب السكان المحليين بخروجهم منها و من هنا قد تزداد العلاقة سوءًا بين الأهالي في المهرة من جهة و السلطات السعودية من جهة أخرى.

غير إن الأهالي و زعماء القبائل ليس وحدهم من يقفون ضد التحركات السعودية في المهرة، سلطنة عمان هي الأخرى تمتلك نفوذًا بين رجال القبائل المهرية وعلاقات اجتماعية متشابكة و بالتالي فإن دخول السعودية على الخط في المهرة سيضر بعمان من الناحيتين الاقتصادية و السياسية.

المصدر: عدن الغد

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى