العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة .. السلطة .. حاج بيّاع مسابح

يمنات

أحمد سيف حاشد

– كثير من المواطنين، و بعض الوجاهات الاجتماعية، يقدمون الخدمات لمجتمعاتهم المحلية، و يشاركون في المعركة الانتخابية، بالطريقة التي يرونها مناسبة، أما بمبادرة طوعية منهم، و حماس من ذات أنفسهم، و بدوافع ربما تختلف بين هذا و ذاك .. بعضهم جنود مجهولون لا ينتظرون أن تراهم، أو تسدي لهم حاجة، و بعضهم بدافع الرغبة لتقديم شيئا يذكرهم فيه الناس، بجميل العرفان و عطر الذكرى و العطاء والمحبة.

– بعضهم يتحمل أعباء مالية يدفعونها من عزيز مالهم الخاص، لتقديم ما يمكن تقديمه للناس المثقلين بمسيس الحاجة لتلك المشاريع، و الاستفادة من الموسم الانتخابي الذي من المحتمل أن لا يتكرر إلا بمعجزة، و في أفضل الأحوال موسم لا يعاود دورته إلا بعد سنوات طوال..

– مشاريع ينتظرونها بفارغ صبرهم، في موسم عابر لا يطول، يجب أن لا يدعوه يمر كسحابة صيف، دون رشة مطر، و لا يعودوا منه خائبين بخفي حنين، مع احتمال أن يعود هذا الموسم بعد سنين طوال، و احتمال أن يغادر في المجهول، و لا يأتي مرة أخرى، قبل أن ينقضي عمر الجيل.

– الخطط التنموية للدولة لا تتم وفق معايير الحاجة و العدالة المجتمعية، و لكنها تتم حسب نفوذ الشخصيات الاجتماعية، و رضى السلطة عنهم، و تجري الاستجابة لتنفيذها تبعا لذلك، لا تبعا للحاجة و الضرورة و العدالة.. و تظل تلك الخطط في جلّها مفتقده للحد الأدنى من المصداقية، و لاسيما فيما يخص نقل ما هو وارد في الخطة إلى حيز التنفيذ..

– كثير من المشاريع المكتوبة في تلك الخطط لا تعدو و لا تزيد في كونها أكثر من حبرٍ على ورق، ثم يتكرر ذكرها كل عام في تلك الخطط المكتوبة، دون أن تجد أثرا تنفيذيا لها في الواقع .. بعض المشاريع يتم وصفها بالمتعثرة، ترحّل من عام إلى آخر، و من خطة خمسية إلى أخرى، و النتيجة سراب في سراب، مع توزيع الوهم، و استمرار الكذب طويلا دون حياء..

– مع موسم الانتخابات أراد صديقي عبد الله عبد الإله و هو أحد وجاهات المنطقة و احدى الشخصيات الإعلامية المعروفة، الاستفادة من موسم الانتخابات لصالح احتياجات الناس البسطاء، و ذلك بانتزاع جزء من مشروع كهرباء لمنطقة “السحر” و ما يليها، لإنارتها في المستقبل، أو تسهيل ما بقي من المشروع لاحقا، و اتمام ما تم وضع بدايته .. فرصة يجب التقاطها في موسم من المحتمل أن يعود، و من المحتمل أن لا يعود، و عليه أن يعمل بنصيحة عمر الخيام:

غدا بظهر الغيب و اليوم لي *** و كم يخيب الظن في المقبلِ

و بالتالي أراد أن يرمي عصفورين بحجر واحدة .. ففي الوقت الذي يستفيد من الموسم الانتخابي لاستخراج “مشروع” كهرباء لصالح المواطنين في منطقته، و كسب رضاهم، و بنفس الوقت يدعم المرشح الذي يريده و يحلم بفوزه، و لم يكن هذا الشخص سواي.

– تفرغ لمتابعة استخرج 25 عمود كهرباء .. أوامر شتّى، و مجاملات أكثر، و مشقة تُذلل بكلفة يدفعها من عزيز ماله الخاص، و ما يلزمها من فروض و نوافل معممة بحق ابن هادي..

– توجه برفقة زوجته من صنعاء إلى تعز .. قالوا له: اذهب إلى الحبيلين .. ذهب إلى الحبيلين بسيارته .. لم يجد مدير المشروع، بات في الحبيلين، و في اليوم الذي يليه التقاء بالمدير هناك .. استخرج الاعمدة، و أصر أن لا يعود القرية إلا بها .. تجشم متاعب شتى، و دفع مبالغ مالية لا يرغمه عليها إلا فضوله الحميد، و حبه لخدمة أهله و مجتمعه المحلي المحتاج..

– دفع قرابة المائة ألف ريال أو يزيد .. فضولك يحملك أعباء عليك الوفاء بها .. أجرة تحميلها، و أجرة نقلها، و إيصالها إلى المنطقة، و تكاليف مرافقيها أيضا .. يقطعك السيل، و يكون المبيت، و الانتظار لليوم التالي .. سفر و مشقة و تكاليف يفترض أن تتكفل بها الدولة، و لكن لدينا سلطة لا دولة، حيث تتخلى الدولة عن وظائفها، ليقوم بها غيرها، و تتحول هي إلى سلطة تقدم ما تيسر في موسم يزعمون أنه ليلة القدر، و مطلوب الرضاء الانتخابي من المواطن لصالح السلطة، و تتحول هبات المشاريع التي كان من الواجب أن تقدمها الدولة للمواطنين، إلى رشاوى انتخابية، تنال من التخطيط و التنمية على السوا، فضلا عن تزيف الوعي بحقيقة ما يجري.

***

يتبع

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى