العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة .. خجلي وانطوائي ورهابي

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

عندما عرفت نفسي

– كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع .. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها .. صحيح إنني كنت شقيا، و لكن هذا لم ينل من خجلي و انطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على حياتي التي أعيشها، و كنت متيقنا أن الخجل سيكون أكثر ثقلا و إعاقة لمستقبلي..

– كنت مستغرقا بإحساس كثيف أنني معاقا بخجلي، و أنني لا أصلح لشيء في هذه الحياة، و أن مستقبل حياتي سيكون مضروبا بتلك الإعاقة التي لا أستطيع تجاوزها أو التحرر منها .. و عندما قرأت لاحقا رواية “أحدب نوتردام” للروائي و الأديب الفرنسي فكتور هيجو، أحسست إن تلك الحدبة التي يحملها بطل الرواية، لطالما حملتها أنا على ظهري .. ذكرتني تلك الحدبة بانطوائي و خجلي اللذان لطالما أثقلا كاهلي، و منعاني من فرص عديدة، و حرماني من أشياء كثيرة..

– صحيح أنني كنت أقدم على أفعال في بعض الأحيان تبدو جريئة و متمردة و شقية، و لكن في معظم الأحيان كان يرافقني خجلي كظلي، و أحيانا يجتاحني طغيانه، و لا يترك لي منفسا أو حيزا أتزحزح إليه..

– هذا الانطواء و الخجل كلفاني كثيرا في حياتي، و ربما عرضاني في أوقات أخرى إلى مخاطر جمة، و صعوبات كثيرة، و مواقف محرجة لا عد لها و لا حصر، و أحيانا شعورا كثيفا بالفشل و الخيبة و النقص.

– كانوا يقولون أن الملائكة لهم دور في تخليق الجنين و تسويته في بطن أمه، و كنت أسأل أمي بما معناه: لماذا فلانة مخرومة الشفاه. فتجيب: إن الملائكة نسوا اتمام هذا الخُرم .. ثم تزجرني و تمنعني من تنقيصها، حتى لا يأتي لي أبناء مثلها، عندما أشب و أتزوج، و يكون لي في الحياة بنين..

– ثم تجوس في نفسي الأسئلة، و أشعر أنني مملوء بالنواقص و الاختلال، و ألوم في قرارة نفسي الملائكة الذين أصاب اهمالهم كثيرا منِّي .. عيوني، و وجهي، و دماغي، و نفسي، و ما خجلي و انطوائي و شعوري بالرُهاب و الحرج، إلا إهمال و تقصير كبير منهم، يستحق الحزن و العتب، و أكثر من هذا إن تأتَّى..

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى